هذه فلسطين يا جحش .... هذه ليست إسراطين
علي زبيدات - سخنين
عندما "يلتم المتعوس على خائب الرجاء" ماذا تكون النتيجة؟ ما هي الأهداف الحقيقية التي تختبئ وراء الزيارة "التاريخية" لوفد عرب ال48 الذي ضم كافة الاحزاب السياسية داخل وخارج الكنيست الإسرائيلي، داخل وخارج لجنة المتابعة إلى "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى"؟
لست هنا بصدد تقييم أو دراسة أو تحليل النظام الليبي وسياسته المتقلبة. يكفينا أن نقرأ هذا الاسم الطويل المذكور أعلاه، الخالي من أي مضمون لكلماته حتى نقتنع أن المتنبي رحمه الله عندما قال: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم كان يضع نصب عينيه بالتمام نظاما كهذا النظام. لا أنكر إنني شخصيا ومثلي الكثيرين في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وقع خلال سنوات طويلة فريسة لخداع هذا النظام. ولكني ألقي معظم المسؤولية على زعيم الأمة ، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي نعت القذافي بأمين القومية العربية. ترى، لو كان عبد الناصر حيا هل سيتحمل مسؤولية قوله هذا كما تحمل مسؤولية هزيمة حزيران 1967؟ صدق كارل ماركس عندما قال: التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة بشكل تراجيدي ومرة بشكل هزلي. لقد جسد نضال عبد الناصر لتوحيد الأمة العربية تراجيديا إنسانية دفع روحه ثمنها، أما الحركات "الوحدوية" البهلوانية التي قام بها القذافي فقد أثارات الضحك والسخرية في كل مكان. هل ما زال هناك من يذكر مشاريعه الوحدوية مع مصر والسودان وسوريا وتونس والجزائر والمغرب؟ كيف كان في المساء يوقع على اتفاقية وحدة مع بلد مجاور أو غير مجاور وفي صباح اليوم التالي يمزق هذه الاتفاقية.
ولكن هذه الأمور ليست موضوعنا الآن.
معمر القذافي، متعدد الالقاب والمواهب، العقيد: الذي كدس الأسلحة ولم يدخل إلا معركة واحدة ضد بعض القبائل البدائية في تشاد وخرج منها يجر أثواب الهزيمة. قائد الثورة: الذي قاد انقلابا ضد الملكية الفاسدة لكي يحول ليبيا إلى ما هو أسوأ من الملكية وأكثر فسادا. المفكر: الذي كتب الكتاب الأخضر، ذلك الكتاب المقدس الذي "يشكل خلاصا للبشرية ويصلح لأن يكون دستورا لجميع الأمم". هذا الكتاب الذي لا يرتقي عن كونه موضوع إنشاء لطالب في المرحلة الإعدادية جاء ليخلص العالم من جرائم الرأسمالية والشيوعية ويؤسس للنظرية العالمية الثالثة حيث سلطة الشعب والديمقراطية المباشرة والمؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية، لتي تختزل جميعها في نهاية المطاف في شخصه هو. وهو أيضا الأديب والكاتب والناقد الذي كتب بعض الخربشات في مجال الرواية والقصة القصيرة.
ولكن هذه الأمور أيضا ليست موضوعنا الآن.
ما يهمنا هنا هو موقف العقيد الفعلي من القضية الفلسطينية بعيدا عن الشعارات الرنانة. عندما كانت الجيوش الإسرائيلية بقيادة شارون تدك وتهدم بيروت وتفرض عليها الحصار أمام سمع ونظر العالم العربي الذي انقسم بين متآمر ومتواطئ ومتخاذل اكتفى القذافي بدعوة الفلسطينيين إلى الانتحار الجماعي وعدم ترك بيروت ولم يحرك ساكنا. بعد ذلك عندما اختلف مع الزعامة الفلسطينية لم يجد إلا العمال من اللاجئين الفلسطينيين لكي ينتقم منهم فجمعهم وألقى بهم إلى صحراء السلوم على الحدود المصرية بعد أن جردهم حتى من أبسط ممتلكاتهم. ولفترة طويلة اقتصرت سياسته على دعم بعض التنظيمات الصغيرة وتأجيج الصراعات فيما بينها. كان يريد أن يوهم العالم بأنه الثائر الأخير في العالم ووريث تشي جيفارا الشرعي. ولكنه بعد ما رأى غزو واحتلال العراق وما حصل لصدام حسين، رفع يديه مستسلما ودعا أمريكا لكي تستلم منشآته النووية وأسلحته المتطورة التي كدسها. ودفع التعويضات لبريطانيا وفرنسا وألمانيا عن إسقاط الطائرة الأمريكية فوق لوكربي والفرنسية في النيجر وتفجير مقهى في برلين. وسلم بريطانيا جميع الوثائق التي كانت بحوزته عن الجيش الجمهوري الايرلندي.
وفي فلسطين خرج علينا ببدعة إسراطين. لأن جوهر الصراع حسب رأي العقيد هو أن طرفين يتنازعان على قطعة أرض واحدة. هكذا إذن: الصراع ليس بين قوة غازية جمعتها ووحدتها رؤوس الأموال ودعم الدول الاستعمارية وبعض الأساطير وبين شعب آمن يسكن في أرضه. بل هو صراع بين حقين. من هنا الحل الوحيد هو إقامة ما يسمى بدولة إسراطين ثنائية القومية والتي من حقها أن تنضم إلى جامعة الدول العربية. وكان الترويج لهذه السخافات والتعهد بالحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل وتحسين العلاقات معها من ضمن الشروط الأمريكية لمحو ليبيا من قائمة الإرهاب الأمريكية.
هنا يدخل المشهد التعساء من عرب ال48 لكي تكتمل الصورة. في الحقيقة لجنة المتابعة بكافة مركباتها أقرب ما تكون إلى إسراطين القذافي، ولا أظنني أبالغ أو أتجاوز الحقيقة إذا أطلقت عليهم من الآن وصاعدا اسم: الاسراطينيون. راجعوا التصور المستقبلي الذي نشرته لجنة المتابعة ووثيقة حيفا لمدى الكرمل والدستور الديمقراطي لجمعية عدالة لكي تتأكدوا من ذلك.
يقول عضو الكنيست أحمد الطيبي، الاسراطيني المخضرم في حضرة القذافي موجها كلامه لمن يتهمه بالتطبيع: "هذه الزيارة تشكل الأمر الطبيعي وليس التطبيعي". هذا الكلام كان من الممكن أن يكون صحيحا لولا وجود إسرائيل ذلك الحاضر الغائب الأكبر في هذه الزيارة. كذبة التواصل مع امتنا العربية قد تنطلي على البعض طول الوقت أو على الكل بعض الوقت، ولكنها لا يمكن أن تنطلي على الكل طول الوقت. هل عدم اعتراض الحكومة الإسرائيلية على هذه الزيارة جاء من باب الصدفة؟ ألم يكن هناك ضوء أخضر؟ وربما رسالة من تحت الطاولة؟ إذا كان التواصل هو المقصود فلماذا لم يبادر هؤلاء المتواصلون إلى تأليف وفد مشابه لاختراق الحصار المفروض على غزة؟ عندما كانت الوفود الأجنبية تقطع آلاف الأميال للوصول إلى غزة كان "المتواصلون" يتفرجون.
النائب في الكنيست الإسرائيلي، محمد بركة الذي نشر جزء من كلمته أمام القذافي كان كمن يقف أمام ستالين يلقي كلمته. و لكن لصالحه نقول إنه حتى في هذا المقام لم ينس أن يذكر الدور الهام للقوى التقدمية اليهودية.
أما رجا إغبارية، أحد ممثلي التيار القومي في لجنة المتابعة والذي يبدو انه شعر مسبقا بأنه لن يحظى بفرصة الكلام قد صرح في الطريق أنه يلتقي مع العقيد في رفضه لحل الدولتين وقبول حل الدولة الواحدة. وعلى ممثل الجناح الآخر من التيار القومي، محمد كناعنة أن يشرح في مؤتمره القادم في حيف إذا كانت إسراطين هي الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة.
ولا أدري عما ذهب الشيخ رائد صلاح وإخوانه الشيوخ الآخرين يبحثون عند رجل صرح أن " المسجد الأقصى عبارة عن كومة من الأحجار".
في كل مكان يذهب إليه هؤلاء الاسراطيون المطبعون يشتكون من ظلم ذوي القربى لا لسبب اللهم سوى صمودهم وبقائهم في أرضهم. وهذا تزييف فاضح للحقيقة. ذوي القربى، المغلوبون على أمرهم يحتقرون المتأسرلين من بيننا وهذا من حقهم بل من واجبهم. سياسة قسم الأكبر من الأحزاب العربية، وهذا ليس سرا، يلتقي مع سياسة الحكومة الإسرائيلية وهي جعل الجماهير الفلسطينية في هذا الجزء من فلسطين جسرا للتطبيع بين إسرائيل والأمة العربية. استعمال مصطلحات أخرى مثل التواصل والزيارات الطبيعية للأهل، الخ. ليس إلا لذر الرماد في العيون.
حتى لا نخوض في جدل بيزنطي حول ما هو التطبيع وما هو التواصل، المقياس واضح: كل ما تسمح به إسرائيل هو تطبيع وكل ما تمنعه هو تواصل.
وأخير نؤكد لكل من يحب أن يسمع: اسم هذه البلاد كان فلسطين وما زالت تسمى فلسطين وسيبقى اسمها فلسطين ولن يكون لها اسم آخر.
This is my personal blog. you can find here news from Palestine, news from Sakhnin and all kind of ideas and projects which I like to share with all of you. I'll be glad to read your comments.
Tuesday, April 27, 2010
Wednesday, April 21, 2010
من أجل أن تبقى ذكرى النكبة حية حتى العودة
من أجل أن تبقى ذكرى النكبة حية حتى العودة
علي زبيدات – سخنين
عدنا للتو من مسيرة العودة الثالثة عشرة. آلاف المشاركين جاؤوا من كل حدب وصوب، من أبناء المهجرين ومن كافة أوساط الشعب الفلسطيني والمتضامنين الأجانب واليهود. وقد طغى العنصر الشبابي على هذه المسيرة. إن دل ذلك على شيء فأنه يدل أولا وقبل كل شيء على أن النكبة هي حدث عصي على النسيان وعلى أن حق العودة هو حجر الزاوية في القضية الفلسطينية برمتها. لكن، ويوجد هنا لكن كبيرة.
خيبة الأمل بدأت مع وصول المسيرة إلى نهايتها، إلى منصة المهرجان، أو الأصح إلى منصة الخطابات. حيث هبطنا هبوطا اضطراريا على ارض الواقع لكي نسمع الاسطوانة ذاتها الطافحة بشعارات ما لها رصيد. عدنا مرة واحدة إلى سحر العادة إلى سحر الروتين. أخذت الجماهير تتفرق فورا بعد وصول المسيرة إلى نقطة نهايتها حتى أن الخطيب الأخير وجد نفسه يخطب أمام كراسي شبه فارغة.
هذه الظاهرة شاهدناها في معظم مسيرات العودة السابقة وكذلك في مظاهرات يوم الأرض. ففي مسيرة يوم الأرض الأخيرة التي شارك بها عشرات الآلاف جاءت نهايتها تعيسة بالرغم من تدارك المنظمين والاختصار بالكلمات.
إذن، مظاهراتنا ناجحة، تستقطب أوساطا واسعة من الجماهير وخصوصا من جيل الشباب وتعج بالنشاط والحماس. ولكن مع ذلك تبقى عقيمة، فلم نستطع وقف عمليات مصادرة الأرض أو استعادة أية أرض مصادرة ولا استطعنا أن نجعل من حق العودة مشروعا عمليا قابلا للتحقيق. وكأننا أمام المثل الذي يقول: لقد نجحت العملية لكن المريض مات.
نقف هنا أمام لغز لا بد من محاولة فك أسراره بكل جرأة وصراحة. حسب رأيي، في هذه القضية بالذات، تقع المسؤولية الأساسية على عاتق القيادة. وفي حالتنا هذه على لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين المدعومة من قبل لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية. تعمل كلتا اللجنتين تحت سقف سياسي واحد منخفض جدا، على المواطن أن يحني هامته لكي لا يدق رقبته. القضية ليست قضية شخصية، فبعض أعضاء الإدارة في لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين من أصدقائي وأنا لا اشك أبدا بإخلاصهم لقضية العودة. لكن هذا لا يمنع أن يكونوا أعضاء إدارة فاشلين.
في ظروف الصراع طويل الأمد تكون القيادة عادة مسئولة عن الانجازات والنجاحات والايجابيات كما تكون في الوقت نفسه مسئولة عن الفشل وعن النواحي السلبية. إلا في واقعنا فإن القيادة مسئولة عن الشق الثاني أما الشق الأول فإنه موجد رغما عنها وليس بفضلها. وإلا كيف نفسر حالة الحماس الجماهيري من جهة والدور الكابح التي تلعبه القيادة من جهة أخرى؟
تغيب لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين عن الساحة السياسية 364 يوما في السنة وتظهر في يوم واحد هو ذكرى النكبة. وهكذا أصبحت النكبة ذكرى وليست واقعا يوميا تعيشه جماهير شعبنا بكل تفاصيله. ماذا تفعل لجنة المهجرين طوال السنة؟ اللهم غير بعض الاجتماعات بين أربع جدران في إحدى الغرف النائية؟ قبل عدة سنوات حاولت اللجنة القيام برحلات إلى القرى المهجرة لتعريف الجيل الناشئ عليها ولكن سرعان ما توقفت ولا أدري ما السبب. قبل حوالي عشر سنوات حاولت اللجنة وضع لافتات تشير إلى مواقع القرى المهجرة ولكنها سرعان ما نبذت هذه المبادرة، واليوم من بين القرى المهجرة ال530 التي يجري الحديث عنها لا يعرف منها على الصعيد الجماهيري سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الإعلام الذي أصبح وسيلة ضرورية في عالمنا الحديث للدفاع عن أية قضية يبدو انه مصطلح غريب عن لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين. اللجنة تفتقر إلى موقع على الشبكة الالكترونية يكون على مستوى القضية التي تدعي أنها تمثلها. حتى أنها لا تملك عنوانا ثابتا لكي يتم التواصل معها، بريدها الالكتروني لا يعمل وربما لا يعرف أعضاء الإدارة كيفية استعماله. لا يوجد أحد من أعضاء الإدارة يتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة حتى يستطيع أن يعبر عن قضيته أمام المحافل الأجنبية فردية كانت أم مؤسساتية. النتيجة هي أن لجنة الدفاع عن المهجرين فشلت فشلا كاملا في جعل قضية مهجري الداخل جزءا لا يتجزأ من قضية اللاجئين.
لا أدري ما هو الوضع التنظيمي الداخلي للجنة ولكن واضح إنها جسم مغلق يرفض قبول دماء جديدة في شرايينه.
حتى لا تصبح النكبة مجرد ذكرى ولكي لا تبقى العودة حلما بعيد المنال يجب العمل على تغيير هذه القيادة تغييرا جذريا وتغيير العقلية المتحجرة التي تتحكم بممارسات متخذي القرارات.
مسيرة العودة، كما مسيرة يوم الأرض ومسيرة انتفاضة الأقصى يجب أن تبقى وتزداد زخما ولكن في الوقت نفسه يجب الحذر من محاولات إفراغها من مضمونها الثوري التقدمي، ترويضها وجعلها وسيلة للتنفيس من غضب الجماهير وحرفها عن مسارها الصحيح. على هذه المناسبات أن تبقى ينبوعا متدفقا للنضال الذي لا ينضب حتى تحقيق العودة والتحرير.
علي زبيدات – سخنين
عدنا للتو من مسيرة العودة الثالثة عشرة. آلاف المشاركين جاؤوا من كل حدب وصوب، من أبناء المهجرين ومن كافة أوساط الشعب الفلسطيني والمتضامنين الأجانب واليهود. وقد طغى العنصر الشبابي على هذه المسيرة. إن دل ذلك على شيء فأنه يدل أولا وقبل كل شيء على أن النكبة هي حدث عصي على النسيان وعلى أن حق العودة هو حجر الزاوية في القضية الفلسطينية برمتها. لكن، ويوجد هنا لكن كبيرة.
خيبة الأمل بدأت مع وصول المسيرة إلى نهايتها، إلى منصة المهرجان، أو الأصح إلى منصة الخطابات. حيث هبطنا هبوطا اضطراريا على ارض الواقع لكي نسمع الاسطوانة ذاتها الطافحة بشعارات ما لها رصيد. عدنا مرة واحدة إلى سحر العادة إلى سحر الروتين. أخذت الجماهير تتفرق فورا بعد وصول المسيرة إلى نقطة نهايتها حتى أن الخطيب الأخير وجد نفسه يخطب أمام كراسي شبه فارغة.
هذه الظاهرة شاهدناها في معظم مسيرات العودة السابقة وكذلك في مظاهرات يوم الأرض. ففي مسيرة يوم الأرض الأخيرة التي شارك بها عشرات الآلاف جاءت نهايتها تعيسة بالرغم من تدارك المنظمين والاختصار بالكلمات.
إذن، مظاهراتنا ناجحة، تستقطب أوساطا واسعة من الجماهير وخصوصا من جيل الشباب وتعج بالنشاط والحماس. ولكن مع ذلك تبقى عقيمة، فلم نستطع وقف عمليات مصادرة الأرض أو استعادة أية أرض مصادرة ولا استطعنا أن نجعل من حق العودة مشروعا عمليا قابلا للتحقيق. وكأننا أمام المثل الذي يقول: لقد نجحت العملية لكن المريض مات.
نقف هنا أمام لغز لا بد من محاولة فك أسراره بكل جرأة وصراحة. حسب رأيي، في هذه القضية بالذات، تقع المسؤولية الأساسية على عاتق القيادة. وفي حالتنا هذه على لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين المدعومة من قبل لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية. تعمل كلتا اللجنتين تحت سقف سياسي واحد منخفض جدا، على المواطن أن يحني هامته لكي لا يدق رقبته. القضية ليست قضية شخصية، فبعض أعضاء الإدارة في لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين من أصدقائي وأنا لا اشك أبدا بإخلاصهم لقضية العودة. لكن هذا لا يمنع أن يكونوا أعضاء إدارة فاشلين.
في ظروف الصراع طويل الأمد تكون القيادة عادة مسئولة عن الانجازات والنجاحات والايجابيات كما تكون في الوقت نفسه مسئولة عن الفشل وعن النواحي السلبية. إلا في واقعنا فإن القيادة مسئولة عن الشق الثاني أما الشق الأول فإنه موجد رغما عنها وليس بفضلها. وإلا كيف نفسر حالة الحماس الجماهيري من جهة والدور الكابح التي تلعبه القيادة من جهة أخرى؟
تغيب لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين عن الساحة السياسية 364 يوما في السنة وتظهر في يوم واحد هو ذكرى النكبة. وهكذا أصبحت النكبة ذكرى وليست واقعا يوميا تعيشه جماهير شعبنا بكل تفاصيله. ماذا تفعل لجنة المهجرين طوال السنة؟ اللهم غير بعض الاجتماعات بين أربع جدران في إحدى الغرف النائية؟ قبل عدة سنوات حاولت اللجنة القيام برحلات إلى القرى المهجرة لتعريف الجيل الناشئ عليها ولكن سرعان ما توقفت ولا أدري ما السبب. قبل حوالي عشر سنوات حاولت اللجنة وضع لافتات تشير إلى مواقع القرى المهجرة ولكنها سرعان ما نبذت هذه المبادرة، واليوم من بين القرى المهجرة ال530 التي يجري الحديث عنها لا يعرف منها على الصعيد الجماهيري سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
الإعلام الذي أصبح وسيلة ضرورية في عالمنا الحديث للدفاع عن أية قضية يبدو انه مصطلح غريب عن لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين. اللجنة تفتقر إلى موقع على الشبكة الالكترونية يكون على مستوى القضية التي تدعي أنها تمثلها. حتى أنها لا تملك عنوانا ثابتا لكي يتم التواصل معها، بريدها الالكتروني لا يعمل وربما لا يعرف أعضاء الإدارة كيفية استعماله. لا يوجد أحد من أعضاء الإدارة يتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة حتى يستطيع أن يعبر عن قضيته أمام المحافل الأجنبية فردية كانت أم مؤسساتية. النتيجة هي أن لجنة الدفاع عن المهجرين فشلت فشلا كاملا في جعل قضية مهجري الداخل جزءا لا يتجزأ من قضية اللاجئين.
لا أدري ما هو الوضع التنظيمي الداخلي للجنة ولكن واضح إنها جسم مغلق يرفض قبول دماء جديدة في شرايينه.
حتى لا تصبح النكبة مجرد ذكرى ولكي لا تبقى العودة حلما بعيد المنال يجب العمل على تغيير هذه القيادة تغييرا جذريا وتغيير العقلية المتحجرة التي تتحكم بممارسات متخذي القرارات.
مسيرة العودة، كما مسيرة يوم الأرض ومسيرة انتفاضة الأقصى يجب أن تبقى وتزداد زخما ولكن في الوقت نفسه يجب الحذر من محاولات إفراغها من مضمونها الثوري التقدمي، ترويضها وجعلها وسيلة للتنفيس من غضب الجماهير وحرفها عن مسارها الصحيح. على هذه المناسبات أن تبقى ينبوعا متدفقا للنضال الذي لا ينضب حتى تحقيق العودة والتحرير.
Wednesday, April 14, 2010
هل أصبح العالم أكثر أمنا بعد قمة الامن النووي؟
هل أصبح العالم أكثر أمنا بعد قمة الأمن النووي؟
علي زبيدات - سخنين
صرح براك أوباما في مؤتمر الذرة الذي دعا إليه في واشنطن والذي حضرته 47 دولة: أن المؤتمر حقق نجاحات باهرة في هذا المجال حيث وافقت أوكرانيا وكندا والمكسيك على التخلي عن قدراتها النووية بينما توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا إلى اتفاقية تحد من الأسلحة النووية وتقلصها بالثلث. هل مثل هذا التصريح يجعل من كرتنا الأرضية أكثر أمنا؟ أم انه لا يعدو كونه أكثر من ذر الرماد في العيون وخداع شعوب العالم على ارفع المستويات؟
إن مؤتمرا على هذا المستوى الرفيع الذي يشمل زعماء معظم الدول ذات القدرات النووية في العالم يجبن عن الخوض ببرنامج إسرائيل النووي ويزعم بكل استعباط: أن الخطر النووي الأكبر على سلام العالم ليس من الدول بل من "المنظمات الإرهابية" كتنظيم القاعدة، لا يمكن أن يكون مؤتمرا جديا.
قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في اللحظة الأخيرة، عدم المشاركة في هذا المؤتمر خشية من أن تقوم بعض الدول بطرح الملف النووي الإسرائيلي وإحراجه أمام وسائل الإعلام العالمية. خصوصا بعد أن صرح الزعيم التركي رجب طيب أردوغان بأنه سوف يطرح هذا الملف في المؤتمر. في نهاية المطاف نتنياهو لم يسافر وأردوغان لم يطرح الملف النووي الإسرائيلي، ولكن هذا لم يغير من الواقع شيئا. دولة إسرائيل كانت وما زالت حسب الرأي العام العالمي تشكل أكبر خطر على السلام العالمي. المنظمات المختصة في المجال النووي تدعم هذا التوجه بالرغم من سياسة "الغموض" التي تمارسها الدولة والتي لم تعد تقنع طفلا رضيعا. يؤكد "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" أن إسرائيل تملك ما لا يقل عن 200 رأسا نوويا. مجموعة "جينز" ومقرها في لندن تقول أن إسرائيل تملك بين 200-300 رأسا نوويا. أمام هذه المعطيات يطلق براك أوباما كذبته الكبرى ويريدنا أن نصدقها والتي تقول أن الخطر النووي الأكبر على السلام العالمي يأتي من المنظمات الإرهابية التي تسعى للحصول على أسلحة نووية.
تواجه كرتنا الأرضية خطر الدمار الشامل ليس بسبب توازن الرعب التي تفرضه الدول النووية ترسانتها النووية للدمار الشامل وحسب بل أيضا بسبب ما يسمى باستعمال الطاقة " للغايات السلمية". في ظل النظام الرأسمالي العالمي لا يوجد هناك أي استعمال مضمون لغايات سلمية.
في الوقت الراهن، استعمال الطاقة النووية "للغايات السلمية" هو الذي يفتك بالبشر وليس السلاح النووي الذي لم يستعمل منذ أيام هيروشيما وناكازاكي بالرغم من انه يشكل أكبر تهديد لدمار الكرة الأرضية.
قد يزعم البعض أن الاستعمال السلمي للطاقة النووية قد أصبح ضروريا في المجتمعات الصناعية الحديثة خصوصا على ضوء تقلص واضمحلال مصادر الطاقة الأخرى. تبدو هذه المزاعم، للوهلة الأولى، منطقية ولكن نظرة ثاقبة إلى هذا الموضوع تظهر العكس تماما. يمكن هنا الإشارة إلى 3 أسباب رئيسية تدعونا للحذر بل لمعارضة استعمال كافة أشكال الطاقة النووية:
1) التكاليف الباهظة: بناء المفاعل النووية، تشغيلها وصيانتها تكلف مبالغ طائلة تسلب عادة، وخصوصا في الدول النامية، من قوت الشعب. لنأخذ الهند والباكستان على سبيل المثال. بينما تعاني هاتان الدولتان من الفقر المدقع ويتضور شعباها جوعا ترصد الأموال الطائلة وتصرف على سباق التسلح النووي وعلى أشكال الطاقة النووية الأخرى. كان من الأجدر لهاتين الدولتين أن تستعمل هذه الأموال من أجل محاربة الفقر والمجاعة.
2) سلامة العاملين: العمل في المفاعل الذرية يعرض العاملين للخطر بسبب تسرب الإشعاعات الضارة. وقد سببت العديد من الكوارث والمخاطر كان أخطرها ما حدث في تشرنوبيل قبل سنوات. الكوارث لا تعد ولا تحصى بالرغم من تكتم الدول عليها ومنها. على سبيل المثال تكتم دولة إسرائيل على الوضع الصحي لعمال مفاعل ديمونا الذين تعرضوا لتسرب إشعاعات قاتلة. هذه المفاعل تشكل خطرا ليس فقط للعاملين بها بل أيضا للذين يسكنون بجوارها.
3) النفايات: الطاقة النووية تفرز كميات من النفايات الضارة. تقوم الدول الصناعية المتطورة بدفن النفايات النووية في البلدان الفقيرة مقابل مبالغ زهيدة للحكام الفاسدين. هذه النفايات تلوث التربة والماء والجو وتسبب الإمراض والموت المبكر.
إذن، استعمال الطاقة النووية في ظل النظام الرأسمالي العالمي يفتك بالبشر بما لا يقل عن أسلحة الدمار الشامل.
اتفاقية تقليص الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا بالثلث لا تعزي أحدا. الثلثان المتبقيان كفيلان بتدمير كرتنا الأرضية عدة مرات.
إننا كمجتمع، بكافة شرائحه وخصوصا من مثقفين وناشطين سياسيين نعاني من نقص في الوعي بكل ما يتعلق بالمسألة النووية. يظن البعض أن على العرب الحصول على سلاح نووي للوصول إلى " توازن رعب" لردع إسرائيل. يكفينا رعبا. السلاح النووي لن يحرر وطنا ولن يعيد لاجئا. وإذا استعملت إسرائيل أسلحتها النووية سوف تكون هي أول من يدفع الثمن.
من هذا المنطلق أعارض المبدأ الذي ترفعه حاليا إيران دفاعا عن برنامجها النووي والعديد من الدول النامية لكسر احتكار الطاقة النووية من قبل الدول الرأسمالية، والذي يقول:" الطاقة النووية للجميع، السلاح النووي ليس لأحد"
ما دامت الطاقة النووية غير آمنة وما دامت تستعمل لتحقيق الإرباح على كاهل الجماهير الكادحة بكل ثمن يجب معارضتها والنضال ضدها.
علي زبيدات - سخنين
صرح براك أوباما في مؤتمر الذرة الذي دعا إليه في واشنطن والذي حضرته 47 دولة: أن المؤتمر حقق نجاحات باهرة في هذا المجال حيث وافقت أوكرانيا وكندا والمكسيك على التخلي عن قدراتها النووية بينما توصلت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا إلى اتفاقية تحد من الأسلحة النووية وتقلصها بالثلث. هل مثل هذا التصريح يجعل من كرتنا الأرضية أكثر أمنا؟ أم انه لا يعدو كونه أكثر من ذر الرماد في العيون وخداع شعوب العالم على ارفع المستويات؟
إن مؤتمرا على هذا المستوى الرفيع الذي يشمل زعماء معظم الدول ذات القدرات النووية في العالم يجبن عن الخوض ببرنامج إسرائيل النووي ويزعم بكل استعباط: أن الخطر النووي الأكبر على سلام العالم ليس من الدول بل من "المنظمات الإرهابية" كتنظيم القاعدة، لا يمكن أن يكون مؤتمرا جديا.
قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في اللحظة الأخيرة، عدم المشاركة في هذا المؤتمر خشية من أن تقوم بعض الدول بطرح الملف النووي الإسرائيلي وإحراجه أمام وسائل الإعلام العالمية. خصوصا بعد أن صرح الزعيم التركي رجب طيب أردوغان بأنه سوف يطرح هذا الملف في المؤتمر. في نهاية المطاف نتنياهو لم يسافر وأردوغان لم يطرح الملف النووي الإسرائيلي، ولكن هذا لم يغير من الواقع شيئا. دولة إسرائيل كانت وما زالت حسب الرأي العام العالمي تشكل أكبر خطر على السلام العالمي. المنظمات المختصة في المجال النووي تدعم هذا التوجه بالرغم من سياسة "الغموض" التي تمارسها الدولة والتي لم تعد تقنع طفلا رضيعا. يؤكد "المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية" أن إسرائيل تملك ما لا يقل عن 200 رأسا نوويا. مجموعة "جينز" ومقرها في لندن تقول أن إسرائيل تملك بين 200-300 رأسا نوويا. أمام هذه المعطيات يطلق براك أوباما كذبته الكبرى ويريدنا أن نصدقها والتي تقول أن الخطر النووي الأكبر على السلام العالمي يأتي من المنظمات الإرهابية التي تسعى للحصول على أسلحة نووية.
تواجه كرتنا الأرضية خطر الدمار الشامل ليس بسبب توازن الرعب التي تفرضه الدول النووية ترسانتها النووية للدمار الشامل وحسب بل أيضا بسبب ما يسمى باستعمال الطاقة " للغايات السلمية". في ظل النظام الرأسمالي العالمي لا يوجد هناك أي استعمال مضمون لغايات سلمية.
في الوقت الراهن، استعمال الطاقة النووية "للغايات السلمية" هو الذي يفتك بالبشر وليس السلاح النووي الذي لم يستعمل منذ أيام هيروشيما وناكازاكي بالرغم من انه يشكل أكبر تهديد لدمار الكرة الأرضية.
قد يزعم البعض أن الاستعمال السلمي للطاقة النووية قد أصبح ضروريا في المجتمعات الصناعية الحديثة خصوصا على ضوء تقلص واضمحلال مصادر الطاقة الأخرى. تبدو هذه المزاعم، للوهلة الأولى، منطقية ولكن نظرة ثاقبة إلى هذا الموضوع تظهر العكس تماما. يمكن هنا الإشارة إلى 3 أسباب رئيسية تدعونا للحذر بل لمعارضة استعمال كافة أشكال الطاقة النووية:
1) التكاليف الباهظة: بناء المفاعل النووية، تشغيلها وصيانتها تكلف مبالغ طائلة تسلب عادة، وخصوصا في الدول النامية، من قوت الشعب. لنأخذ الهند والباكستان على سبيل المثال. بينما تعاني هاتان الدولتان من الفقر المدقع ويتضور شعباها جوعا ترصد الأموال الطائلة وتصرف على سباق التسلح النووي وعلى أشكال الطاقة النووية الأخرى. كان من الأجدر لهاتين الدولتين أن تستعمل هذه الأموال من أجل محاربة الفقر والمجاعة.
2) سلامة العاملين: العمل في المفاعل الذرية يعرض العاملين للخطر بسبب تسرب الإشعاعات الضارة. وقد سببت العديد من الكوارث والمخاطر كان أخطرها ما حدث في تشرنوبيل قبل سنوات. الكوارث لا تعد ولا تحصى بالرغم من تكتم الدول عليها ومنها. على سبيل المثال تكتم دولة إسرائيل على الوضع الصحي لعمال مفاعل ديمونا الذين تعرضوا لتسرب إشعاعات قاتلة. هذه المفاعل تشكل خطرا ليس فقط للعاملين بها بل أيضا للذين يسكنون بجوارها.
3) النفايات: الطاقة النووية تفرز كميات من النفايات الضارة. تقوم الدول الصناعية المتطورة بدفن النفايات النووية في البلدان الفقيرة مقابل مبالغ زهيدة للحكام الفاسدين. هذه النفايات تلوث التربة والماء والجو وتسبب الإمراض والموت المبكر.
إذن، استعمال الطاقة النووية في ظل النظام الرأسمالي العالمي يفتك بالبشر بما لا يقل عن أسلحة الدمار الشامل.
اتفاقية تقليص الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا بالثلث لا تعزي أحدا. الثلثان المتبقيان كفيلان بتدمير كرتنا الأرضية عدة مرات.
إننا كمجتمع، بكافة شرائحه وخصوصا من مثقفين وناشطين سياسيين نعاني من نقص في الوعي بكل ما يتعلق بالمسألة النووية. يظن البعض أن على العرب الحصول على سلاح نووي للوصول إلى " توازن رعب" لردع إسرائيل. يكفينا رعبا. السلاح النووي لن يحرر وطنا ولن يعيد لاجئا. وإذا استعملت إسرائيل أسلحتها النووية سوف تكون هي أول من يدفع الثمن.
من هذا المنطلق أعارض المبدأ الذي ترفعه حاليا إيران دفاعا عن برنامجها النووي والعديد من الدول النامية لكسر احتكار الطاقة النووية من قبل الدول الرأسمالية، والذي يقول:" الطاقة النووية للجميع، السلاح النووي ليس لأحد"
ما دامت الطاقة النووية غير آمنة وما دامت تستعمل لتحقيق الإرباح على كاهل الجماهير الكادحة بكل ثمن يجب معارضتها والنضال ضدها.
Tuesday, April 06, 2010
المهم ألا نزعل الدولة والقوى الديمقراطية اليهودية.
علي زبيدات – سخنين
انتهى يوم الأرض وعدنا إلى بيوتنا منتشين من ذلك النجاح الباهر للمسيرة التي قدرت بعشرات الآلاف، لولا حادثة الصورتين المزعجتين. هكذا نحن دائما، معيارنا الوحيد للنجاح هو الكم وليس الكيف. قبل سنتين، خلال حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، نفشنا ريشنا كالطاووس بعد تنظيم أكبر مسيرة عرفتها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والتي وصلت حسب التقديرات إلى 150 ألف متظاهر. ولكن هذه المظاهرة "الجبارة" لم تستطع أن تغطي عجزنا نصرة شعبنا في غزة بأية خطوة عملية وأظهرت عقمنا المزمن. كانت تلك المسيرة كما كانت مسيرة الأرض الأخيرة بالنسبة للأحزاب السياسية والزعامات المحلية متنفسا هدفه نزع الفتيل من غضب الجماهير. ومن أجل ذلك دولة إسرائيل مستعدة أن تكون متسامحة إلى أقصى حدود التسامح ولسان حالها يقول: ماذا يضرنا إذا تجمع ألآلاف من العرب في زاوية نائية بإحدى القرى لمدة ساعتين إذا كنا سننعم بهدوء تام كل السنة؟
لم تكن وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية هي الوحيدة التي انقضت على قضية رفع صورة السيد حسن نصر الله وعماد مغنية من قبل ملثمين في مسيرة يوم الأرض في الأسبوع الماضي وجعلت منها القضية الأساسية. الصحف العربية المحلية وخصوصا الحزبية منها هي الأخرى نسيت يوم الأرض وما يمثله والتهت بحادثة الصورتين ولكن من زاوية أخرى وبصورة تختلف عن الصحف الإسرائيلية. فبينما كان هدف الأولى التحريض على الجماهير الفلسطينية التي شلحت من أراضيها وتخويف السكان اليهود حتى يزدادوا عنصرية وكراهية للعرب، كان هدف الثانية الاعتذار أمام ما يسمى القوى الديمقراطية اليهودية والتذلل أمام الدولة. فهذا رجا زعاترة ينشر مقالا على موقع الجبهة الديمقراطية الالكتروني ويتساءل: لمصلحة من رفع صورة نصر الله؟ ويجيب بلا تردد: لمصلحة أعداء شعبنا. ويجزم أن من رفع الصورة من المدسوسين. كان على زعاترة أن يعلمنا كيف عرف ذلك. ويضيف جادي الغازي ممثل "القوى اليهودية الديمقراطية" الذي منحته جماهيرنا شرف الوقوف على المنصة ومخاطبتها بكلام ظاهره معسول وباطنه ملوث: الذين رفعوا الصور هم مستعربين لإثارة الشغب. أما محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العليا، والذي ألقى الخطاب الرئيسي في مهرجان يوم الأرض باسم كافة الجماهير العربية فقد قال: الشخص الذي رفع الصورة إما أن يكون مدسوسا من قبل المخابرات وإما أن يكون متطرفا وفي كلا الحالتين مرفوض من قبلنا.
وأنا أتساءل هنا: أية ديمقراطية هذه التي تخاف من رفع صورة وتمنعها وتلاحق رافعيها؟ ولماذا في مناسباتهم يرفعون صور هرتسل وجابوتنسكي وبن غوريون وغيرهم من القادة الصهاينة الذين اقترفوا جرائم عديدة في حق الشعب الفلسطيني والإنسانية. ولا يمنعون رفع صور لمجرمين حتى حسب القانون الإسرائيلي نفسه، مثل صور كهانا والسفاح غولدشطاين.
وأتساءل أيضا: لمصلحة من قام البعض بإزاحة اللثام عن وجوه الفتية الذين رفعوا الصور؟ هل حقا لكشف المدسوسين أم ربما كانوا هم المدسوسين؟ لقد شاهدنا هذا الفلم مرات عديدة عندما كان يقوم البعض، وجماهير شعبنا تعرف جيدا لأية جهة سياسية ينتمون، بإزالة اللثام عن وجوه "المدسوسين" الذين رفعوا العلم الفلسطيني في مظاهرات يوم الأرض عندما كان رفع العلم جريمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلي الديمقراطي جدا. اليوم طبعا تغيرت الأوضاع وانضم حماة النظام ومكافحي الشغب إلى "المدسوسين" وبات جميعهم يرفع العلم الفلسطيني ويتنافسون فيما بينهم من علمه أكبر.
لقد قررت دولة إسرائيل أن نصر الله من ألد أعدائها كما قررت أن لبنان وسوريا وبعض الدول الأخرى هي دول معادية وكل من يتصل أو يتواصل أو يفكر بالاتصال بها فهو أيضا معاد ويجب معاقبته حسب القانون الإسرائيلي. أي على الفلسطيني الذي بقي في أرضه بعد عام النكبة أن يتبنى النظرية التي تقول أن عدو دولة إسرائيل هو عدوه أيضا حتى ولو كان أخاه. وعليه أن يبرهن كل صباح مدى إخلاصه للدولة ألتي هدمت بيته، سلبت أرضه ومزقت عائلته.
الدولة التي تتغنى بالديمقراطية وتدعي بأن جميع مواطنيها يتمتعون بحرية التعبير عن الرأي إلى جانب الحريات الأخرى وتمنع رفع صورة، مهما كانت ترمز له هذه الصورة هي دولة مريضة تتبنى ديمقراطية مريضة.
لكل شعب الحق في أن يرفع صور أبطاله القوميين ورموزه وشهدائه ومناضليه. فلماذا يحرم الشعب الفلسطيني من ذلك؟ أرى انه من الحق ومن الواجب، في يوم الأرض وفي ذكرى النكبة وفي ذكرى الانتفاضة وكافة المناسبات الوطنية أن نرفع صور قيادتنا الوطنية حتى وإن كنا لا نتفق على كل ما قدموه وعلى كل ما يرمزون إليه. يحق لكل فرد منا، كل حسب قناعاته أن يرفع صورة القائد الذي يريده. ونحن كشعب فلسطيني مشرد ومحتل يناضل من أجل العودة والحرية أن يرفع صورة عزالدين القسام وسلطان باشا الاطرش وعمر المختار وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي وجمال عبد الناصر وياسر عرفات وأحمد ياسين وجورج حبش وحسن نصر الله وغيرهم من القادة الأحياء منهم والأموات الذين ناضلوا والذين ما زالوا يناضلون من أجل قضايانا العادلة.
حتى اليوم لم نهتم بهذه الناحية التربوية والتعبوية وكلي أمل أن تكون مناسباتنا القادمة مليئة بالصور التي تكرم قياداتنا الوطنية والقومية المخلصة.
علي زبيدات – سخنين
انتهى يوم الأرض وعدنا إلى بيوتنا منتشين من ذلك النجاح الباهر للمسيرة التي قدرت بعشرات الآلاف، لولا حادثة الصورتين المزعجتين. هكذا نحن دائما، معيارنا الوحيد للنجاح هو الكم وليس الكيف. قبل سنتين، خلال حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، نفشنا ريشنا كالطاووس بعد تنظيم أكبر مسيرة عرفتها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والتي وصلت حسب التقديرات إلى 150 ألف متظاهر. ولكن هذه المظاهرة "الجبارة" لم تستطع أن تغطي عجزنا نصرة شعبنا في غزة بأية خطوة عملية وأظهرت عقمنا المزمن. كانت تلك المسيرة كما كانت مسيرة الأرض الأخيرة بالنسبة للأحزاب السياسية والزعامات المحلية متنفسا هدفه نزع الفتيل من غضب الجماهير. ومن أجل ذلك دولة إسرائيل مستعدة أن تكون متسامحة إلى أقصى حدود التسامح ولسان حالها يقول: ماذا يضرنا إذا تجمع ألآلاف من العرب في زاوية نائية بإحدى القرى لمدة ساعتين إذا كنا سننعم بهدوء تام كل السنة؟
لم تكن وسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية هي الوحيدة التي انقضت على قضية رفع صورة السيد حسن نصر الله وعماد مغنية من قبل ملثمين في مسيرة يوم الأرض في الأسبوع الماضي وجعلت منها القضية الأساسية. الصحف العربية المحلية وخصوصا الحزبية منها هي الأخرى نسيت يوم الأرض وما يمثله والتهت بحادثة الصورتين ولكن من زاوية أخرى وبصورة تختلف عن الصحف الإسرائيلية. فبينما كان هدف الأولى التحريض على الجماهير الفلسطينية التي شلحت من أراضيها وتخويف السكان اليهود حتى يزدادوا عنصرية وكراهية للعرب، كان هدف الثانية الاعتذار أمام ما يسمى القوى الديمقراطية اليهودية والتذلل أمام الدولة. فهذا رجا زعاترة ينشر مقالا على موقع الجبهة الديمقراطية الالكتروني ويتساءل: لمصلحة من رفع صورة نصر الله؟ ويجيب بلا تردد: لمصلحة أعداء شعبنا. ويجزم أن من رفع الصورة من المدسوسين. كان على زعاترة أن يعلمنا كيف عرف ذلك. ويضيف جادي الغازي ممثل "القوى اليهودية الديمقراطية" الذي منحته جماهيرنا شرف الوقوف على المنصة ومخاطبتها بكلام ظاهره معسول وباطنه ملوث: الذين رفعوا الصور هم مستعربين لإثارة الشغب. أما محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العليا، والذي ألقى الخطاب الرئيسي في مهرجان يوم الأرض باسم كافة الجماهير العربية فقد قال: الشخص الذي رفع الصورة إما أن يكون مدسوسا من قبل المخابرات وإما أن يكون متطرفا وفي كلا الحالتين مرفوض من قبلنا.
وأنا أتساءل هنا: أية ديمقراطية هذه التي تخاف من رفع صورة وتمنعها وتلاحق رافعيها؟ ولماذا في مناسباتهم يرفعون صور هرتسل وجابوتنسكي وبن غوريون وغيرهم من القادة الصهاينة الذين اقترفوا جرائم عديدة في حق الشعب الفلسطيني والإنسانية. ولا يمنعون رفع صور لمجرمين حتى حسب القانون الإسرائيلي نفسه، مثل صور كهانا والسفاح غولدشطاين.
وأتساءل أيضا: لمصلحة من قام البعض بإزاحة اللثام عن وجوه الفتية الذين رفعوا الصور؟ هل حقا لكشف المدسوسين أم ربما كانوا هم المدسوسين؟ لقد شاهدنا هذا الفلم مرات عديدة عندما كان يقوم البعض، وجماهير شعبنا تعرف جيدا لأية جهة سياسية ينتمون، بإزالة اللثام عن وجوه "المدسوسين" الذين رفعوا العلم الفلسطيني في مظاهرات يوم الأرض عندما كان رفع العلم جريمة يعاقب عليها القانون الإسرائيلي الديمقراطي جدا. اليوم طبعا تغيرت الأوضاع وانضم حماة النظام ومكافحي الشغب إلى "المدسوسين" وبات جميعهم يرفع العلم الفلسطيني ويتنافسون فيما بينهم من علمه أكبر.
لقد قررت دولة إسرائيل أن نصر الله من ألد أعدائها كما قررت أن لبنان وسوريا وبعض الدول الأخرى هي دول معادية وكل من يتصل أو يتواصل أو يفكر بالاتصال بها فهو أيضا معاد ويجب معاقبته حسب القانون الإسرائيلي. أي على الفلسطيني الذي بقي في أرضه بعد عام النكبة أن يتبنى النظرية التي تقول أن عدو دولة إسرائيل هو عدوه أيضا حتى ولو كان أخاه. وعليه أن يبرهن كل صباح مدى إخلاصه للدولة ألتي هدمت بيته، سلبت أرضه ومزقت عائلته.
الدولة التي تتغنى بالديمقراطية وتدعي بأن جميع مواطنيها يتمتعون بحرية التعبير عن الرأي إلى جانب الحريات الأخرى وتمنع رفع صورة، مهما كانت ترمز له هذه الصورة هي دولة مريضة تتبنى ديمقراطية مريضة.
لكل شعب الحق في أن يرفع صور أبطاله القوميين ورموزه وشهدائه ومناضليه. فلماذا يحرم الشعب الفلسطيني من ذلك؟ أرى انه من الحق ومن الواجب، في يوم الأرض وفي ذكرى النكبة وفي ذكرى الانتفاضة وكافة المناسبات الوطنية أن نرفع صور قيادتنا الوطنية حتى وإن كنا لا نتفق على كل ما قدموه وعلى كل ما يرمزون إليه. يحق لكل فرد منا، كل حسب قناعاته أن يرفع صورة القائد الذي يريده. ونحن كشعب فلسطيني مشرد ومحتل يناضل من أجل العودة والحرية أن يرفع صورة عزالدين القسام وسلطان باشا الاطرش وعمر المختار وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي وجمال عبد الناصر وياسر عرفات وأحمد ياسين وجورج حبش وحسن نصر الله وغيرهم من القادة الأحياء منهم والأموات الذين ناضلوا والذين ما زالوا يناضلون من أجل قضايانا العادلة.
حتى اليوم لم نهتم بهذه الناحية التربوية والتعبوية وكلي أمل أن تكون مناسباتنا القادمة مليئة بالصور التي تكرم قياداتنا الوطنية والقومية المخلصة.
Subscribe to:
Posts (Atom)