Wednesday, April 22, 2015

إخوة في الفساد



اخوة في الفساد
علي زبيدات – سخنين
في الاسابيع الاخيرة يوجد في مدينة سخنين موضوعان ملتهبان. ومع الاخذ بعين الاعتبار بعض الاختلافات في التفاصيل نجد هذين الموضوعين ملتهبين في عدة مدن وقرى عربية. الموضوع الاول: قضية سماسرة الاراضي الذين استطاعوا الحصول بطرق ملتوية على قسائم للبناء مخصصة ل"حل الضائقة السكنية" المستفحلة من سلطة اراضي اسرائيل ووزارة البناء والاسكان بسعر مخفض وعرضها للبيع باسعار خيالية. الموضوع الثاني هو توصيات لجنة فحص الحدود التي شكلها وزير الداخلية السابق.
بالنسبة للموضوع الاول، تحاول البلدية جاهدة أن تتنصل من أية مسؤولية بحجة انها لم تكن تعلم بما يقوم به هؤلاء السماسرة تارة وبإلقاء المسؤولية على وزارة الاسكان وسلطة اراضي اسرائيل التى نظمت المناقصات تارة أخرى وانها اعترضت لدى هذين الطرفين حالما علمت بالموضوع. مثلي مثل العديد من المواطنين الذين استمعت اليهم اشك بمصداقية حجة عدم المعرفة وخصوصا من قبل قسم الهندسة المسؤول المباشر عن كل ما يجري من اعمال تطوير وبناء في المدينة. ولكن لنفرض جدلا أن ذلك صحيح فهذا العذر هنا اقبح من ذنب. فإذا كانت البلدية وقسم الهندسة يعلمان وتم التورط أو السكوت فهذه مصيبة أما إذا كانا لا يعلمان فالمصيبة تكون اكبر وفي هذه الحالة من الاحرى أن يغلقا الابواب ويبحثا عن عمل آخر.
واضح اننا هنا امام مثلث فاسد يتكون من سلطة اراضي اسرائيل، وزارة البناء والاسكان والبلدية. ومن الطبيعي أن تشكل مستنقعات الفساد ارضا خصبة لنمو وترعرع باعوض السمسرة.
لم يعد هناك سر بإن سلطة اراضي اسرائيل التي تدير آكثر من ٩٠٪ من الاراضي هي مرتع للفساد بعد اعتقال مديرها بنسي ليبرمان بتهم الفساد والغش وخيانة الامانة واعتقال عدد آخر من كبار الموظفين بسبب التهم نفسها. طبعا هذه الاتهامات لا تتعلق بتعامل سلطة الاراضي بعنصرية مع البلدات العربية، فكل ما تقدمه للوسط العربي ليس سوى بعض الفتات. الملايين موجودة في المدن اليهودية واالمستوطنات في الضفة الغربية.حتى وصل الامر إلى أن تقوم اطراف من المؤسسة الصهيونية نفسها بالمطالبة بتفكيك هذه السلطة ونقل صلاحياتها إلى مؤسسات اخرى.
تدعي البلدية كوسيلة دفاع عن نفسها أن وزارة الاسكان هي التي نظمت المناقصات التي بموجبها تم منح السماسرة قسائم البناء، وأن المناقصات نزيهة وتتم حسب شروط ومعايير صارمة. حقا؟ هل يوجد في هذه الدولة مناقصات نزيهة؟ من لم يسمع عن صناعة "تفصيل المناقصات" التي تتفوق على صناعة تفصيل الازياء من حيث الحجم وطرق التفنن. احدى التهم التي وجهت لمدير سلطة اراضي اسرائيل هي تحويل وحرف المناقصات لخدمة مصالحه الخاصة والتي تشمل ايضا الحصول على رشوات. لو ارادات دولة اسرائيل ملاحقة الفساد في المناقصات داخل مؤسساتها لاحتاجت إلى دولة أخرى. مراقب الدولة يعرف ذلك، مديرية خدمة الدولة تعرف ذلك ووحدة لاهف ٤٣٣ في الشرطة الاسرائيلية تعرف ذلك والاهم من هؤلاء كلهم أن البلديات والسلطات المحلية العربية تعرف ذلك بل وتتفوق في استعماله. لا ابالغ اذا قلت انه لا يوجد هناك مناقصة نزيهة واحدة تنظمها البلديات العربية. فإذا كانت وزارة الاسكان هي التي نظمت المناقصات التي منحت السماسرة قسائم البناء فالبلدية هي التي نظمت المناقصات التي منحت بعض المقاولين القسائم المسؤولة عنها. على فكرة في كثير من الاحيان لا يمكن التمييز بين السمسار والمقاول.
منذ أكثر من عقدين وانا اسمع عن "نضال" البلديات المتعاقية من أجل توسيع منطقة النفوذ. حتى اصبح هذا المصطلح العنوان الاساسي للجنة رؤساء السلطات المحلية العربية، لجنة المتابعة، المؤسسات الاهلية والجماهير الواسعة بشكل عام. قي معظم الاحيان يقتصر هذا "النضال" على طلب من وزير الداخلية خلال زياراته لبلد عربي وبعد استقباله والاحتفاء بزيارته مما يضطر الوزير من الباب المجاملة بتوزيع بعض الوعود حول توسيع منطقة النفوذ. ولكن مع تزايد التذمر الشعبي تضطر البلديات الى المزيد من المطالبة فيقوم وزير الداخلية بتعيين لجنة لفحص مناطق النفوذ يستغرق عملها بعض سنوات تنتهي بتوصيات هزيلة لا يسع البلديات الا رفضها أو انها تموت موتا طبيعيا مع رحيل الوزير الراهن وانتظار الوزير الجديد. للمرة الخامسة أو السادسة تقدم مثل هذه اللجنة توصياتها لوزير الداخلية، وكلما زادت هذه التوصيات بعض الدونمات في منطقة النفوذ على التوصيات السابقة كلما تصعادت ابواق البلدية للكلام عن الانجازات التي تم تحقيقها. يبدو أن ادارة البلدية الراهنة قد اكتشفت نظرية "خذ ثم طالب" وها هي تنتظر قدوم وزير الداخلية الجديد ليصادق على توصيات لجنة الحدود. من التجارب السابقة ستتحول هذه النظرية إلى "خذ وعود وتنازل".

No comments: