Wednesday, June 22, 2016

مأزق مفكر سياسي



مأزق مفكر سياسي
علي زبيدات – سخنين
نشر موقع عرب ٤٨ مؤخرا مجموعة من المقالات أو على الاصح مقالة مطولة قسمت على خمس حلقات للدكتور عزمي بشارة تحت عنوان: مأزق معسكر سياسي. تناول فيها تطور تيارات الاسلام السياسي من عدة جوانب سياسية واجتماعية. بعد قراءة الخمس مقالات كاملة، لفتت نظري نقطتان اساسيتان : الاولى، انعدام اي تعليق على المقالات في الموقع من قبل القراء بالرغم من اهمية الموضوع ومن اهمية الافكار المطروحة. ولا ادري اذا كان ذلك ناتجا عن لامبالاة القراء أو ان اداراة الموقع تمنع أو لا تشجع الرد على صفحاتها. النقطة الثانية، وهي الاهم وردت في القسم الاخير من المقالة وهي رؤية بشارة وربما يمكن تسميتها نصيحته لتيارات الاسلام السياسة (وللتيارات الاخرى) للخروج من هذا المأزق. والتي تتضمن ايضا نظرته للدولة النموذجية التي تصلح أن تكون بديلا للانظمة الاستبدادية في الدول العربية. والامر الذي ادهشني، أو ربما لم يدهشني بتاتا، هو ان هذه الدولة النموذجية موجودة بالفعل وهي ليست سوى دولة إسرائيل، ولكي أكون منصفا: دولة إسرائيل محسنة. وهذا ما سأحاول اثباته بقدر الامكان في هذه السطور القليلة. ولكني انصح جميع القراء بالعودة لقراءة هذه المقالات كاملة قراءة نقدية والتوقف بشكل خاص عند المقالة الخامسة والتمعن بها جيدا وهي بعنوان:” مأزق معسكر سياسي: ماذا تبقى؟"
يقول الكاتب في المقالة الاولى:”مأزق معسكر سياسي: تجاوز المصطلح" أن تطور تيارات الاسلام السياسي مر بمرحلتين تشكل مأزقا أو مفترق طرق. الاولى: فشل تجربة حكم الاخوان في مصر بعد الثورة. والثانية: صعود تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا وتمدده في اماكن اخرى. ويستثني الكاتب حركة النهضة في تونس التي حسب رأيه هي في طريقها للخروج من المأزق وليس الدخول اليه. حسب رأيي يعود هذا التقييم للعلاقة الشخصية التي تربط الكاتب بزعيم النهضة راشد الغنوشي. فقد عادت فلول النظام في تونس بعد الانتخابات الاخيرة متمثلة بالسبسي الذي اصبح رئيسا والذي لم يكن بحاجة لانقلاب كما حدث في مصر حيث اصبحت النهضة شريكا للفلول تحت غطاء قبول المبادئ الديمقراطية. لا تخلو هذه المقالة من تحليل جيد للاشكالية التي تواجهها الحركات الاسلامية السياسية والتي تفرض عليها اما تقديس السياسة واما تسييس القدسية (الدين) وهذه الظاهرة لا تقتصر على الحركات الاسلامية فحسب بل الانظمة ايضا حتى العلمانية منها تجند الدين في السياسة وبالعكس.
في المقالة الثانية بعنوان: مأزق معسكر سياسي: "الاسلام السياسي في السياسة" يتناول الكاتب دور الحركات الاسلامية السياسية في ثورات الربيع العربي التي كشفت عن ضمور وضحالة الثقافة الديمقراطية عند نخبها على حد تعبيره. فبينما لجأت الانظمة للحفاظ على بقائها في الحكم سعت المعارضة للوصول إلى الحكم وليس لبناء نظام ديمقراطي مبني على الحرية والعدالة والكرامة الانسانية يكفلها ويضمنها دستور ديمقراطي، واكتفت الحركات السياسية الاسلامية وغير الاسلامية بالالتزام بمبدأ الانتخابات مما خلط اوراق التحالفات.
في الحلقتين الثالثة والرابعة من هذه المقالة يتطرق الكاتب الى تحول تيارات الاسلام السياسي من سياسة الاصلاحات إلى طريق العنف. والكاتب هنا لا يخوض نقاشا نظريا (فقهيا) حول دور النصوص الدينية وتفسيراتها في تفاقم العنف الديني واكتفى بالاشارة إلى ان هذا المأزق جرى بين حدين: الطالبان- تمدد على الارض وتقليد لبنية دولة، والقاعدة- التعبئة من كل ارجاء الارض للجهاد هذا من جهة، ومن جهة اخرى فشل تجربة الاسلاميين في السودان ومصر والاغتراب عن الثورة الاسلامية في ايران. في هذه الظروف تم تحويل غضب المظلومين إلى حقد طائفي استغلته الحركات الاسلامية السياسية التي تعتبر العنف الوسيلة الوحيدة للوصول للحكم من خلال تكفير الاخرين بمن فيهم الحركات الاسلامية الاخرى خصوصا بعد انضمام عناصر جنائية اجرامية لهذه الحركات وسياسة القمع الوحشية التي مارستها الانظمة عليها. ولكن السير بالعنف الى حده الاقصى بدأ في تنفير الجمهور التواق للاستقرار وتأليب التحالفات الاقليمية والدولية عليها.
وهكذا دخلت التيارات الاسلامية (وغير الاسلامية) حسب رأي عزمي بشارة الى مأزق. من أجل الخروج من هذا المأزق على القوى المناضلة ضد الاستبداد، الاسلامية وغير الاسلامية الاتفاق والالتزام بمبادئ الديمقراطية وطرح بديل ديمقراطي وهذا ما يقترحه الكاتب:
١- “سيادة الدولة الوطنية ووحدة اراضيها". الدولة الوحيدة التي تمارس السيادة في المنطقة هي دولة اسرائيل اما باقي الدول فهي مخترقة
٢- "مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية امام القانون منظما للعلاقة بين الفرد والدولة. ليس الدين، المذهب، الطائفة ولا القبيلة والاثنية والجنس بل المواطنة". هل تذكرون الشعار الرئيسي الذي صاغه بشارة لحزب التجمع؟ "هوية قومية ومواطنة كاملة"؟ لا يتمتع الفلسطينيون في اسرائيل حاليا بمواطنة كاملة، لذلك يوجد هناك ضرورة لاسرائيل محسنة.
٣- “مبدأ الانتخاب والتمثيل والرقابة وتحديد الصلاحيات". تستطيع اسرائيل ان تبصم على ذلك باصابعها العشرة.
٤- “ تحييد الدولة في شأن قرار الافراد الديني ونمط الحياة الذي يختارونه" اليس هذا هو جوهر العلمانية الاسرائيلية؟
٥-"نظام الحكم يضمن التعددية الحزبية للقوى التي تقبل بالمبادئ الديمقراطية". اعترفنا أم لم نعترف اسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تضمن مثل هذه التعددية. نريدها فقط الا تهدد باخراج التجمع خارج القانون قبل كل انتخابات، وخصوصا وانه يقبل بمبادىء الديمقراطية الاسرائيلية.
٦- "استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية وعن اجهزة الامن وعن الاحزاب". هذا ما تدعيه اسرائيل طوال الوقت، وهذا ما تدعيه الانظمة الديمقراطية البرجوازية في العالم. منذ مونتسكيه وروسو جرت مياه كثيرة في نهري السين والاردن.
٧- “ جيش مهني محترف- يحيد عن السياسة والحياة الحزبية". يوريكا، يوريكا هذا هو "جيش الدفاع الاسرائيلي"
٨- “الاتفاق على عدم السماح بقيام قوى مسلحة من اي نوع خارج نطاق الجيش والقوى الامنية". ألم اقرأ شيئا من هذا القبيل عن بن غوريون عندما طالب بحل الاتسل والليحي وتوحيد الجيش الاسرائيلي؟؟
٩-”احترام الحقوق الجماعية والادارة الذاتية للجماعات الاثنية والعمل على صياغة هذه الحقوق الجماعية". اسرائيل يجب ان تتحسن في هذا المجال وهذا ما تسهر عليه مراكز الابحاث والدراسات المقربة من مدرسة مفكرنا السياسي التي اصدرت حتى الان التصور المستقبلي والدستور الديمقراطي ووثيقة حيفا وغيرها.
معسكرات سياسية ومفكرين سياسيين في مأزق.




2 comments:

Anonymous said...

هذا "المفكر" يعمل حاليا صبي لدى امير قطر. كل هذه الشعارات عن الدولة الديمقراطية والمواطنة البطيخية ما هي الا قناع لخدمة سياسة اسياده الذين يمولونه بالملايين. طبعا هذه الشعارات تعلمها من اسياده السابقين في اروقة الكنيست ومراكز الابحاث الاسرائيلية. ولكنها تبقى شعارات على الورق. اللافت ليس بالضرورة الشعارات والافكار بل الانتقائية في توجيه الوعظ والنصائح لدول وانظمة بعينها معارضة لقطر مثل مصر وسوريا ومديح دول اخرى في جيب قطر مثل تونس

احمد حسن جودة said...

أنا شخصذيا لا ارتاح للدكتور عزمي بشارة بالرغم من اني لا المطهرة حقه كإنسان مطلع ومثقف . لكنه كغيره من المثقفين العرب يفضلون النضال من أدراجهم العاجية ، سواء في البيوت الفخمة او الفنادق ذات الخمسة نجوم او المقاهي الخاصة ( الحصرية ) للمثقفين . من يريد التنظير لشعبه الكادح والمطحون عليه ان يشاركهم حياتهم حلوها ومرها فيكتسب الخبرة الحقيقية ويصقل أفكاره ونظرياته ، وشعبه في حاجة ماسة اليه .
اخي علي قرأت ملاحظاتك بتمعن وإني اتفق معك فيها تماماً . وللاسف لم يسعفني الحظ او الجهل بامور وفنون النت ان اقرأ مقالات د. بشارة ، لكنلدي ثقة كبيرة في امانتك وفهمك لما تقرا . وباختصار ليس لدي ثقة او تقدير للزعيم او المثقف الذي يترك ميدان الكفاح وياخذ في التنظير والنضال من منفاه الاختياري المريح والمريح جدا، بل والبعض اصبح من الاثرياء على حساب قضية شعبه . وشكرا.