مثلث
يوم الارض ومثلث برمودا
علي
زبيدات – سخنين
لست
بصدد تقييم نشاطات يوم الارض الاخير،
فالمواقع الاخبارية تعج بالتقيمات من
قبل الزعامات التقليدية وغير التقليدية
ومن قبل العديد من النشطاء.أحاول
في هذه السطور ـأن اجيب على سؤال روادني
كثيرا في السنوات الاخيرة وهو:
لماذا تصر لجنة
متابعة، اللجنة القطرية للسلطات المحلية،
الاحزاب السياسية، الجمعيات والمؤسسات
الاهلية وأوساط واسعة من الجماهير العربية
في البلاد، على ابقاء النشاط المركزي
ليوم الارض حكرا على قرى مثلث يوم الارض؟
للوهلة الاولى تبدو الاجابة على هذا اسوال
سهلة للغاية تعتمد على معطيات اساسية
أهمها، أولا: أحداث
يوم الارض الاول بدأت في هذه القرى وجاءت
كرد مباشر على سياسية الحكومة الاسرائيلية
لمصادرة أراض تابعة لهذه القرى.
ثانيا:
قدمت هذه القرى
معظم الشهداء والجرحى والمعتقلين.
ثالثا:
نجاح النشاط المركزي
في هذه القرى مضمون نظرا للمشاركة
الجماهيرية الواسعة. طبعا
لا يمكن الطعن بهذه المعطيات ولا يمكن
التقليل من أهميتها. ولكن
هذا ليس كل شيء.
من
هنا مرت بخاطري المقارنة بين مثلث يوم
الارض وبين مثلث شهير آخر هو مثلث برمودا.
لا ادعي وجود تطابق
بين المثلثين حسب النظريات الهندسية
ولكني أعتقد بوجود مجال للمقارنة في
جانبين على الاقل، الاول:
في مثلث برمودا
تختفي الطائرات والسفن والاشخاص في ظروف
غامضة وفي مثلث يوم الارض يختفي المضمون
النضالي ليوم الارض وتتلاشى رسالته.
والثاني:
انتشار وسيطرة
الاساطير التي نمت وترعرعت على ارضية
المثلثين الخصبة.
كتبت
قبيل يوم الارض الاخير انه من أجل انقاذ
يوم الارض من اصحابه يجب ان تكون الخطوة
الاولى نقل العمل المركزي من مثلث يوم
الارض. بسبب
ذلك تعرضت لاتهامات كادت ان تصل الى درجة
الخيانة العظمى، اذ كيف يجروء شخص يدعي
الوطنية ويسكن في قلب مثلث يوم الارض على
مثل هذا الكفر؟
وقلت
في حينه وها انا أكرر ما قلته:
من يستقبل وزير
الداخلية جدعون ساعر استقبالا حافلا
ويوكله بحل قضايا الارض ومناطق النفوذ
لا يستحق احتضان يوم الارض.
في
يوم الارض الاول قبل ٣٨ عاما شكل مثلث يوم
الارض خط الدفاع الامامي عن الارض بتصديه
لقوات الشرطة وحرس الحدود.
اليوم، يكاد هذا
المثلث أن يكون غائبا حتى عن خط الدفاع
الخلفي. يوم
الارض عام ٢٠٠٠ كان يوم الارض الاخير الذي
كان ينضح بالروح النضالية عندما هبت
الجماهير لمواجهة بناء معسكر على اراضي
سخنين الجنوبية – الغربية.
في ذلك اليوم سقطت
الشهيدة شيخة ابو صالح وجرح واعتقل
العشرات. كل
صغير وكبير في مثلث يوم الارض يعرف تمام
المعرفة أن مشكلة الارض تتجسد في مواجهة
المجلس الاقليمي مسغاف الذي يلعب دور
الذراع الحكومي لتهويد الجليل.
ولا يمكن ان تعود
الروح النضالية ليوم الارض الا من خلال
مواجهة هذا المجلس.
بعد
أحداث يوم الارض عام ٢٠٠٠ لم يجرؤ احد من
زعامة قرى مثلث يوم الارض حتى على التفكير
بمواجهة مجلس مسغاف. بل
ما حصل كان على العكس تماما:
اصبحت هناك علاقات
حميمة وتعاون تقوم على اساس "حسن
الجوار" بين
سلطات قرى مثلث يوم الارض والمجلس الاقليمي
مسغاف. وعاد
يوم الارض ليوفر منصة لخطابات وشعارات
زعامات لجنة المتابعة والسلطات المحلية.
طبعا،
انه لشرف عظيم لسكان مثلث يوم الارض أن
يكونوا السباقين في تفجير يوم الارض
الاول، واكثر من ذلك: أن
يصبح هذا اليوم يوما وطنيا للشعب الفلسطيني
في جميع أماكن تواجده.
وبسبب ذلك بالضبط
لا يحق لاحد احتكار هذا اليوم.
شهداء يوم الارض
سقطوا دفاعا عن الارض الفلسطينية اينما
كانت. لذلك
يجب أن يكون العمل المركزي ليوم الارض
(المسيرة
والمهرجان) اينما
تكون قضية الارض ملتهبة في الجليل والمثلث
والنقب. وليس
هناك فحسب بل ايضا في الصفة الغربية وغزة.
اذكر انه في احدى
السنوات الماضية تزامن يوم الارض مع
الهجمة الاستيطانية الشرسة على جبل ابو
غنيم وقلت بصوت لامس آذان مغلقة لماذا لا
نشد الرحيل في يوم الارض للدفاع عن هذا
الجبل الفلسطيني؟ وبعدها تصادف يوم الارض
مع الهجمة على سلوان والشيخ جراح في اطار
تهويد القدس، وتساءلت من غير أن أرجو
جوابا: لماذا
لا يكون يوم الارض في القدس؟ الا ندعي
بأنه يوم وطني فلسطيني؟ مقياس نجاح يوم
الارض ليس مرتبطا بعدد المشاركين بالمسيرة
والمهرجان وليس مقترنا بسخونة الخطابات
ولمعان الشعارات، بل بمدى مقدرتنا على
ابقاء شلعته النضالية ملتهبة.
No comments:
Post a Comment