الحرب
القادمة والجبهة الداخلية
علي
زبيدات – سخنين
أظن
كان ذلك دافيد بن غوريون الذي قال:
“كل الشعب جيش وكل
البلاد جبهة". في
تاريخ البشرية، هذا التعريف ينطبق،
بالاضافة إلى دولة إسرائيل الحديثة، على
مدينة اسبارطة الاغريقية فقط.
هذه المدينة التي
دارت عليها الدوائر ودمرت أخيرا جراء
الحروب المتواصلة التي شنتها.
نحن، الفلسطينيون
الذين لم يرحلوا في عام النكبة لسنا جزء
من الشعب الاسرائيلي أو الشعب اليهودي،
لا أدري أية تسمية هي الاصح، وبالتالي
نحن لسنا جزءا من الجيش.
وبالرغم من وجودنا
في البلاد إلا أننا نعامل وكأننا غير
موجودين. وإذا
صدقنا أن هدف الجبهة الداخلية هو تقوية
"المناعة
الوطنية" وانقاذ
حياة المواطنين، من خلال اعدادهم وتحضيرهم
قبل المواجهات المسلحة وإنقاذ حياتهم
خلالها وتأهيلهم وتقديم المساعدة لهم
بعدها، فنجد أنفسنا نحن الفلسطينيون خارج
هذه الاهداف. فإذا
كان الوسط اليهودي يشكو من نقص في الملاجئ
ومن جاهزيتها ونجاعتها، فماذا نقول نحن؟
أين هي الملاجئ؟ وطبعا لا ضرورة هناك
للكلام عن إنقاذ حياة أثناء المواجهات
ولا تأهيل والدعم بعدها.
يبدو أن دولة
إسرائيل لم تكتف بالحروب التي شنتها مند
قيامها وحتى اليوم فها هي تحضر وتشد العالم
الى حرب جديدة قد تكون من أشرس وأخطر
الحروب التي عرفها عالمنا منذ الحرب
العالمية الثانية. حتى
اليوم شنت إسرائيل حروبها خارج حدودها
ولكن منذ الحرب على لبنان عام ٢٠٠٦ ومن
ثم على غزة اقتربت الحرب ليس فقط الى
الحدود ولكن الى ما وراء الحدود أيضا.
وبالرغم من كونها
حروبا متواضعة إلا أن قيادة الجبهة
الداخلية قد فشلت فشلا ذريعا في أول إختبار
لها. لقد
أجمعت كافة الاطراف الاسرائيلية من حكومة
ومعارضة أن الجبهة الداخلية لم تكن جاهزة
وأن صواريخ حزب الله اجتازت الحدود ووصلت
الى حيفا، وكادت صواريخ غزة البدائية أن
تصل الى تل أبيب. وأثناء
المواجهات لم تستطع هذه القيادة انقاذ
حياة شخص كما فشلت بعد المواجهات في تقديم
التأهيل والدعم اللازم للمتضررين.
حتى أن بعض الجنود
الذين خاضوا المعارك تذمروا من الاهمال
على شاشات التلفزيون الاسرائيلي نفسه.
في
المدة الاخيرة نشهد تمارين مختلفة ومكثفة
تقوم بها قيادة الجبهة الداخلية من ضمنها
محاولة انقاذ مواطنين في حالة تعرضهم
لهجوم صاروخي وفحص نظام توجيه رسائل نصية
عبر الهواتف الخلوية وغيرها.
تعامل هذه القيادة
مع الفلسطينيين لم يتغير، فما زال هذا
التعامل في اطار كونهم "طابورا
خامسا".
أنا
شخصيا أتفهم هذا التعامل على عكس اعضاء
الكنيست العرب ورؤساء السلطات المحلية
ولجنة المتابعة العليا الذين ينادون ببسط
مظلة قيادة الجبهة الداخلية لكي تشمل
الوسط العربي. ليس
لأننا نمتلك المناعة ضد الصواريخ والاسلحة
الكيماوية أو أننا نهوى الموت ولكن لأننا
لا نشعر بأننا جزء من هذه الحرب أو هذا
الجيش أو هذا الشعب ولا يوجد ما نربحه من
هذه الحرب. فبينما
كان سكان تل أبيب يبحثون عن الملاجئ عندما
سقطت بعض الصواريخ بالقرب منها في حرب
الخليج كان الفلسطينيون يصعدون الى سطوح
المنازل للتفرج عليها.
وبينما كان معظم
سكان الجليل يرحلون جنوبا في عام ٢٠٠٦
كان الفلسطينيون يتفرجون عليها حتى عندما
كانت تسقط عليهم وتوقع الخسائر بين صفوفهم.
أظن
أن بن غوريون كان صادقا في مقولته آنفة
الذكر، وربما اليوم أكثر من أي يوم مضى:
كل الشعب جيش.
والجيش بالطبع
يريد الحرب. وكل
البلاد جبهة ولكن ما العمل عندما تكون
البلاد بطولها وعرضها أصغر من مدى صاروخ
صغير؟ مع تعيين افي ديختر وزيرا لقيادة
الجبهة لداخلية تكتمل الدائرة من العسكريين
الاسرائيليين المهوسين بالحرب:
وزير الحرب براك
وقائد الجيش بني غينس يترأسهم رئيس الحكومة
بمنيامين نتياهو، ليس فقط ضد ايران بحجة
احباط برنامجها النووي بل أيضا في المنطقة
بأسرها مما يهدد السلام العالمي.
هل وصلت اسبارطة
العصر الحديث الى نهاية طريقها؟
No comments:
Post a Comment