فلسطيني
من فلسطين
علي
زبيدات – سخنين
لم
اتوقع أن يلاحقني شبح هويتي الوطنية إلى
كل مكان اسافر اليه ويزج بي في نقاشات
كنت أود للحظة ألا أخوض فيها.
سافرت إلى هولندا
لزيارة خاصة. لم
اسافر من اجل الترفيه عن نفسي مع اني مثل
غيري بحاجة في بعض الاحيان إلى رحلة
ترفيهية. ولم
اسافر للتمتع بالاماكن السياحية والمناظر
الطبيعية التي تعج فيها هولندا من جنوبها
إلى شمالها. لذلك
وللأسف لن اكتب عن مثل هذه الاماكن
والمناظر كلمة واحدة أو حتى نصف كلمة.
ما أن وصلت إلى
هولندا حتى بادر بعض الاصدقاء والمعارف
ممن يسكنون في مدينة روتردام التاريخية
التي تعرضت لدمار شبه شامل اثناء الحرب
العالمية الثانية يشبه الدمار التي تعرضت
اليه غزة في الحرب الاخيرة في السنة
الماضية، وطلبوا مني القدوم إلى روتردام
للتكلم في امسية عن الاوضاع السياسية
الراهنة في البلاد. لم
يسعني بالطبع ان ارفض مثل هذا الطلب.
هنا بدأت المشكلة،
فقد قامت احدى الصديقات المبادرات بتعريفي
قي الدعوة المقترحة للامسية باني فلسطيني
من "اسرائيل"
ولحسن حظي أو لحسن
حظها انها وضعت كلمة إسرائيل بين مزدوجين.
ولكن هذا لم يكن
كافيا لاسترضائي، فأنا ارفض التعريف عن
نقسي كفلسطيني من "اسرائيل"
مع أو بدون مزدوجين.
وبعد احتجاجي
اقترحوا أن يكون التعربف:
"فلسطيني مواطن
في دولة اسرائيل"،
فقلت إن هذه التسمية اسوأ من سابقتها.
في
الحقيقة انا لا الوم اصدقائي ومعارفي
الهولنديين على ذلك، بالمناسبة جميعهم
داعمين للحق الفلسطيني ومتضامنين مع نضال
الشعب الفلسطيني من اجل الحرية والعودة
وان كل اقتراحتهم التعريفية مستمدة من
الاحزاب والمنظمات الفلسطينية الوطنية.
عدت إلى جرد كافة
التعريفات التي تستعملها مؤسساتنا الوطنية
على كافة اشكالها ومستوياتها فوجدتها
كثيرة ولكني لم اجد حتى تعريفا واحدا
يصلح للتعبير عن هويتي الوطنية:
واليكم بعض هذه
التعريفات المتداولة:
١-
عربي اسرائيلي
٢-
فلسطيني مواطن في
دولة اسرائيل
٣-
فلسطيني تحت
المواطنة الاسرائيلية
٤-
فلسطيني من الداخل(من
فلسطينيي أو عرب الداخل)
٥-
فلسطيني من ال١٩٤٨
٦-
فلسطيني من الاقلية
القومية الفلسطينية
٧-
فلسطيني من الاقلية
القومية الاصلانية الفلسطينية.
امام
هذا الكم الهائل من التعريفات والذي كل
تعريف فيه يفتح ابوابا لا تنتهي من النقاش
الذي لا ينتهي، تذكرت انه في زيارتي
السابقة لهولندا قبل حوالي سنة اصطدمت
بموقف مشابه ولا ادري كيف خرجت منه في
حينه. لم
يكن لدي الرغبة والقوة للاسهاب في مناقشة
كل تعريف على حدة وتبيان اعتراضاتي
وتحفظاتي عليه فاختصرت النقاش بالقول
بأنني بالتأكيد لست عربيا اسرائيليا وأن
مثل هذا المخلوق غير موجود أصلا في الواقع
بالرغم من اوهام البعض وذلك بسب تعريف
الدولة لنفسها بانها "دولة
يهودية ديمقراطية". ولا
اشعر بأني مواطن في هذه الدولة لان مفهومي
للمواطنة يختلف تماما عما تمنحه الدولة.
وانا لست فلسطيني
١٩٤٨ بينما ذاك فلسطيني ١٩٦٧، فسنة
الاحتلال لا تشكل عنصرا حاسما في تكوين
الهوية الوطنية. وبالطبع
ارفض اعتبار كوني اقلية قومية لان ذلك
يشترط وجود اغلبية قومية أي الاعتراف
بالمبدأ الصهيوني الاول الذي يقول بأن
اليهود في جميع انحاء العالم يشكلون قومية
واحدة الامر الذي ينكره العديد من اليهود
انفسهم. ويشترط
ايضا الاعتراف بتقسيم فلسطين وتشريد
شعبها والقبول بواقع تمزيقه.كما
يتجاهل هذا التعريف، واقع ان الشعب
الفلسطيني، بالرغم من كل ما سبق وصفه، ما
زال يشكل اغلبية وانه اذا ما نظر اليه
كجزء من الامة العربية فهو اضعاف اضغاف
تجمعات المستوطنين الصهاينة.
بعد
تفكير عميق وتناول كافة التعريفات الانفة
الذكر من كافة جوانبها اقترحت على اصدقائي
استخدام ابسط تعريف واقربها إلى الحقيقة:
فلسطيني من فلسطين
لا
اكثر ولا اقل. وبعد
ذلك ، اذا كانت هناك ضرورة للتوضيح واذا
كان هناك من بحاجة للتوضيح، يمكن ذكر
المنطقة الجغرافية أو سنة الاحتلال أو
الوضع العام السائد.
وقد
تقبل اصدقائي الهولندين هذا التعريف
البسيط بدون أي تحفظ: وحبذا
لو كل فلسطيني مسافر أو مقيم ولتفادي
البلبلة أن يعرف نفسه بكل ثقة وبكل بساطة:
انا فلسطيني من
فلسطين. نقطة
سطر جديد.
No comments:
Post a Comment