يبدو اننا كجماهير فلسطينية في هذه البلاد نعاني من مشكلة في فهم المقروء ومشاكل في إستيعاب المسموع ايضا. وإلا كيف نفسر ردود الفعل المتشنجة التي صدرت عن الزعامات والاحزاب العربية بخصوص تصريحات تسيبي ليفني الاخيرة عندما قالت أمام طلاب أحدى المدارس الثانوية في تل أبيب:" عندما تقوم الدولة الفلسطينية استطيع أن أقول لمواطني دولة اسرائيل الفلسطينيين، الذين نطلق عليهم اليوم اسم عرب اسرائيل، أن الحل القومي لقضيتكم موجود في مكان آخر"؟
ما الجديد في تصريح ليفني هذا؟ هل الان فقط اكتشفت هذه الاحزاب والزعامات أن ايديولوجية الترانسفير ليست حكرا على ليبرمان وعلى ما يسمى اليمين المتطرف، بل هي في صميم الحركة الصهيونية على كافة تياراتها؟ الم تقم الحركة الصهيونية منذ البداية على اسطورة: "شعب بلا ارض يعود الى أرض بلا شعب"؟ ولمعلوماتكم من إختلق هذه الاسطورة، طورها وجعل منها سياسة عملية ووضعها في موقع التنفيذ لم يكن تيارا هامشيا عنصريا ينتمي لليمين المتطرف، بل كان التيار الاساسي في الحركة الصهيونية ممثلا بحزب العمل بكافة تجلياته واشكاله السابقة والراهنة. ما جرى في عام 1948 من عمليات تطهير عرقي لم يعد ينكره أحد حتى أولئك الذين خططوا له ونفذوه وحاولوا لفترة طويلة إخفاء جرائمهم من خلال إعادة كتابة التاريخ بعد تزييف الحقائق. وأكثر من ذلك، فإن أغلبهم اليوم نادمون على عدم إكمال المهمة حتى النهاية ولم يطهروا فلسطين من الفلسطينيين حتى بكرة ابيهم.
ليست التصريحات التي نسمعها من فترة لأخرى من زعماء الدولة سوى حنين الى تلك الايام والتباكي على الفرصة التاريخية التي ضاعت من بين ايديهم.
ما قالته ليفني مؤخرا ليس سوى تكرار لما ورد فيما يسمى "وثيقة الاستقلال" الصهيونية. هذه الوثيقة التي تعتبر نموذجا لتزييف التاريخ، حيث اعلنت عن قيام دولة " يهودية" كأستمرار طبيعي لدولة وهمية قامت قبل أكثر من الفين سنة شاطبة تماما شعوبا وحضارات متعددة نمت وترعرعت خلال قرون طويلة على أرض فلسطين.
كل ما فعلته ليفني هو انها عبرت عن الايديولوجية الصهيونية بكلماتها الخاصة، ولم تأت بشيء جديد. وإذا كان هناك ثمة شيء جديد هو صراحتها ووضوحها، فهي مقبلة على انتخابات برلمانية ومن أجل الحصول على حفنة من الاصوات جرت العادة أن يتنافس المرشحون فيما بينهم حول أمرين: الاول تصعيد عمليات القتل والدمار والتهديد كما يجري في غزة والخليل ونابلس وباقي المناطق الفلسطينية. والثاني هو تبني المواقف العنصرية والمجاهرة بها.
الرد على تصريحات الساسة الاسرائيليين المتكررة يجب أن يتجاوز الادانة والتنديد، وهي الطريقة الوحيدة التي تعرفها الاحزاب العربية وأعضاء الكنيست ، الذين بمجرد وجودهم في ذلك المكان يمنحون الشرعية لهذه المؤسسة العنصرية بكافة أعضائها ولكل ما يصدر عنهم.
الرد على هذه التصريحات يجب أن يكون واضحا ومن غير تلعثم. وهو حسب رأيي يتلخص في نقطتين اساسيتين:
اولا: هذه الدولة، سموها كما شئتم، " اسرائيل"، دولة "يهودية ديموقراطية" هي ليست دولتنا وانتم على حق في ذلك. فهي لا يمكن أن تعبر عن طموحاتنا القومية ولا يمكن أن تكون اساسا لحل قضيتنا القومية. وصدقت ليفني عندما قالت أن حل قضيتنا القومية موجود في مكان آخر، ولكنها نسيت أن تقول: أن المكان الآخر هو فلسطين التاريخية التي لا تقبل القسمة او التجزئة؟
ثانيا، من جهة أخرى، على تسيبي ليفني وباقي القيادات الصهيونية أن تبحث هي أيضا عن مكان آخر لتحقيق طموحاتها القومية، فمن جاء من روسيا فهي بلاد واسعة يستطيع أن يعود اليها ويحل قضيته القومية هناك، او في اوكراينا او جورجيا أو بولندا أو رومانيا أو المغرب أو اليمن أو أمريكا، الخ.
فلسطين هي أولا وقبل كل شيء وطن الشعب الفلسطيني. هي وطن اللاجئين الذين شردوا من ديارهم عام 1948 كما هي وطن الذين بقوا يرزحون تحت الاحتلال في المناطق التي احتلت عام 1948 وعام 1967. ومن لا يعترف بهذه البديهية لا يمكن أن تكون فلسطين وطنا له وعليه أن يبحث عن وطن آخر.
وأخيرا أعيد صياغة اقوال تسيبي ليفني وأعيدها اليها من غير إحترام: " عندما تقوم الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، من البحر الى النهر، أستطيع أن أقول لمواطني دولة فلسطين الاسرائيليين، الذين نطلق عليهم اليوم اسم يهود صهاينة، أن الحل القومي لقضيتكم موجود في مكان آخر".
1 comment:
سؤال: لماذا تطلق علينا جماهير فلسطينية؟ وهي ترجمة من العبرية.
لست احاول المزاودة.. ولكن افكر ما هو افضل تعريف لنا؟
حتى نستطيع ان نواجه غيرنا يجب ان نكون واضحين مع انفسنا اكثر
وربما يجدر بنا ان نقرر من نحن؟
فلسطينيين، مواطني دولة اسرائيل، عرب 48، فلسطينيي 48،
عرب اسرائيل، عرب الشام..
من نحن؟؟
Post a Comment