Thursday, August 06, 2015

هم يهدمون ونحن نستنكر



هم يهدمون ونحن نستنكر
على زبيدات – سخنين

منذ عقدين من الزمن على الاقل وموضوع هدم البيوت العربية في هذه البلاد يأبى أن يغادر العنوانين. لقد كتبت شخصيا في هذا الموضوع عمذ سنوات طويلة عدة مرات عندما كان بيتي مهددا بالهدم (وهو على فكرة ما زال مهددا بالهدم حتى اليوم). منذ ذلك الحين والحكومة تهدم وتهدم أو تهدد بالهدم أو تخطط له. ومنذ ذلك الحين ونحن نستنكر ونستنكر أو نهدد بالاستنكار أو نخطط له. والحياة مستمرة.
في الامس القريب هدمت الدولة (نعم الدولة، لا تقولوا لجان التنظيم، الشرطة أو المحاكم) ثلاثة بيوت في قرية دهمش وبيت في قرية سعوة غير المعترف بها في النقب وقبلها هدمت بيوت في العراقيب وام الحيران وام الفحم والطيبة وكفر قرع وكفر كنا والقدس، ولا اشمل هنا البيوت التي هدمت فوق رؤوس اهلها في غزة والبيوت التي هدمت في شتى ارةاء الضفة الغربية من اجل توسيع المستوطنات. هل يوجد هناك قرية او مدينة عربية سلمت من الهدم؟ هل يوجد هناك قرية أو مدينة عربية لم يهدم بها بيت أو اكثر أو يهدد بالهدم بيت او اكثر؟ الارقام تقول ولا ادري ما مدى صحتها من ٥٠ إلى ٨٠ ألف بيت عربي غير مرخص وبالتالي مهدد بالهدم. أعرف، الفرق شاسع بين الرقم الادنى وبين الرقم الاقصى وهذا ان دل على شيء فانه يدل على عدم جديتنا في توثيق كل الحالات وبلورة صورة صادقة لهذه المعضلة.
اكاد لا اجد كلاما جديدا لاكتبه في هذا الموضوع. فقد كتب كل شيئ عشرات المرات. يكفي ان تضع كلمتي "هدم البيوت" في احد مواقع البحث ليظهر امامك آلاف الاخبار والمقالات التي تتناول هذا الموضوع من كافة جوانبه: السياسة العنصرية، التمييز، الوعود بحل المشكلة، الاجتماعات، القرارات، المظاهرات، الاضرابات، خيم الاحتجاج، المطالبة بتوسيع مناطق النفوذ، ومسطحات البناء والخرائط الهيكلية...لم يعد هناك متسع لاي نقد جديد للجنة المتابعة العليا، للسلطات المحلية وللجنتها القطرية، للاحزاب السياسية ولكافة المؤسسات الاهلية.
اختلفت زعامتنا المحلية مؤخرا أين تجتمع، في سخنين حيث يفبع ممثل هذه الزعامة أم في قرية دهمش حبث مسرح عملية الهدم الاخيرة. وسوف يختلفون على طريقة الرد، فالجناح "الرديكالي" سوف يطالب بالتصعيد واعلان الاضراب ومظاهرة قطرية في قلب تل ابيب، فذاكرتنا الجماعية قد نسيت اننا جربنا هذا التصعيد قبل شهور قليلة. اما الجناح "المعتدل" فسوف يكتفي بالاستنكار والتنديد طالبا منح الحكومة فرصة اخرى لايجاد حل او منحه هو فرصة اخرى ليتوسط لدى الحكومة لايجاد حل.
اننا امام مأزق فعلي وحقيقي: الدولة لن تتوقف عن سياسة الهدم، ولن تستطيع حتى وإن ارادت ذلك، هدم البيوت العربية هو جزء من طبيعة هذه الدولة وإلا كيف يمكن أن يتحقق حلم الدولة اليهودية كاملا؟ ونحن بكل مؤسساتنا القيادية وغير القيادية نقف عاجزين امام هذه السياسة. أليس هذا مأزقا فعليا وحقيقيا؟
طبعا لا املك حلولا سحرية للخروج من هذا المأزق ولا احد يستطيع أن يدعي بانه يملك مثل هذه الحلول. ولكن آن الاوان أن نعترف بهاتين الحقيقتين:أولا، الدولة لن تتوقف عن سياسة الهدم والتمييز. وثانيا، نحن باساليبنا الراهنة عاجزين عن مواجهة هذه السياسة. حسب رأيي المتواضع الاعتراف بهاتين الحقيقتين هو المقدمة الاولى لاختراق هذا المأزق والانتصار عليه في النهاية، ومن شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه للتفكير خارح القوالب السائدة لايجاد وسائل نضال جديدة. فحتى ذلك الحين ما استطيع اقتراحه هنا هو بكل بساطة: الصمود في الوضع الراهن، لتستمر الحكومة في سياسة الهدم ولنستمر نحن في البناء "غير المرخص" و"غير الشرعي". ولتصعد الجكومة من سياسة الهدم وبالمقابل فلنصعد نحن من عملية البناء. من يصمد اكثر هو الرابح. لا خيار امام اهلنا في دهمش والعراقيب وام الحيران وغيرها سوى الصمود، واقضل طريقة لتخفيف بعض العبء عنها هو فتح جبهات جديدة، ولنكثف البناء في كل مكان نمنع من البناء فيه. سوف يتهموننا ويدينوننا بمخالفة القوانين وبالبناء غير الشرعي وسوف نتهمهم وندينهم بإن قوانينهم هي غير الشرعية.
لنغير العنوان من: هم يهدمون ونحن نستنكر إلى: هم يهدمون ونحن نبني.

No comments: