هل
حقا قضية الاسرى قضية وطنية؟
علي
زبيدات – سخنين
الجواب
القاطع على هذا السؤال أو التساؤل من قبل
كافة الحركات والتنظيمات واللجان في
فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ والمحتلة عام
١٩٦٧ وفي الشتات: إن
هذه القضية هي قضية وطنية من الدرجة الاولى
وتأتي مباشرة بعد حق اللاجئين بالعودة
الى ديارهم. قد
يكون ذلك صحيحا على الصعيد النظري وعلى
صعيد الشعارات ولكن هل هو صحيح على الصعيد
العملي أيضا؟ جوابي بدون تحفظ أو تردد هو
لا ثم لا.
كتبت
عن هذا الموضوع منذ حوالي سنة، في أعقاب
تحرير بعض أسرى الداخل نتيجة لصفقة التبادل
وقلت حينذاك: إذا
كانت قضية الاسرى قضية وطنية فيجب التعامل
معها بصفتها كذلك. أي
يجب استقبال الاسرى والاحتفاء بهم وتهنئتهم
من خلال مهرجان وطني عام يتم الاعداد له
ودعوة كل من يحب أن يشارك مسبقا.
وهذا الامر مهم
جدا وضروري جدا للأشخاص غير المؤطرين في
حزب معين أو لجنة معينة ولكنه في الوقت
نفسه يهتم بقضية الاسرى كقضية وطنية.
مثل هذا العمل لم
يتم. حيث
هرولت الوفود الحزبية ووفود اللجان
المختصة من مكان الى مكان مستقبلة أو
مهنئه هذا الاسير المحرر أو ذاك.
وكانت هذه الوفود
تشكل من خلال الالتزام الحزبي او المعرفة
الشخصية وتظهر على الملأ بعد النشر عنها
في جريدة أو في موقع إخباري.
كم
كنت أود أن أكون من بين المستقبلين للأسيرة
المحررة ورود قاسم في الطيرة أو على الاقل
تقديم التهاني لها فيما بعد.
وانتظرت حتى أشاهد
دعوة عامة صادرة عن مؤسسة وطنية للقيام
بهذا الواجب. انتظرت
طويلا ولكني لم أشاهد دعوة من هذا النوع،
كل ما شاهدته هو أن وفد التجمع يضم فلان
وفلان وفلان يهنئ الاسيرة المحررة، ووفد
من أبناء البلد يضم فلان وفلان يهنئ
الاسيرة المحررة، ووفد من الحركة الوطنية
الاسيرة يضم فلان وفلان يهنئ الاسيرة
المحررة، وبيان صادر عن عضو الكنيست
الفلاني أو الحركة الفلانية، وقس على هذا
المنوال. وماذا
يفعل من لا ينتمي الى هذا الحزب أو تلك
اللجنة؟ يبقى يتيما ويكتفي بتهنئة صامتة
صادرة من القلب. ما
الذي سيحدث لو قامت هذه الاحزاب واللجان
الفئوية بتوجيه دعوة عامة لربما وجد هناك
من ليس لديه الحساسية وينظم لوفد معين
حتى وإن لم يكن ملتزما في إطاره؟ ولا اريد
أن أسأل لماذا لا تقوم هذه الاحزاب واللجان
بالتنسيق فيما بينها للقيام بهذه المهمة
السهلة وهي الاحتفاء أو تقديم التهنئة
لأسير محرر بعيدا عن الفؤية؟ ولا أريد أن
أسأل: أين
دور لجنة المتابعة واللجنة المختصة
بالاسرى المنبثقة عنها؟
قبل
أيام تم تحرير الاسير السياسي صدقي المقت
من الجولان المحتل بعد أن أمضى في غياهب
السجون الاسرائيلية أكثر من ربع قرن
وتكررت الصورة نفسها.
هرولت الوفود من
كل حدب وصوب مستقبلة ومهنئة وبقي المواطن
البسيط متخلفا عن الركب وذلك فقط لأنه لا
ينتمي الى هذا الحزب أو تلك الجمعية.
قد
يقول البعض: يمكن
القيام بهذا الواجب بشكل فردي أو على صعيد
مجموعة من الاصدقاء. طبعا
هذا ممكن، ولكني أقول أنه يجب التعامل مع
قضية وطنية بشكل وطني. هل
من المستحيل أو حتى من الصعب تشكيل وفد
على صعيد وطني يصعد الى الجولان مهنئا
بغض النظر عما يجري من مآسي في سوريا وبغض
النظر من موقف الاسير المحرر أو الطرف
المهنئ من هذه الاحداث؟.
عندما
نقول أن قضية الاسرى في السجون الاسرائيلية
هي قضية وطنية فإننا نعني من ضمن ما نعنيه
أن هويته كأسير تغلب هويته كعضو في تنظيم
معين أو كمن يتخذ هذه المواقف السياسية
أو تلك ويعتنق هذه الايديولوجية أو تلك.
عندما يكون المناضل
أسيرا سياسيا يواجه المحتل ليس يوميا
فحسب بل في كل لحظة من حياته يصبح انتماؤه
التنظيمي ثانويا فلا فرق هناك بين الاسير
الذي ينتمي لفتح أو حماس أو الشعبية أو
أي تنظيم آخر أو كان من غير تنظيم بتاتا.
فقط بعدما يتحرر
ويصبح التزامه التنظيمي هو الغالب يمكن
التعامل معه كعضو في هذا التنطيم أو ذاك.
يقول
المثل: أن
يجيء الشيء متأخرا خير من ألا يأتي بتاتا.
أرجو أن نرتقي في
تعاملنا مع الاسرى الى المستوى المطلوب
ليس في حالة استقبالهم وتهنئتهم فحسب بل
في مناصرتهم والوقوف الى جانبهم في
نضالاتهم المستمرة أيضا.