لا للمصالحة لا للانتخابات
علي زبيدات – سخنين
كفى، لقد فقئوا أعيننا وأصموا آذاننا بالكلام المجتر والسقيم منذ أكثر من ثلاث سنوات حول الحوار الوطني والوفاق الوطني والمصالحة الوطنية والوحدة الوطنية. تعددت التسميات والشعارات والمضمون واحد وهو العكس تماما مما تعنيه هذه الكلمات. لقد آن الأوان أن تذبح بعض البقرات المقدسة على مذبح الحقيقة. لقد آن الأوان أن تحطم بعض الأصنام التي نعبدها. لقد آن الأوان أن يقولها أحدنا بصوت عال، من غير لف أو دوران وبدون كلمات تؤول إلى أكثر من معنى: إلى الجحيم أيتها المصالحة، إلى الجحيم أيتها الوحدة لأنه لا يوجد بك رائحة الوطنية. لا يمكن الاستمرار في خلط الأوراق. لا يمكن الاستمرار في التلاعب بالألفاظ ومن خلالها التلاعب بقضية شعب كامل.
أنا شخصيا مع الصراع ولست مع الوحدة. الصراع مطلق أما الوحدة فهي نسبية. الشعب الفلسطيني المشرد والمشتت والمضطهد الذي يلملم جراحه المفتوحة منذ أكثر من نصف قرن ويناضل من أجل استعادة صورته الإنسانية من خلال تحرير أرضه وعودته إلى وطنه هو في حالة صراع مطلق مع الكيان الذي شرده وأغتصب أرضه. الوحدة ضرورية بين القوى التي تقود هذا الصراع إلى نهايته الطبيعية وليس مع القوى المارقة التي تخدم العدو القومي والوطني والطبقي. من خلال تجارب الشعوب التي ناضلت وتناضل من أجل حريتها واستقلالها، وفي خضم الصراع تتساقط أوساط معينة كانت في بعض الفترات محسوبة على القوى الوطنية، تنتقل إلى المعسكر الآخر وتصبح مطية للمحتلين. الوحدة مع هذه الأوساط ليست وحدة وطنية، بل هي وحدة لا وطنية. على القوى الوطنية الحقيقية أن تعمل على استمرارية الفرز، أن تعمل على فصل القمح من الزوان. وليس ما نراه اليوم على الساحة الفلسطينية من خلط مريع للأوراق، من طمس الفوارق بين طريقي المقاومة والمساومة.
هل التنسيق الأمني مع الاحتلال يخدم الوحدة الوطنية؟ هل تدريب وتسليح قوى أمنية تأتمر بأوامر الكولونيل الأمريكي دايتون والمخابرات الإسرائيلية تخدم المصالحة الوطنية؟ هل الاستمرار في المفاوضات العبثية إلى ما نهاية وتقديم المزيد من التنازلات حتى التخلي الكامل عن الثوابت الوطنية تسمى وفاقا وطنيا؟
لماذا يقود رئيس مخابرات عربي مرتبط بالمعسكر الأمريكي الإسرائيلي حتى النخاع جلسات ما يسمى بالحوار الوطني؟ ولماذا يجري الكلام فقط عن أمور شكلية وتقنية مثل تركيب الحكومة وتوزيع الوزارات وتحديد الصلاحيات ويتم تجاهل الناحية السياسية بالكامل؟ أليست القضية الفلسطينية هي قضية سياسية أولا وأخيرا؟ لماذا لا يدور الحوار عن الإستراتيجية الأفضل لإدارة النضال الوطني حتى تحقيق أهدافه؟
أمامنا طريقان متوازيان لا يلتقيان أبدا. طريق المقاومة وطريق المساومة. وعندما يتم تلاقي هذين الطريقين بواسطة الضغط والابتزاز والوعود الكاذبة حتما ستقع الكارثة الأعظم.
في هذه السياق، أصدر الرئيس الفلسطيني، المنتهية صلاحيته والفاقد للشرعية مرسوما لأجراء الانتخابات في كانون الثاني القادم. هذا المرسوم التعيس، الصادر عن مؤسسة أتعس لا يثير إلا الشفقة والسخرية. وكما يقول المثل: شر البلية ما يضحك. لنبدأ من النهاية، حتى لو كانت الانتخابات حرة ونزيهة فإن نتائجها لن تقبل إذا كان الفائز غير الفريق الذي يحظى بدعم أمريكا وإسرائيل والرجعية العربية، كما كانت الحالة في الانتخابات الماضية قبل 3 سنوات. ولكن في هذه المرة تعلم الفريق الخاسر الدرس وشطب كلمة نزاهة من قاموسيه. ما يجري الآن في الضفة الغربية هو عملية رشوة جماعية وتزييف واسعة النطاق تصل إلى كل قرية ومدينة فلسطينية. وفي المقابل يتم سجن وتهديد كل من تسول له نفسه الحياد عن الثلم المرسوم. هذا إذا أضفنا حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة تجعل كل عملية انتخابية مهزلة.
ولكن يجب رفض الانتخابات لاعتبارات أخرى أهم مما تقدم بما لا يقاس. أولا، تجري هذه الانتخابات التي قد تؤثر على مصير القضية الفلسطينية ككل في الضفة الغربية وغزة فقط حيث يسكن أقل من نصف الشعب الفلسطيني، بينما تبقى باقي الجماهير الفلسطينية في الشتات وفي الأراضي المحتلة عام 1948 في موقف المتفرج. مثل هذه الانتخابات ليست فقط أنها لا تمثل عموم الشعب الفلسطيني بل أيضا ترسخ وتكرس حالة التمزق التي يعاني منها. وثانيا، ما هي ضرورة الانتخابات في ظل الاحتلال؟ الانتخابات سوف تفرز مجلسا تشريعيا، مثل هذا المجلس معطل ونصف أعضائه أسرى بالسجون الإسرائيلية أو سجون السلطة. مثل هذه الانتخابات سوف تفرز حكومة وسوف يقوم أي جندي إسرائيلي على الحاجز بتشليح رئيس الحكومة من ثيابه وتفتيشه بشكل مذل. في ظل الاحتلال لا يوجد هماك مكان لا لانتخابات تذر الرماد في الأعين ولا لمجلس تشريعي معطل ولا لحكومة لا تملك من أمرها شيئا. الرد على الاحتلال هو المقاومة بكافة أشكالها وفقط المقاومة.
هنا استغرب الموقف الانتهازي الذي تتخذه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكذلك فصائل المقاومة الأخرى وعلى رأسها حماس. لا يمكن مسك الحبل من طرفيه. لا يمكن أكل الكعكة والإبقاء عليها سالمة في الوقت نفسه. لا يمكن أن تكون ضد اتفاقيات أوسلو وضد كل ما انبثق عنها وتستمتع ببعض ما جلبته هذه الاتفاقيات. الانتخابات هي من إفرازات أوسلو الخبيثة التي تخدع أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني ويجب تعريتها. الانتخابات في ظل الاحتلال ليست تعبيرا عن الديمقراطية ولا عن الوعي السياسي، بل العكس من ذلك تماما هدفها الرضوخ للأمر الواقع، واقع الاحتلال.
اتفاقيات أوسلو سقطت منذ زمن طويل ولكن عقلية أوسلو المترعة بالأوهام والتفريط ما زالت تعشش في رؤوس الأوساط المتنفذة التي تتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني. مقاومة هذه العقلية لا يقل من حيث الأهمية عن مقاومة الاحتلال.
علي زبيدات – سخنين
كفى، لقد فقئوا أعيننا وأصموا آذاننا بالكلام المجتر والسقيم منذ أكثر من ثلاث سنوات حول الحوار الوطني والوفاق الوطني والمصالحة الوطنية والوحدة الوطنية. تعددت التسميات والشعارات والمضمون واحد وهو العكس تماما مما تعنيه هذه الكلمات. لقد آن الأوان أن تذبح بعض البقرات المقدسة على مذبح الحقيقة. لقد آن الأوان أن تحطم بعض الأصنام التي نعبدها. لقد آن الأوان أن يقولها أحدنا بصوت عال، من غير لف أو دوران وبدون كلمات تؤول إلى أكثر من معنى: إلى الجحيم أيتها المصالحة، إلى الجحيم أيتها الوحدة لأنه لا يوجد بك رائحة الوطنية. لا يمكن الاستمرار في خلط الأوراق. لا يمكن الاستمرار في التلاعب بالألفاظ ومن خلالها التلاعب بقضية شعب كامل.
أنا شخصيا مع الصراع ولست مع الوحدة. الصراع مطلق أما الوحدة فهي نسبية. الشعب الفلسطيني المشرد والمشتت والمضطهد الذي يلملم جراحه المفتوحة منذ أكثر من نصف قرن ويناضل من أجل استعادة صورته الإنسانية من خلال تحرير أرضه وعودته إلى وطنه هو في حالة صراع مطلق مع الكيان الذي شرده وأغتصب أرضه. الوحدة ضرورية بين القوى التي تقود هذا الصراع إلى نهايته الطبيعية وليس مع القوى المارقة التي تخدم العدو القومي والوطني والطبقي. من خلال تجارب الشعوب التي ناضلت وتناضل من أجل حريتها واستقلالها، وفي خضم الصراع تتساقط أوساط معينة كانت في بعض الفترات محسوبة على القوى الوطنية، تنتقل إلى المعسكر الآخر وتصبح مطية للمحتلين. الوحدة مع هذه الأوساط ليست وحدة وطنية، بل هي وحدة لا وطنية. على القوى الوطنية الحقيقية أن تعمل على استمرارية الفرز، أن تعمل على فصل القمح من الزوان. وليس ما نراه اليوم على الساحة الفلسطينية من خلط مريع للأوراق، من طمس الفوارق بين طريقي المقاومة والمساومة.
هل التنسيق الأمني مع الاحتلال يخدم الوحدة الوطنية؟ هل تدريب وتسليح قوى أمنية تأتمر بأوامر الكولونيل الأمريكي دايتون والمخابرات الإسرائيلية تخدم المصالحة الوطنية؟ هل الاستمرار في المفاوضات العبثية إلى ما نهاية وتقديم المزيد من التنازلات حتى التخلي الكامل عن الثوابت الوطنية تسمى وفاقا وطنيا؟
لماذا يقود رئيس مخابرات عربي مرتبط بالمعسكر الأمريكي الإسرائيلي حتى النخاع جلسات ما يسمى بالحوار الوطني؟ ولماذا يجري الكلام فقط عن أمور شكلية وتقنية مثل تركيب الحكومة وتوزيع الوزارات وتحديد الصلاحيات ويتم تجاهل الناحية السياسية بالكامل؟ أليست القضية الفلسطينية هي قضية سياسية أولا وأخيرا؟ لماذا لا يدور الحوار عن الإستراتيجية الأفضل لإدارة النضال الوطني حتى تحقيق أهدافه؟
أمامنا طريقان متوازيان لا يلتقيان أبدا. طريق المقاومة وطريق المساومة. وعندما يتم تلاقي هذين الطريقين بواسطة الضغط والابتزاز والوعود الكاذبة حتما ستقع الكارثة الأعظم.
في هذه السياق، أصدر الرئيس الفلسطيني، المنتهية صلاحيته والفاقد للشرعية مرسوما لأجراء الانتخابات في كانون الثاني القادم. هذا المرسوم التعيس، الصادر عن مؤسسة أتعس لا يثير إلا الشفقة والسخرية. وكما يقول المثل: شر البلية ما يضحك. لنبدأ من النهاية، حتى لو كانت الانتخابات حرة ونزيهة فإن نتائجها لن تقبل إذا كان الفائز غير الفريق الذي يحظى بدعم أمريكا وإسرائيل والرجعية العربية، كما كانت الحالة في الانتخابات الماضية قبل 3 سنوات. ولكن في هذه المرة تعلم الفريق الخاسر الدرس وشطب كلمة نزاهة من قاموسيه. ما يجري الآن في الضفة الغربية هو عملية رشوة جماعية وتزييف واسعة النطاق تصل إلى كل قرية ومدينة فلسطينية. وفي المقابل يتم سجن وتهديد كل من تسول له نفسه الحياد عن الثلم المرسوم. هذا إذا أضفنا حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزة تجعل كل عملية انتخابية مهزلة.
ولكن يجب رفض الانتخابات لاعتبارات أخرى أهم مما تقدم بما لا يقاس. أولا، تجري هذه الانتخابات التي قد تؤثر على مصير القضية الفلسطينية ككل في الضفة الغربية وغزة فقط حيث يسكن أقل من نصف الشعب الفلسطيني، بينما تبقى باقي الجماهير الفلسطينية في الشتات وفي الأراضي المحتلة عام 1948 في موقف المتفرج. مثل هذه الانتخابات ليست فقط أنها لا تمثل عموم الشعب الفلسطيني بل أيضا ترسخ وتكرس حالة التمزق التي يعاني منها. وثانيا، ما هي ضرورة الانتخابات في ظل الاحتلال؟ الانتخابات سوف تفرز مجلسا تشريعيا، مثل هذا المجلس معطل ونصف أعضائه أسرى بالسجون الإسرائيلية أو سجون السلطة. مثل هذه الانتخابات سوف تفرز حكومة وسوف يقوم أي جندي إسرائيلي على الحاجز بتشليح رئيس الحكومة من ثيابه وتفتيشه بشكل مذل. في ظل الاحتلال لا يوجد هماك مكان لا لانتخابات تذر الرماد في الأعين ولا لمجلس تشريعي معطل ولا لحكومة لا تملك من أمرها شيئا. الرد على الاحتلال هو المقاومة بكافة أشكالها وفقط المقاومة.
هنا استغرب الموقف الانتهازي الذي تتخذه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكذلك فصائل المقاومة الأخرى وعلى رأسها حماس. لا يمكن مسك الحبل من طرفيه. لا يمكن أكل الكعكة والإبقاء عليها سالمة في الوقت نفسه. لا يمكن أن تكون ضد اتفاقيات أوسلو وضد كل ما انبثق عنها وتستمتع ببعض ما جلبته هذه الاتفاقيات. الانتخابات هي من إفرازات أوسلو الخبيثة التي تخدع أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني ويجب تعريتها. الانتخابات في ظل الاحتلال ليست تعبيرا عن الديمقراطية ولا عن الوعي السياسي، بل العكس من ذلك تماما هدفها الرضوخ للأمر الواقع، واقع الاحتلال.
اتفاقيات أوسلو سقطت منذ زمن طويل ولكن عقلية أوسلو المترعة بالأوهام والتفريط ما زالت تعشش في رؤوس الأوساط المتنفذة التي تتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني. مقاومة هذه العقلية لا يقل من حيث الأهمية عن مقاومة الاحتلال.
No comments:
Post a Comment