Wednesday, April 16, 2014

أين النظافة أيها المؤمنون؟



أين النظافة ايها المؤمنون؟
علي زبيدات – سخنين

أكتب هذه المقالة بناء على طلب بل تحت ضغط والحاح زوجتي (الاجنبية) بعد أن وعدتها منذ أكثر من سنتين بالكتابة عن هذا الموضوع. في الامس وبعد أن عادت من نزهة مشي في اطراف المدينة تعرضت لوابل من البهدلات والتوبيخ: "لقد طفح الكيل وزاد، قبل ان تكتب عن القيم والمبادىء وعن المواضيع السياسية الكبيرة من ثورات وقضايا عادلة وعن امريكا وروسيا واسرائيل اكتب عن القذورات والنفيايات التى تحاصر البلد من كافة النواحي. نعم، النفايات والزبالات هي التي تحاصر سخنين فبل أن تحاصرها المستوطنات فلا تعلق كل شي بعنق سياسة التمييز والعنصرية والاحتلال. العنصرية لا تلزمك بأن ترمي نفاياتك على قارعة الطرقات.والوضع في البلدات العربية الاخرى لا يختلف عنه في سخنين، والكاتبة في هذا الموضوع تهم كافة المدن والقرى العربية. لا اريد ان اقارن سخنين مع أية قرية او مدينة في هولندا، ولكن تفضل وقارنها بالمستوطنات المجاورة".
في الحقيقة افحمت وشعرت بالخجل. كنت انا ايضا كنت من هواة المشي يوميا في (الطبيعة) في ساعات الصباح او قبيل ساعات المساء ولكني توقفت وفضلت ارتياد احد النوادي الرياضية وابدلت المشي على الارض بالمشي على القشاط. الجميع يتذمر من هذا الوضع والجميع يلوذون بالصمت بما فيهم أنا ذو اللسان الطويل. قد يقول البعض أن التقصير والاهمال والمسؤولية تقع على عاتق البلدية والبلدية معذورة لشح الميزانيات. للمرة الاولى اريد أن ادافع عن البلدية بالرغم من تقصيرها واهمالها والذي لا يمكن نكرانه حيث لا يوجد هناك أية رقابة او اية توعية وفي بعض الاحيان تكون هي المسبب الرئيسي مثل فيضانات المياه العادمة بشكل مستمر والتقاعس في اصلاح العطل خصوصا لانها لم تعد المسؤول المباشر عن شبكة المجاري. ولكن المسبب الاساسي لهذا الوضع المأساوي يبقى المواطن العادي. هذا المواطن الذي يردد صباح مساء: "النظافة من الايمان". عن أي نظافة وعن أي ايمان تتكلم يا أخي؟ هل هي نظافة لملابسك وغرف نومك؟ ام هل هي نظافة جسدك بعد الوضوء وقيبل توجهك الى المسجد؟ وعندما تجرى بعض الترميم في بيتك أو اذا اردت التخلص من بعض الاثاث القديم تضع كل شيء في السيارة وتلقيه على حافة الطريق في اقرب مكان لا يراك به أحد؟ هل هذه نظافة ايضا؟ وهل هي ايمان؟ المشكلة وصلت الى اكثر من ذلك بكثير: هناك بعض المقاولين الذين يعملون بالترميمات في المستوطنات المجاورة ويتخلصون من نفاياتهم في اطراف البلدة لعدم وجود الرقابة والعقاب. وهناك من يذبحون الحيوانات في حفلاتهم واعراسهم ويلقون بالفضلات على حافة الطريق وتتبرع الكلاب الشاردة في نشرها على اوسع مساحة ممكنة. هذا بالاضافة للنفايات "المتنقلة" التي يلقيها الفرد من شباك سيارته أو من جيبة أو من فمه (السيجارة بعد تدخينها). ليس الطفل وحده من يلقي بالقنينة الفارغة أو بكيس النايلون الفارغ الى شتى الارجاء بل الكبار ايضا ومن بينهم الامهات والاباء على مرأى من اطفالهم بل وحتى بعض المعلمات اللاتي يخرجن مع تلاميذهن الى النزهات في احضان الطبيعة.
مما لا استطيع فهمه أن هؤلاء الاشخاص الذين يملؤون شوارع وطرقات البلد بالنفايات يتصرفون بشكل نموذجي اذا ما زاروا كرمئيل أو أية مستوطنة إسرائيلية. وكم لاحظت أن البعض يحافظون على نفاياتهم في سياراتهم او في جيوبهم ويفرغونها بعد عودتهم وفي الاماكن العامة. هل من عالم نفسي يستطيع أن يحلل هذه الظاهرة؟ شيء آخر استعصر علي فهمه: من المعروف أن المناطق الصناعية هي اخر المناطق الملائمة للمشي والتنزه وعادة يبتعد الناس الى الطبيعة، والى ابعد ما يكون عن الصناعة والمصانع، ما عدا في سخنين حيث يؤم معظم المتنزهون المنطقة الصناعية التابعة للمجلس الاقليمي مسغاف والمسمي "بارك الصناعة" ويهربون من "الطبيعة" في سخنين. وعندما تسألهم عن السر في ذلك يتذرعون بالنظافة ونقاء الهواء.
النظافة هي اولا وقبل كل شيء هي تربية ووعي. بل هي جزء لا يتجزأ من التربية الوطنية ومن الوعي الوطني. لا يمكن أن ننظف وطننا من موبقات الاحتلال وفي الوقت نفسه نعمل على تلويثة بالقاذورات والنفايات.

No comments: