النضال
العفوي – رؤية جديدة لمفهوم قديم
على
زبيدات – سخنين
دعت
قبل أيام بلدية سخنين، اللجنة الشعبية
والاحزاب السياسية الى مظاهرة "غضب"
احتجاجا على ما
يجري حولنا من أحداث، من مقتل الشهيد محمد
ابو خضير مرورا باجتياح قرى ومدن الضفة
وحتى العدوان الاخير على غزة.
كان الشعور العام،
خصوصا عند اوساط واسعة من الشباب، أن هذه
المظاهرة قد جاءت متأخرة نسبيا ولا يعدو
كونها اكثر من اسقاط واجب ومحاولة امتصاص
عضب ونقمة الجماهير التى وصلت مؤخرا الى
درجة الغليان. لذلك
دعت هذه الاوساط عبر صفحات التواصل
الاجتماعي الى ثورة غضب في اليوم نفسه
ولكن في ساعة متأخرة وفي مدخل المدينة
حيث تكون امكانية المواجهة والاشتباك مع
قوات الشرطة عالية. استغرقت
المظاهرة الاولى نصف ساعة بعد أن سلكت
طريقا مختصرا وانتهت بدعاء من أحد الائمة.
وقد وصف المنظمون
المظاهرة بالناجحة نظرا لعدد المشاركين
فيها. بدأت
المظاهرة الثانية في العاشرة ليلا واستمرت
حوالي اربع ساعات بين كر وفر.
بدأت بتوافد افراد
ومجموعات صغيرة من الشباب الى المدخل
الغربي حيت كان في انتظارهم بالاضافة الى
اعداد هائلة من الشرطة والمستعربين، بعض
القياديين ممن نظموا المظاهرة الاولى
ومن بينهم رئيس البلدية، عضو كنيست وبعض
الوجهاء وحاولوا منع المتظاهرين من التقدم
خوفا من المواجهة مع قوات الشرطة محاولين
اقناعهم بإن هذه المظاهرة عبارة عن استفزاز
للشرطة وتعريضهم للخطر اما اعتقالا واما
استشاهدا كما حدث في المكان نفسه في اكتوبر
عام ٢٠٠٠، والحاق الضرر بالممتلكات الخاصة
والاخلال بالهدوء والامن العام والمس
بالتعايش السلمي في المنطقة وغيرها من
التبريرات والحجج والتشكيك التي لاقت
آذان موصودة من معظم الشباب.
والنتيجة اصبحت
معروفة.
تكررت
هذه الحالة في اماكن اخرى، في عرابة وعكا
والناصرة وام الفحم وقرى ومدن اخرى.
ربما مع بعض
الاختلافات في التفاصيل ولكن التشابه
كان هو الجانب الطاغي لهذه الظاهرة التي
ان دلت على شيء فانها تدل على عمق ازمة
القيادات، ولكن ايضا على ازمة الجماهير
وعلى التناقضات داخل لجنة المتابعة وفيما
بين مركباتها، وبين الهيئات القيادية في
الاحزاب السياسية وبين كوادرها واصدقائها،
ولكنها اظهرت في الاساس التناقض بين
النضال الرسمي "الشرعي"،
"القانوني"،
"المنظم"
وبين النضال العفوي.
هذا
التناقض بين النضال العفوي للجماهير
الشعبية وبين النضال الرسمي الذي تقوده
المؤسسات، الاحزاب والنقابات كان دائما
موجودا على الدوام وكان في صلب النقاش
الفكري والسياسي في المسيرات النضالية
للشعوب. وكان
الموقف السائد عند المؤسسات دمغ النضال
العفوي بانعدام الوعي والفوضى التي تؤدي
الى نتائج كارثية. بالطبع
كان هناك بعض الاستثناءات واذكر منها على
سبيل المثال لا الحصر لينين الذي رأي
بالنضال العفوي للعمال والفلاحين الشكل
الجنيني للوعي الطبقي، استيقاظ الوعي
السياسي، ورفض الخنوع والانصياع لمتخذي
القرارات مهما كانوا وتنمية روح المقاومة
الجماعية. كان
لينين يردد أمام كوادر الحزب البلشفي ان
النضال العفوي حتى الذي ينتهي الى الفشل
يدرب الشعب على الثورة.
من هذا المنطلق
انخرط البلاشفة بثورة عام ١٩٠٥ في روسيا
مع علمهم المسبق بان هذه الثورة لا تطرح
برنامجا اشتراكيا، وانخرط بثورة شباط
١٩١٧ بالرغم من قيادتها البرجوازية ورأى
بهاتين الثورتين مقدمة لا بد منها لثورة
اكتوبر الاشتراكية. وكان
ماركس من قبل قد انتقد كومونة باريس ولكن
عندما اندلعت الثورة واستولت على باريس
ايدها بشدة وبحماس، على عكس الاحزاب التي
تدعي الشيوعية والاشتراكية اليوم وتظن
انها تحتكر الوعي السياسي وتقف على بعد
سنوات ضوئية من نضالات الجماهير العفوية.
لقد
سئمنا انتقاد القيادات في السلطة الفلسطينية
من رئيسها وحتى اصغر موظفيها، لقد سئمنا
ادانة تصريحات محمود عباس القديمة
والحديثة، من تنازله عن حق العودة الى
بيته في صفد مرورا بحرصه على عدم اغراق
اسرائيل بالعائدين وحتى قدسية التنسيق
الامني. لقد
آن الاوان التركيز على النضالات الجماهيرية
بشتى اشكالها والتي لا تبحث لها في هذه
المرحلة عن قيادة بل عن طريق لمواصلة
النضال.
وفي
الوقت نفسه سئمنا انتقاد قياداتنا المحلية
من لجنة المتابعة الى الاحزاب السياسية
الى البلديات والمجالس المحلية.
امامنا اشكال جديدة
من النضال، قد يبدو بعضها غامضا، فوضويا
أو حتى عبثيا ولكنها جميعا تدريبات ضرورية
على الثورة.
No comments:
Post a Comment