Thursday, June 16, 2016

من نقد السماء إلى نقد الارض



من نقد السماء إلى نقد الارض
علي زبيدات – سخنين
لست هنا بصدد تحليل هذه المقولة المنسوبة لكارل ماركس في سياق نقده الفلسفي للعلاقة التي تربط الانسان بالدين. كل ما اردت اقتباسه من هذا العنوان هو التأكيد على ان نقدناا واحتجاجنا على دعوة رئيس دولة اسرائيل روبي ريفلين لافطار جماعي في سخنين يضم شخصيات لها دور حاسم في محتمعنا الفلسطيني المحلي ليس باي شكل من الاشكال نقدا للصيام نفسه او لتقليد الافطار الجماعي ولمشاركة اشخاص بنتمون لطوائف مختلفة. فلو كانت هذه الدعوة صادرة عن ورع الداعين من جهة وعن تضامن المدعوين من جهة اخرى لما كان هناك حق لاي انسان ان يتدخل حتى ولو كان موقفه يتعارض مع ما يجري امامه. من احداث. ولكن الكل يعرف ان وراء القناع الديني لهذا الافطار الجماعي تكمن حقيقة اخرى منافية تماما لروح الافطار الجماعي المتعارف عليه وتشبه الى حد بعيد مسرحية يشارك بها عدد كبير من المثلين وكل ممثل يلعب دوره كما حدد له من قبل المخرج. وهي ككل مسرحية من الممكن ان تكون رديئة وممكن ان تكون جيدة، وبعض الممثلين يلعبون دورهم بشكل جيد ومقنع وآخرين يتعثرون في كل خطواتهم.
في الحقيقة، ما اطمح به هنا هو ان اسلط بعض الاضواء على نواحي معينة من هذه المسرحية التي اطلق عليها مجازا في وسائل الاعلام افطار جماعي، والتي قد تبدو للوهلة الاولى وكأنها ليست في صلب الموضوع: غالبا ما يتم الافطار الجماعي في مكان عام بسيط أو حتى في شارع او ساحة عامة، اما أن يتم في قاعة فخمة معدة للافراح فان ذلك وحده يثير اكثر من علامة استفهام. وبسبب تواجد شخصية مرموقة مثل رئيس الدولة يجب اغلاق المنطقة بأسرها ومن كافة الاتجاهات ونشر اعداد كبيرة من رجال الامن المهنيين (شرطة ورجال مختبرات) وغير مهنيين من المتعاونين المحليين. وبسبب تواجد عدد بسيط من المحتجين الذي لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة تحدث حالة من الاستنفار ويتم ابعادهم عن مدخل القاعة لكي لا يستطيع الضيف الكبير رؤيتهم بالرغم من وصفهم له بأنه اشد المدافعين عن الديمقراطية والتعددية وحرية التعبير عن الرأي. وبما ان المناسبة دينية، على الاقل ظاهريا، فلا بد ان يكون هناك تواجد لافت للنظر لرجال الدين من كل الطوائف، وبالفعل كانت هناك طاولة خاصة جلس حولها رجال الدين المسلمين والمسيحيين والدروز، ولا ادري اذا كان في حاشية ريفلين راب يهودي انضم الى هذه الطاولة. وطبعا تكليف إمام لكي يلقي كلمة ترحيب لم يسمع بل لم يحلم بسماع مثلها في حياته.
وأخيرا أخذ المدعوون بالوصول، وبسبب ابعادنا عن مدخل القاعة لم نستطع رؤية ورصد جميع المدعووين ولكن ما رأيناه كان كافيا لرسم صورة سوريالية لما يجري. كان هناك تواجد لا بأس به من رؤساء السلطات المحلية والشخصيات المحسوبة على الحكومة.،وبدا لنا هذا الامر طبيعيا، فمن احق منهم في استقبال زلمتهم وولي نعمتهم؟ ووصل اشخاص معدودون على الخط الوطني وقد ظهر عليهم بعض الارتباك عندما مروا من امام المجموعة المحتجة والتي ترفع اعلام فلسطين ولافتات منددة بهذه الزيارة. واخيرا وليس آخرا مر من امامنا زعيم التيار الوطني، رئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، الذي جلس فيما بعد وحسب الصور الملتقطة له من قبل الصحفيين الى يسار رئيس الدولة، خصوصا وانهما كانا زميليين لفترة طويلة في نفس المؤسسة. وهنا توقفت عن اطلاق تعليقاتي اللاذعة في حق المدعوين المحسوبين على السلطة بعد ان اختلط الحابل بالنابل، وهتفت باسلوبي الساخر: عاشت القيادة الوطنية لجماهير شعبنا. وجاء الرد سريعا وباسلوب اشد سخرية: خمسة اشخاص؟ هل هذا كل ما استطعتم ان تجندوه ضد هذه الزيارة؟ سأقف معكم محتجا.
لقد وضع محمد بركة برده الشامت هذا، من حيث يدري او لا يدري، اصبعه على جرحنا العميق النازف: العشرات من المدعوين من سخنين وباقي القرى المجاورة يتهافتون على شرف الافطار بمعية رئيس الدولة وبالمقابل عدد ضئيل يحتج ويرفض ان تمر هذه المسرحية السمجة في بلد يقتخر بشهدائه وبتاريخه النضالي.
ما دامت مسرحية هذه الافطارات الجماعية تتكرر كل سنة وتلاقي كل هذا الاقبال والنجاح فاننا نستحق ان نعامل مثل معاملة العبيد.

2 comments:

Anonymous said...

هؤلاء من جماعة "نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني" بينما يفكرون ويتصرفون كجزء لا يتجزأ من الشعب الاسرائيلي

unknown said...

شر البلية ما يضحك
لا تعليق