ضد
الداعشية العلمانية
علي
زبيدات سخنين
تنويه
مسبق: هذه
السطور ليست ردا على مقال كتبه أحدهم أو
على خطاب القاه آخر وبالتالي هي ليست
دفاعا عن احد أو هجوما على احد.
كل ما اتوخاه منها
لا يتعدى التعبير عن وجهة نظري الشخصية
من خلال المشاركة في النقاش حول موضوع
طرح بقوة في الفترة الاخيرة ويهدد بجرفنا
إلى متاهات لا احد يعرف أين وكيف سوف ترسي
ينا. وقد
اخترت من بين كل المصطلحات المتداولة في
هذا النقاش (وهو
في الحقيقة يسمى مجازا نقاش)
مصطلح أو شعار
"الاسلام
هو الحل" مقابل
شعار "العلمانية
هي الحل".
في
الاونة الاخيرة برزت الداعشية (نسبة
إلى تنظيم داعش) كآخر
صرعة في تطبيق شعار "الاسلام
هو الحل" من
خلال الاعلان عن اقامة دولة الخلافة.
فإذا كان جوهر هذه
الداعشية هو التكفير، الاقصاء، واحتكار
الحقيقة وبالتالي تحليل محاربة وقتل كل
معارض. فإن
مثل هذه الظاهرة موجودة عند بعض العلمانيين
وهذا ما ادعوه بالداعشية العلمانية.
قد يحتج بعض
العلمانيين قائلين:
الداعشية ظاهرة
تلتصق بحركات الاسلام السياسي التي تدعو
إلى إعادة الخلافة وتعمل على تحقيقها
بواسطة القتل والذبح بينما تشكل العلمانية
نقيض ذلك تماما حيث يلبي النظام العلماني
مهما كان رديئا فهو معظم شروط الحرية
الفردية ويضمن الحقوق الجمعية للاقليات.
للاسف الشديد لا
رصيد لمثل هذا الكلام. لا
ارى هناك فرقا بين اسلامي داعشي ينعت كل
من يخالفه في المعتقد أو في الرأي بالكفر
وبين علماني داعشي ينعت كل من يخالفه في
التفكير أو الموقف بالظلامية.
وبالتالي لا ارى
هناك فرقا بين متدين داعشي يدعو الى محاربة
الكفار وبين علماني داعشي يدعو إلى محاربة
الظلاميين. التعصب
الاعمى يجعل من المتدين والعلماني إخوة
في الداعشية.
قرأت
لبعض العلمانيين من يقول موجها كلامه
للعلمانيين الاخرين بأن يتخلوا عن الخجل
والخوف واللامبالة والجبن والرقابة
الذاتية الهدامة ويحضهم على التصدي للمد
الاسلامي السياسي حتى تصبح حربا ضارية.
هذه هي الداعشية
العلمانية. ولو
قبلتها بعد قراءتي لمثل هذه الاقوال،
بصفتي علماني كان من المفروض أن أخرج إلى
الشارع شاهرا سكيني طاعنا عن جنب وطرف
كل من أظنه داعشي لعين.
لا
اظن أن الاسلام السياسي بشتى اشكاله يشكل
نقيضا للعلمانية السياسية، بل يشكلان في
الحقيقة وهجهين لعملة واحدة.
واذا كان هناك ثمة
تناقض بينهما فهو شكلي وقد يتحول احدهما
بسرعة إلى الآخر. فكما
انتج الاسلام السياسي منذ ظهوره انظمة
قمعية فاشية كذلك انتجت العلمانية انظمة
ديكتاتورية فاشية. وكما
انتج الاسلام انظمة تدافع عن العدالة
الاجتماعية كذلك انتجت العلمانية مثل
هذه الانظمة، هذا بقدر ما تسمح به طبيعة
الانظمة من منظور تاريخي، فكل الانظمة
في نهاية المطاف اجهزة قمع تخدم الطبقات
الحاكمة.
ليس
الارهاب حكرا على تنظيمات الاسلام السياسي
على طراز داعش بل هناك عدد لا يحصى من
التنظيمات والانظمة الارهابية العلمانية.
عندما نقول أن
امريكا ام الارهاب أو إسرائيل إم الارهاب
يجب ألا ننسى أن هاتين الدولتين تصنف
نقسها بأنها دول علمانية.
ينبغي
على كل واحد مننا قبل أن يشن حربا ضارية
على داعشية غيره أن يواجه اولا الداعشي
الذي يعشش في داخله. من
حق كل واحد أن يتبنى المعتقدات التي
يختارها ومن حقه الا يقبل الامور مسلما
بها، من حقه أن يطرح الاسئلة حول كل شيء
وأن يصل إلى اجوبة مختلفة فلا احد يملك
أجوبة نهائية حيال أية مسألة.
ولكن في الوقت نفسه
يجب أن نتعلم كيف نعيش سوية في ظل كل هذا
الاختلاف.
العلمانية
لا تعني أكثر فصل الدين عن الدولة، وهي
بهذا المفهوم تعني تحرير الدين من بطش
الدولة وتحرير الدولة من استبداد الدين.
العلمانية لا تعني
بأي حال من الاحوال محاربة الدين كما ان
الدين لا يعني محاربة العلمانية.
الصراع بين الدين
والعلمانية هو صراع وهمي.
الصراع الحقيقي
هو الصراع الطبقي بين الطبقات المسحوقة
والطبقات الحاكمة، بين الدول الامبريالية
وبين الشعوب التي تناضل من اجل الحرية
والاستقلال.
الفكر
الثوري هو ذلك الفكر الذي يوحد الطبقات
المسحوقة والشعوب المضطهدة ويضيئ الطريق
أمامها حتى تنال حريتها.
وهذا هو الفكر الذي
نحن بأمس الحاجة اليه.
No comments:
Post a Comment