Wednesday, April 14, 2010

هل أصبح العالم أكثر أمنا بعد قمة الامن النووي؟

هل أصبح العالم أكثر أمنا بعد قمة الأمن النووي؟
علي زبيدات - سخنين

صرح براك أوباما في مؤتمر الذرة الذي دعا إليه في واشنطن والذي حضرته 47 دولة: أن المؤتمر حقق نجاحات باهرة في هذا المجال حيث وافقت أوكرانيا وكندا والمكسيك على التخلي عن قدراتها النووية بينما توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا إلى اتفاقية تحد من الأسلحة النووية وتقلصها بالثلث. هل مثل هذا التصريح يجعل من كرتنا الأرضية أكثر أمنا؟ أم انه لا يعدو كونه أكثر من ذر الرماد في العيون وخداع شعوب العالم على ارفع المستويات؟
إن مؤتمرا على هذا المستوى الرفيع الذي يشمل زعماء معظم الدول ذات القدرات النووية في العالم يجبن عن الخوض ببرنامج إسرائيل النووي ويزعم بكل استعباط: أن الخطر النووي الأكبر على سلام العالم ليس من الدول بل من "المنظمات الإرهابية" كتنظيم القاعدة، لا يمكن أن يكون مؤتمرا جديا.
قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في اللحظة الأخيرة، عدم المشاركة في هذا المؤتمر خشية من أن تقوم بعض الدول بطرح الملف النووي الإسرائيلي وإحراجه أمام وسائل الإعلام العالمية. خصوصا بعد أن صرح الزعيم التركي رجب طيب أردوغان بأنه سوف يطرح هذا الملف في المؤتمر. في نهاية المطاف نتنياهو لم يسافر وأردوغان لم يطرح الملف النووي الإسرائيلي، ولكن هذا لم يغير من الواقع شيئا. دولة إسرائيل كانت وما زالت حسب الرأي العام العالمي تشكل أكبر خطر على السلام العالمي. المنظمات المختصة في المجال النووي تدعم هذا التوجه بالرغم من سياسة "الغموض" التي تمارسها الدولة والتي لم تعد تقنع طفلا رضيعا. يؤكد "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" أن إسرائيل تملك ما لا يقل عن 200 رأسا نوويا. مجموعة "جينز" ومقرها في لندن تقول أن إسرائيل تملك بين 200-300 رأسا نوويا. أمام هذه المعطيات يطلق براك أوباما كذبته الكبرى ويريدنا أن نصدقها والتي تقول أن الخطر النووي الأكبر على السلام العالمي يأتي من المنظمات الإرهابية التي تسعى للحصول على أسلحة نووية.
تواجه كرتنا الأرضية خطر الدمار الشامل ليس بسبب توازن الرعب التي تفرضه الدول النووية ترسانتها النووية للدمار الشامل وحسب بل أيضا بسبب ما يسمى باستعمال الطاقة " للغايات السلمية". في ظل النظام الرأسمالي العالمي لا يوجد هناك أي استعمال مضمون لغايات سلمية.
في الوقت الراهن، استعمال الطاقة النووية "للغايات السلمية" هو الذي يفتك بالبشر وليس السلاح النووي الذي لم يستعمل منذ أيام هيروشيما وناكازاكي بالرغم من انه يشكل أكبر تهديد لدمار الكرة الأرضية.
قد يزعم البعض أن الاستعمال السلمي للطاقة النووية قد أصبح ضروريا في المجتمعات الصناعية الحديثة خصوصا على ضوء تقلص واضمحلال مصادر الطاقة الأخرى. تبدو هذه المزاعم، للوهلة الأولى، منطقية ولكن نظرة ثاقبة إلى هذا الموضوع تظهر العكس تماما. يمكن هنا الإشارة إلى 3 أسباب رئيسية تدعونا للحذر بل لمعارضة استعمال كافة أشكال الطاقة النووية:
1) التكاليف الباهظة: بناء المفاعل النووية، تشغيلها وصيانتها تكلف مبالغ طائلة تسلب عادة، وخصوصا في الدول النامية، من قوت الشعب. لنأخذ الهند والباكستان على سبيل المثال. بينما تعاني هاتان الدولتان من الفقر المدقع ويتضور شعباها جوعا ترصد الأموال الطائلة وتصرف على سباق التسلح النووي وعلى أشكال الطاقة النووية الأخرى. كان من الأجدر لهاتين الدولتين أن تستعمل هذه الأموال من أجل محاربة الفقر والمجاعة.
2) سلامة العاملين: العمل في المفاعل الذرية يعرض العاملين للخطر بسبب تسرب الإشعاعات الضارة. وقد سببت العديد من الكوارث والمخاطر كان أخطرها ما حدث في تشرنوبيل قبل سنوات. الكوارث لا تعد ولا تحصى بالرغم من تكتم الدول عليها ومنها. على سبيل المثال تكتم دولة إسرائيل على الوضع الصحي لعمال مفاعل ديمونا الذين تعرضوا لتسرب إشعاعات قاتلة. هذه المفاعل تشكل خطرا ليس فقط للعاملين بها بل أيضا للذين يسكنون بجوارها.
3) النفايات: الطاقة النووية تفرز كميات من النفايات الضارة. تقوم الدول الصناعية المتطورة بدفن النفايات النووية في البلدان الفقيرة مقابل مبالغ زهيدة للحكام الفاسدين. هذه النفايات تلوث التربة والماء والجو وتسبب الإمراض والموت المبكر.
إذن، استعمال الطاقة النووية في ظل النظام الرأسمالي العالمي يفتك بالبشر بما لا يقل عن أسلحة الدمار الشامل.
اتفاقية تقليص الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا بالثلث لا تعزي أحدا. الثلثان المتبقيان كفيلان بتدمير كرتنا الأرضية عدة مرات.
إننا كمجتمع، بكافة شرائحه وخصوصا من مثقفين وناشطين سياسيين نعاني من نقص في الوعي بكل ما يتعلق بالمسألة النووية. يظن البعض أن على العرب الحصول على سلاح نووي للوصول إلى " توازن رعب" لردع إسرائيل. يكفينا رعبا. السلاح النووي لن يحرر وطنا ولن يعيد لاجئا. وإذا استعملت إسرائيل أسلحتها النووية سوف تكون هي أول من يدفع الثمن.
من هذا المنطلق أعارض المبدأ الذي ترفعه حاليا إيران دفاعا عن برنامجها النووي والعديد من الدول النامية لكسر احتكار الطاقة النووية من قبل الدول الرأسمالية، والذي يقول:" الطاقة النووية للجميع، السلاح النووي ليس لأحد"
ما دامت الطاقة النووية غير آمنة وما دامت تستعمل لتحقيق الإرباح على كاهل الجماهير الكادحة بكل ثمن يجب معارضتها والنضال ضدها.

No comments: