Wednesday, December 24, 2008

تهافت التهافت الى الكنيست



بعد العرض الرديء الذي قدمته لنا الاحزاب العربية (وغير العربية) في الانتخابات المحلية الاخيرة تعود الينا بمسلسل آخر عن الانتخابات للكنيست شاهدنا في الايام الاخيرة الحلقة الاولى منه التي تدور حول تعيين "إنتخاب" مرشحيها لهذه الانتخابات، والتي تسمى باللغة السياسية الدارجة "البرايمريز".
ليس من الضروري أن يكون الشخص محللا سياسيا أو خبيرا بشؤون الاحزاب لكي يستنتج أن هذه الاحزاب قد تفوقت على نفسها من حيث الاداء الرديء والمستوى الهابط في هذه الحلقة وعلى كافة المستويات.
كما ذكرت تقتصر هذه الحلقة التي أكتب عنها الآن على إختيار المرشحين "البرايمريز". وسوف تليها بلا شك حلقات أخرى مثيرة بالرغم من رداءتها المعروفة سلفا حول المفاوضات والتداولات بين الاحزاب التي سوف تتمخض عن تحالفات غريبة عجيبة حتى تتوصل الى قوائم نهائية للمرشحين. هذا ناهيك عن الدعاية الانتخاية. وسوف أتناول هذه الحلقات في وقتها.
من المفروض أن تكون البرايمريز وسيلة "ديموقراطية" يتنافس من خلالها المرشحون داخل كل حزب من أجل إختيار الافضل لقيادة هذا الحزب في الانتخابات. هل كانت هناك حقا منافسة شريفة ( أو حتى في بعض الاحيان منافسة غير شريفة؟) داخل هذه الاحزاب؟ لنلق نظرة سريعة وندع الحقائق تتكلم عن نفسها ولنستمع لبعض ما قاله المتنافسون انفسهم عن أحزابهم وذلك لتفادي أن اتهم باللاموضوعية والمواقف المغرضة ضد هذه الاحزاب.
قبل حوالي اسبوع عقدت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة مؤتمرها القطري لإنتخاب مرشحيها للكنيست. كان النائب محمد بركة هو المرشح الوحيد للمكان الاول، واجهته مشكلة صغيرة فقط: بصفته عضو كنيست مخضرم ومن المفروض إخلاقيا أن يتنحى جانبا لكي يفسح المجال لمرشح آخر، ولكن بالطبع الاعتبارات الاخلاقية لا تلعب دورا في العمل السياسي، فكان عليه، حسب النظام الداخلي للجبهة، أن ينال موافقة ثلثي أعضاء المؤتمر الحاضرين. فما المشكلة؟ لا مشكلة على الاطلاق، فبعد أن صفى معارضيه في القمة خلال السنتين الاخيرتين فقد نال 98% من أصوات المؤتمرين. وهذه نسبة لا تعيب اي زعيم عربي يتزين بالديموقراطية. هكذا حسم المكان الاول بدون منافسة وبدون إنتخابات حقيقية. المرشح الثاني تاريخيا (لنقل في العقدين الاخيرين) يجب أن يكون مسيحيا وهذا المكان مفصل على مقاس حنا سويد. وكان من المتوقع أن يكون التنافس على هذا المكان شيقا لأن المرشح اليهودي (الثالث تاريخيا) متشجعا من نجاحه النسبي في الانتخابات المحلية لرئاسة بلدية تل ابيب قد أعلن عن نيته المنافسة على هذا المكان. ولكن ولإعتبارات نفعية مختلفة وضغوطات من أجل الحفاظ على التوازن، سحب ترشيحه في اللحظة الاخيرة. وهكذا حسم المكان الثاني ايضا بدون منافسة وبدون إنتخاب. المكان الثالث اصبح من نصيب دوف حنين، الممثل اليهودي، ايضا بدون منافسة وبدون انتخاب. وهكذا صمدت المعادلة المعروفة التي تقول: الاماكن الثلاثة الاولى للجبهة يجب أن تكون محصورة علة مرشح مسلم ثم مسيحي ثم يهودي بالترتيب، مرة أخرى. وبذلك إنحصرت المنافسة الحقيقية على المكان الرابع فقط حيث شهد هذا المكان إزدحاما غير مسبوق مؤلف من ثمانية مرشحين، تنازل إثنان منهما فيما بعد. وهنا دخل عنصر آخر معركة التنافس وهو التآمر وعقد الصفقات. وكانت عايدة توما مرشحة العنصر النسائي ضحية هذه المنافسة حيث خرجت من المولد بدون حمص تعض على أصبعها.
في الوقت نفسه عقد التجمع الوطني الديموقراطي مؤتمره والذي يحب أن يطلق على نفسه ممثل "التيار القومي". من حيث الجوهر لم يختلف هذا المؤتمر عن مؤتمر الجبهة. المكان الاول لم يشهد أية منافسة فقد كان محسوما مسبقا لصالح عضو الكنيست جمال زحالقة. كان من المتوقع أن يجري التنافس الحقيقي على المكان الثاني. ولكن قبل المؤتمر بعدة أيام اعلن النائب واصل طه عن قراره بعدم ترشيح نفسه لفترة جديدة وبالمقابل تم إختياره رئيسا للحزب. وحتى الآن لا أدري كيف يكون للحزب رئيسين، حيث لا يزال عزمي بشارة رئيسا للحزب من منفاه ولم اسمع عن تخليه عن هذا المنصب. هل يدري احدكم؟
علىأي حال، حل واصل طه بتنحيه عن المنافسة مشكلة ولكنه في الوقت نفسه خلق عدة مشاكل. هنا ايضا التوازن الطائفي على درجة عالية من الاهمية ولا يصح الاخلال به خصوصا وأن المكان الاول قد آل مرشح مسلم فإذا لم يكن المرشح الثاني مسيحيا فهذا يعني المخاطرة بفقدان الاصوات المسيحية وهكذا تم دفع انطون ليوس لينافس على المكان الثاني أمام النائب سعيد نفاع. يبدو انه ليس نحن فقط، الموجودين خارج التجمع، لم نسمع بهذا المرشح من قبل بل أغلبية أعضاء التجمع ايضا، وهكذا تم إنتخاب النائب سعيد نفاع. ولكن حالا بعد انتهاء المؤتمر تناولت وسائل الاعلام العربية انباء من داخل التجمع تتذمر من هذا الاختيار لأنه لن يجلب للتجمع أصوات جديدة. هذه الاصوات التجمعية كانت أجبن من أن تصرح علنا بما كان واضحا من الخبر ومفاده أن نفاع ينتمي للطائفة الدرزية التي تمنح معظم اصواتتها للأحزاب الصهيونية، بينما مرشح مسيحي يستطيع أن يحافظ على الاصوات المسيحية خصوصا وأن مؤسس الحزب ينتمي لهذه الطائفة. المكان الثالث كان مخصصا لإمرأة وفازت به حنين الزعبي من غير منافسة. ولو خاضت المنافسة كما يجب لما نالت اصوات تؤهلها للمكان العاشر كما كانت الحال عندما تركت خارج المكتب السياسي للتجمع.
المشهد التراجوكوميدي تكرر عند الاحزاب الاخرى: رئيس الحزب، وهو في معظم الاحيان يعتبر الحزب حانوتا خاصا به، يؤمن المكان الاول لنفسه ويتفنن في عقد الصفقات التي تضمن ترشيح المقربين.
الحركة الاسلامية الجنوبية على سبيل المثال: الشيخ عبدالله صرصور وضع المكان الاول فوق المنافسة وجرى العراك على المكان الثاني شبه المضمون في القائمة الموحدة. وعندما فاز مسعود غنايم بهذا المقعد خرج المرشح الآخر سليمان ابو أحمد وجماعته غاضبين وأعلن عن انسحابه من الحركة. وهكذا أثبتت الحركة الاسلامية مرة أخرى انها حزب يتكالب على متع الدنيا مثله مثل باقي الاحزاب الدنيوية.
وكيف لا يمكن أن نذكر الحزب الديموقراطي العربي، حيث أعلن مختار الحزب بأنه يتنازل عن رئاسة الحزب "مؤقتا" للنائب طلب الصانع الذي سوف يبقى المرشح الاول ولكن ليس قبل أن يؤمن مستقبل ابنه باسل دراوشه الذي أختير كمرشح ثاني، بشرط أن تعود رئاسة الحزب اليه في الفترة القادمة.
القائمة العربية للتغيير، وهي تدار كمزرعة خاصة للنائب احمد الطيبي وقريبه اسامة السعدي، وسوف يبقيان في المكان الاول والثاني الى ما شاء الله.
حزب الوسط العربي، الذي يضم النائب السابق عباس زكور والاسبق محمد حسن كنعان. كلاهما يبحث عن حضن دافئ يحتضنه حتى ولو لم يؤد هذا الاحتضان الى اروقة الكنيست، فهما على استعداد لقبول شريحة متواضعة من التمويل.
إن نسينا فإننا لا ننسى المرشحين العرب في الاحزاب الصهيونية. هذه المرة وضعهم أصعب. وأخير حزب العمل سوف يكون نظيفا من العرب. الوزير العربي الاول، غالب مجادلة وضع في المكان 15 بينما جميع الاستطلاعات تمنح حزبه 10 مقاعد، النائبان الآخران، ناديا الحلو وشكيب شنان سيكونان هما ايضا في خبر كان. أما مرشح كديما "العربي" مجلي وهبي، رجل تسيبي ليفني فقد حصل على مكانه بعد شجار مع أكرم حسون رجل شاؤول موفاز والمرشحين الاخرين، شجار لا يشرف حتى قطاع الطرق.
هذه هي الاحزاب التي سوف تتوجه اليك أخي المواطن لتمنحها صوتك وثقتك. هل تغير عليها شيء؟ الا يحق لنا أن نقول: تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما أجيتي؟
علي زبيدات - سخنين

No comments: