Wednesday, July 08, 2015

سينا يا سينا بسم الله بسم الله



سينا يا سينا بسم الله بسم الله

علي زبيدات – سخنين

هل ما زال هناك احد يذكر هذه الاغنية الوطنية وهي تصدح وتلهب حماس الملايين في الايام الاولى من حرب تشرين ١٩٧٣ ونحن نتابع انباء عبور الجيش المصري لقناة السويس متجها لتحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلي؟ لحن هذه الاغنية وكلماتها البسيطة ما زالت ترن في اذني كلما قرأت عن الحرب على "الارهاب" التي يدور رحاها هذه الايام في ارجاء سيناء. شتان ما بين تلك الايام وما يدور حاليا من احداث. ومن اجل تنشيط ذاكرتنا الجمعية فقط: هل ما زال أحد يذكر اسم: منظمة سيناء العربية التي حملت لواء المقاومة للاحتلال الاسرائيلي بعد نكسة حزيران ١٩٦٧؟ نعم، بعد تلك الهزيمة النكراء، بينما كان العالم العربي مذهولا ومصدوما من هول الهزيمة، كانت العشائر العربية في سيناء متحدة في رفض ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي من خلال تنفيذ عمليات مقاومة نوعية ضد الجيش الغازي، وتناغمت هذه المقاومة فيما بعد مع حرب الاستنزاف التي شنها الجيش المصري بقيادة جمال عبد الناصر رافضين القبول بنتائج النكسة، وبقيت هذا المقاومة حية حتى لحظة عبور الجيش المصري إلى سيناء. ولكن وعلى عكس منطق التاريخ، انتصرت السياسة الرجعية التي تبناها الرئيس المصري اور السادات وزمرته مرة اخرى على المقاومة وتحولت سيناء من شبه جزيرة مقاومة، توحد كافة عشائرها وتحلم بمستقبل مشرق كجزء لا يتجزأ من الارض المصرية والشعب المصري إلى شبه جزيرة مهملة يسودها الفقر، حتى اصبحت مرتعا لتجار ومهربي المخدرات ومنتجعا لاثرياء النفط. وفي النهاية تحولت صرخات "الله اكبر بسم الله بسم الله" من هتافات في وجه العدو إلى هتافات تستقبل قطع اعناق المواطنين.
لا اظن ان جورج بوش وبعد رحيله عن المسرح السياسي كان يتوقع بأن تحقق "الحرب العالمية على الارهاب" التي شنها ستحقق كل هذه النجاحات. في السنوات الاولى قلنا انه قد ورط بلاده في حرب مدمرة في افغانستان والعراق، مدمرة ليس فقط بحق هاتين الدولتين بل في الاساس للولايات المتحدة الامريكية نفسها التي دخلت في ازمة اقتصادية خانقة لم تخرج منها حتى الان. ولكن يبدو ان الادارة الحالية فد تعلمت الدرس، فبدلا من أن تستمر في خوض هذه الحرب مباشرة فامت بتصديرها للعالم العربي الذي يديرها الان ويخوضها بالنيابة عنها. اى نظام عربي لم يدمغ معارضيه بالارهاب؟ وأي معارضة عربية لم تتهم ليس انظمتها فحسب بل المعارضات الاخرى ايضا بالارهاب؟ وهكذا اصبحنا جميعا، شعوبا وانظمة، ارهابيين. ومع الارهابيين لا يوجد طبعا حل وسط ولا يوجد مزح بل هناك نحر حتى العنق الاخير.
عندما اعلنت امريكا وحلفاؤها عن تشكيل جبهة مشتركة لمحاربة تنظيم داعش الارهابي بشرتنا بان هذه الحرب سوف تستمر لسنوات طويلة. اذ لا يكفي تدمير العراق وسوريا لمرة واحدة بل يجب ضمان ان تبقى مدمرة لسنوات طويلة قادمة. وها هي الدعاية الاسرائيلية تبشرنا بأن الحرب بين الجيش المصري والتنظيمات الارهابية في سيناء سوف تستمر هي الاخرى لسنوات طويلة وتقوم كعادتها بالتحريض واثارة النزاعات والحروب. فها هو المنسق الامني في الجيش الاسرائيلي الجنرال بولي مردخاي ومن على منبر قناة الجزيرة يتهم حماس بدعم وتقديم المساعدة لتنظيم داعش في سيناء بمحاولة مفضوحة لتحريض الجيش المصري بالتدخل عسكريا في غزة. كنا نتمنى ان تكون السيادة المصرية في سيناء كاملة الامر الذي حرمت منه بموجب اتفاقيات كامب ديفيد. وها هي الطائرات المقاتلة المصرية وطائرات الاباتشي والدبابات تعود إلى سيناء ولكن ليس لممارسة السيادة الوطنية عليها بل لقصف السكان المدنيين بحجة ملاحقة الجماعات الارهابية. التعتيم الاعلامي الذي تفرضه السلطات المصرية سوف يزول عاجلا ام آجلا وسوف يتبين من كان الضحايا الحقيقيين لهذه الحرب القذرة: الجماعات الارهابية ام المدنيين من ابناء سيناء المصريين؟.
تصادف المعارك الدائرة في سيناء مرور سنة على الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة. وربما كان احد اهداف الحرب في سيناء تحويل انظار العالم عما يجري في غزة. فتقرير الامم المتحدة حول جرائم الحرب التي اقترفتها اسرائيل مر مرور الكرام، الحصار يزداد حصارا بعد ضم الجهود المصرية لاحكامه، الدمار الذي خلفته الحرب اصبح امرا عاديا. هل ما زال احد يذكر او يصدق الاحتفالات بالنصر؟
كنا نردد دائما وما زلنا نردد: اشتدي ازمة تنفرجي. يبدو أن أزمة الشعوب العربية لم تشتد بعد إلى درجة الانفراج. فلتحارب الانظمة معارضيها حتى الرمق الاخير ولتتناحر قوى المعارضة كما يطيب لها. فإن سقوطها قد اصبح وشيكا وعندها سوف ينطلق طائر الفينيق العربي من الرماد محلقا في السماء.

No comments: