Wednesday, April 09, 2014

أمانات في ايدي غير أمينة



أمانات في ايدي غير أمينة
علي زبيدات – سخنين
لا ارى بنفسي الشخص المناسب للخوض بقضايا الاوقاف الاسلامية من منطلق ديني ولن اتناول هذا الموضوع من هذه الزاوية لا من قريب ولا من بعيد. ولكن أظن أن الكل يتفق معي بان قضية الاوقاف الاسلامية والمسيحية في هذه البلاد هي قضية وطنية أيضا، بل هي قضية وطنية في المقام الاول وقبل أن تكون دينية. كنت أصلا افضل الا اتتطرق لهذا الموضوع بتاتا، ولكن ما جرى في مدينة عكا مؤخرا وما تناقلته وسائل الاعلام حول قضية الحاجة سلوى زيدان (ام احمد) قد أضاء ضوءا احمرا امامي وامام الكثيرين ممن يهتمون بقضايا الوطن.
يقولون أن املاك الوقف غير قابلة للبيع أو للتوريث أو للاستعمال بعكس الاهداف التي وقفت من أجلها، وفي الوقت نفسه تقوم لجان تسمى لجان امناء الوقف الاسلامي معينة من قبل وزير صهيوني ببيع هذه الاملاك أو تأجيرها ل٩٩ سنة، ولمن؟ للمؤسسة التي عملت على تشريد شعبنا ونهب أرضه وهضم أبسط حقوقه. لا يقتصر عمل هذه اللجان المشين على عكا، بل يفتك بأموال المسلمين في حيفا ويافا واللد والرملة والقدس واماكن اخرى على طول وعرض الوطن المحتل.
من المعروف أن دولة إسرائيل منذ قيامها وحتى اليوم ابدعت في اختراع الوسائل التي تمكنها من السيطرة على الاراضي والاملاك الفلسطينية ومن أشهر هذه الوسائل الفريدة من نوعها في كافة البلدان التي تعرضت للغزو الكولونيالي في التاريخ الحديث، هو قانون الحاضر غائب حيث تعرضت الاوقاف الاسلامية مثلها مثل باقي الاراضي الفلسطينية لبطش هذا القانون الجائر. بعد ذلك سنت الدولة قانون "لجان الامناء" لتكون ظاهريا مسؤولة عن اراضي واملاك الاوقاف ولكن هدفها الحفيقي هو تسهيل الطريق امام الحكومة للسيطرة الكاملة عليها عن طريق البيع او الاستئجار طويل الامد. بهذه الطريقة تشرد حاليا عائلة ام أحمد ولاحقا عائلات اخرى، وبهذه الطريقة عرض خان العمدان للبيع في المزاد العلني لولا التحرك الشعبي الذي منع ذلك. ولكن قبل ذلك تم بيع اراض واسعة تابعة لوقف الجزار قامت عليها منشآت اقتصادية وسياحية هدفها تهويد مدينة عكا العربية. جرى كل ذلك بمباركة وتوقيع ما يسمى بلجنة امناء الوقف الاسلامي. الامر نفسه جرى على مر السنين في مدينة حيفا العربية حيث تم بيع مقابر لا بل مساجد ايضا بالاضافة إلى دور وأراض واسعة. والشيء نفسه في يافا والقدس وبافي المدن الفلسطينية.
ما قرأته في الايام الاخيرة عن هذه اللجان امور تكاد لا تصدق، وأغربها السكوت عنها ومحاولة ايجاد التبريرات لها. فهي معينة من قبل وزير المالية من غير معايير واضحة أو رقابة، تكاد أن تكون سرية لا أحد يعرف بالضبط عدد اعضائها أو اسمائهم أو صلاحياتهم أو حتى الاملاك التي تقع تحت اشرافهم. الخطوة الاولى التي يجب على جمهور المسلمين القيام بها بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والتزاماتهم الدينية هو مقاطعة هذه اللجان وسحب بساط الشرعية من تحت اقدامها ودعوة الاعضاء الشرفاء الى الاستقالة الفورية والعمل على ايجاد بديل لها على شكل لجان شعبية وطنية تعمل على الحفاظ والدفاع عن الاوقاف وتناضل من اجل تحرير واسترجاع ما تم التفريط به عن طريق الغش والخداع والفساد.
الاوقاف المسيحية التي تباع او يتم التلاعب بها من قبل اعلى المراتب الكنسية (وبعضها لا يمت بصلة لفلسطين) وخصوصا في القدس هي ايضا اراض واملاك وطنية لا يحق لاحد التصرف بها وكأنها املاك خاصة ولاهداف تتناقض مع الهدف المعلن التي وجدت من أجله.
هدف الاوقاف، اسلامية كانت ام مسيحية، هو تنمية روح التعاون والتكافل الاجتماعي، مساعدة المحتاجين من فقراء، مرضى، ارامل، اطفال في ضائقة، ودعم مؤسسات تربوية، تعليمية، ثقافية وصحية بالاضافة للاهداف العادية مثل الحفاظ على اماكن العبادة والمقابر ودفن الموتى. لم يبق من هذه الغايات السامية للأسف سوى النزر القليل يكاد لا يذكر وحلت مكانها المصالح الشخصية، الفساد، السمسرة وطمس الهوية الوطنية.
لقد آن الاوان أن تنزع هذه الامانات من الايدي غير الامينة وتوضع في الايدي الامينة وما أكثرها في صفوف شعبنا.

No comments: