برافر
وناتان زاده وجهان لعملة واحدة
علي
زبيدات – سخنين
يعيش
مجتمعنا الفلسطيني في الاراضي المحتلة
عام ١٩٤٨ في الآونة الاخيرة في ظل قضيتين
ملتهبتبن كان وسيكون لهما تأثير بالغ ليس
فقط على مجمل علاقتنا بهذه الدولة بل أيضا
على مجمل طبيعة هويتنا الوطنية وانتمائنا
الوطني. القضية
الاولى: محاكمة
شباب شفاعمرو المتهمين بقتل الارهابي
الصهيوني الجندي عيدن ناتان زاده.
القضية الثانية:
مخطط برافر والنضال
من أجل اسقاطه.
أدانت
المحكمة المركزية في حيفا ٤ من شباب
شفاعمرو بمحاولة قتل الارهابي ناتان زادة
بالاضافة الى تهم أخرى أقل خطورة كما
وأدانت الآخرين بتهم "الاعتداء
على شرطي في ظروف خطيرة وعرقلته في تأدية
عمله والاخلال بالنظام الذي يلحق أضرارا".
جميع من له علاقة
بهذا الملف من قريب أو من بعيد كان متأكدا
من حصول هذه الادانة. اسقاط
تهمة القتل مع سبق الاسرار، التي افرحت
بعض الجهات، هي الاخرى كانت متوقعة علي
الاقل بالنسبة للمطلعين على هذا الملف
من قرب.
لا
أريد هنا أن أكرر ما نقوله جميعا بأن هذه
محاكمة سياسية بالدرجة الاولى وليست
قضائية، وأن الدولة تحاكم الضحية ولم
تحرك ساكنا لملاحقة الذين يقفون من وراء
القاتل.. إلى
آخره. كما
لا أشكك هنا برغبة الجميع الصادقة بإغلاق
هذا الملف نهائيا ومنح كافة المتهمين
البراءة الكاملة. ولكن
في الوقت نفسه، حسب رأيي، يوجد هناك ما
يجب انتقاده، ليس من أجل النقد بحد ذاته
بل من أجل التنبيه والتحذير.
النقطة
الاولى التي أود طرحها من منطلق نقدي هي:
هل كان هناك بالفعل
ضرورة لتشكيل لجنة جديدة برئاسة عبدالحكيم
مفيد منبثقة عن لجنة المتابعة العليا
لمتابعة هذه القضية ؟ لم أجد في أي موقع
جوابا عن تساؤلاتي حول كيف ولماذا تم
انشاء هذه اللجنة التي لا يعرف من هم
أعضاؤها سوى الاعضاء انفسهم.
اللجنة، كل لجنة،
لها طبيعة مزدوجة: من
جهة تعبئة وتحريك الجماهير وتوجيه وقيادة
العمل حتى تحقيق اهدافه.
ومن جهة اخرى سيطرة
روح المحافظة والتزمت عليها مما قد يشكل
عائقا في تطور العمل، ومحاولاتها فرض
الوصاية على الجماهير وكبت طاقاتها
المتدفقة. وعندما
تكون طبيعتها الثانية هي الغالبة فمن
المفضل الاستغناء عنها.
وهذه اللجنة كان
من المفضل الاستغناء عنها.
فقد حاول رئيسها
منذ البداية فرض وصايته على الشباب الذين
كانوا يهتفون بحماس وانسجام تام محاولا
التدخل والقاء خطاب طويل.
لا أدري إذا كان
عضو الكنيست باسل غطاس عضوا في هذه اللجنة
أم لا ولكنه كان أول من تكلم الى الجمهور
مبشرا بسقوط تهمة القتل المتعمد عن جميع
الشباب، الامر الذي قوبل بالتصفيق ولكنه
لم يقل شيئا عن تهمة القتل غير المتعمد
وباقي التهم. ولكن
عندما عرف البعض من خلال متابعتهم للمحاكمة
عن طريق تلفوناتهم النقالة وعندما ازداد
اللغط فجاء متكلم آخر وتحدث عن الادانات،
عندها تحول تصفيق الجماهير الى غضب جارف
حاول البعض التعبير عن غضبه بالافتراب
من الحاجز الحديدي الذي اقامته الشرطة.
هنا تدخلت هذه
اللجنة، بالاضافة للقيادات السياسية
المتواجدة، لتهدئة الوضع وتنفيس غضب
الجماهير من خلال تحويل المشهد الى مهرجان
خطابي وما أشطرنا في ذلك.
يقول
لنا المسؤولون انهم يرفضون الادانة ولا
يقبلون بأقل من اغلاق الملفات وإن ما حصل
ليس نهاية الطريق، فهناك الاستئناف
للمحكمة العليا على الادانة وهناك الطعن
بالتهم حتى صدور الاحكام وهناك الاستئناف
مرة اخرى. وهنا
احذر من صفقات الادعاء المختلفة التي
اصبحت السمة السائدة في القضاء الاسرائيلي
بمشاركة النيابة والدفاع ومباركة القضاة
انفسهم. في
هذه القضية لا مجال لأية صفقات ادعاء مهما
كانت الاحكام مخففة. وربما
يجب دراسة امكانية الطعن بنزاهة المحكمة
الاسرائيلية ونزع شرعيتها للنظر بهذا
الملف وحتى التوجه الى القضاء الدولي.
لم
يعد هناك مجال في هذه المقالة لطرح قانون
برافر بكل تفاصيله، وليس هذا هو المطلوب.
فالتفاصيل متوفرة
ويعرفها الجميع. المحاكمة
والقانون صادران عن المؤسسة العنصرية
نفسها وهدفها واحد وهو نزع شرعية وجودنا
على هذه الارض والمضي بعملية التطهير
العرقي التي يتعرض لها شعبنا منذ عام
النكبة حتى نهايتها. نحن
بحاجة الى أيام غضب طويلة من أجل اسقاط
هذا المخطط برمته وليس إلى يوم أو يومين
فقط. ونحن
بحاجة الى ابتداع طرق جديدة للنضال تمكننا
في نهاية المطاف من القاء المحاكمة
والقانون إلى مزبلة التاريخ.