Wednesday, July 15, 2015

عندما اصبح العرب "كيس ملاكمة"



عندما اصبح العرب "كيس ملاكمة"

علي زبيدات – سخنين

في الديمقراطية لاسرائيلية هناك معادلة واضحة جدا: اذا اردت كسب اصوات اليهود فما عليك الا تصعيد العداء للفلسطينيين والعرب. هذه المعادلة لم يخترعها بنيامين نتنياهو بل وجدت قبله وستبقى بعده. ولكن مساهمة نتنياهو في الانتخابات الاخيرة انه خطا بها خطوة كبيرة للامام بتصريحه الشهير حول تهافت الفلسطينيين على صناديق الانتخابات. لا يوجد هناك حتى سياسي اسرائيلي واحد لم يدل بدلوه في هذا الموضوع في الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة كل واحد على طريقته وباسلوبه الخاص. اصبحت دعوات ليبرمان للترانسفير وتبادل الاراضي واشتراط المواطنة بالولاء للدولة اليهودية امرا طبيعيا ومقبولا على التيار الصهيوني المركزي بل تعتبر الان دعوة طبيعية ومعتدلة. المعسكر الصهيوني "المعتدل" وال"يساري" والذي يطلق عليه البعض "معسكر السلام" يهاجم نتنياهو من اليمين ويتهمه بان سياسته التي فشلت بالوصول الى اتفاقية مع الفلسطينيين سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى دولة ثنائية القومية وهذا يعني نهاية الحلم الصهيوني بوجود دولة يهودية ذات أغلبية سكانية يهودية مطلقة. هذا المعسكر" اليساري" يلعب اليوم دور المنظر الرئيسي للدفاع عن نظام الابرتهايد الاسرائيلي.
طبعا لا يكتفي السياسيون الاسرائيليون من اجل كسب الاصوات اليهودية بتسديد لكماتهم للفلسطينيين بل للعرب اجمع. فهؤلاء الساسة متفقون على ضرورة تمزيق العالم العربي وتحريض طرف على الطرف الاخر واثارة الحروبات والفتن وتقديم شتى انواع الدعم للاطراف المتنازعة لكي تستمر في صراعاتها بعيدا عن السساحة الاسرائيلية.
هكذا اصبح الفلسطينيون بشكل خاص والعرب بشكل عام مجرد" كيس ملاكمة" لتدريب الاسرائيليين. ومن صفات هذا الكيس انه يستوعب ويمتص الضربات ليس إلا. فهو لا يستطيع الرد او الرفض او حتى الاحتجاج. وهو يستحق المديح فقط في حالة قدرته ونجاعته في امتصاص الضربات مهما كانت قوية ومؤلمة. فالسلطة الفلسطينية تبقى مقبولة طالما تنسق امنيا مع الاحتلال، وتعود للمفاوضات من اول وجديد حالما فشل الجولة السابقة عليهاا، وطالما رفضها للاستيطان يبقى لفظيا ومقاومتها للاحتلال تبقى على صعيد الشعار لا غير.
ليست اسرائيل، الدولة "الديمقراطية" هي الوحيدة التي تستعمل الفلسطينيين والعرب ككيس ملاكمة، هناك ديمقراطية اخرى اكثر رقيا وعراقة تعلمت منها وهي الولايات المتحدة الامريكية. مرشحو الرئاسة الامريكية، ديمقراطيين كانوا ام جمهوريين، معروفين ام مغمورين، جديين ام هزليين، اذا ارادوا كسب الاصوات اليهودية الامريكية فما عليهم الا ان يكثقوا من تسديد اللكمات لكيس الملاكمة الفلسطيني- العربي. هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية الاكثر حظا تتفوق في ذلك، فمنذ ان اعلنت ترشيحها رسميا وهي تتحفنا بمثل هذه اللكمات. فوعدت بشن حرب لا هوادة فيها على كل من تسول له نفسه بمقاطعة اسرائيل او الدعوة الى مقاطعتها أ، اتهامها بالتمييز العنصري حتى ولو كلن من حلفائها. وتعد بان تكون ادارتها افضل من الادارة الحالية بكل ما من شأنه خدمة دولة اسرائيل. وكان تصريحها الاخير بأنها سوف تدعم الحرب القادمة على غزة حتى ولو سقط ٢٠٠٠٠٠ شهيد.
بنيامين نتنياهو وهيلاري كلينتون وجهان لعملة واحدة، يسعيان ليس فقط لكسب الاصوات بل ايضا لكسب الاموال من خلال اتقان مهنة الدعارة السياسية وهي على فكرة اقدم مهنة في التاريخ وقد سبقت الدعارة الجنسية بقرون طويلة. ليس سرا وليس من باب الصدقة ان معظم تصريحات كلينتون المذكورة قد صدرت في حضرة المانحين من اصحاب الملايين. في اسرائيل كما في الولايات المتحدة، من يبذر اموالا اكثر على حملته الانتخابية يكون صاحب الحظ الاوفر للفوز باللعبة "الديمقراطية. حتى هذه اللحظة، يقوم كيس" الملاكمة العربي" بوظيفته الامتصاصية على افضل وجه بالرغم من انه محشي بالدولارات. ولكنه لا يستعمل هذه الحشوة للتخفيف من وقع الضربات النازلة عليه من كل حدب وصوب. الكل يعرف ان العاهرة السياسية من امثال هيلاري كلنتون سوف تذهب مع كل من يزيد بالسعر. على سبيل المثال: لو دفع لها الوليد بن طلال اكثر بقليل مما دفعه الصهيوني حاييم صبان لربما كانت قد لطفت من تصريحاتها بعض الشيء.
هذا الواقع سوف يتغير جذريا عندما فقط عندما يعتزل الفلسطينيون والعرب مهنة "كيس الملاكمة" ويحترفون مهنة فن الملاكمة.

No comments: