الفن
في خدمة التعايش
علي
زبيدات – سخنين
في
الاسبوع الماضي، بينما كانت جماهير شعبنا
تحيي ذكرى النكبة بكل ما تتضمنه هذه الذكرى
من ماسي وآلام على الصعيدين الفردي
والجماعي، وبينما كانت الشرطة الاسرائيلية
تستعمل هراواتها لتفريق المتظاهرين في
القدس والجيش الاسرائيلي يصوب رصاصه الى
صدور المشاركين في إحياء النكبة من الخليل
وحتى جنين، كانت فرقة الدبكة الشعبية
التابعة للمركز الثقافي البلدي ترقص على
انغام الالحان الشعبية أمام مجموعة من
دعاة التطبيع توافدوا من عدة اماكن في
العالم في افتتاح ما يسمى "
بينالي البحر
المتوسط في سخنين"،
والذي صورته وسائل الاعلام المحلية
والاسرائيلية بأنه أكبر معرض فني في
البلاد يستقطب فنانين من كافة ارجاء
العالم ومن ضمنها (الله
يستر) افغانستان
وايران والجزائر والمغرب.
قال رئيس بلدية
سخنين، الذي اتحفنا لمن يذكر قبل حوالي
شهرين في ذكرى يوم الارض بخطاب وطني ساخن،
خلال كلمته لاستقبال الوفود:
" إننا بوركنا
بمجتمع متعدد الثقافات وهذا المعرض ذو
أهمية بالغة ليس فقط لسخنين بل لقضية
التعايش والسلام في المنطقة".
كان هذا الكلام
الحميم موجها بالاساس الى مدير مفعال
هبايس العنصري المعروف عوزي ديان والذي
لم اسمع عنه أو أقرأ انه مع التعايش أو مع
السلام، على العكس من ذلك، إذ أن جميع
تصريحاته كانت اشد تطرفا من رئيس الحكومة
المقرب اليه نتنياهو ومن وزير خارجيته
السابق ليبرمان، يكفي هنا أن نشير الى
بعضها: الاردن
هي الوطن البديل للفلسطينيين، يجب شن
الحرب على ايران بكل الاحوال، ضرورة تفكيك
سوريا الى دويلات طائفية كمصلحة عليا
لاسرائيل، وغيرها من التصريحات العنصرية
التي يستطيع كل شخص الاطلاع عليها من خلال
بحث بسيط في الشبكة العنكبوتية.
طبعا،
سيقول البعض: لكل
مقام مقال. ولا
يعقل أن يكون خطاب يوم الارض كخطاب استقبال
شخص مسؤول خصوصا عندما يكون تحت تصرفه
ميزانية وتطمع في الحصول على بعضها.
فإذا أصبح صحن
الحمص رمزا للتعايش في هذه البلاد فلماذا
لا تكون الدبكة الشعبية هي الاخرى رمزا
لهذا التعايش؟ وكما قال مدير المركز
الثقافي البلدي: "هذه
النشاطات التي يساهم المركز في رعايتها
تهدف الى التقارب بين الشعوب وقبول الآخر
والتعاون".
تفيد
المعلومات بخصوص هذا المعرض انه سوف يستمر
لمدة ثلاثة أشهر وسوف يستضيف لوحاته
الفنية ما لا يقل عن ١٥ مكانا عاما في
سخنين. وبالاضافة
الي قيمته الفنية ومردوده من المؤسسات
الرسمية فإنه سوف يضع سخنين على الخريطة
العالمية ويشجع السياحة اليها الامر الذي
يعود بالفائدة على العديد من المصالح في
البلد. لا
ادري مدى صحة هذه المعلومات ولكن نظرة
خاطفة على قائمة الجهات الراعية كانت
كافية بالنسبة لي لمقاطعة هذا المعرض
التطبيعي جملة وتفصيلا، يكفي هنا ذكر بعض
هذه الجهات: وزارة
الثقافة والرياضة، وزارة تطوير النقب
والجليل، سلطة تطوير الجليل، سفارة
الولايات المتحدة، السفارة الفرنسية
وغيرها. ولكن
الاخطر من ذلك كله هو نمو وترعرع مؤسسات
محلية يحمل بعضها قناعا وطنيا ولكنها
ليست سوى مؤسسات تطبيعية من حيث جوهرها.
فهذا مركز اتحاد
مدن جودة البيئة لا يعمل في حقيقة الامر
على تلويث البيئة الطبيعية لأرض المل
فحسب بل وعلى تلويث البيئة المجتمعية
أيضا من خلال ادخال المشاريع التطبيعية
ومن ضمنها الخدمة المدنية.
وعلى هذه الطريق
نفسها تسير باقي المؤسسات المشاركة مثل
كلية سخنين لتأهيل المعلمين وهي مركز
جاذب للتطبيع طارد للعلم على مستوى
المنطقة، وجمعية الزهراء لرفع ، وفي
الحقيقة للحط، من مكانة المرأة، ومتحف
التراث الشعبي من أجل التعايش وطبعا يجب
عدم نسيان المركز الثقافي البلدي الذي
يحمل اسم "بايس"
شكلا ومضمونا.
اننا
في مدينة سخنين وفي كل مدينة وقرية عربية
بحاجة الى فن من نوع آخر، بحاجة الى فن
ملتزم يخدم نضال جماهيرنا من أجل الحرية
والكرامة، وليس فنا مأجورا مشوها يخدم
السياسة الحكومية العنصرية.
اننا بحاجة الى فن
نابع عن وعي اجتماعي وسياسي راق يترجم
على ارض الواقع بشكل ابداعي وجمالي يواكب
المسيرة النضالية ويضفي عليها جمالا
ووقارا. يجب
مقاطعة الفن التطبيعي الهابط وفضح مروجيه
وبالمقابل تشجيع الفن التقدمي الملتزم
الذي يخدم قضايا الجماهير.
No comments:
Post a Comment