المقاطعة
مستمرة
علي
زبيدات سخنين
مقاطعة
انتخابات الكنيست الصهيوني انتهت مع
نهاية هذه الانتخابات.
قاطع من قاطع وصوت
من صوت، اقنعة كثيرة قد سقطت، واقنعة اخرى
قد حلت محلها هنا وهناك.
ولكن هناك حقيقة
دامغة لم يعد ينكرها أحد وهي أن مقاطعة
هذه الانتخابات اصبحت موقفا ثابتا وأصيلا
فرض نفسه على الجميع. لست
هنا بصدد الخوض في هذا الموضوع الذي لاقى
حقه من التحليل والنقاش في الفترة السابقة
ويتنحى الآن جانبا لكي يفسح المجال لمواضيع
لا تقل اهمية وسخونة.
الموضوع الذي اطرحه
هنا والذي يحاول البعض اسدال الستار عليه
مسبقا يتلخص في ان مقاطعة انتخابات
الكنيست كان جزءا وجزءا يسيرا جدا من
حركة مقاطعة شاملة ينبغي على جماهيرنا
خوضها من اجل الحفاظ على هويتها ومن أجل
النضال للحصول على حقوقها المشروعة.
مقاطعة انتخابات
الكنيست تطرح نفسها كل بضع سنوات.
بالمقابل هناك
مقاطعة يجب ان تمارس بشكل دائم ومستمر
وعلى جميع الاصعدة وإلا فإن الأسرلة سوف
تجرفنا جميعا والتطبيع سوف يفقدنا طبيعتنا.
يوجد
هناك حركة عالمية تنمو وتترعرع بشكل
متصاعد تدعو الى مقاطعة دولة اسرائيل
وإلى سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات
عليها. وقد
حققت هذه الحركة العديد من النجاحات التي
ما زالت في بدايتها وخصوصا على الصعيد
الاكاديمي والثقافي والفني.
على جماهيرنا
الفلسطينية أن تكون جزءا لا يتجزء من هذه
الحركة وتأخذ دورها الطبيعي في نشاطاتها
فهي مهيأة لأن تلعب دورا حاسما ومؤثرا في
تطورها. قد
يتحجج البعض بأننا نعيش في ظروف خاصة
تمنعنا من ممارسة مقاطعة الدولة ومؤسساتها
السياسية والاقتصادية ودعما لموقفهم هذا
يسوقون العديد من التبريرات بعضها تبريرات
قوية من السهل أن تنطلي على فئات واسعة
من جماهيرنا. ولكنها
حسب رأيي تبقى في اطار التبريرات.
مما لا شك فيه اننا
نعيش في ظروف خاصة واننا لا نستطيع ان
نقاطع كل شيء لان بعضها يشكل ضرورة وجودية،
ولكن يبقى أمامنا مجال واسع للمقاطعة
يشكل بالنسبة لنا الشكل الرئيسي للصمود
والمقاومة. انا
لا ادعو لتبني مواقف عدمية.
على سبيل المثال
لا يستطيع أحد ان يدعو أما مقاطعة حليب
تنوفا وحرمان رضيعها من غذائه اليومي
ولكنني استطيع دعوتها لمقاطعة لبنة تنوفا
وعشرات المنتجات الاخرى غير الضرورية
والتي يذهب قسم كبير من ريعها لتمويل آلة
الحرب الاسرائيلية. ولا
يستطيع أحد أن يدعو شابا أن يبقى عاريا
أو بدون ملابس لائقة ولكننى استطيع ان
ادعوه لمقاطعة حوانيت كاسترو مثلا.
ولا يستطيع احد أن
يدعو عاملا لمغادرة مكان عمله عند الرأسمالي
الاسرائيلي إذا لم يستطع أن يؤمن له
ولعائلته لقمة العيش.
الفكرة التي اقترحها
هنا هي أن نسأل انفسنا قبل ان نستهلك أو
نقتني أية بضاعة وقبل أن نقوم بأي عمل
يتعلق بالدولة ان نسأل انفسنا هذين
السؤاليين البسيطين: هل
هذا الشيء ضروري؟ وإن كان ضروريا هل يوجد
بديل وطني له؟ وعلى ضوء الاجابة الصريحة
والواعية عن هذين السؤالين ينبغي أن نحدد
سلوكنا وعلاقتنا مع الدولة:
مقاطعة كل ما هو
غير ضروري والاستعاضة عنه بالبدائل
الوطنية. مما
لا شك فيه أن دائرة المقاطعة من قبل جماهير
شعبنا في المناطق المحتلة عام ١٩٦٧ وفي
الشتات ومن قبل شعوبنا العربية والقوى
التحررية والتقدمية في العالم قد تختلف
وتتنوع ولكنها تصب جميعها في مجرى واحد
يشكل استراتيجية رئيسية في النضال من اجل
العودة والتحرير.
بدأ
قبل عدة سنوات تحرك شعبي لمقاطعة منتجات
المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية.
وبالرغم من انتقائية
ومحدودية هذا التحرك إلا انه كان خطوة في
الاتجاه الصحيح.غير
أن لجنة المتابعة العليا التي تبنت هذا
التحرك مع بعض الاحزاب والجمعيات المدنية
كان نشاطها كالعادة موسميا ومشروطا ومحددا
وسرعان ما توقف وتخلت عنه نهائيا.
شخصيا لا أظن ان
هذه المؤسسات مؤهلة لأن تقود في هذه
المرحلة تحركا جديدا في هذا المجال.
والبداية على الاقل
سوف تكون على مستوى فردي واعي ومن ثم يتخذ
منحى شعبي قد يفرض نفسه مستقبلا على
القيادة السياسية.
طبعا،
لن تقف الحكومة الاسرائيلية مكتوفة الايدي
إزاء مثل هذا التحرك. وقد
سنت الكنيست السابقة قانونا عنصريا يجرم
مواقف المقاطعة بكل اشكالها وقد تلجأ
الكنيست الجديدة إلى سن المزيد من القوانين
العنصرية في هذا المجال.
وهنا يكمن التحدي.
لا يمكن مقاومة
الاحتلال بدون مقاطعته أولا.
ولا يمكن مواجهة
الأسرلة والتطبيع بدون مقاطعة الجهاز
الذي ينتجها. ولا
يمكن أخلاقيا وعمليا أن نطالب العالم
بمقاطعة دولة الاحتلال وفرض العقوبات
عليها ونحن نتعامل معها بشكل طبيعي.
من أجل هذا كله على
المقاطعة ان تبقى مستمرة.