عام
قديم - فلسطين
جديدة
علي
زبيدات – سخنين
في
الاسبوع الماضي بعد نشر مقالتي بعنوان
"عام
جديد – عالم عربي قديم"
لامني بعض الاصدقاء
واتهمت بالمبالغة في التشاؤم.
فالعالم العربي
قد تغير الى درجة اصبح بالكاد التعرف
عليه، وبالقفز عن الوضع الفلسطيني خصوصا
في المناطق لمحتلة عام ١٩٤٨ .
بالنسبة للتهمة
الاولى، بالعكس لم يكن التشاؤم سوى شكل
عرضي وعابر ومن خلفه يكمن التغاؤل بلا
حدود يبشر بعالم عربي جديد.
لا انكر ان العالم
العربي القديم قد تعرض، خصوصا بالسنوات
الثلاثة الاخيرة، الى العديد من الزلازل
والعواصف السياسية والاقتصادية ولكنه
ما زال صامدا وبشراسة بفضل اموال النفط
وبفضل الاحلاف والتوازنات الاقليمية
والدولية. فالتغيير
موجود في كل يوم بل وفي كل لحظة ولكنه بطيئ
ومتردد واحيانا في الاتجاه الخطأ، ولكنه
مستمر بلا توقف. وقلت
أن أوروبا كانت بحاجة الى أكثر من قرنين
من الزمن لكي تخرج من القرون الوسطى الى
العصر الحديث. فما
قيمة ثلاث سنوات في تاريخ الشعوب؟
بالنسبة
للتهمة الثانية صحيح، لم اتطرق لوضعنا
الخاص في فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ وذلك
لضيق المجال الذي تفرضه حدود مقالة
صحفية،وهذا ما أود التطرق اليه بقدر ما
تتيحه مثل هذه المقالات.
ولكي لا افهم خطأ
واتهم مرة اخرى بالتشاؤم المبالغ فيه
أبدأ بالتفاؤل المبالغ فيه لانه في الحقيقة
لا يوجد هناك مبالغة بالتفاؤل.
لذلك قمت بعكس
عنوان المقالة. العام
الجديد هو استمرار للعام القديم.
لم نشهد في الليلة
الاخيرة من العام الماضي خسوفا للقمر ولم
يشهد اليوم الاول من السنة الجديدة كسوفا
للشمس. العام
الجديد هو مجازا جديد.
ولكي يصبح جديدا
حقا ينبغي شحنه بشكل واع بالتجديدات
والتغيرات الهادفة وهذا بدوره سوف يتمخض
في نهاية المطاف لخلق فلسطين الجديدة.
استقبل
العام القديم الذي حل علينا بقناع جديد
بالترحاب من قبل المؤسسات الرسمية القديمة
وبالتحديد من قبل لجنة المتابعة والاحزاب
السياسية العربية. المصيبة
ان هذه المؤسسات لا تعترف بأن وجودها اصبح
مفارقة تاريخية وانها لا تصلح لأن تكون
اداة للتغيير بل هي اداة لمحاربة التغيير.
بالطبع المؤسسة
الصهيونية هي الاخرى مفارقة تاريخية.
لذلك نرى الوحدة
بين المؤسسات الرسمية من كلا الطرفين هي
الاساس بينما الصراع بينها نسبي ومشروط
واحادي الجانب. وسوف
تقف موحدة في وجه كل تغيير جذري.
تتشبث هذه المؤسسات
بالقديم بكل ثمن وترفض وتقاوم كل تغيير
حقيقي. بالمقابل
يوجد هناك قوى تبادر وتتحمس للتغيير
وتقوده في ظروف صعبة قد تؤدي الى النجاح
وقد تؤدي الى الفشل. ولكن
حتى الفشل قد يكون مقدمة للنجاح مستقبلا
حيث أن قوى التغيير تتجدد على الدوام.
لنأخذ المعركة على
النقب كمثال: لو
بقيت القضية في اروقة الكنيست أو محصورة
في احتجاجات لجنة المتابعة لدى السلطات
لحسمت المعركة منذ زمن طويل ولتم تنفيذ
سياسة التطهير العرقي لفلسطينيي النقب.
ولكن صمود أهل
النقب ودخول قوى التغيير الشبابية الى
الصورة قد قلب المعادلة.
اليوم يتكرر الوضع
نفسه في قرية رمية المهددة بالتطهير
العرقي. تدخل
لجنة المتابعة سابقا تمخض عن اتفاق مجحف
في حق أهالي القرية وتدخلها اليوم جاء
لاجهاض أي مبادرة نضالية قد تعيد لهم بعض
حقوقهم. لذلك
من الضروري أن تنتزع قوى التغيير الشبابية
قيادة نضال اهل الرمية وتسير به الى
النهاية. وغدا
سوف نواجه حملة أخرى لتهويد الجليل فكيف
نواجهها؟ بخطابات اعضاء الكنيست المجترة؟
أم باحتجاحات لجنة المتابعة ورؤساء
السلطات المحلية الخجولة؟
وكيف
سنواجه المخطط الاخير لتصفية القضية
الفلسطينية والذي يسمى كذبا وبهتانا
باتفاقية السلام؟ اتفاقية اذا ما تم
التوصل اليها سوف نتوق حنينا الى اتفاقيات
اوسلو التصفووية. جامعة
الدول العربية ستدخل التعديلات المطلوبة
على مبادرتها بخصوص الاعتراف بالدولة
اليهودية والتبادل السكاني.
والسلطة الفلسطينية
سوف تقبل بذلك بحجة قبول الدول العربية
لها.
الصراع
بين الجديد والقديم، بين التغيير والتشبث
بالقديم، بين التجديد والتقليد، بين
العقل والنقل لم ولن ينتهي.
لكي نتخلص من الزمن
الرديء الذي يلاحقنا عاما بعد عام منذ
قرون، ولكي نبني فلسطين الجديدة نجد
انفسنا واقفين امام تحديين:
الاول، أن نتحرر
ذاتيا من العوامل والقوى التي تشدنا الى
الوراء وعلى كافة الاصعدة.
والثاني، أن نوظف
طاقاتنا الحضارية والانسانية من أجل
تقويض نظام الفصل العنصري الصهيوني.
No comments:
Post a Comment