نجاعة
العمل التطبيعي العربي والمردود السياسي
علي
زبيدات – سخنين
لم
أشارك في الندوة التي وصفت بالمهمة والتي
سوف تكشف عن نتائج مثيرة لاستطلاع الرأي
العام الفلسطيني في اسرائيل، والتي نظمها
مؤخرا مركز مدى الكرمل تحت عنوان:
"نجاعة العمل
البرلماني العربي والمردود السياسي".
لذلك كتبت هذه
المقالة بالاعتماد على ما نشر في الصحف
العربية والمواقع الاخبارية وما نشر عنها
في موقع مدى الكرمل نفسه.
النتائج
التي قيل عنها مثيرة والتي كشف النقاب عن
بعضها في سياق الدعوة لهذه الندوة أو
الورشة كما يحب المنظمون تسميتها لم تكن
مثيرة على الاطلاق. ولكن
النتائج المثيرة كانت وما زالت مستورة
بين السطور وخلف النسب المؤوية والتي
غابت عن انظار المشاركين بما فيهم أولئك
الذين نقلوا وقائع هذه الندوة الى صحفهم
ومواقعهم الاخبارية ومنها إلى الجمهور
الواسع.
يعرف
المواطن الفلسطيني العادي ويعي من خلال
تجاربه الحياتية اليومية أن العمل
البرلماني يكاد لا يقدم ولا يؤخر شيء في
حياته العملية. لم
يسهم العمل البرلماني في تحسن وضعه
الاقتصادي، لم يحميه من البطالة والعوز،
لم يوفر له اية فرصة للتطوير قدراته ولم
يحمه لا من عنف السلطة ولا من العنف الذي
يجتاح مجتمعه ابتداء من البيت مرورا
بالمدرسة وحتى الشارع ولم يحميه من
الممارسات والتفوهات العنصرية.
لذلك وصل الى قناعة
أن العمل البرلماني لا يؤثر على السياسة
الحكومية. وبما
أن الاحزاب السياسية العربية ممثلة بأعضاء
الكنيست العرب هم حلقة الوصل بينه وبين
السلطة فمن الطبيعي ان يكون هذا المواطن
نظرة سلبية عن دور أعضاء الكنيست والاحزاب
العربية التي تهرول اليها وعن مجمل العمل
البرلماني. هذا
الواقع ليس بحاجة إلى استطلاع رأي او إلى
ورشات عمل لكشفه لانه مكشوف اصلا ولا
شيئا مثيرا فيه.
اذن
ما هو المثير وراء هذا الزخم الاعلامي
الترويجي الذي رافق هذه الندوة؟ هنا أظن
أن الاجندة السياسية للقائمين على المركز
وللممولين الاجانب من خلف قد لعبت دورا
حاسما وفرضت نفسها ليس فقط على مجريات
الندوة بل على استطلاع الرأي ايضا والذي
من المفروض أن يجرى حسب وسائل بحث اكاديمية
نزيهة. حسب
رأيي جاءت هذه الندوة لتقول لنا:
بالرغم من خيبة
امل المواطن وبالرغم من غضبه وامتعاضه
من هذه السياسة ومن ممثليها فلا بديل هناك
للعمل البرلماني. بل
واكثر من ذلك: هذا
العمل يفوق من حيث اهميتة العمل الشعبي
او التوجه للمحافل الدولية.
٧٣٪ يرون بالعمل
البرلماني (العقيم
والمخيب للآمال) مهم
ومهم جدا بينما ٦١٪ فقط يرون بالعمل
الجماهيري مهم. هذه
النتيجة تنسجم مع وثيقة حيفا التي اصدرها
مدى الكرمل قبل حوالي ٧ سنوات وطواها
النسيان والتي تنص، طبعا بعد الانتقادات
شديدة اللهجة، على ضرورة التصالح مع
الدولة الصهيونية والاعتراف بحق الشعب
"اليهودي
الاسرائيلي" في
تقرير مصيره بفلسطين. هل
ما زال احد يذكر تلك الوثيقة؟ وهذا يذكرني
أيضا بجمعية اخرى هي جمعية "الاهالى"
التي قامت بناء
على طلب الممولين الاجانب قبل حوالي عقدين
من الزمن باغراق المدن والقرى العربية
بلافتات: "خلي
صوتك يقرر". أنا
في الحقيقة لا استطيع ان افهم كيف يعتبر
ثلاثة ارباع (٧٣٪
من ١٢٠٠) المشاركين
في الاستطلاع العمل، الذي لا يعود عليهم
بأية فائدة اقتصادية او اجتماعية ولا
يؤثر او يمكن ان يؤثر مستقبلا على سياسة
الحكومة، أهم وسيلة للعمل النضالي.
القضية
الثانية وهي حسب رأيي الاهم.
وهي التي دفعتني
في الحقيقة الى الكتابة في هذا الموضوع،
ما جاء في استطلاع الرأي:
نسبة الذين قاطعوا
انتخابات الكنيست من منطلقات مبدئية تشكل
٥٪ فقط. هذا
يعني أن ١٨٪ الذين قاطعوا بسبب "الوضع
العام في الدولة لا يشجع على التصويت"
غير مبدئيين، و٢٢٪
الذين قاطعوا "احتجاجا
على أداء الاحزاب العربية"
هم ايضا غير مبدئيين،
و٢٣٪ قاطعوا لأن "الانتخابات
لا تهمهم" هم
ايضا غير مبدئيين. وكأن
المبدئي الوحبد هو من يصرح علنا:
الكنيست الصهيوني
لا يمثلني".
نتيجة
اخيرة مثيرة بالفعل:"٨٩٪
من العرب يؤيدون "القائمة
العربية الواحدة". هكذا
اذن، يريدوننا أن نكون قطيعا، لا تعددية،
لا اختلافات فكرية وسياسية، كلنا رجل
واحد: الى
الكنيست الصهيوني سر.
واخيرا، اسمحوا
لي أن اقول كما يقول المثل الشعبي:
"بلوا استطلاع
الرأي هذا واشربوا ميته".