Wednesday, December 08, 2010

الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بين الحماية الوهمية والتفريط العملي

الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بين الحماية الوهمية والتفريط العملي.
علي زبيدات – سخنين

من المتفق عليه أن نهج التفريط على الساحة الفلسطينية ليس جديدا. وأن اتفاقيات أوسلو ليست سببا لهذا النهج بقدر كونها نتيجة وتتويجا له. هناك اتفاق واسع على أن نهج التسوية والتفريط أخذ شكلا واضحا ورسميا في عام 1974 عندما تبنت منظمة التحرير الفلسطينية ما يسمى بالبرنامج المرحلي الذي أصبح حجر الأساس لهذا النهج داخل المنظمة ومن ثم السلطة الفلسطينية والذي نص في خطوطه العريضة على التخلي عن مشروع التحرير لصالح مشروع الدولة.
بالطبع لم يترعرع هذا النهج ويتطور حتى وصوله إلى هذه الدرجة المأساوية من غير مقاومة. العكس هو الصحيح. فبعد تبني البرنامج المرحلي قامت التنظيمات الفلسطينية المعارضة بتشكيل ما يسمى بجبهة الرفض. وبالرغم من النوايا الحسنة لبعض هذه التنظيمات ومن مواقفها المبدئية إلا أن هذه المحاولة قد باءت بالفشل. ولعل أهم أسباب هذا الفشل هو غياب الرؤية الواضحة،العجز عن تقديم بديل ثوري جذري لنهج التسوية، عدم مصداقية بعض الإطراف التي كانت تغير مواقفها بين عشية وضحاها، وفقدان الجرأة لقطع العلاقات السياسية مع رموز نهج التسوية، بالإضافة إلى أسباب عديدة أخرى لا مجال للخوض فيها هنا. أذكر في هذه المناسبة، على سبيل المثال لا الحصر، الموقف الوسطي الذي اتخذته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الفصيل الأكبر في منظمة التحرير بعد منظمة فتح، بالاكتفاء بتجميد عضويتها في اللجنة التنفيذية وتابعت نشاطها في المجلس المركزي والمجلس الوطني مما منح القيادة المتنفذة التي تقود نهج التفريط غطاء وطنيا.
عندما قررت نهج التسوية لانتقال إلى مرحلة جديدة من تطورها من خلال الاعتراف بقرار 242 وإدانة الإرهاب ومن ثم الاعتراف بدولة إسرائيل، وتغطية انتقالها هذا بالإعلان عن قيام "الدولة المستقلة" في الجزائر والترويج لوثيقة الاستقلال في محاولة بائسة لتقليد وثيقة الاستقلال الصهيونية، قامت هذه التنظيمات مرة أخرى بمحاولة جديد للجم نهج التسوية. إلا أن هذه المحاولة للأسباب نفسها ولأسباب جديدة أخرى باءت بالفشل الذر يع. وهكذا نضجت الظروف لاتفاقيات أوسلو التي كانت بمثابة الانتصار شبه النهائي لنهج التفريط داخل منظمة التحرير الفلسطينية. منذ ذلك الحين وحتى اليوم أصبح باقي القصة معروفا للجميع.
مؤخرا زفت لنا وسائل الإعلام بشرى جديدة عن تحرك جديد على الساحة الفلسطينية يحمل اسما طويلا بعنوان:" الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني" وككل فلسطيني يهتم بالقضية الفلسطينية تابعت بعض نشاطاتها التي نشرت في وسائل الإعلام الفلسطينية. ويبدو أن هذه المبادرة منذ البداية لم تستطع تخطي الدائرة الفلسطينية ومن هنا غابت تقريبا عن الإعلام العربي والدولي. وحالا بعد قراءتي لبعض البيانات الصادرة عن هذه الهيئة تذكرت المحاولات السابقة لمواجهة نهج التسوية والتفريط. لم أفاجأ هذه المرة بأننا لم نتعلم شيئا من التاريخ وقد بدت الصورة واضحة: فشل هذه المبادرة يبرز من بين السطور والكلمات والشعارات. ما عدا الشعارات المألوفة ضد التفريط بالثوابت، ضد المفاوضات ومع حق العودة وإقامة الدولة المستقلة، لم ألمس أية رؤيا جديدة، أية انطلاقة ثورية جديدة. مجرد كلام يلف ويدور حتى يبدو المبادرون أنفسهم وكأنهم ضائعون تائهون: هل هم بصدد تنظيم سياسي جديد أم هم بصدد إطار شعبي لا علاقة تنظيمية له بالفصائل القائمة.
لم يعد التباكي على منظمة التحرير الفلسطينية يجدي فتيلا. لا يوجد هناك منظمة تحرير أخرى سوى تلك التي يسيطر عليها تيار التسوية في السلطة. الكلام عن تحرير المنظمة من قبضة هؤلاء وإعادة ترميمها ليس أكثر من وهم. الميثاق الوطني الفلسطيني تم تغييره ودفنه والدعوة إلى إعادته لم تعد سوى مفارقة. الكلام المجرد عن المقاومة والاكتفاء بالتنظير لم يعد كافيا لمواجهة نهج التسوية والتفريط. إننا بحاجة إلى انطلاقة جديدة، إلى هيئة تأسيسية تقيم تجربة النضال الفلسطيني منذ عام النكبة وحتى اليوم وتجرؤ على اتخاذ قرارات حاسمة بما فيها ضرورة قيام منظمة تحرير جديدة وميثاق وطني جديد.
لم ألمس من المبادرين بإقامة "الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني" المقدرة أو حتى الرغبة بالقيام بهذه المهمة. وجاء التأكيد على بأسرع مما كنت أتوقع، حيث دب الخلاف بين المبادرين فمنهم من أعلن انسحابه ومنهم من غاب عن الساحة لأسباب لا يعلمها أحد. هذا بالإضافة إلى عدم مصداقية بعض المشاركين والممارسات التنافسية الأنانية والخاطئة وخدمة أجندات شخصية. لا أدري كيف يمكن حماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني من بلد يصرح بأن خيار السلام مع إسرائيل هو خيار استراتيجي ويحافظ على حدود آمنة بينهما. ولا أدري كيف يمكن حماية هذه الحقوق من خلال الدعوة إلى إسقاط اتفاقيات أوسلو وفي الوقت نفسه التشبث بسلطة أوسلو؟ ولا أدري كيف يمكن الحفاظ على هذه الحقوق الثابتة من خلال الكنيست الإسرائيلي كعضو سابق أو حزب راهن؟
هذه المحاولات البائسة ليس فقط أنها أعجز من لجم نهج التسوية والتفريط بل تزيد من شراسته، وليس فقط أنها أعجز من حماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بل تساهم في ضياعها.
حماية "الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني" هي مهمة الجماهير العربية جميعا من خلال حركة تحررية ثورية على صعيد العالم العربي.



2 comments:

Anonymous said...

Lovely post acuto. Non ho mai pensato che fosse così facile. rispetti a voi!

Anonymous said...

Este es un maravilloso recurso útil que usted está proporcionando y que le dan gratis ausente en el precio. Me encanta ver los sitios web, que comprenden el valor de proporcionar un recurso de calidad útiles de forma gratuita. Se? S el viejo lo que va, vuelve el programa.