Thursday, March 15, 2018

النظام يريد إسقاط الشعب

النظام يريد إسقاط الشعب
علي زبيدات - سخنين

سوف أكف منذ اليوم عن إدانة الانظمة العربية بما فيها السلطة الفلسطينية، انتقادها والتهجم عليها. وسوف اصب جام غضبي من الآن وصاعدا على الشعوب العربية وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني. كما أعترف أمام العالم أجمع انني قد ظلمت هذه الانظمة، جمهورية كانت أم ملكية وتلك التي بين بين والتي لا أدري كيف أصنفها كالسلطة الفلسطينية، التقدمية منها والرجعية، الوطنية والعميلة، الديمقراطية والاستبدادية، الدينية والعلمانية. وها أنا أعلن توبتي وأطلب السماح والغفران. هذه الانظمة المباركة من غير استثناء أليست هي أولي الأمر منا؟ وما علينا إلا اطاعتها طاعة عمياء حتى وإن كانت على خطأ. فهذه الانظمة مكونة من الطبقات والنخب المتعلمة، المثقفة، الراقية والمتحضرة على عكس الشعوب التي تتكون من الرعاع والطبقات المختلفة، القذرة والمثيرة للشغب والمشاكل. أليست الانظمة هي التي توفر لنا لقمة العيش؟ وتحافظ على سلامتنا واستقرارنا، تقودنا في الطريق السليم، تحافظ على صحتنا وحياتنا وتدافع عن أمننا من الأعداء المتربصين لنا؟. كم نحن جاحدون للجميل ناكرون للمعروف! نبصق في الصحن الذي يطعمنا وفي البئر الذي يروي ضمأنا.
من الآن وصاعدا سأكون أكبر نصير للأنظمة العربية وسوف أدعو الله أن يكون في عونها وينصرها على شعوبها الجاحدة. كما أناشد هذه الانظمة أن تضرب شعوبها بيد من حديد، لأنها ليست أكثر من دفيئة لتفريخ الإرهابيين والمندسين الذين لا يتورعون عن إحراق الأخضر واليابس وإغراق البلاد في دوامة الفوضى والفقر. ومن لا تنفع معه القوة سوف ينفع معه المزيد من القوة. لقد أثبت التاريخ أن الشعوب العربية لا تستطيع العيش بهدوء وسلام إلا إذا بقيت تحت بسطار الحكام المستبدين الطغاة. أنظروا ماذا حدث في العراق بعد زوال حكم صدام حسين؟ تفرقوا أيدي سبأ وعادوا قبائل وعشائر، سنة وشيعة، عربا واكراد وتركمان وأزيديين و آشوريين. وماذا حدث في ليبيا بعد مقتل القذافي؟ أصبحوا كعصابات الغرب المتوحش الجميع يطلق النار على الجميع. وها هم يحاولون منذ سنوات اسقاط نظام بشار الأسد القومي الممانع لكي يكون مصير سوريا كمصير العراق وليبيا. ويطالبون بإسقاط نظام السيسي حتى تعود مصر لكي تصبح لقمة سائغة في أفواه الإخوان المسلمين. وأكثر من ذلك يطالبون بتقويض الانظمة الملكية من المغرب مرورا بالأردن وحتى السعودية ودول الخليج، وهي أنظمة تعتبر نموذجا للاستقرار والامن والرفاهية. ألا يكفي أن هذه الانظمة تواجه مؤامرات كونية وتتصدى للأعداء من كل حدب وصوب فبدل أن تلتف الشعوب العربية حول حكامها تقوم بطعنها من الخلف؟
حسنا فعلت الانظمة العربية عندما تعلمت الدرس وجعلت من الكيان الصهيوني قدوتها ومرشدها حتى تفوقت عليه. فهي مثله واحة من الديمقراطية والرخاء ما دام المواطنون صامتين مطيعين. هل سمعتم أن إسرائيل قد قتلت أو سجنت أو هجرت فلسطينيا "جيدا" مطيعا، لا يتدخل في السياسة ولا يمس بأمن الدولة؟ ولكن هذا الكيان هو الاخر يضرب كل فلسطيني بيد من حديد إذا ما حاول أن يتحداه ويتمرد على قوانينه بحجة المطالبة بحقوقه الطبيعية. الحق الطبيعي الوحيد الذي تستطيع أن تحصل عليه في هذه الواحة، أو على الاصح الحق الذي يمنح لك هو أن تبقى على قيد الحياة لكي تخدم الطبقة الحاكمة الراقية. أليس هذا ما يقوله لنا ويؤمن به رئيس السلطة الفلسطينية عندما يصرح بمناسبة ومن غير مناسبة: الانتفاضة جلبت لنا الويلات، ولن يكون هناك انتفاضة جديدة من أي شكل كانت ما دام موجودا في السلطة. ومن يسمع يصدق انها سلطة. نعم شعوبنا العربية متخلفة وإلا لما افرزت مثل هؤلاء الحكام. نعم، شعوبنا العربية متخلفة وإلا لما صبرت على هؤلاء الحكام ساعة واحدة ولا اقول العمر كله.
ولكن لحظة، فأنا لست من أنصار الحديث، ولا أدري مدى قوته وصحته، الذي يقول: "كما تكونوا يولى عليكم".
يبدو أن بعض الامور قد غابت عني: الشعوب العربية ليست هي من ولت هذه الانظمة الفاسدة المستبدة عليها. النظام الرأسمالي العالمي مجسدا بالامبريالية الغربية هو الذي ولى هذه الانظمة على الشعوب. إذن، ليست شعوبنا "المتخلفة" هي التي انتجت هذه الانظمة الفاسدة المستبدة. بل العكس هو الصحيح: هذه الانظمة هي التي تعمل بدون كلل أو ملل على إبقاء شعوبنا متخلفة. لقد اقتنت هذه الانظمة الاسلحة الفتاكة وبنت جيوشا جرارة ليس دفاعا عن شعوبها بل دفاعا عن كراسيها، واستحوذت على ثروات وخيرات البلد لتترك الشعوب فريسة للفقر والجوع والمرض. سياسة الترهيب التي سلكتها منذ اللحظة الاولى لاستلامها الحكم انتجت الارهاب. 
النظام يريد إسقاط الشعب وإلا سقط هو. وقد آن الأوان أن يعرف كل مواطن أين مكانه الصحيح.


No comments: