Tuesday, May 25, 2010

حتى لا نضع العربة أمام الحصان - التحرير أولا

حتى لا نضع العربة أمام الحصان – التحرير أولا
بمناسبة "مؤتمر حيفا الثاني من أجل العودة والدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين التاريخية"

علي زبيدات – سخنين

قبل سنتين وخلال مؤتمر حيفا الأول نشرت مقالا نقديا ليس لمؤتمر حيفا فحسب بل للمؤتمرات العديدة حول موضوع الدولة الواحدة "الديمقراطية العلمانية" التي أصبحت موضة رائجة في السنوات الأخيرة وعقدت في أكثر من مكان على كرتنا الأرضية. قلت حينذاك وأكرر قولي الآن: إن أشد ما يزعجني في هذه المؤتمرات هو الغياب الصارخ لمفهوم التحرير، وكأن هذه الدولة الديمقراطية العلمانية سوف تنزل علينا مرة واحدة من السماء أو إنها سوف تأتي في أعقاب مفاوضات تتمخض عن اقتناع الأطراف المتنازعة ورعاية ما يسمى بالشرعية الدولية أو نتيجة لشيء لا نعرف كنهه. المهم ألا تكون نتيجة لنضال تحريري. وقلت حينها وها أنا أكرر ما قلته: أن اللغو صات التي طالت مفهوم الدولة الواحدة تفوق اللغوصات التي طالت حل الدولتين بكافة أشكاله.
خلال تصفحي للمقالات المنشورة في موقع المؤتمر، بالرغم من تنويه المنظمين بأن المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن آراء القيمين على المؤتمر، وجدت تأكيدا لشكوكي وهو أن تغييب مفهوم التحرير لم يأت من باب الصدفة بل هو مقصود ومدروس. يقول أحد الكتاب، طبعا بعد حديثه عن ضرورة التشبث بالحقوق غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير:" تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني هو شعار صائب ولكن طرحه بصورة مباشرة قد يعطيه البعض مضمونا عنصريا لأنه يلغي الآخر".
لم يعلمنا الكاتب من هو هذا البعض. ومن حقي أن أخمن أن هذا البعض يتكون من "يساريين" إسرائيليين وأجانب وبعض المثقفين الفلسطينيين والعرب. ومن يقول أن تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني يلغي الآخر؟ إن ترديد مثل هذه الفرية إن دل على شيء فإنه يدل على جهل مطبق بكل ما يعنيه التحرير.
ينشر الموقع أيضا مقالا مطولا من ثلاثة فصول للفتحاوي نبيل شعث عندما كانت فتح تطرح شعار: "الدولة الفلسطينية الديمقراطية" أي قبل أن تصبح حزب سلطة أوسلو. وفي المقدمة يعتبر المنظمون ما جاء في مقال شعث من أفضل ما كتب حول الدولة الديمقراطية الواحدة. يبدو إنه غاب عن المنظمين السياق التاريخي والسياسي لطرح فتح وباقي التنظيمات وخصوصا الجبهة الديمقراطية لشعار الدولة الفلسطينية الديمقراطية في بداية السبعينات. في ذلك الوقت طردت التنظيمات الفلسطينية من الأردن وفي الوقت نفسه كانت مبادرة روجرز لفرض تسوية أمريكية في أوجها وبالرغم من رفض هذه المبادرة فلسطينيا إلا أن قبول مصر وباقي الدول العربية لها أثرت سلبيا على المقاومة الفلسطينية هذا بالإضافة إلى سلبيات إدارة الصراع مع النظام الأردني. هذه الأجواء قوت تيارا انتهازيا داخل منظمة التحرير تزعمته قيادات متنفذة في فتح والجبهة الديمقراطية التي عملت كمقاول تنظيرات يساري في خدمة اليمين الفلسطيني. وتم طرح الدولة الفلسطينية الديمقراطية كبديل عن شعار تحرير كامل التراب الوطني عن طريق الكفاح المسلح. طبعا لم يجر التنازل عن التحرير والكفاح المسلح مرة واحدة. كان لا بد من تهيئة الأجواء الملائمة لذلك في أوساط الجماهير الفلسطينية التي كانت تحلم في ذلك الوقت بأن منظمة التحرير سوف تقود مسيرة العودة والتحرير. من هنا بدأ التقهقر التدريجي ولكن المثابر. في البداية كان الكفاح المسلح الشكل الرئيسي للنضال ولكن ليس الشكل الوحيد. بعد ذلك بدأت الأشكال الأخرى (السياسية) تسيطر على الساحة رويدا رويدا. ووصلت ذروتها عام 1974 عندما تبنت منظمة التحرير في الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني ما يسمى بالبرنامج المرحلي حيث تخلت المنظمة رسميا ليس فقط عن تحرير كامل التراب بل وعن الدولة " الفلسطينية الديمقراطية" أيضا. ورفعت شعار السلطة الوطنية في أية بقعة تنسحب منها إسرائيل. لم يكن تبني هذه الإستراتيجية في عام 1974 من باب الصدفة، في أعقاب حرب رمضان 1973 نشطت الدبلوماسية الأمريكية برئاسة وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بمفاوضات للتوصل إلى تسوية سلمية بين إسرائيل والدول العربية بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية وبدأت محادثات مؤتمر جينيف. وجلس ياسر عرفات ينتظر الدعوة للانضمام إلى هذا المؤتمر، لكن الدعوة لم تصل أبدا. فقط بعد 4 سنوات أي في عام 1988 وصلت الدعوة إلى عرفات أن يلقي خطابا أمام مؤتمر الأمم المتحدة في جينيف وهناك قدم اعترافا رسميا ليس فقط بقراري 242 و 338 اللذان رفضا فلسطينيا بل أيضا "الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود" بعد ذلك أصبحت الطريق إلى مدريد وأسلو معبدة والنهاية معروفة للجميع.
في مقاله المذكور يقول نبيل شعث:" إن الدولة الديمقراطية هي نتيجة للتحرير وليس بديلا عنه" أريد أن أرى فلسطينيا واحدا يصدق مثل هذا الكلام. ما الهدف من الاستفاضة في الكلام عن الدولة الوهمية ولا كلمة واحدة عن التحرير؟ وهو كباقي اليمين الفلسطيني واليسار الانتهازي في ذلك الوقت لا يريد أن يناقش طبيعة نظام هذه الدولة إذا كان اشتراكيا أم لا، ففي مرحلة التحرير الوطني الديمقراطي يكون من السابق لأوانه مناقشة هذه الأمور. أما مناقشة الدولة قبل التحرير فليس سابقا لأوانه.
إذن نحن هنا لسنا أمام حل "الدولة الديمقراطية العلمانية" الواحدة، بل نحن أمام "حلول" الدولة الديمقراطية العلمانية. فهناك دولة إسراطين التي طرحها القذافي والتي قال عنها رجا إغبارية أحد منظمي هذا المؤتمر خلال زيارة ليبيا:"إننا نشارك رؤية العقيد في حل الدولة الواحدة". وهناك طبعا الدولة ثنائية القومية بصيغها المختلفة التي تصب هي أيضا في رؤيا الدولة الواحدة، وإن ننسى فإننا لا ننسى "دولة جميع مواطنيها". وطبعا يجب ألا نستخف إذا ما قام أحد زعماء إسرائيل العلمانيين من تلامذة بن غوريون وقال: " تريدون دولة ديمقراطية علمانية؟ ها هي دولة إسرائيل أحلى دولة "ديمقراطية علمانية"، وخصوصا وإنه يوجد لدينا الآن تلميذ فلسطيني لبن غوريون يريد أن يقيم هو الآخر دولة "ديمقراطية علمانية" في بعض جيوب الضفة الغربية.
مع إن المؤتمر يدور من حيث الأساس حول حل الدولة الواحدة مقابل حل الدولتين إلا أنه يبدأ بحق العودة. وذلك حسب تحليلي نوع من الدفاع المسبق في حالة تجرأ أحد واتهم شعار الدولة "الديمقراطية العلمانية" بالتفريط بحق العودة.
يطرح حق العودة في هذا المؤتمر كما في كافة المؤتمرات المشابهة كتنفيذ لقرار الأمم المتحدة 194 والذي من مسؤولية ما يسمى بالشرعية الدولية والمجتمع الدولي تنفيذه. ولا يطرح أبدا كبرنامج نضالي يكون جزءا من عملية تحرير شاملة. بعد 62 عاما عجزت الأمم المتحدة عن تنفيذ هذا القرار المتواضع الذي يهضم الكثير من حقوق اللاجئين وهي ستبقى عاجزة إلى أمد غير مسمى عن تنفيذه. الواقع يقول لن تكون هناك أية عودة من غير تحرير وقد آن الأوان أن نتخلص من أي شك في ذلك.
أنا شخصيا لست من مؤيدي "الدولة " بشكل عام. ولكن إذا كان لا بد من الدولة، أنا مع الدولة التي ناضل من اجلها كارل ماركس: ديكتاتورية البروليتاريا الثورية التي تقضي على الدولة كدولة.

2 comments:

Anonymous said...

بوركت على هذا المقال

Anonymous said...

I think you have some really good points there!! and I agree with the total liberation of the land as the way to a full solution!!
I would however like to know more about what you laast mentioned: your aupport of the marxist ideology of a proletarian dictatorship! how does this realize a one state solution as you see it?