Wednesday, April 08, 2015

المطلوب تدخل خارجي من نوع آخر



المطلوب تدخل خارجي من نوع آخر
علي زبيدات – سخنين

لقد وصل النفاق العالمي إلى اعلى مستوياته حتى وصل إلى درجة اللامعقول. الكل يدين ويرفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول وفي الوقت نفسه الكل يمارس مثل هذا التدخل. الامم المتحدة التي ينص ميثاقها على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول بشكل مباشر أو غير مباشر هي أول من يتدخل بشكل اعتباطي وانتقائي بما يخدم في نهاية المطاف مصالح الدول الكبرى. امريكا تدين التدخل الروسي في اوكرانيا، روسيا تدين التدخل الامريكي في الشرف الاوسط، ايران تدين التدخل السعودي في اليمن، السعودية تدين التدخل الايراني في سوريا والعالم يدين التدخلات الاسرائيلية في كل مكان واسرائيل تدين تدخلات العالم في شؤونها. وهذا غيض من فيض من مسرح النفاق العالمي. هل بقي هناك ازمة واحدة في العالم لم يتم التدخل فيها من اطراف خارجية؟ وحتى عندما لا يوجد هناك ازمات فالتدخلات الخارجية تخلق الازمات كل صباح وكل مساء وتعمل على تأجيجها وتفاقمها حتى تتحول إلى ازمات دولية. الذين يدينون التدخل الخارجي ويدعون إلى رفضه هم أول من يتدخلون في شؤون غيرهم. لم بعد هناك بقعة واحدة على سطح الكرة الارضية مهما كانت نائية وغير ذات اهمية بمنأى ومعزل عن التدخلات الخارجية. لقد آن الاوان للاستفاقة من اوهام العيش في جزيرة معزولة على غرار جزيرة روبنسون كروزو لا تتعرض لأي تدخل خارجي.
في ظل هذا الواقع، المطلوب اليوم ليس رفض التدخل الخارجي وادانته لأن مثل هذا الموقف اصبح في احسن حالاته سذاجة لا تحتمل ولكنه في معظم حالاته اما غباء مطبق واما عمالة مكشوفة أو مستترة. المطلوب اليوم هو "تدخل خارجي" من نوع جديد: تدخل ثوري اممي لمواجهة ومحاربة التدخل الامبريالي الرجعي.
لدينا في مثل هذا التدخل نموذجا امميا انسانيا ينبغي حياءه ليس كأسطورة أو كحلم جميل بل كنموذج ومرشد لعمل ثوري دائم، واقصد نموذج تشي جيفارا الذي قال وفعل حسب ما قال:"اينما يوجد الظلم قذاك وطني" وقال ايضا: "ان انتصار الثورة هو الضمان الوحيد للقضاء على الحروب الامبريالية، لا حياة خارج الثورة، ولتوجد فيتنام ثانية وثالثة واكثر" . تشي جيفارا ارجنتيني المولد ولكنه حارب في كوبا والكونغو وبوليفيا وأيد نضالات الشعوب المضطهدة والطبقات الكادحة في جميع انحاء العالم.
يجب ان تكون هناك معايير صارمة لمثل هذا التدخل الثوري المطلوب والا تحول هذا التدخل إلى نقيضه. هناك ثلاثة معايير اساسية وضعها او تبناها تشي جيفارا مع باقي الثوريين الحقيقيين في العالم وهي: ١) أن تكون ضد الامبريالية العالمية. ٢) أن تكون ضد الانظمة الفاسدة التي تسحق شعوبها. ٣) أن تكون ضد جميع القوى الانتهازية والرجعية التي تتقنع احيانا بالشعارات الثورية ولكنها تخدم في نهاية المطاق الامبريالية العالمية والانظمة الفاسدة.
يعرف التاريخ الحديث العديد من التجارب والنماذج المشرفة للتدخل الخارجي الثوري. ولعل اشهرها الكتائب الاممية التي شاركت في الحرب الاهلية الاسبانية ١٩٣٦ – ١٩٣٩ إلى جانب القوى الثورية الاسبانية. إزاء التدخل الخارجي من قبل النازية الالمانية والفاشية الايطالية الداعمة لقوات فرانكو الفاشية كان لا بد من مثل هذا التدخل. النقد الوحيد على هذا التدخل من منظور تاريخي هو انه لم يكن مكثفا وحاسما وجارفا مما ادى الى انتصار القوى الفاشية والرجعية. المقاومة الفلسطينية عرفت هي أيضا مثل هذا التدخل الثوري الخارجي وذلك في سنوات السبعين عندما كانت المقاومة اللسطينية تلهب خيالات العالم كمث أعلى لمقاومة الصهيونية والامبريالية. اعداد كبيرة من الشباب والصبايا المنتمين لقوميات وجنسيات مختلفة انخرطت في المقاومة الفلسطينية، اذكر في تلك الفترة كان سجن الرملة المركزي نموذجا لهذه الوحدة الثورية الاممية حيث كان إلى جانب الاسرى الفلسطينيين اسرى من المانيا، ايطاليا، فرنسا، اليونان، قبرص، بريطانيا، اليابان، كردستان، الهند، نيجيريا، تشيلي. على التنظيمات الفلسطينية وخصوصا التي تدعي الاممية أن تجاوب على السؤال: لماذا انفض كل هؤلاء عنها وعن القضية الفلسطينية؟
في تلك الفترة، كنا نتكلم عن " الجبهة العربية المشاركة في المقاومة الفلسطينية" واليوم صرنا نتكلم عن "الجبهة العربية المشاركة لاسرائيل في ضرب المقاومة الفلسطينية". في تلك القترة كنا نتكلم عن " الجبهة العالمية الداعمة للمقاومة الفلسطينية" واليوم اصبحنا نتكلم عن الدعم العالمي للاحتلال الاسرائيلي.
اليوم نتكلم عن الآلاف بل عشرات الآلاف من المرتزقة وغير المرتزقة ممن يتبنون ايديولوجيات تخدم في نهاية المطاف الامبريالية والانظمة الرجعية، يقطعون المسافات والحدود للانضمام إلى داعش والنصرة.
نعم أنا مع "التدخل الخارجي" إذا كان معاديا للامبريالية العالمية وللانظمة الفاسدة والقوى الرجعية والانتهازية. لقد آن الاوان للعودة إلى منابع التضامن الاممي الثورى وتشكيل كتائب اممية تنخرط بالنضال في كل مكان يخيم الظلم عليه.

No comments: