Wednesday, April 01, 2015

الخروج من دائرة الذكرى إلى دائرة المقاومة



الخروج من دائرة الذكرى إلى فضاء المقاومة
علي زبيدات – سخنين

مرت الذكرى ال٣٩ ليوم الارض مرور الكرام. كالعادة، وفي الوقت بدل الضائع، يصدر قرار لا أحد يدري بالضبط من أين، لاحياء الذكرى بتنظيم مسيرة مركزية في مثلث يوم الارض(واخرى في النقب) تنتهي بمهرجان خطابي. بحكم العادة وحسب قانون قوة الدفع الذاتي هناك دائما ضمان لنجاح المسيرة والمهرجان. وللعادة كما هو معروف سحر خاص شبيه بوسائل التخدير المختلفة التي يحتاجها كل من يريد أن يعمل شيئا ما ويبقى مرتاحا في الوقت نفسه. يبقى مقياس النجاح عدد المشاركين في المسيرة والمهرجان: يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا حسب الجو العام الذي يرافق المسيرة وحسب المسافة التي يجب قطعها من نقطة انطلاق المسيرة وحتى مكان المهرجان المركزي، هل هي طويلة، مثلا من سخنين إلى دير حنا، أم متوسطة، مثلا من سخنين إلى عرابة أو من دير حنا إلى عرابة، أو قصيرة تدور في حلقة مفرغة داخل البلد الواحد.
وغدا سوف تمر الذكرى ٦٧ للنكبة هي الاخرى سوف تمر مرور الكرام وحسب نمط ذكرى يوم الارض: مسيرة فمهرجان.
وبعد غد سوف تمر الذكرى ال٤٨ لنكسة، والاصح هزيمة ١٩٦٧ ولكن في هذه الحالة بدون مسيرة وبدون مهرجان. ربما لانه لم يعد هناك ضرورة لمثل هذه الطقوس التي قد تعكر مزاج سلطة اوسلو التي قامت على اراضي النكسة.
لنعود لذكرى يوم الارض الاقرب الينا من الناحية الزمنية. عادة، من يهتم بذكرى معينة يكتب عنها قبل مرورها ليشرح موقفه منها ويبين انتقاداته من شكل ومضمون احيائها إن كان ناقداا أو ليعبر عن رضاه إن كان مقتنعا وراضيا عن طريقةاحيائها. وقد قمت بهذه المهمة في السنوات الماضية مرات عديدة الا انه هذه السنة تعذر علي ذلك ووجدت انه لدي ما يمكن قوله بعد مرور هذه الذكرى كنوع من التقييم الذي قد يكون مفيدا في السنوات القادمة. طبعا لا ولن ادعي اني استطعت في السنوات الماضية التأثير على مجريات الامور ولن ادعي الان بأن تقييمي (النقدي) سوف يؤتر على هذه الذكرى مستقبلا.
رأيي المبدئي يقول بكل بساطة: اذا اصبحت الذكرى سجنا، هروبا، مخدرا، قيودا، دائرة مغلقة فيجب كسرها والتحرر من نيرها ومن سحرها وذلك من أجل انقاذها من نقسها اولا ومن العابثين بها ثانيا.
كلنا نتفق، كلاميا على الاقل، أن يوم الارض هو يوم نضالي ويجب أن يبقى يوما نضاليا. المشكلة تبدأ في تعريفنا وفهمنا للنضال. واضح اننا لا نجرؤ على مقارنة يوم الارض الاول الذي نقوم بإحياء ذكراه بأيام الارض التي تلته وخصوصا في السنوات الاخيرة. هل يمكن تشبيه الاضراب في يوم الارض الاول من حيث اهميته وشموليته ودوره التعبوي بالاضرابات الضئيلة التي اعلنت في بعض السنوات اللاحقة تحت ضغط الاحداث؟ وهل يمكن المقارنة بين نضال المواجهة والتحدي الذي ميز اليوم الاول وبين نضال الخطابات الذي ميز السنوات الاخيرة؟. الجميع يتغني بتحديات وبطولات وتضحيات يوم الارض الاول ولكن يا للمفارقة، الجميع أو تقريبا الجميع يهربون من شبح يوم الارض الاول ويتمنون عدم تكراره. هذا بالرغم من أن جميع الاحزاب السياسية والتنظيمات المدنية تكاد أن تتفق على أن الاسباب التي أدت إلى انفجار يوم الارض الاول ما زالت قائمة بل وتفاقمت: مصادرة الاراضي استمرت حتى لم يبق هناك تقريبا ما يصادر، خنق القرى والمدن العربية ومحاصرتها اصبح لا يطاق، هدم البيوت جار على قدم وساق بل يطول الان هدم قرى كاملة عن بكرة ابيها.
لقد احبت جماهيرنا الفلسطينية يوم الارض الاول لسببين رئيسيين: الاضراب الناجح الذي هز الاقتصاد الاسرائيلي والمواجهة البطولية لجنود وشرطة اسرائيل المدججين بالسلاح ولآلياتهم العسكرية. وبما أن اسباب انفجار يوم الارض الاول، كما قلت وكما يقول الكثيرون، ما زالت سارية المفعول بل وصلت الى ذروتها من التصعيد فلا يوجد هناك بديل عن الاضراب العام الناجح وعن المواجهة على الارض. ولكي لا افهم خطأ: نحن جماهير عزلاء سلاحنا الوحيد هو حقنا بالدفاع اراضينا والحفاظ على ما تبقى منها واسترجاع ما سلب منها وتمسكنا بهذا الحق. المواجهة هنا تعني الصمود في وجه العدوان وعدم التراجع وكل نتيجة لهذا العدوان يتحمل مسؤوليتها الطرف الآخر المدجج بالسلاح.
لقد ظن البعض أن تشكيل القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست الاخيرة وقبيل يوم الارض كفيل بتصعيد النضال. هذا الظن لم يتحقق ليس لقصر الفترة الزمنية على هذه القائمة بل لأن المواجهة ليست مركبا من مركبات استراتيجيتها. نعم، يجب أن تبقى ذكرياتنا الوطنية جميعها حية ولكنها يجب ان تتمتع بحياة صحية وليس اشبه بالموت السريري كما هي عليه الان.


No comments: