حتى لا نضع العربة أمام الحصان – التحرير أولا
بمناسبة "مؤتمر حيفا الثاني من أجل العودة والدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين التاريخية"
علي زبيدات – سخنين
قبل سنتين وخلال مؤتمر حيفا الأول نشرت مقالا نقديا ليس لمؤتمر حيفا فحسب بل للمؤتمرات العديدة حول موضوع الدولة الواحدة "الديمقراطية العلمانية" التي أصبحت موضة رائجة في السنوات الأخيرة وعقدت في أكثر من مكان على كرتنا الأرضية. قلت حينذاك وأكرر قولي الآن: إن أشد ما يزعجني في هذه المؤتمرات هو الغياب الصارخ لمفهوم التحرير، وكأن هذه الدولة الديمقراطية العلمانية سوف تنزل علينا مرة واحدة من السماء أو إنها سوف تأتي في أعقاب مفاوضات تتمخض عن اقتناع الأطراف المتنازعة ورعاية ما يسمى بالشرعية الدولية أو نتيجة لشيء لا نعرف كنهه. المهم ألا تكون نتيجة لنضال تحريري. وقلت حينها وها أنا أكرر ما قلته: أن اللغو صات التي طالت مفهوم الدولة الواحدة تفوق اللغوصات التي طالت حل الدولتين بكافة أشكاله.
خلال تصفحي للمقالات المنشورة في موقع المؤتمر، بالرغم من تنويه المنظمين بأن المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن آراء القيمين على المؤتمر، وجدت تأكيدا لشكوكي وهو أن تغييب مفهوم التحرير لم يأت من باب الصدفة بل هو مقصود ومدروس. يقول أحد الكتاب، طبعا بعد حديثه عن ضرورة التشبث بالحقوق غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير:" تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني هو شعار صائب ولكن طرحه بصورة مباشرة قد يعطيه البعض مضمونا عنصريا لأنه يلغي الآخر".
لم يعلمنا الكاتب من هو هذا البعض. ومن حقي أن أخمن أن هذا البعض يتكون من "يساريين" إسرائيليين وأجانب وبعض المثقفين الفلسطينيين والعرب. ومن يقول أن تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني يلغي الآخر؟ إن ترديد مثل هذه الفرية إن دل على شيء فإنه يدل على جهل مطبق بكل ما يعنيه التحرير.
ينشر الموقع أيضا مقالا مطولا من ثلاثة فصول للفتحاوي نبيل شعث عندما كانت فتح تطرح شعار: "الدولة الفلسطينية الديمقراطية" أي قبل أن تصبح حزب سلطة أوسلو. وفي المقدمة يعتبر المنظمون ما جاء في مقال شعث من أفضل ما كتب حول الدولة الديمقراطية الواحدة. يبدو إنه غاب عن المنظمين السياق التاريخي والسياسي لطرح فتح وباقي التنظيمات وخصوصا الجبهة الديمقراطية لشعار الدولة الفلسطينية الديمقراطية في بداية السبعينات. في ذلك الوقت طردت التنظيمات الفلسطينية من الأردن وفي الوقت نفسه كانت مبادرة روجرز لفرض تسوية أمريكية في أوجها وبالرغم من رفض هذه المبادرة فلسطينيا إلا أن قبول مصر وباقي الدول العربية لها أثرت سلبيا على المقاومة الفلسطينية هذا بالإضافة إلى سلبيات إدارة الصراع مع النظام الأردني. هذه الأجواء قوت تيارا انتهازيا داخل منظمة التحرير تزعمته قيادات متنفذة في فتح والجبهة الديمقراطية التي عملت كمقاول تنظيرات يساري في خدمة اليمين الفلسطيني. وتم طرح الدولة الفلسطينية الديمقراطية كبديل عن شعار تحرير كامل التراب الوطني عن طريق الكفاح المسلح. طبعا لم يجر التنازل عن التحرير والكفاح المسلح مرة واحدة. كان لا بد من تهيئة الأجواء الملائمة لذلك في أوساط الجماهير الفلسطينية التي كانت تحلم في ذلك الوقت بأن منظمة التحرير سوف تقود مسيرة العودة والتحرير. من هنا بدأ التقهقر التدريجي ولكن المثابر. في البداية كان الكفاح المسلح الشكل الرئيسي للنضال ولكن ليس الشكل الوحيد. بعد ذلك بدأت الأشكال الأخرى (السياسية) تسيطر على الساحة رويدا رويدا. ووصلت ذروتها عام 1974 عندما تبنت منظمة التحرير في الدورة الثانية عشر للمجلس الوطني الفلسطيني ما يسمى بالبرنامج المرحلي حيث تخلت المنظمة رسميا ليس فقط عن تحرير كامل التراب بل وعن الدولة " الفلسطينية الديمقراطية" أيضا. ورفعت شعار السلطة الوطنية في أية بقعة تنسحب منها إسرائيل. لم يكن تبني هذه الإستراتيجية في عام 1974 من باب الصدفة، في أعقاب حرب رمضان 1973 نشطت الدبلوماسية الأمريكية برئاسة وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بمفاوضات للتوصل إلى تسوية سلمية بين إسرائيل والدول العربية بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية وبدأت محادثات مؤتمر جينيف. وجلس ياسر عرفات ينتظر الدعوة للانضمام إلى هذا المؤتمر، لكن الدعوة لم تصل أبدا. فقط بعد 4 سنوات أي في عام 1988 وصلت الدعوة إلى عرفات أن يلقي خطابا أمام مؤتمر الأمم المتحدة في جينيف وهناك قدم اعترافا رسميا ليس فقط بقراري 242 و 338 اللذان رفضا فلسطينيا بل أيضا "الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود" بعد ذلك أصبحت الطريق إلى مدريد وأسلو معبدة والنهاية معروفة للجميع.
في مقاله المذكور يقول نبيل شعث:" إن الدولة الديمقراطية هي نتيجة للتحرير وليس بديلا عنه" أريد أن أرى فلسطينيا واحدا يصدق مثل هذا الكلام. ما الهدف من الاستفاضة في الكلام عن الدولة الوهمية ولا كلمة واحدة عن التحرير؟ وهو كباقي اليمين الفلسطيني واليسار الانتهازي في ذلك الوقت لا يريد أن يناقش طبيعة نظام هذه الدولة إذا كان اشتراكيا أم لا، ففي مرحلة التحرير الوطني الديمقراطي يكون من السابق لأوانه مناقشة هذه الأمور. أما مناقشة الدولة قبل التحرير فليس سابقا لأوانه.
إذن نحن هنا لسنا أمام حل "الدولة الديمقراطية العلمانية" الواحدة، بل نحن أمام "حلول" الدولة الديمقراطية العلمانية. فهناك دولة إسراطين التي طرحها القذافي والتي قال عنها رجا إغبارية أحد منظمي هذا المؤتمر خلال زيارة ليبيا:"إننا نشارك رؤية العقيد في حل الدولة الواحدة". وهناك طبعا الدولة ثنائية القومية بصيغها المختلفة التي تصب هي أيضا في رؤيا الدولة الواحدة، وإن ننسى فإننا لا ننسى "دولة جميع مواطنيها". وطبعا يجب ألا نستخف إذا ما قام أحد زعماء إسرائيل العلمانيين من تلامذة بن غوريون وقال: " تريدون دولة ديمقراطية علمانية؟ ها هي دولة إسرائيل أحلى دولة "ديمقراطية علمانية"، وخصوصا وإنه يوجد لدينا الآن تلميذ فلسطيني لبن غوريون يريد أن يقيم هو الآخر دولة "ديمقراطية علمانية" في بعض جيوب الضفة الغربية.
مع إن المؤتمر يدور من حيث الأساس حول حل الدولة الواحدة مقابل حل الدولتين إلا أنه يبدأ بحق العودة. وذلك حسب تحليلي نوع من الدفاع المسبق في حالة تجرأ أحد واتهم شعار الدولة "الديمقراطية العلمانية" بالتفريط بحق العودة.
يطرح حق العودة في هذا المؤتمر كما في كافة المؤتمرات المشابهة كتنفيذ لقرار الأمم المتحدة 194 والذي من مسؤولية ما يسمى بالشرعية الدولية والمجتمع الدولي تنفيذه. ولا يطرح أبدا كبرنامج نضالي يكون جزءا من عملية تحرير شاملة. بعد 62 عاما عجزت الأمم المتحدة عن تنفيذ هذا القرار المتواضع الذي يهضم الكثير من حقوق اللاجئين وهي ستبقى عاجزة إلى أمد غير مسمى عن تنفيذه. الواقع يقول لن تكون هناك أية عودة من غير تحرير وقد آن الأوان أن نتخلص من أي شك في ذلك.
أنا شخصيا لست من مؤيدي "الدولة " بشكل عام. ولكن إذا كان لا بد من الدولة، أنا مع الدولة التي ناضل من اجلها كارل ماركس: ديكتاتورية البروليتاريا الثورية التي تقضي على الدولة كدولة.
This is my personal blog. you can find here news from Palestine, news from Sakhnin and all kind of ideas and projects which I like to share with all of you. I'll be glad to read your comments.
Tuesday, May 25, 2010
Tuesday, May 18, 2010
فزاعة يهودية الدولة
فزاعة يهودية الدولة
علي زبيدات – سخنين
تشدد الحكومات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة عبر مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ووسائل إعلامها على شعار: "يهودية الدولة" الصهيونية. فقد طلبت الحكومة الإسرائيلية من الفلسطينيين والعرب أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية. ومن ثم جعلت هذا المطلب شرطا مسبقا للعودة إلى طاولة المفاوضات وصرحت في مناسبات عديدة أنه لا يمكن التوصل إلى وضع حد للنزاع وإلى التوصل لاتفاقية سلام بدون الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية دولة إسرائيل.
بالمقابل عارضت الأطراف الفلسطينية الرسمية، وبالأساس غير الرسمية، الاعتراف بهذا المطلب. وفي وقت قصير نسبيا أصبحت هذه المسألة المعركة الأساسية على الساحة السياسية والفكرية في المنطقة. وبذلك نجحت إسرائيل مرة أخرى في تغييب الجوهر الحقيقي لطبيعة الصراع وجره إلى متاهات وهمية لا مخرج منها.
يقول المثل: مجنون رمى حجرا في بئر ومائة عاقل لم يقدروا على إخراجه.
على عكس هؤلاء السياسيين والكتاب والمفكرين، الفلسطينيين والعرب، ممن نواياهم حسنة وقصدهم شريف، وممن ساءت نيته وركب موجة المعارضة لمآرب ذاتية، الذين انبروا لشرح وتفسير لماذا يجب أن نعارض تعريف إسرائيل لنفسها بأنها دولة يهودية، حسب رأيي أنه من الطبيعي أن تقوم دولة إسرائيل بتعريف نفسها من حين إلى آخر لكي تذكر من نسى أو تناسى "كدولة يهودية". وإلا؟ ماذا تريدون منها؟ أن تعرف نفسها كدولة عربية؟ حتى تتسابقوا إلى ضمها لجامعة الدول العربية؟ أم تعرف نفسها كدولة إسلامية وتنضم إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وتأخذ على عاتقها حماية القدس والأقصى؟
هل كانت إسرائيل أصلا من قبل دولة غير يهودية؟ بالرغم من إشكالية هذا المصطلح المبهم الذي يعرف كنهه حتى أصحابه؟ ولكن هذا نقاشا آخر سوف أتطرق إليه فيما بعد. حتى قبل قيامها قبل 62 سنة عندما كانت لا تزال فكرة أو مشروعا غير مكتمل كانت الحديث يدور عن "دولة يهودية".
وعد بلفور ينص بصريح العبارة عن:" إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".لاحظوا أن اليهود الذين ينتمون إلى دول مختلفة وقوميات مختلفة يتم الحديث عنهم كشعب واحد بحاجة إلى وطن. بينما وفي هذا الوعد نفسه يتم الحديث عن الشعب الفلسطيني الساكن في وطنه كطوائف لا غير.
وبعد ذلك في صك الانتداب عام 1922 ذكر أيضا بصريح العبارة أن الهدف من الانتداب هو تهيئة الظروف لتنفيذ وعد بلفور، أي لإقامة "الوطن القومي للشعب اليهودي" في فلسطين. وفي عام 1947 نص قرار التقسيم على إقامة دولتين الأولى دولة يهودية وقد قامت، توسعت، نمت وترعرعت حتى أصبحت غولا يهدد أمن وسلامة العالم، والأخرى عربية أجهضت وهي جنين. وعندما قرأ دافيد بن غوريون ما يسمى وثيقة الاستقلال الإسرائيلية قال: "إننا نقيم الدولة اليهودية، دولة إسرائيل".
إذن لماذا يعود حكام إسرائيل اليوم إلى طرح هذا الموضوع القديم الجديد؟ وما هو جوهر هذه الدولة اليهودية التي يريدوننا أن نعترف بها؟. كنت أتوقع أن يقوم أحد المفكرين العرب بطرح هذا السؤال على ليبرمان مثلا والمشكوك أصلا بيهوديته؟ أو على الرابي عوفاديا يوسف. هل المقصود دولة تقوم على أساس الشريعة اليهودية وقوانين التوراة؟ ولكن معظم اليهود المتدينين المتشبثين بالشريعة اليهودية يعارضون الصهيونية وبعضهم لا يعترف بدولة إسرائيل أصلا. أم المقصود دولة دينية قومية؟ وهل بالإمكان تحويل الدين إلى قومية بهذه السهولة؟ أم المقصود دولة اليهود الذين ما زال أكثر من 60% منهم يسكنون خارج فلسطين المحتلة؟ أم المقصود دولة صهيونية علمانية تتقنع بالديانة اليهودية؟
قبل أن تأتوا إلينا بمطلب الاعتراف بيهودية الدولة نرجوكم أن تعودوا إلى بيوتكم وتتفقوا أولا: من هو اليهودي؟ ومن هو الشعب اليهودي؟ وما هي طبيعة هذه الدولة اليهودية؟
يجمع الكتاب الفلسطينيون أن الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل يعني التخلي نهائيا عن حق عودة اللاجئين. وكأن الدولة قبل ذلك كانت تفتح ذراعيها لاستقبال اللاجئين. ويؤكدون أن الهدف الثاني من هذه الدعوة هو تنفيذ عملية الترانسفير في حق من تبقى في فلسطين بعد نكبة 1948، وكأن دولة إسرائيل أخفت في يوم من الأيام أحلامها ونواياها في ترحيل من تبقى من الفلسطينيين.
لتعرف دولة إسرائيل نفسها كما تشاء. هذا لن يغير من طابعها الكولونيالي الاستيطاني حتى بمقدار وزن جناح بعوضة.
القضية ليست الاعتراف بيهودية الدولة أو عدم يهوديتها. حتى لو أعلنت غدا أنها دولة كل مواطنيها أو دولة ثنائية القومية أو دولة عربية أو إسلامية. القضية هي عدم الاعتراف بهذه الدولة تحت كل التسميات وحسب جميع التعريفات. لأن جميع التسميات وجميع التعريفات لا تمس جوهرها الاستيطاني الزائل.
علي زبيدات – سخنين
تشدد الحكومات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة عبر مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية ووسائل إعلامها على شعار: "يهودية الدولة" الصهيونية. فقد طلبت الحكومة الإسرائيلية من الفلسطينيين والعرب أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية. ومن ثم جعلت هذا المطلب شرطا مسبقا للعودة إلى طاولة المفاوضات وصرحت في مناسبات عديدة أنه لا يمكن التوصل إلى وضع حد للنزاع وإلى التوصل لاتفاقية سلام بدون الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية دولة إسرائيل.
بالمقابل عارضت الأطراف الفلسطينية الرسمية، وبالأساس غير الرسمية، الاعتراف بهذا المطلب. وفي وقت قصير نسبيا أصبحت هذه المسألة المعركة الأساسية على الساحة السياسية والفكرية في المنطقة. وبذلك نجحت إسرائيل مرة أخرى في تغييب الجوهر الحقيقي لطبيعة الصراع وجره إلى متاهات وهمية لا مخرج منها.
يقول المثل: مجنون رمى حجرا في بئر ومائة عاقل لم يقدروا على إخراجه.
على عكس هؤلاء السياسيين والكتاب والمفكرين، الفلسطينيين والعرب، ممن نواياهم حسنة وقصدهم شريف، وممن ساءت نيته وركب موجة المعارضة لمآرب ذاتية، الذين انبروا لشرح وتفسير لماذا يجب أن نعارض تعريف إسرائيل لنفسها بأنها دولة يهودية، حسب رأيي أنه من الطبيعي أن تقوم دولة إسرائيل بتعريف نفسها من حين إلى آخر لكي تذكر من نسى أو تناسى "كدولة يهودية". وإلا؟ ماذا تريدون منها؟ أن تعرف نفسها كدولة عربية؟ حتى تتسابقوا إلى ضمها لجامعة الدول العربية؟ أم تعرف نفسها كدولة إسلامية وتنضم إلى منظمة المؤتمر الإسلامي وتأخذ على عاتقها حماية القدس والأقصى؟
هل كانت إسرائيل أصلا من قبل دولة غير يهودية؟ بالرغم من إشكالية هذا المصطلح المبهم الذي يعرف كنهه حتى أصحابه؟ ولكن هذا نقاشا آخر سوف أتطرق إليه فيما بعد. حتى قبل قيامها قبل 62 سنة عندما كانت لا تزال فكرة أو مشروعا غير مكتمل كانت الحديث يدور عن "دولة يهودية".
وعد بلفور ينص بصريح العبارة عن:" إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين".لاحظوا أن اليهود الذين ينتمون إلى دول مختلفة وقوميات مختلفة يتم الحديث عنهم كشعب واحد بحاجة إلى وطن. بينما وفي هذا الوعد نفسه يتم الحديث عن الشعب الفلسطيني الساكن في وطنه كطوائف لا غير.
وبعد ذلك في صك الانتداب عام 1922 ذكر أيضا بصريح العبارة أن الهدف من الانتداب هو تهيئة الظروف لتنفيذ وعد بلفور، أي لإقامة "الوطن القومي للشعب اليهودي" في فلسطين. وفي عام 1947 نص قرار التقسيم على إقامة دولتين الأولى دولة يهودية وقد قامت، توسعت، نمت وترعرعت حتى أصبحت غولا يهدد أمن وسلامة العالم، والأخرى عربية أجهضت وهي جنين. وعندما قرأ دافيد بن غوريون ما يسمى وثيقة الاستقلال الإسرائيلية قال: "إننا نقيم الدولة اليهودية، دولة إسرائيل".
إذن لماذا يعود حكام إسرائيل اليوم إلى طرح هذا الموضوع القديم الجديد؟ وما هو جوهر هذه الدولة اليهودية التي يريدوننا أن نعترف بها؟. كنت أتوقع أن يقوم أحد المفكرين العرب بطرح هذا السؤال على ليبرمان مثلا والمشكوك أصلا بيهوديته؟ أو على الرابي عوفاديا يوسف. هل المقصود دولة تقوم على أساس الشريعة اليهودية وقوانين التوراة؟ ولكن معظم اليهود المتدينين المتشبثين بالشريعة اليهودية يعارضون الصهيونية وبعضهم لا يعترف بدولة إسرائيل أصلا. أم المقصود دولة دينية قومية؟ وهل بالإمكان تحويل الدين إلى قومية بهذه السهولة؟ أم المقصود دولة اليهود الذين ما زال أكثر من 60% منهم يسكنون خارج فلسطين المحتلة؟ أم المقصود دولة صهيونية علمانية تتقنع بالديانة اليهودية؟
قبل أن تأتوا إلينا بمطلب الاعتراف بيهودية الدولة نرجوكم أن تعودوا إلى بيوتكم وتتفقوا أولا: من هو اليهودي؟ ومن هو الشعب اليهودي؟ وما هي طبيعة هذه الدولة اليهودية؟
يجمع الكتاب الفلسطينيون أن الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل يعني التخلي نهائيا عن حق عودة اللاجئين. وكأن الدولة قبل ذلك كانت تفتح ذراعيها لاستقبال اللاجئين. ويؤكدون أن الهدف الثاني من هذه الدعوة هو تنفيذ عملية الترانسفير في حق من تبقى في فلسطين بعد نكبة 1948، وكأن دولة إسرائيل أخفت في يوم من الأيام أحلامها ونواياها في ترحيل من تبقى من الفلسطينيين.
لتعرف دولة إسرائيل نفسها كما تشاء. هذا لن يغير من طابعها الكولونيالي الاستيطاني حتى بمقدار وزن جناح بعوضة.
القضية ليست الاعتراف بيهودية الدولة أو عدم يهوديتها. حتى لو أعلنت غدا أنها دولة كل مواطنيها أو دولة ثنائية القومية أو دولة عربية أو إسلامية. القضية هي عدم الاعتراف بهذه الدولة تحت كل التسميات وحسب جميع التعريفات. لأن جميع التسميات وجميع التعريفات لا تمس جوهرها الاستيطاني الزائل.
Wednesday, May 12, 2010
لماذا مقاطعة منتوجات المستوطنات فقط؟
لماذا مقاطعة منتوجات المستوطنات فقط؟
علي زبيدات – سخنين
في الأسبوع الماضي بشرنا بانطلاقة حملتين محلتين لمقاطعة بضائع المستوطنات. الحملة الأولى تحت رعاية وبمبادرة جمعية "إعمار" المقربة للحركة الإسلامية الشمالية والثانية تحت اسم:"الهيئة الشعبية لمقاطعة منتوجات المستوطنات" بمبادرة ومشاركة لجان شعبية، جمعيات أهلية، نشطاء سياسيين وشخصيات مستقلة. وقبلها بعدة أيام أصدرت السلطة الفلسطينية قانونا يدعو إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات.
لا أريد هنا التطرق إلى مسألة ما إذا كنا بحاجة إلى حملتين منفصلتين تم الإعلان عنهما بفارق يوم واحد من نفس المدينة ولكن من فندقين مختلفين في الوقت الذي يدعو الجميع إلى الوحدة وتضافر الجهود بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والمشارب السياسية حتى أن القيمين على هاتين الحملتين لم ينفوا إمكانية وضرورة توحيد الجهود، ولكن متى؟ وكيف؟ الله أعلم.
المسألة الأهم من ذلك حسب رأيي هي: لماذا الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات فقط؟ وليس إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية بشكل عام؟ عندما ذكرت هذه الفكرة في اجتماع حملة "قاطع" سارع عدد من المشاركين بوصمها بالمزايدة أو باللاواقعية أو بكلتا الصفتين معا.
في الاجتماع المذكور وزع المبادرون قائمة بحوالي 600 بضاعة يتم إنتاجها في مستوطنات الضفة الغربية والجولان والتي ينبغي مقاطعتها. معظم هذه البضائع غير معروفة وغير ضرورية على صعيد الاستهلاك العادي اليومي. في المقابل يوجد هناك العديد من البضائع الإسرائيلية التي لا تنتج بالضرورة في مستوطنات الضفة والجولان، يستعملها المستهلكون يوميا وتوظف أرباح هذه البضائع لدعم الاحتلال وتستعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لقتل أبناء شعبنا، فلماذا الدعوة إلى مقاطعة مثل هذه المنتوجات تكون من باب المزايدة أو الخيال بينما مقاطعة منتوجات لا يعرفها إلا القليلون هي موقف وطني واقعي ومتزن؟
كما قال سكرتير لجنة المتابعة في الاجتماع المذكور وأنا أوافقه الرأي: "إن الهدف من مقاطعة منتوجات المستوطنات هو موقف سياسي، المهم هنا هو ثقافة المقاطعة".
إذن الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات ليست دعوة بريئة. فوراء الأكمة ما وراؤها. بالنسبة للقانون الذي أصدرته السلطة الفلسطينية النوايا واضحة. من يأخذ مصداقية هذا القانون على محمل الجد بينما التنسيق الأمني بين السلطة ودولة إسرائيل يجري على قدم وساق؟ وكيف تدعو إلى مقاطعة بضائع الاستيطان وفي الوقت ذاته يقوم رئيس الحكومة الفلسطينية بإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة على الأراضي المحتلة؟ ما الفرق بين دعوة السلطة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات وبين دعوتها إلي مقاطعة المفاوضات إذا لم يتوقف الاستيطان؟ السلطة تستعمل كلا الأمرين كورقة ضغط ولكنها ورقة متهرئة لا تضغط حتى على ذبابة. فها هي تعود إلى المفاوضات بشكل أسوأ من السابق. إذا كانت 20 سنة من المفاوضات المباشرة لم تحقق شيئا فماذا سوف تحقق المفاوضات غير المباشرة؟
يؤكد المقاطعون المحليون أن حملة المقاطعة التي أطلقوها لا علاقة لها بحملة السلطة الفلسطينية. هذا ممكن. ولكن هذا لا يقول إنها لا تخدم الغاية السياسية ذاتها. يبدو أن المجتمعين في الناصرة قد نسوا أن يخبروا المشاركين بأن قائمة بضائع المستوطنات التي تم توزيعها قد تم إعدادها من قبل منظمات إسرائيلية ليبرالية تدعو هي الأخرى إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات. وقد أعلن بعض قادة هذه المنظمات عن نيتهم في حضور والمشاركة في جلسة الكنيست التي سوف تناقش هذا الموضوع.
هذه المنظمات الإسرائيلية اليسارية تقول بصراحة ما يجبن عن قوله مقاطعونا. فهذا أوري افنيري يصرح أن منظمته "غوش شالوم" تقوم منذ عشرة أعوام بمقاطعة والدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات. لأن هذه المستوطنات تكرس الاحتلال وتمنع إقامة الدولة الفلسطينية وتعمل على استمرار الصراع بالإضافة إلى إنها تخرق القوانين الدولية التي تمنع الدولة المحتلة من بناء مستوطنات مدنية على أراضي محتلة.
إذن، الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات تنسجم مع الموقف السياسي الذي يطالب بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وجاءت لتخدم هذه الغاية. فلماذا لا يبق مقاطعونا الحصوة ويقولنها صراحة مثل "غوش شالوم"؟
بالمقابل الدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية تنسجم مع الموقف السياسي الذي يقول أن دولة إسرائيل كلها دولة استيطان وأن منتوجاتها كلها منتوجات مستوطنات ويجب العمل على مقاطعتها.
وبما أن الهدف في نهاية المطاف هو سياسي تثقيفي ورفع مستوى الوعي عند المستهلكين فما المانع من الدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية؟ أنا هنا لا أدعو إلى تجويع المواطنين أو حرمانهم من السلع الضرورية للحفاظ على جودة عالية من حياتهم اليومية. يوجد هناك العديد من البضائع التي يمكن الاستغناء عنها كما يوجد البديل لها من المنتوجات الوطنية المحلية.
كبداية أرى انه من الضروري إتباع الخطوات التالية كوسيلة لرفع مستوى الوعي عند المستهلكين:
أولا: محاربة ثقافة المجمعات التجارية (الكانيونات). لقد أصبحت هذه الأماكن مركز حياتنا ليس للتسوق فحسب بل للترفيه والتسلية وقضاء الأعياد والمناسبات السعيدة. معروف أن أصحاب الشركات الكبيرة في هذه المجمعات هي التي تسيطر على اقتصاد الدولة وسياستها، فلماذا لا نبدأ بمقاطعتها؟. في الفترة الأخيرة نحاول إدخال هذه الثقافة إلى مدننا وقرانا حتى أصبح مقياس تطور المدينة العربية إذا كان فيها " كنيون" أم لا. وغني عن القول إننا بذلك ندخل ونروج للشركات الإسرائيلية.
ثانيا: ما زال تشجعينا للبضائع الوطنية المحلية تشجيعا كلاميا، لأننا نعاني من تأثير الدعاية الاستهلاكية التي تروج للبضائع الإسرائيلية. فلبنة "تنوفا" أفضل من لبنة طمرة وطحينة "تلما" أجود من طحينة "الأمير" وسلطات "شمير" أفضل من سلطات "الشام" الخ. حركة مقاطعة تحترم نفسها يجب أن تقاوم عملية مسح الدماغ هذه.
ثالثا: يجب تشجيع التسوق في الأسواق الشعبية والحوانيت الصغيرة المنتشرة في الأحياء لأنها مصدر رزق لقطاعات واسعة من شعبنا.
إذا كانت مقاطعة منتوجات الاستيطان، حسب الهيئات الشعبية، حق وواجب فإن مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية هي أسمى الحقوق وأعلى درجات الواجب.
علي زبيدات – سخنين
في الأسبوع الماضي بشرنا بانطلاقة حملتين محلتين لمقاطعة بضائع المستوطنات. الحملة الأولى تحت رعاية وبمبادرة جمعية "إعمار" المقربة للحركة الإسلامية الشمالية والثانية تحت اسم:"الهيئة الشعبية لمقاطعة منتوجات المستوطنات" بمبادرة ومشاركة لجان شعبية، جمعيات أهلية، نشطاء سياسيين وشخصيات مستقلة. وقبلها بعدة أيام أصدرت السلطة الفلسطينية قانونا يدعو إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات.
لا أريد هنا التطرق إلى مسألة ما إذا كنا بحاجة إلى حملتين منفصلتين تم الإعلان عنهما بفارق يوم واحد من نفس المدينة ولكن من فندقين مختلفين في الوقت الذي يدعو الجميع إلى الوحدة وتضافر الجهود بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والمشارب السياسية حتى أن القيمين على هاتين الحملتين لم ينفوا إمكانية وضرورة توحيد الجهود، ولكن متى؟ وكيف؟ الله أعلم.
المسألة الأهم من ذلك حسب رأيي هي: لماذا الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات فقط؟ وليس إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية بشكل عام؟ عندما ذكرت هذه الفكرة في اجتماع حملة "قاطع" سارع عدد من المشاركين بوصمها بالمزايدة أو باللاواقعية أو بكلتا الصفتين معا.
في الاجتماع المذكور وزع المبادرون قائمة بحوالي 600 بضاعة يتم إنتاجها في مستوطنات الضفة الغربية والجولان والتي ينبغي مقاطعتها. معظم هذه البضائع غير معروفة وغير ضرورية على صعيد الاستهلاك العادي اليومي. في المقابل يوجد هناك العديد من البضائع الإسرائيلية التي لا تنتج بالضرورة في مستوطنات الضفة والجولان، يستعملها المستهلكون يوميا وتوظف أرباح هذه البضائع لدعم الاحتلال وتستعمل بشكل مباشر أو غير مباشر لقتل أبناء شعبنا، فلماذا الدعوة إلى مقاطعة مثل هذه المنتوجات تكون من باب المزايدة أو الخيال بينما مقاطعة منتوجات لا يعرفها إلا القليلون هي موقف وطني واقعي ومتزن؟
كما قال سكرتير لجنة المتابعة في الاجتماع المذكور وأنا أوافقه الرأي: "إن الهدف من مقاطعة منتوجات المستوطنات هو موقف سياسي، المهم هنا هو ثقافة المقاطعة".
إذن الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات ليست دعوة بريئة. فوراء الأكمة ما وراؤها. بالنسبة للقانون الذي أصدرته السلطة الفلسطينية النوايا واضحة. من يأخذ مصداقية هذا القانون على محمل الجد بينما التنسيق الأمني بين السلطة ودولة إسرائيل يجري على قدم وساق؟ وكيف تدعو إلى مقاطعة بضائع الاستيطان وفي الوقت ذاته يقوم رئيس الحكومة الفلسطينية بإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة على الأراضي المحتلة؟ ما الفرق بين دعوة السلطة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات وبين دعوتها إلي مقاطعة المفاوضات إذا لم يتوقف الاستيطان؟ السلطة تستعمل كلا الأمرين كورقة ضغط ولكنها ورقة متهرئة لا تضغط حتى على ذبابة. فها هي تعود إلى المفاوضات بشكل أسوأ من السابق. إذا كانت 20 سنة من المفاوضات المباشرة لم تحقق شيئا فماذا سوف تحقق المفاوضات غير المباشرة؟
يؤكد المقاطعون المحليون أن حملة المقاطعة التي أطلقوها لا علاقة لها بحملة السلطة الفلسطينية. هذا ممكن. ولكن هذا لا يقول إنها لا تخدم الغاية السياسية ذاتها. يبدو أن المجتمعين في الناصرة قد نسوا أن يخبروا المشاركين بأن قائمة بضائع المستوطنات التي تم توزيعها قد تم إعدادها من قبل منظمات إسرائيلية ليبرالية تدعو هي الأخرى إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات. وقد أعلن بعض قادة هذه المنظمات عن نيتهم في حضور والمشاركة في جلسة الكنيست التي سوف تناقش هذا الموضوع.
هذه المنظمات الإسرائيلية اليسارية تقول بصراحة ما يجبن عن قوله مقاطعونا. فهذا أوري افنيري يصرح أن منظمته "غوش شالوم" تقوم منذ عشرة أعوام بمقاطعة والدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات. لأن هذه المستوطنات تكرس الاحتلال وتمنع إقامة الدولة الفلسطينية وتعمل على استمرار الصراع بالإضافة إلى إنها تخرق القوانين الدولية التي تمنع الدولة المحتلة من بناء مستوطنات مدنية على أراضي محتلة.
إذن، الدعوة إلى مقاطعة منتوجات المستوطنات تنسجم مع الموقف السياسي الذي يطالب بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل وجاءت لتخدم هذه الغاية. فلماذا لا يبق مقاطعونا الحصوة ويقولنها صراحة مثل "غوش شالوم"؟
بالمقابل الدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية تنسجم مع الموقف السياسي الذي يقول أن دولة إسرائيل كلها دولة استيطان وأن منتوجاتها كلها منتوجات مستوطنات ويجب العمل على مقاطعتها.
وبما أن الهدف في نهاية المطاف هو سياسي تثقيفي ورفع مستوى الوعي عند المستهلكين فما المانع من الدعوة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية؟ أنا هنا لا أدعو إلى تجويع المواطنين أو حرمانهم من السلع الضرورية للحفاظ على جودة عالية من حياتهم اليومية. يوجد هناك العديد من البضائع التي يمكن الاستغناء عنها كما يوجد البديل لها من المنتوجات الوطنية المحلية.
كبداية أرى انه من الضروري إتباع الخطوات التالية كوسيلة لرفع مستوى الوعي عند المستهلكين:
أولا: محاربة ثقافة المجمعات التجارية (الكانيونات). لقد أصبحت هذه الأماكن مركز حياتنا ليس للتسوق فحسب بل للترفيه والتسلية وقضاء الأعياد والمناسبات السعيدة. معروف أن أصحاب الشركات الكبيرة في هذه المجمعات هي التي تسيطر على اقتصاد الدولة وسياستها، فلماذا لا نبدأ بمقاطعتها؟. في الفترة الأخيرة نحاول إدخال هذه الثقافة إلى مدننا وقرانا حتى أصبح مقياس تطور المدينة العربية إذا كان فيها " كنيون" أم لا. وغني عن القول إننا بذلك ندخل ونروج للشركات الإسرائيلية.
ثانيا: ما زال تشجعينا للبضائع الوطنية المحلية تشجيعا كلاميا، لأننا نعاني من تأثير الدعاية الاستهلاكية التي تروج للبضائع الإسرائيلية. فلبنة "تنوفا" أفضل من لبنة طمرة وطحينة "تلما" أجود من طحينة "الأمير" وسلطات "شمير" أفضل من سلطات "الشام" الخ. حركة مقاطعة تحترم نفسها يجب أن تقاوم عملية مسح الدماغ هذه.
ثالثا: يجب تشجيع التسوق في الأسواق الشعبية والحوانيت الصغيرة المنتشرة في الأحياء لأنها مصدر رزق لقطاعات واسعة من شعبنا.
إذا كانت مقاطعة منتوجات الاستيطان، حسب الهيئات الشعبية، حق وواجب فإن مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية هي أسمى الحقوق وأعلى درجات الواجب.
Tuesday, May 04, 2010
الفكرة الخاطئة التي أصبحت تيارا انتهازيا
الفكرة الخاطئة التي أصبحت تيارا انتهازيا
15 عاما على تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي.
علي زبيدات – سخنين
في مثل هذه المناسبات الاحتفالية، جرت العادة، أن يقدم ممثلو الأحزاب والحركات السياسية والسلطات المحلية والجمعيات الأهلية والضيوف المنتقون خصوصا إذا أتيحت لهم الفرصة ووصلوا إلى المنصة، التهاني للحزب المحتفل في عيد ميلاده وغالبا ما تكون هذه التهاني تحفة في فن المجاملات التي يتقنها هؤلاء الممثلون وتلاقي رواجا في مجتمعنا. في المقابل يقوم الحزب المحتفل بنفش ريشه كالطاووس يتبختر قادته على المنصة بعد أن يعيدوا كتابة التاريخ حتى يبدو وكأن النضال لم يبدأ إلا مع تأسيس هذا الحزب وأن الانجازات التي حققها الحزب بالرغم من المؤامرات والملاحقات لا تحصى ولا تعد. بينما يبقى كل شيء اسمه نقد أو نقد ذاتي مدفونا في صفحات الكتب.
لم أكن ضيفا في المهرجان الاحتفالي الذي نظمه التجمع الوطني الديمقراطي بمناسبة 15 عاما على تأسيسه، وبطبيعة الحال لم أقدم له التهاني. ومن جهة أخرى لا تربطني بهذا الحزب أية علاقة تنظيمية تجعلني أقدم على أي نوع من النقد أو النقد الذاتي. هذا سيبقى متروكا لكوادر الحزب الشابة عندما تبدأ بطرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة المناسبة. لكن إعادة كتابة التاريخ والمغالطات المقصودة التي تضمنتها في الأساس كلمة الأمين العام للحزب عوض عبد الفتاح ورئيس الحزب واصل طه كما تناقلتها وسائل إعلام الحزب نفسه ووسائل إعلام أخرى جعلت السكوت عنها خطيئة خصوصا وأنها تمس نواحي مفصلية تهم كل فرد من أبناء شعبنا.
يقول الأمين العام للتجمع، أن فكرة إقامة حزب قومي عربي جاءت على خلفية التراجع العام الذي خيم على الجماهير الفلسطينية وأحزابها السياسية في أعقاب التوقيع على اتفاقيات أوسلو والاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل وعزل جماهير الداخل عن الحل مما أدى إلى اللجوء للأحزاب الصهيونية، خصوصا وأن الحزب الشيوعي الإسرائيلي لم يهتم بتعزيز الهوية العربية الفلسطينية بينما كانت باقي الحركات الوطنية مثل الحركة التقدمية وأبناء البلد تمر بأزمات صعبة، مما حتم ضرورة إقامة حزب جديد لوقف هذا التقهقر. وهكذا بدأت تتحول هذه الفكرة إلى حزب سياسي حتى تحول خطاب التجمع، على حد قول رئيس الحزب: " إلى خطاب السواد الأعظم من أبناء شعبنا".
صحيح أن الحزب تأسس بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو التي فرطت بالعديد من الثوابت الوطنية، وصحيح أن تلك الفترة تميزت بالتقهقر على كافة الأصعدة السياسية والنضالية. ولكن تأسيس التجمع لم يكن ردا على اتفاقيات أوسلو بقدر ما كان نتيجة لها، ولم يكن الهدف منه تكوين سد لوقف حالة التقهقر بقدر ما كان إنجارفا معها. في ذلك الوقت كان زعماء هذا الحزب يكثرون من ترديد عبارة: "التجمع هو سياج هويتنا" ولكن سرعان ما تبين كم هذا السياج منخفض يمكن القفز عنه بسهولة، وكم كان مليئا بالفجوات والخروق. لقد اتضح أن سقف هذا السياج هو زج الحركات التي كانت تطلق على نفسها وطنية للدخول إلى الكنيست الإسرائيلي. ما زلت أذكر النقاشات التي زجت بها حركة أبناء البلد مثلا حيث كان في صفوفها القابل والمتردد والرافض لتحقيق "المشروع القومي العربي" في أروقة الكنيست الإسرائيلي. الرافضون وبعض المترددين هربوا من هذا السياج بعد فترة قصيرة وبقي الآخرون.
لنلق نظرة سريعة على "خطاب التجمع الذي أصبح خطاب السواد الأعظم من أبناء شعبنا" ماذا يقول:
دولة المواطنين أو دولة كل مواطنيها: هذا المصطلح الذي استقاه الدكتور عزمي بشارة من قاموس الثورة الفرنسية الأولى قبل حوالي قرنين ونصف والذي أثبتت الثورة الفرنسية نفسها زيفه وعقمه إذ لا يمكن أن تكون الدولة الطبقية مهما تبجحت بديمقراطيتها دولة لجميع مواطنيها. فكم بالأحرى أن تصبح دولة كولونيالية عنصرية كدولة إسرائيل دولة لجميع مواطنيها؟ نظريا هذا ممكن في حالتين فقط: إما أن يتحول أبناء الشعب الفلسطيني المشرد واللاجئ والرازح تحت نير الاحتلال إلى كولونياليين وأما أن يتحول الكولونياليون إلى مواطنين عاديين. وكلا الحالتين لا تمت إلى الواقع والمنطق بصلة. لا يمكن لدولة إسرائيل أن تخرج من جلدها وتصبح في الوقت نفسه دولة للجميع. هل دولة المواطنين هي تحدي للصهيونية وليهودية الدولة كما يزعم التجمع أم هي محاولة بائسة لمنحها شهادة براءة؟
الحكم الذاتي: هذا الشعار الذي طرحه التجمع منذ اليوم الأول سرعان ما وضعه في سلة المهملات ولم يشرح لنا ما هو مضمون هذا الحكم؟ وكيف يتمشى مع المطالبة بالمواطنة الكاملة ومع سياسة الاندماج في المؤسسات الحكومية؟ ألا يوجد هنا تناقض صارخ؟ إن دل هذا على شيء فأنه يدل على تخبط التجمع على صعيد النظرية والممارسة. إذا كنت تطالب بالمواطنة كاملة فما هي ضرورة الحكم الذاتي؟ مع العلم أن كل حكم ذاتي يبقى منقوصا بالمقارنة مع الاستقلال.
الهوية الوطنية الفلسطينية والهوية القومية العربية: يطالب التجمع، مثله مثل باقي الأحزاب العربية الإسرائيلية، بالاعتراف بالجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة منذ عام 1948على أنها أقلية قومية. وهذا يعني ضمنا الاعتراف بالسكان اليهود كأكثرية قومية. من هذا المنطلق تستطيع إسرائيل أن تزعم بأنها دولة جميع مواطنيها ولا يوجد هناك تعارض مع تعريفها لنفسها بأنها دولة يهودية ديمقراطية. وبذلك يستطيع قادة التجمع بلا حياء أن يضيفوا توقيعهم على وثيقة الاستقلال الإسرائيلية إلى جانب توقيع الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
الكلام عن الجماهير الفلسطينية في الداخل كأقلية قومية تعني أيضا فصلنا عن شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده حتى ولو كررنا ألف مرة في اليوم أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. كما تعني قبولنا لواقع تمزيق فلسطين والحدود التي فرضت علينا بالقوة. كما تعني سلخنا عن امتدادنا العربي من المحيط إلى الخليج مهما رددنا عبارات التواصل. يجب أن نعيد تعريف من يشكل هنا الأقلية ومن يشكل الأغلبية.
يجب ألا نحكم على الأحزاب السياسية من خلال ما تقوله عن نفسها في المهرجانات والاحتفالات أو على أساس الانجازات والانتصارات الوهمية التي تحققها. بل يجب الحكم عليها على أساس رؤيتها وخطها السياسي ومن خلال ممارستها السياسية. لنكن جريئين وصريحين ولو لمرة واحدة: هل يوجد لدينا حزب يتمتع برؤيا وخطا سياسيا؟ هل يوجد لدينا أحزابا سياسية أصلا؟ اللهم إذا اعتبرنا هذه القوائم الانتخابية والتركيبات المصلحية والتحالفات الموسمية أحزابا سياسية.
15 عاما على تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي.
علي زبيدات – سخنين
في مثل هذه المناسبات الاحتفالية، جرت العادة، أن يقدم ممثلو الأحزاب والحركات السياسية والسلطات المحلية والجمعيات الأهلية والضيوف المنتقون خصوصا إذا أتيحت لهم الفرصة ووصلوا إلى المنصة، التهاني للحزب المحتفل في عيد ميلاده وغالبا ما تكون هذه التهاني تحفة في فن المجاملات التي يتقنها هؤلاء الممثلون وتلاقي رواجا في مجتمعنا. في المقابل يقوم الحزب المحتفل بنفش ريشه كالطاووس يتبختر قادته على المنصة بعد أن يعيدوا كتابة التاريخ حتى يبدو وكأن النضال لم يبدأ إلا مع تأسيس هذا الحزب وأن الانجازات التي حققها الحزب بالرغم من المؤامرات والملاحقات لا تحصى ولا تعد. بينما يبقى كل شيء اسمه نقد أو نقد ذاتي مدفونا في صفحات الكتب.
لم أكن ضيفا في المهرجان الاحتفالي الذي نظمه التجمع الوطني الديمقراطي بمناسبة 15 عاما على تأسيسه، وبطبيعة الحال لم أقدم له التهاني. ومن جهة أخرى لا تربطني بهذا الحزب أية علاقة تنظيمية تجعلني أقدم على أي نوع من النقد أو النقد الذاتي. هذا سيبقى متروكا لكوادر الحزب الشابة عندما تبدأ بطرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة المناسبة. لكن إعادة كتابة التاريخ والمغالطات المقصودة التي تضمنتها في الأساس كلمة الأمين العام للحزب عوض عبد الفتاح ورئيس الحزب واصل طه كما تناقلتها وسائل إعلام الحزب نفسه ووسائل إعلام أخرى جعلت السكوت عنها خطيئة خصوصا وأنها تمس نواحي مفصلية تهم كل فرد من أبناء شعبنا.
يقول الأمين العام للتجمع، أن فكرة إقامة حزب قومي عربي جاءت على خلفية التراجع العام الذي خيم على الجماهير الفلسطينية وأحزابها السياسية في أعقاب التوقيع على اتفاقيات أوسلو والاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة إسرائيل وعزل جماهير الداخل عن الحل مما أدى إلى اللجوء للأحزاب الصهيونية، خصوصا وأن الحزب الشيوعي الإسرائيلي لم يهتم بتعزيز الهوية العربية الفلسطينية بينما كانت باقي الحركات الوطنية مثل الحركة التقدمية وأبناء البلد تمر بأزمات صعبة، مما حتم ضرورة إقامة حزب جديد لوقف هذا التقهقر. وهكذا بدأت تتحول هذه الفكرة إلى حزب سياسي حتى تحول خطاب التجمع، على حد قول رئيس الحزب: " إلى خطاب السواد الأعظم من أبناء شعبنا".
صحيح أن الحزب تأسس بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو التي فرطت بالعديد من الثوابت الوطنية، وصحيح أن تلك الفترة تميزت بالتقهقر على كافة الأصعدة السياسية والنضالية. ولكن تأسيس التجمع لم يكن ردا على اتفاقيات أوسلو بقدر ما كان نتيجة لها، ولم يكن الهدف منه تكوين سد لوقف حالة التقهقر بقدر ما كان إنجارفا معها. في ذلك الوقت كان زعماء هذا الحزب يكثرون من ترديد عبارة: "التجمع هو سياج هويتنا" ولكن سرعان ما تبين كم هذا السياج منخفض يمكن القفز عنه بسهولة، وكم كان مليئا بالفجوات والخروق. لقد اتضح أن سقف هذا السياج هو زج الحركات التي كانت تطلق على نفسها وطنية للدخول إلى الكنيست الإسرائيلي. ما زلت أذكر النقاشات التي زجت بها حركة أبناء البلد مثلا حيث كان في صفوفها القابل والمتردد والرافض لتحقيق "المشروع القومي العربي" في أروقة الكنيست الإسرائيلي. الرافضون وبعض المترددين هربوا من هذا السياج بعد فترة قصيرة وبقي الآخرون.
لنلق نظرة سريعة على "خطاب التجمع الذي أصبح خطاب السواد الأعظم من أبناء شعبنا" ماذا يقول:
دولة المواطنين أو دولة كل مواطنيها: هذا المصطلح الذي استقاه الدكتور عزمي بشارة من قاموس الثورة الفرنسية الأولى قبل حوالي قرنين ونصف والذي أثبتت الثورة الفرنسية نفسها زيفه وعقمه إذ لا يمكن أن تكون الدولة الطبقية مهما تبجحت بديمقراطيتها دولة لجميع مواطنيها. فكم بالأحرى أن تصبح دولة كولونيالية عنصرية كدولة إسرائيل دولة لجميع مواطنيها؟ نظريا هذا ممكن في حالتين فقط: إما أن يتحول أبناء الشعب الفلسطيني المشرد واللاجئ والرازح تحت نير الاحتلال إلى كولونياليين وأما أن يتحول الكولونياليون إلى مواطنين عاديين. وكلا الحالتين لا تمت إلى الواقع والمنطق بصلة. لا يمكن لدولة إسرائيل أن تخرج من جلدها وتصبح في الوقت نفسه دولة للجميع. هل دولة المواطنين هي تحدي للصهيونية وليهودية الدولة كما يزعم التجمع أم هي محاولة بائسة لمنحها شهادة براءة؟
الحكم الذاتي: هذا الشعار الذي طرحه التجمع منذ اليوم الأول سرعان ما وضعه في سلة المهملات ولم يشرح لنا ما هو مضمون هذا الحكم؟ وكيف يتمشى مع المطالبة بالمواطنة الكاملة ومع سياسة الاندماج في المؤسسات الحكومية؟ ألا يوجد هنا تناقض صارخ؟ إن دل هذا على شيء فأنه يدل على تخبط التجمع على صعيد النظرية والممارسة. إذا كنت تطالب بالمواطنة كاملة فما هي ضرورة الحكم الذاتي؟ مع العلم أن كل حكم ذاتي يبقى منقوصا بالمقارنة مع الاستقلال.
الهوية الوطنية الفلسطينية والهوية القومية العربية: يطالب التجمع، مثله مثل باقي الأحزاب العربية الإسرائيلية، بالاعتراف بالجماهير الفلسطينية في المناطق المحتلة منذ عام 1948على أنها أقلية قومية. وهذا يعني ضمنا الاعتراف بالسكان اليهود كأكثرية قومية. من هذا المنطلق تستطيع إسرائيل أن تزعم بأنها دولة جميع مواطنيها ولا يوجد هناك تعارض مع تعريفها لنفسها بأنها دولة يهودية ديمقراطية. وبذلك يستطيع قادة التجمع بلا حياء أن يضيفوا توقيعهم على وثيقة الاستقلال الإسرائيلية إلى جانب توقيع الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
الكلام عن الجماهير الفلسطينية في الداخل كأقلية قومية تعني أيضا فصلنا عن شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده حتى ولو كررنا ألف مرة في اليوم أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني. كما تعني قبولنا لواقع تمزيق فلسطين والحدود التي فرضت علينا بالقوة. كما تعني سلخنا عن امتدادنا العربي من المحيط إلى الخليج مهما رددنا عبارات التواصل. يجب أن نعيد تعريف من يشكل هنا الأقلية ومن يشكل الأغلبية.
يجب ألا نحكم على الأحزاب السياسية من خلال ما تقوله عن نفسها في المهرجانات والاحتفالات أو على أساس الانجازات والانتصارات الوهمية التي تحققها. بل يجب الحكم عليها على أساس رؤيتها وخطها السياسي ومن خلال ممارستها السياسية. لنكن جريئين وصريحين ولو لمرة واحدة: هل يوجد لدينا حزب يتمتع برؤيا وخطا سياسيا؟ هل يوجد لدينا أحزابا سياسية أصلا؟ اللهم إذا اعتبرنا هذه القوائم الانتخابية والتركيبات المصلحية والتحالفات الموسمية أحزابا سياسية.
Subscribe to:
Posts (Atom)