يحيا
الملك يسقط الرئيس
على
زبيدات – سخنين
لماذا
اجتاحت ثورات ما يسمى بالربيع العربي
الانظمة الجمهورية وقفزت عن الانظمة
الملكية؟. هذا
السؤال يحيريني منذ فترة وهو حسب رأيي
بحاجة الى دراسة شاملة وعميقة وليس الى
مقالة صحفية عابرة. وحسب
رأيي ايضا لم يلق هذا السؤال الاهتمام
الذي يستحقه من قبل المحللين والمثقفين
العرب ومن ضمنهم من يتم تسويقه كمنظر
لثورات "الربيع"
العربي، كالنائب
السابق في الكنيست الاسرائيلي، المفكر
العربي ( كلتا
الصفتين صحيحة) الدكتور
عزمي بشارة. وأنا
لا ادعي هنا بأي حالة من الاحوال تقديم
جوابا شافيا على هذا السؤال وساكتفي بعرض
بعض الخواطر التي من شأنها ان تلقي الضوء
على الموضوع ككل.
في
نهاية سنوات الستين وبالتحديد بعد نكسة
الانظمة العربية التي خاضت حربا مع اسرائيل
ومنيت بهزيمة نكراء، وبعد صعود المقاومة
الفلسطينية والتي سميناها مجازا بالثورة
الفلسطينية إذ سرعان ما عادت الى التلم
العربي الرسمي المرتبط بالنظام الامبريالي
العالمي، تعودنا أن نقسم الدول العربية
المنضوية تحت كنف جامعة الدول العربية
الى قسمين: دول
ملكية تمثل المعسكر الرجعي العميل أو
المتواطىء مع الاستعمار.
ودول جمهورية،
تقدمية ووطنية تقود وإن بدرجات متفاوتة
النضال من أجل انجاز الاستقلال والتحرير
الوطني. ولكن
مع مرور الوقت بدأت الفوارق بين هذين
المعسكرين التي كانت منذ البداية نسبية
ومشروطة تتلاشى وتزول.
وفي كثير من الاحيان
الامر الوحيد الذي بقي يميز بين النظامين
هو الاسم الذي يطلق على رأس السلطة:
جلالة الملك أو
فخامة الرئيس. فإذا
كان رئيس اقوى دولة في العالم (الرئيس
الامريكى) لا
يستطيع أن يحكم آكثر من فترتين، أي ٨
سنوات، كان الروؤساء العرب ينافسون
الملوك: فالقذافي،
عميد الرؤساء العرب تشبث بكرسي السلطة
٤٢ عاما. وبن
على:٣٣
عاما، وحسني مبارك:٣٠
عاما، وعلي عبداللة الصالح:
٣٤ عاما، أما الاسد
(الاب
والابن): ٤٤
عاما. أما
بالنسبة لقضية التوريث ربما تشغل
الجمهوريات أكثر مما تشغل الممالك.
فإذا
كانت الفوارق الجوهرية بين الجمهوريات
والممالك قد تلاشت شكلا ومضمونا فلماذا
تبدو الممالك العربية أكثر استقرارا؟ونراها
تصمد بل وتحتوي كافة الحركات الاحتجاجية؟
يعود
ذلك حسب رأيي إلى ٤ اسباب رئيسية:
١-
مستوى الوعي الثقافي
والاجتماعي والسياسي للشعوب في الدول
الجمهورية، تاريخيا، أعلى بما لا يقاس
من الدول الملكية (بما
فيها الاماراتية والمشيخات).
اذ لا يمكن المقارنة
بين بلد كاد أن يتخلص من الامية وبلد ما
زال معظم ابنائه أميين، بين بلد يعيش نوع
من الحياة الثقافية الحديثة وبلد ما زالت
تهيمن عليه عادات وتقاليد وعقلية القرون
الوسطى. فمن
الطبيعي ان تكون الشعوب التي تتمتع بمستوى
ثقافي متقدم سباقة للتغيير الاجتماعي
والسياسي أيضا.
٢-
لقد منت الطبيعة
على الانظمة الملكية العربية بالنفط
والثروات الطبيعية الاخرى الامر الذى
جلب الغنى الفاحش للعائلات الحاكمة
والاستقرار الاقتصادي لشرائح واسعة من
الشعب، ومنح العائلات الحاكمة القدرة
على رشوة قطاعات واسعة أو تشديد الرقابة
والسيطرة عليها. الوضع
الاقتصادي المتردي لعب دورا حاسما في
اسقاط النظام في تونس ومصر مثلا.
٣-
التركيبة العشائرية
للمجتمع في البلدان الملكية ما زالت هي
التركيبة الحاسمة. لم
يتبلور هناك شعب بالمفهوم الحديث للكلمة
وبالتالي لم ترتق الولاءات العشائرية
الى مستوى الولاء للوطن.
الامر الذي سهل
على العائلات الحاكمة بسط سيطرتها عليها
٤-
الدعم الامبريالي
للبلدان الملكية، خصوصا وان معظم الجمهوريات
العربية قد خاضت صراعا طويلا ومريرا مع
الاستعمار بشكله القديم والحديث.
لذلك نرى الدول
الامبريالية تضع ثفقتها اكثر بالدول
الملكية التي تتمتع ببعض الاستقرار بصفتها
الافضل في خدمة مشاريعها في المنطقة.
من
هنا نشاهد ونلمس التدخلات الامبريالية
التي سرعان ما تعمل على احتواء الحركات
الاحتجاجية، وتحرفها عن مسارها الطبيعي
التقدمي.
حسب
رأيي المهمة الاساسية التي تقع على عاتق
الثوريين العرب هي مهمة مزدوجة:
رفض محاولات الهيمنة
الامبريالية على حركات الاحتجاج العربية
مهما كانت التبريرات والعمل على تطويرها
الى ثورات شاملة، هذا من جهة وتصعيد
التغيرات الثورية في المملكات والمشيخات
العربية من جهة اخرى.
بالطبع هذه المهمة
في غاية الصعوبة والتعقيد ولا يمكن انجازها
في فترة محدودة من الزمن.
ولكن لا بد من
المباشرة في خوضها ولربما الخطوة الاولى
يجب ان تكون باتجاه تقويض اسس جامعة الدول
العربية التي انشأها الاستعمار وما زال
يمتطيها لتصفية القضايا العربية وعلى
رأسها القضية العربية الاولى:
القضية الفلسطينية،
وخصوصا في تحركها الاخير لبيع اجزاء من
فلسطين في المزاد العلني تحت مسمى تبادل
الاراضي ارضاء للكيان الصهيوني.
وفي النهاية لا بد
من اسقاط الملك والرئيس سوية.
No comments:
Post a Comment