Wednesday, January 30, 2013

المقاطعة مستمرة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009989 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009973
المقاطعة مستمرة
علي زبيدات سخنين
مقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني انتهت مع نهاية هذه الانتخابات. قاطع من قاطع وصوت من صوت، اقنعة كثيرة قد سقطت، واقنعة اخرى قد حلت محلها هنا وهناك. ولكن هناك حقيقة دامغة لم يعد ينكرها أحد وهي أن مقاطعة هذه الانتخابات اصبحت موقفا ثابتا وأصيلا فرض نفسه على الجميع. لست هنا بصدد الخوض في هذا الموضوع الذي لاقى حقه من التحليل والنقاش في الفترة السابقة ويتنحى الآن جانبا لكي يفسح المجال لمواضيع لا تقل اهمية وسخونة. الموضوع الذي اطرحه هنا والذي يحاول البعض اسدال الستار عليه مسبقا يتلخص في ان مقاطعة انتخابات الكنيست كان جزءا وجزءا يسيرا جدا من حركة مقاطعة شاملة ينبغي على جماهيرنا خوضها من اجل الحفاظ على هويتها ومن أجل النضال للحصول على حقوقها المشروعة. مقاطعة انتخابات الكنيست تطرح نفسها كل بضع سنوات. بالمقابل هناك مقاطعة يجب ان تمارس بشكل دائم ومستمر وعلى جميع الاصعدة وإلا فإن الأسرلة سوف تجرفنا جميعا والتطبيع سوف يفقدنا طبيعتنا.
يوجد هناك حركة عالمية تنمو وتترعرع بشكل متصاعد تدعو الى مقاطعة دولة اسرائيل وإلى سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها. وقد حققت هذه الحركة العديد من النجاحات التي ما زالت في بدايتها وخصوصا على الصعيد الاكاديمي والثقافي والفني. على جماهيرنا الفلسطينية أن تكون جزءا لا يتجزء من هذه الحركة وتأخذ دورها الطبيعي في نشاطاتها فهي مهيأة لأن تلعب دورا حاسما ومؤثرا في تطورها. قد يتحجج البعض بأننا نعيش في ظروف خاصة تمنعنا من ممارسة مقاطعة الدولة ومؤسساتها السياسية والاقتصادية ودعما لموقفهم هذا يسوقون العديد من التبريرات بعضها تبريرات قوية من السهل أن تنطلي على فئات واسعة من جماهيرنا. ولكنها حسب رأيي تبقى في اطار التبريرات. مما لا شك فيه اننا نعيش في ظروف خاصة واننا لا نستطيع ان نقاطع كل شيء لان بعضها يشكل ضرورة وجودية، ولكن يبقى أمامنا مجال واسع للمقاطعة يشكل بالنسبة لنا الشكل الرئيسي للصمود والمقاومة. انا لا ادعو لتبني مواقف عدمية. على سبيل المثال لا يستطيع أحد ان يدعو أما مقاطعة حليب تنوفا وحرمان رضيعها من غذائه اليومي ولكنني استطيع دعوتها لمقاطعة لبنة تنوفا وعشرات المنتجات الاخرى غير الضرورية والتي يذهب قسم كبير من ريعها لتمويل آلة الحرب الاسرائيلية. ولا يستطيع أحد أن يدعو شابا أن يبقى عاريا أو بدون ملابس لائقة ولكننى استطيع ان ادعوه لمقاطعة حوانيت كاسترو مثلا. ولا يستطيع احد أن يدعو عاملا لمغادرة مكان عمله عند الرأسمالي الاسرائيلي إذا لم يستطع أن يؤمن له ولعائلته لقمة العيش. الفكرة التي اقترحها هنا هي أن نسأل انفسنا قبل ان نستهلك أو نقتني أية بضاعة وقبل أن نقوم بأي عمل يتعلق بالدولة ان نسأل انفسنا هذين السؤاليين البسيطين: هل هذا الشيء ضروري؟ وإن كان ضروريا هل يوجد بديل وطني له؟ وعلى ضوء الاجابة الصريحة والواعية عن هذين السؤالين ينبغي أن نحدد سلوكنا وعلاقتنا مع الدولة: مقاطعة كل ما هو غير ضروري والاستعاضة عنه بالبدائل الوطنية. مما لا شك فيه أن دائرة المقاطعة من قبل جماهير شعبنا في المناطق المحتلة عام ١٩٦٧ وفي الشتات ومن قبل شعوبنا العربية والقوى التحررية والتقدمية في العالم قد تختلف وتتنوع ولكنها تصب جميعها في مجرى واحد يشكل استراتيجية رئيسية في النضال من اجل العودة والتحرير.
بدأ قبل عدة سنوات تحرك شعبي لمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية. وبالرغم من انتقائية ومحدودية هذا التحرك إلا انه كان خطوة في الاتجاه الصحيح.غير أن لجنة المتابعة العليا التي تبنت هذا التحرك مع بعض الاحزاب والجمعيات المدنية كان نشاطها كالعادة موسميا ومشروطا ومحددا وسرعان ما توقف وتخلت عنه نهائيا. شخصيا لا أظن ان هذه المؤسسات مؤهلة لأن تقود في هذه المرحلة تحركا جديدا في هذا المجال. والبداية على الاقل سوف تكون على مستوى فردي واعي ومن ثم يتخذ منحى شعبي قد يفرض نفسه مستقبلا على القيادة السياسية.
طبعا، لن تقف الحكومة الاسرائيلية مكتوفة الايدي إزاء مثل هذا التحرك. وقد سنت الكنيست السابقة قانونا عنصريا يجرم مواقف المقاطعة بكل اشكالها وقد تلجأ الكنيست الجديدة إلى سن المزيد من القوانين العنصرية في هذا المجال. وهنا يكمن التحدي. لا يمكن مقاومة الاحتلال بدون مقاطعته أولا. ولا يمكن مواجهة الأسرلة والتطبيع بدون مقاطعة الجهاز الذي ينتجها. ولا يمكن أخلاقيا وعمليا أن نطالب العالم بمقاطعة دولة الاحتلال وفرض العقوبات عليها ونحن نتعامل معها بشكل طبيعي. من أجل هذا كله على المقاطعة ان تبقى مستمرة.

Wednesday, January 23, 2013

مبروك علينا اليمين؟ ولا مبروك عليكم الوسط واليسار؟

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010635 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010619
مبروك علينا اليمين؟ ولا مبروك عليكم الوسط واليسار؟
علي زبيدات – سخنين
انتهت الانتخابات للكنيست الصهيوني وظهرت النتائج، مع انها حتى كتابة هذه السطور ليست نتائج رسمية، ولكن كافة الموشرات تشير الى انه لن تكون هناك تغييرات ذات اهمية عليها. لكن، وللأسف الشديد، شيء واحد لم ينته بل ازداد حدة ووقاحة وهو الافتراء على المقاطعين لهذه الانتخابات. اول تصريح للنائب محمد بركة سمعته بعد الانتخابات يقول فيه: "انني ابارك للمقاطعين في مجتمعنا الذين سمحوا بمقاطعتهم التصويت أن يكون نتنياهو قائدا لحكومة عنصرية جديدة". أريد هنا كما يقول المثل أن الاحق العيار لباب الدار: لنفرض اننا صوتنا عن بكرة ابينا وأصبح معسكر الوسط- يسار ،الذي يضع بركة وباقي النواب العرب انفسهم في احضانه وينتمون اليه، المعسكر الاكبر وكلف رئيس اكبر حزب فيه بتشكيل الحكومة الجديدة ألن تكون هذه الحكومة الجديدة حكومة عنصرية ايضا؟ لا يتسع المجال هنا للتذكير، واظن لا حاجة للتذكير اصلا بتصريحات لبيد – يحموفيتش -ليفني العنصرية. أم هل يظن النائب بركة ان رئيس الدولة سوف يلقي على عاتقه تشكيل حكومة جديدة خالية من العنصرية؟ بل هل يظن أن من سيكلف بتشكيل الحكومة القادمة سوف يدعوه للانضمام الى حكومته؟ بل واضعف الايمان أن يدعوه للتشاور؟ حتى أن حلم أن تشكل الاحزاب العربية جسما مانعا لن يتكرر مرة اخرى لأن أيام أوسلو السعيدة قد ولت.
اما النائب الطيبي فقد صرح بما معناه أن المقاطعة قد افشلت "انقلاب سياسي تاريخي" في السياسة الاسرائيلية. آسف ايها النائب لم نكن نعلم انك تخطط لانقلاب سياسي تاريخي. ولم نكن نعلم اننا كأفراد مقاطعين لا حول لنا ولا قوة نستطيع أن نقوم بانقلابات من هذا النوع.
انتهت الانتخابات واجتازت الاحزاب العربية نسبة الحسم بعضها حافظ على قوته السابقة وبعضها تقدم قليلا. وجميعها اعتبرت ذلك انتصارا باهرا، بالرغم من "مؤامرات" المقاطعين، ونزلت الى الشوارع تحتفل، ترقص، تغني وتفجر المفرقعات. ولكن قبل ان ابارك للمنتصرين بانتصارهم هذا اود ان اذكرهم ببعض الوسائل الديمقراطية جدا التي بواسطتها حققوا هذا الانتصار: لم تكن الهجمة الشرسة على المقاطعة لم الوسيلة الوحيدة وحسب رأيي لم تكن اسوأ الوسائل. اسوأها كانت حملة التخويف التي شنتها الدعاية الحزبية على الجماهير العربية ببعض العنصريين المنحرفين امثال مارزل وبن آري وبنيت والذين لا يملكون القدرة على تنفيذ شعاراتهم المتطرفة واكتفوا بنشاطات مسرحية وبالمقابل السكوت عن العنصريين المقنعين وغير المقنعين الموجودين في اليمين "المعتدل" ومعسكر الوسط واليسار. كما تم تجنيد معظم وسائل الاعلام العربية للترويج ونشر وتعميم هذا الجو من الرعب عند كافة فئات الشعب. هذا بالاضافة الى تجنيد جامعة الدول العربية التعيسة التي لا تملك من امرها شيئا لكي تساهم في هذا المجهود الدعائي. والنداءت اليائسة المثيرة للشفقة التي اطلقها رؤساء الاحزاب في الساعات الاخيرة من يوم الانتخابات. وأخيرا السطو على اصوات المقاطعين قبيل اغلاق صناديق الاقتراع.
جرت العادة ان نصنف الاحزاب العربية الثلاث حسب ثلاثة تيارات: الاشتراكي والقومي والاسلامي وكلنا يعرف ويشاهد التناقضات بين الاسامي والمسميات . وجرت العادة أن نصنف الاحزاب الصهيونية ايضا الى ثلاثة تيارات أو معسكرات: اليمين والوسط واليسار. وهذا ليس كل شيء ففي معسكر اليمين هناك اليمين المتطرف واليمين المعتدل واليمين الديني والعلماني. وفي معسكري الوسط واليسار يختلط الحابل بالنابل. اليوم يسار وغدا وسط والعكس بالعكس. لا يوجد هناك سور الصين بين هذه المعسكرات ولا حتى حدود واضحة المعالم. والخلافات الطفيفة بينها تتلاشى كلما اقتربت من القضية الفلسطينية حتى تصبح اجماعا قوميا صهيونيا: لا عودة للاجئين لا تراجع عن الا ستيطان لا سلام عادل يعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. الاحزاب العربية تعتبر نفسها جزءا من معسكر اليسار الصهيوني المتحالف مع معسكر الوسط وهذا من حقها. وتلوم المقاطعين بان عدم تصويتهم يقوى اليمين ويضعف اليسار.
قلنا منذ البداية ان مقاطعتنا للانتخابات موجه ضد الكنيست الصهيوني العنصري ككل، كأعلى مؤسسة تشريعية للكيان الاستيطاني الذي جلب النكبة على شعبنا. واذا تضررت الاحزاب العربية من المقاطعة فليس لكونها احزابا عربية بل لكونها جزءا من هذه المؤسسة. وأخيرا احيي كل من قاطع هذه الانتخابات واتمنى للذين لم يقاطعوا ان يعيدوا النظر بموقفهم خصوصا وان المرحلة القادمة سوف تزودهم بما يكفي من الدروس والعبر لذلك.

Wednesday, January 16, 2013

الماركسية والنضال البرلماني

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000013603 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000013587
الماركسية والنضال البرلماني
علي زبيدات – سخنين

على هامش النقاش حول مقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني أطاح بي أحد كوادر الحزب الشيوعي الاسرائيلي القيادية، من ضمن ما أطاح بي، تهمة المزاودة على ماركس وانجلز ولينين الذين شاركوا في النضالات البرلمانية ودعوا العمال للتصويت للاحزاب العمالية المشاركة في الانتخابات البرلمانية. في نهاية النقاش توصلت الى قناعة أن الكوادر القيادية في هذا الحزب تفهم تعاليم ماركس وانجلز ولينين بصدد النضال البرلماني وبصدد قضايا أخرى تتعلق بالدولة والثورة بشكل مشوه وانتهازي. بينما تكاد الكوادر الاخرى (شبيبة، اعضاء عاديون، مصوتون) لا تعرف شيئا عن التراث الماركسي – اللينيني الثوري ومن ضمنه النضال البرلماني بالذات.
في نقاشي مع هذا الكادر القيادي حاولت أن ابسط الامور الى ابعد الحدود واشرح له بأن نقاشي معه لا يدور اصلا حول مقاطعة البرلمان او عدم مقاطعتة بشكل مطلق. ولكن نقاشي يدور حول: متى وأين وكيف نقاطع البرلمان ومتى وأين وكيف نشارك في البرلمان. لا يوجد هناك مقاطعة مطلقة ولا يوجد هناك مشاركة مطلقة. أنا اتكلم عن مقاطعة الكنيست الصهيوني الذي قام مع قيام الدولة الصهيونية بعد عام النكبة وقاد هذه الدولة الى يومنا هذا على انقاض الشعب الفلسطيني وعلى أرضه المحتلة. وهنا يكمن اصلا جوهر النظرية الماركسية – اللينينية التي تطالبنا بتحليل وفهم الواقع الملموس من حيث المكان والزمان ومجمل العوامل السياسية والاجتماعية والاخلاقية وغيرها المؤثرة فيه.
لكن هذا ليس كل شيء. لنعود الى نضالات ماركس وانجلز ولينين البرلمانية والتي يستطيع كل واحد ان يفسرها على هواه وبشكل انتقائي. في خضم النضالات العمالية في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تبلور تياران سرعان ما تبين انهما يقفان على طرفي نقيض، الاول: التيار الاصلاحي، الذي يرى بالنظام البرلماني الحديث طريقة تتيح للطبقة العاملة تحقيق الاشتراكية من خلال انتخاب اغلبية اشتراكية ومن ثم الانتقال للاشتراكية بصورة سلمية وتدريجية من خلال استغلال مؤسسات الدولة البرجوازية التي يتم الاستيلاء عليها. ومن هنا اصبحت الحملات الانتخابية وعمل أعضاء البرلمان هي أهم عناصر الممارسة الاشتراكية.
الثاني: التيار الثوري الذي تمسك بضرورة الاطاحة الثورية بالدولة البرجوازية على أساس النضال الجماهيري للطبقة العاملة. واذا كان هناك ثمة نضال برلماني فعليه أن يخدم هذه الاستراتيجية لا أن يحل مكانها. وتنحصر وظيفته على تنظيم، تثقيف وتحريض الجماهير العمالية.
نما التيار الاول وترعرع في أوساط الارستقراطية العمالية والنقابية التي ظهرت في الدول الرأسمالية المتطورة وخصوصا في المانيا وساد في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني وكان برنشتاين المنظر الاول لهذا التيار ومن ثم تلاه كاوتسكي، وفي روسيا تزعمه المناشفة وبليخانوف وبعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي عام ١٩٥٦ انضمت كافة الاحزاب الشيوعية التي تدور في فلك التحريفية السوفييتية الجديدة بالاضافة للشيوعية الاوروبية الى هذا التيار.
بالمقابل شن ماركس، انجلز، لينين وروزا لوكسمبورغ نضالا شرسا ضد هذا التيار ودفاعا عن الثورة العمالية. بدأها كارل ماركس في رسالته الشهيرة الى كومونة باريس وحذرها من العودة الى البرلمانية وحثها للقضاء على جهاز الدولة البرجوازية والاستعاضة عنه بدولة عمالية. وبعد موت ماركس تابع انجلز دفاعه عن التيار الثوري وعارض قرارات مؤتمر ايرفورت التي روجت للعمل البرلماني فقط. وبالرغم من الضغوطات التي مارسها قادة الحزب الاشتراكي الديموقراطي الالماني الذي حقق بعض الانتصارات على الصعيد البرلماني على انجلز إلا انه بقي مخلصا للخط الثوري بالرغم من بعض التنازلات التي قدمها لقادة الحزب من أجل الحفاظ على وحدته. التغيير الجذري جاء بعد وفاته انجلز عام ١٨٩٥ وتولي كاوتسكي القيادة وتعاونه مع برنشتاين. هنا برز لينين بكل عظمته الثورية وقرر الانفصال تماما ونهائيا عن التيار الانتهازي واصر على ضرورة بناء الحزب العمالي الثوري الطليعي الذي يقود الطبقة العاملة في معركتها الطويلة حتى تحقيق انتصار الثورة. في ايام المد الثوري عام ١٩٠٥ نادى لينين بمقاطعة الدوما الاولى التي شكلها القيصر لامتصاص نقمة الطبقات الكادحة. ولكنه نادى بالمشاركة في الدوما الثانية عندما دخل المد الثوري الى مرحلة من التراجع والركود. ولكنه، في زمن المقاطعة والمشاركة، بقي مخلصا للثورة العمالية ولم ير أبدا بالنضال البرلماني بديلا للثورة الاشتراكية أو طريقا يوصل اليها. وقد شن لينين حملة شعواء ليس فقط ضد المناشفة بل ضد الانتهازية داخل الحزب البلشفي نفسه. إذن انها لفرية عظمى اتهام ماركس، لينين وانجلز بالبرلمانية المبتذلة التي نشهدها اليوم. لو كان لينين شيوعيا فلسطينيا لرفض أولا وقبل كل شيء أن يسمي حزبه "الحزب الشيوعي الاسرائيلي" وهو الذي شن حربا فكرية ليس فقط على المنظمات الصهيونية بل ايضا على منظمة البوند الاشتراكية والمناهضة للصهيونية وذلك بسبب انتهازيتها وتنازلاتها لصالح البرجوازية اليهودية. ولكان نادى بمقاطعة انتخابات الكنيست الذي يمثل دولة استيطانية عنصرية. تصوروا أن المانيا احتلت روسيا وشكلت حكومة عميلة ودعت الى اقامة برلمان متعاون مع الاحتلال الاجنبي، هل سيدعو لينين العمال الروس، ولا أقول طليعتهم الثورية، الى المشاركة في انتخابات لمثل هذا البرلمان؟ السؤال الذي يجب أن يسأله كل فلسطيني وعلى ضوء جوابه أن يحدد موقفة من انتخابات الكنيست الصهيوني: هل دولة اسرائيل هي دولة احتلال في الضفة الغربية وغزة فقط؟ أم انها دولة احتلال في كافة فلسطين؟.
وأخيرا، بهذه المناسبة ولضيق المجال، أذكر فقط أن هذه المفارقة لا تنطبق على الحزب الشيوعي الاسرائيلي وجبهته الديمقراطية فحسب بل وعلى التيار الذي يطلق على نفسه التيار القومي حينا والحركة الوطنية احيانا ويريد أن يحقق المشروع القومي، الذي حمل رايته القائد الخالد جمال عبد الناصر والذي مات وهو يقول: لا مفاوضات، لا صلح ولا الاعتراف بإسرائيل، من خلال الكنيست. أو الحركة الاسلامية التي ترفع شعار: الاسلام هو الحل. وتريد اعادة الخلافة الاسلامية ولكن من خلال الكنيست الصهيوني. صدق من قال: هذا هو زمن الشقلبة.

Wednesday, January 09, 2013

الجولة الاخيرة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011681 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011665
الجولة الاخيرة
علي زبيدات – سخنين
دخلت الاحزاب الاسرائيلية (العربية واليهودية) جولتها الاخيرة من دعايتها الانتخابية، جولة الدعاية المرئية والمسموعة. هل سوف تقنع هذه الجولة من عجزت اليافطات الضخمة التي لوثت البلاد بطولها وعرضها والمهرجانات والاجتماعات والبيانات عن اقناعه؟ لا ادري. قصدي أشك في مقدرة هذه الجولة بأن تقنع احدا من غير المقتنعين أصلا، وزشك ان كان هناك أصلا من يتابع هذه الجولة ويتنقل من قناة الى اخرى ومن محطة اذاعية الى اخرى. كل ما اعلمه ويعلمه غيري أن هذه الجولة حسب مصادر رسمية تكلف المواطن دافع الضرائب ٥٠ مليون شيكل. انا شخصيا اكتفيت بمشاهدة بعض مقاطع الفيديو التي تطغى على الشبكات الاجتماعية ويتداول نشطاء الاحزاب نشرها حتى اصبح من المستحيل لكل متصفح للشبكة العنكبوتية أن يتحاشاها. من هذه المقاطع "العينات" وبدون الخوض والغوص بالتفاصيل والتحاليل توصلت الى نتيجة مفادها انه لا حدود للغباء والاستهبال المغلف بقناع من الابداع المزيف والإثارة الرخيصة. وقررت أن انتظر حتى تنتهي الانتخابات بكل ما لها وما عليها لكي استطيع أن افكر بشيء آخر واكتب عن موضوع آخر.
أظن أن الاحزاب المشاركة قد قالت كل ما تريد أن تقوله للناخب. وقال المقاطعون (وأنا واحد منهم) كل ما يريدون أن يقولوه أيضا. تبقى طبعا الفوارق في امكانيات توصيل ما قيل الى جمهور الهدف. واضح ان هذه الفوارق تصب في صالح الاحزاب. ولكن حسب رأيي لا الاحزاب التي تريد أن تقنع المواطن بالتصويت لها ولا المقاطعون الذين يريدون منه الانضمام الى صفوفهم هما العنصر الحاسم في خيار الناخب. هناك عناصر عديدة تلعب دورا في هذا الخيار اهمها مستوى الوعي والتفكير والبيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية للمواطن.
احدى "التهم" التي واجهتني في هذه الفترة تقول بأن كل كتاباتي وانتقاداتي اللاذعة موجهة حصرا ضد القوائم العربية الثلاث المشاركة في الانتخابات وتكاد لا تتطرق الى الاحزاب الصهيونية. فبينما تضع القوائم العربية هذه الاحزاب هدفا لسهامها. أي أن الاحزاب العربية تهاجم في دعايتها الانتخابية الاحزاب الصهيونية المتطرفة بينما يهاجم المقاطعون الاحزاب العربية. هذه نظرة مبسطة وخبيثة تقلب حقائق الامور. لا يهاجم المقاطعون الاحزاب العربية لانها تهاجم الاحزاب الصهيونية بل لانها في نهاية المطاف تشاركها اللعبة نفسها هذه اللعبة التي تعود على شعبنا بالضرر والضياع. لا تكفي الديماغوغية وقلب الحقائق بهذا الشكل هنا لتشويه موقف المقاطعة. نحن نقول بكل بساطة : الكنيست ليست برلماننا وليست منبرنا وليست ملعبنا. لا يوجد لدينا ما نبحث عنه في هذا المكان. نحن لا نرفض ما تقوله الاحزاب الصهيونية من "البيت اليهودي" مرورا بحزب شاس وحتى حزب الليكود بيتنا والعمل وباقي الاحزاب الصهيونية فحسب بل نرفض هذه الاحزاب نفسها. بينما ترفض الاحزاب العربية ما تقوله الاحزاب الصهيونية ولكنها تتقبلها كشريك مسيطر عليها. نعم، نحن بحاجة الى برلمان يجمعنا ويوحدنا، ولكن الكنيست لا يمكن أن تكون هذا البرلمان. فقط برلمان فلسطيني يستطيع ذلك. ونحن بحاجة الى منبر نعبر من فوقه عن آمالنا ونسكب عليه آلامنا. ولكن هذا المنبر لا يمكن أن يكون في الكنيست التى قامت من أجل وأد آمالنا وتعميق جروحنا وآلامنا. ونحن بحاجة الى ملعب نمارس في باحاته اللعبة الديمقراطية ولكن الكنيست لا يمكن ان تكون هذا الملعب التي يمنع اكثر من ٨٠٪ من شعبنا الاقتراب منه.
لا يوجد نقاش بيننا وبين "البيت اليهودي" حضاري أو غير حضاري. من يريد مناقشة هذا الحزب وغيره من الاحزاب الصهيونية فليذهب الى الكنيست وليعتلي منبرها ويقصفه بحمم من الكلمات الملتهبة والشعارات الرنانة. ومن ثم ينتهي النقاش فيفوز "البيت اليهودي" بمستوطنة جديدة ويفوز المناقش العربي بشهادة تقدير للمواطنة الصالحة تصدرها الدوائر الرسمية المدعومة دوليا وعربيا. ما يوجد بيننا وبين "البيت اليهودي" وباقي الاحزاب الصهيونية هو صراع تناحري وليس نقاشا من أي نوع كان. نعم نحن نناقش بشراسة، أي نهاجم الاحزاب العربية لانها تجر جماهير شعبنا الى الكنيست وتقدمها، عن قصد او غير قصد، بنية حسنة او غير حسنة، لقمة سائغة، ضحية على مذبح الكنيست.
وأخيرا اوجه سؤالا واحدا للاحزاب العربية وبالاحرى لجماهيرنا التي وقعت في شباك هذه الاحزاب، ولا انتظر جوابا وليحتفظ كل واحد منا بجوابه لنفسه: هل نحن حقا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني كما نقول ونتدعي؟ ولماذا لا تطالب الاحزاب العربية بمنح اهالي القدس والجولان المحتلين والملحقين حق التصويت للكنيست؟ فقد يؤمن ذلك لها مقعدين أو اكثر في الكنيست؟ فإذا كان التصويت للكنيست جيد بالنسبة لنا فلماذا لا يكون جيدا بالنسبة لاخواننا في القدس والجولان؟ هل نحن شعب واحد؟

Wednesday, January 02, 2013

كاسك يا كنيست - طيرتلنا السكرة يا تجمع

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009442 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009426
كاسك يا كنيست - طيرتلنا السكرة يا تجمع
علي زبيدات – سخنين
كتبت في الاسبوع الماضي وفي الاسبوع الذي سبقه أن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" سعيد في قرارة نفسه من قرار لجنة الانتخابات بشطب النائبة حنين الزعبي لأنه يعرف كما نعرف جميعنا وهذا ما حصل بالفعل أن المحكمة العليا سوف تعيدها معززة مكرمة الى "المعركة" الانتخابية. وقلت أيضا أن قرار الشطب وشطب الشطب قدم للتجمع دعاية مجانية تفوق من حيث قيمتها الانتخابية مترجمة إلى أصوات جميع المهرجانات والبيانات والنشاطات التي قام بها التجمع والتي سيقوم بها حتى موعد الانتخابات. وقد قوبل هذا الكلام بالتأييد من البعض والرفض والاستنكار من البعض الآخر الذي اعتبره مجرد تجني وتطاول ومزايدة. على كل حال لكل واحد رأيه وهو حر بهذا الرأي. اليوم وبعد اسدال الستار على المشهد الاول من مسرحية الشطب وشطب الشطب (على وزن قانون الديالتيك: النفي ونفي النفي) تبين لي أن موقفي السابق كان ناقصا وأحادي الجانب. فقد تكلمت عن الدعاية المجانية التي منحتها المؤسسة الاسرائيلية للتجمع وقد غاب عن ذهني أن أذكر المقابل: الدعاية المجانية التي قدمها التجمع بدوره للمؤسسة الاسرائيلية. إذ هل يعقل أن تقدم دولة اسرائيل مساعدة هكذا بالمجان؟لوجه الله أو من أجل عيون حنين؟ طبعا لا. نحن نعلم أن جميع خطوات الدولة مدروسة جيدا ومخططة باتقان ولا تبقى للصدفة أي دور. أنا لست من أنصار نظرية المؤامرة ولا أدعي أن الامر تم بالتعاون وبالتنسيق المسبق بين الطرفين ولكن موضوعيا النتيجة واحدة: التجمع الوطني الديمقراطي رد الجميل للمؤسسة الاسرائيلية أضعافا مضاعفة.
قبل الشطب كنا متفقين أن العنصرية تنخر في هذا الكيان من رأسه وحتى أخمص قدميه وهية صفة طبيعية ملازمة له. وكنا نقول ونحاول أن نقنع العالم أجمع أن الديمقراطية الاسرائيلية هي ديمقراطية مزيفة ومشوهة وتكفي الجرائم التي ارتكبتها مؤخرا لوضعها في مصاف اعتى الانظمة همجية وطغيانا. ولكن بعد عملية شطب الشطب سحب هذا البساط من تحت أقدامنا. أصبح الكلام اليوم: صحيح، يوجد هناك عنصرية وعنصريون في دولة إسرائيل وهذا في حد ذاته أمر طبيعي فهل يوجد في العالم أجمع دولة أو مجتمع يخلو من العنصرية ومن العنصريين؟ وأن دولة إسرائيل بالرغم من ممارساتها غير الديمقراطية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وحصار غزة واعمال القتل والدمار والعقاب الجماعي فإنها تبقى الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط والدليل علي ذلك ليس وجود برلمان وانتخابات، فهناك العديد من الدول لديها برلمانات وتجري بها انتخابات ولكنها لا تصنف ديمقراطية حسب المعايير الغربية، بل بسب قرار مثل الذي اتخذته المحكة العليا بالغاء الشطب بالرغم من إننا نعلم جميعا أن قضاة هذه المحكمة التسعة الذين اتخذوا القرار لا يقلون من حيث العنصرية عن أعضاء لجنة الانتخابات المركزية. لم يعد بالامكان التوجه الى الرأي العام العالمي والطعن بديمقراطية دولة اسرائيل. لا أريد هنا أن اتهم الاحزاب العربية انها بمجرد مشاركتها في انتخابات الكنيست الصهيونية تمنح الشرعية لهذا الكيان ، الذي حصل على شرعيته الدولية منذ عام ١٩٤٧ وعلى شرعيته فلسطينيا بعد اتفاقيات أوسلو وعربيا مع ما يسمى بمبادرة السلام العربية ولكني أتهم الاحزاب العربية المشاركة في الانتخابات بأنها تزود دولة إسرائيل يوميا "بالدلائل" و"البراهين" على ديمقراطيتها وهذه بدورها تستغلها في سياستها الخارجية.
على كل حال، لتنعم الاحزاب العربية بالديمقراطية الاسرائيلية المجبولة بدم شعبنا على مر الاجيال. وليرفع فرسان الكنيست كأس هذه الديمقراطية وليشربوا نخبها في أروقة الكنيست وفي الاستراحات بين جلسة وأخرى وبين سن قانون عنصري وآخر. وليسكروا حتى الثمالة وليثرثروا كما يطيب لهم حول تحصيل الحقوق ومحاربة العنصرية. بالنسبة لي طارت السكرة وضاعت الفكرة. لا تهمني بعد اليوم اذا كانت اسرائيل دولة ديمقراطية أو ثيوقراطية واذا كانت الصهيونية حركة عنصرية أم حركة تحرر وطني. كل ما أعرفة انه حتى لو كانت هذه الدولة جنة الله على الارض لكفرت بها.