Wednesday, June 10, 2015

متى تصل حركة المقاطعة إلى هنا؟



متى تصل حركة المقاطعة إلى هنا؟
علي زبيدات – سخنين

حركة المقاطعة العالمية المعروفة باسم BDS تفقد دولة إسرائيل توازنها. تكتسح هذه الحركة بخطوات حثيثة بلدان العالم وتنتقل من الاوساط الشعبية الى المؤسسات الرسمية، تدعو الى مقاطعة دولة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وذلك بسبب سياساتها الاحتلالية والاستيطانية واصرارها على هضم حقوق الشعب الفلسطيني. لقد حققت حركة المقاطعة في الفترة الاخيرة انجازات هامة عديدة في كافة المجالات: مقاطعة اقتصادية، سياسية، ثقافية وأكاديمية. العديد من الشركات الكبرى سحبت استثمارتها او تعلن عن نيتها بسحب هذه الاستثمارات، جامعات عريقة تعلن عن مقاطعتها للجامعات الاسرائيلية، تنظيمات جماهيرية تشن حملة غير مسبوقة لمقاطعة المنتوجات الاسرائيلية مما يكبد الشركات الاسرائيلية خسائر باهضة.
أمام هذا الوضع المتفاقم، توحدت المنظمات والاحزاب الصهيونية من يمينها مرورا بمركزها وحتى يسارها لمواجهة هذا الخطر الجارف وكل طرف منها يتهم الاخر بانه لا يعمل بما فيه الكقاية لمواجهة هذه الحملة. هكذا نرى مائير لبيد احد زعماء المعارضة يطير الى الولايات المتحدة لمواجهة حملة المقاطعة في البلد الذي كان (وما زال) الحليف الاستراتيجي لدولة اسرائيل والتي تحقق فيه مؤخرا حركة المقاطعة تقدما كبيرا على صعيد الجامعات ومنظمات حقوق الانسان. زعيم حزب العمل والمعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ هو الآخر ينضم إلى ماكنة الدعاية الاسرائيلية لمواجهة حملة المقاطعة. وقد قامت المؤسسة الاسرائيلية بتجنيد كل من يمكن تجنيده في هذه المعركة من سياسيين وفنانين ومثقفين ووسائل اعلام. وبما انني من قراء جريدة وموقع يديعوت احرونوت التي تعتبر نفسها الاكثر انتشارا في البلاد حيث قرأت اعلانها بانها تقود مواجهة حملة المقاطعة على المستوى الاعلامي في البلاد وخارجها من خلال موقعها باللغة الانجليزية ايضا. وفتحت صفحاتها لكل من يهاجم حركة المقاطعة ويدافع عن اسرائيل بغض النظر عن انتماءاته القومية والسياسية والثقافية. وقد لفت انتباهي استضافتها للبروفيسور إيلان درشوفيتس الذي يعمل في جامعة هارفرد الامريكية والذي ادعى مثله كباقي المجندين بأن الهدف الاساسي من وراء حملة المقاطعة هو ليس الاحتجاج على الاحتلال والاستيطان غير الشرعيين بل تقويض الكامل لدولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وان من يقود هذه الحركة هم من اللاساميين المتطرفين ومن منكري الهلوكوست. كما جندت الصحيفة الناشط الفلسطيني باسم عيد الذي يهاحم حركة المقاطعة بكل مناسبة ومن غير مناسبة بحجة ان مقاطعة اسرائيل تضر بالاساس بالفلسطينيين الذين يفقدون مصادر رزقهم في حالة انسحاب المصانع والمصالح الاسرائيلية من الضفة الغربية، كما تضر بالمفاوضات وبالمسيرة السلمية على حد قوله حيث تنشغل اسرائيل في مواجهة حركة المقاطعة بدلا من التركيز على ايجاد حل سلمي للنزاع الاسرائيلي -الفلسطيني.
لقد استطاعت دولة اسرائيل على مدى سبعة عقود ان تبتز العالم بسبب جرائم النازية بحق يهود اوروبا بعد ان نصبت نفسها الوريث الشرعي لضحايا النازية واستولت على اموال التعويضات التي وجدت طريقها إلى البنوك والشركات الكبرى بينما يعيش معظم الناجين من معسكرات التركيز النازية تحت خط الفقر. كما استطاعت في هذه القترة ان تقنع العالم، مع بعض الاستثناءات، بأن كل نقد لدولة اسرائيل وسياساتها هو لا سامية موجهة لليهودي لكونه يهوديا لا اكثر. هذه الادعاءات والاكاذيب لم تعد تنطلي على احد خصوصا وان العديدين من قادة حركة المقاطعة ومن المناهضين للحركة الصهيونية هم من المفكرين والمثقفين اليهود. ان استعمال مصطلح اللاسامية بهذا المعنى المبتذل والمزيف اصبح مهزلة حتى بالنسبة لاصدقاء اسرائيل التقليديين.
نقطتا الضعف في حركة "المقاطعة وسحب الاستثمار والعقوبات" هما أولا: الدول العربية التي أصبحت تنفسم إلى قسمين: قسم يقيم علاقات تطبيعية علنية مع إسرائيل في جميع المجالات وعلى كافة المستويات مثل مصر والاردن والسلطة الفلسطينية. وقسم يقيم علاقات سرية، أو بالاحرى شبه سرية معها، ولكن ايضا في جميع المجالات وعلى كافة المستويات. وثانيا، وهو الاهم بالنسبة لنا هو تهافت اوساط واسعة من جماهيرنا على المراكز التجارية ااسرائيلية وعلى المنتجات الاسرائيلية.
لقد آن الاوان أن نلتحق بالحركة التي قامت اصلا من اجل الدفاع عن حقوقنا. طبعا مع الاخذ بعين الاعتبار ظروفنا الخاصة الناتجة عن سيطرة الاقتصاد الاسرائيلي على كافة مرافق حياتنا. ولكن يبقى هناك الكثير الكثير مما يمكن عمله في هذا المجال من خلال دعم وتقوية الانتاج الوطني ومقاطعة العديد من المنتجات الاسرائيلية التي يمكن الاستغناء عنها.
قد ترتدع بعض المؤسسات والمصالح الكبرى من قانون المقاطعة الذي سنته الكنيست قبل سنوات ووافقت عليه المحكمة العليا مؤخرا ولكن لا سبب هناك لارتداع المواطن العادي. المسألة تبدأ في مقاومة الثقافة الاستهلاكية التي تغزو مجتمعنا والتي تجعلنا كالقطيع الوارد إلى المراكز التجارية في الناصرة العليا وكرمئيل وحيفا وضواحيها في الشمال وكذلك الامر في المركز وفي القدس. المقاطعة هي جزء من المقاومة الوطنية.

No comments: