Thursday, May 19, 2016

الامن مقابل السلام



الامن مقابل السلام
علي زبيدات – سخنين

التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في السنوات الاخيرة العديد من الاسرائيليين: طلاب، أعضاء كنيست، صحفيين، جمعيات، وفود حزبية، طواقم تلفزبون وراديو، افراد. كان هدفه من كل هذه اللقاءات كما عبر عنه مرارا: التوجه إلى الرأي العام الاسرائيلي ومخاطبته بشكل مباشر خصوصا بعد وصول المفاوضات الرسمية إلى طريق مسدود، على أمل أن يؤثر الرأي العام الاسرائيلي على متخذي القرارات في الحكومة الاسرائيلية. وقد لاقت هذه السياسة على الساحة الفلسطينية المؤيدين والمعارضين على حد سواء. وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كل مقابلة مع وفد اسرائيلي يهتم باطلاق تصريحات مثيرة للجدل فلسطينيا واسرائيليا منها على سبيل المثال لا الحصر: التنسيق الامني مقدس، وهو لمصلحة الفلسطينيين قبل ان يكون مصلحة للاسرائيليين، التعاون في مكافحة الارهاب وازالة التحريض، ادانة كل اشكال الارهاب والتطرف، تفتيش حقائب الطللاب من قبل احهزته الامنية بحثا عن السكاكين، احباط لكل عملية ضد الاحتلال مهما كان طابعها، معارضته المطلقة لاية انتفاضة جديدة، وحتى استماعه اليومي للموسيقى الاسرائيلية وخصوصا لموشي الياهو ذلك المغني العظيم. لست هنا بصدد ذكر كل هذه اللقاءات وتفاصيلها، فالشبكة العنكبوتية تنضح بها اما بالمواقع الاسرائيلية واما بالمواقع الفلسطينية. ولست هنا بصدد تحليل او تقييم هذه اللقاءات والتصريحات وهل خدمت بالفعل سياسته المعلنة ام لا، هل أثرت على الرأي العام الاسرائيلي؟ وهل اثر هذا بدوره على متخذي القرارات؟.
ولكن لفت انتباهي بشكل خاص لقاءه الاخير مع وفد حزب ميرتس الصهيوني اليساري بزعامة امينه العام موشي راز. حيث استعمل محمود عباس معادلة قديمة- جديدة لا ادري ان كانت من باب الصدفة ام انها كانت مدروسة ومخطط لها جيدا، فقد صرح عند استقباله للوفد، وانا اقتبس: "نحن بحاجة للسلام وكذلك الاسرائيليون بحاجة للامن". وقد ذكرتني هذه الجملة بجملة أخرى شهيرة كانت اساسا للمفاوضات العربية – الاسرائيلية والفلسطينية – الاسرائيلية: الارض مقابل السلام. وهنا اصبحت: الامن مقابل السلام. الامن للاسرائيليين مقابل السلام للفلسطينيين.
من يتمعن في هذا التصريح قليلا يستنتج بان الفلسطينيين ليسوا بحاجة للامن. وان الاحتلال، قتل المواطنين بدم بارد، الاعتقالات الجماعية والفردية، هدم البيوت، المستوطنات والمستوطنين، الجواجز، وكأن كل ذلك لا يهدد أمن الفلسطينيين. فالامن هو مطلب اسرائيلي ، الم يطالبوا دوما بدولة آمنة وحدود آمنة وكانوا في جميع مفاوضاتهم والاتفاقيات التي وقعوها يشددون ويصرون على الامن والاجراءات الامنية. لا علاقة للفلسطينيين بالامن لا من قريب ولا من بعيد. وكأنهم هم الذين يحتلون إسرائيل ويحاصرون مدنها ويشكلون خطرا داهما على المواطنين وعلى المستوطنين. أي باختصار حسب هذه المعادلة الجديدة: الاسرائيليون بحاجة إلى الامن أما الفلسطينيون فهم بحاجة إلى السلام، أي ان تتركوهم يعيشون بسلام لوحدهم، لا مطالب اخرى لديهم، لا يوجد هناك حق عودة ولا تحرير اراض منهوبة ولا يحزنون.
بما ان الفلسطينيين يشكلون خطرا على امن اسرائيل، واسرائيل تمنع الفلسطينيين من العيش بسلام فإن المعادلة الصحيحة لحل النزاع في المنطقة يكمن قي هذه الصيغة العبقرية: الامن مقابل السلام. تنسجم هذه النظرية مع باقي التصريحات التي ادلى بها رئيس السلطة امام وفد حزب ميرتس الصهيوني اليساري الذي يشكل حسب اوساط عربية وفلسطينية واسعة فلسطينيا حليفا في النضال المشترك من اجل التوصل الى "سلام شامل ودائم على اساس الدولتين المتجاورتين". لم يبخل هذا اللقاء بمثل هذه التصريحات "الجانبية": إدانة كل اشكال الارهاب والتطرف" "التعاون في الامن ومكافحة الارهاب" وغيرها. الاعتراف بحاجة الاسرائيليين إلى الامن بهذه الصورة يعطي تبريرا ومصداقية للسياسة الاجرامية التي تمارسها الدولة الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني. فمن يفقد الامن تكون اعماله مهما بلغت من وحشية دفاعا عن النفس بما في ذلك حصار غزة وبناء جدار الفلصل العنصري ونشر الحواجز والقتل بدم بارد. لذلك ارى بتصريح محمود عباس هذا خطرا يفوق كل ما تفوه به عن التنسيق الامني وعن التخلي عن كافة اشكال النضال بما فيه النضال السلمي الذي ينادي به قولا ويعارضه فعلا.
الفلسطينيون هم الذين بحاجة للامن وللسلام اللذان تنتهكما دولة اسرائيل.


1 comment:

Anonymous said...

الارض مقابل السلام شعار يقول للاسرائيليين اعطونا بعضا من اراضينا نعطيكم سلام. ان تتحول المقايضة الى اعطونا سلاما نعطيكم امن فهذا يعني ان الارض لم تعد مهمة بالنسبة لعباس. وهذا ليس جديدا عليه الم يقل منذ مدة انه لا يريد العودة الى صفد؟ السلام بالنسبة له هو مجرد صفقة مع الاسرائيليين تضمن له ولمقربيه البقاء في سلطة رام اللة والحفاظ على مصالحهم وثرواتهم.