وطن
في مهب الريح
علي
زبيدات – سخنين
تطل
علينا من فترة لاخرى مبادرات جديدة لحل
الصراع العربي – الاسرائيلي واحلال
السلام الذي طال انتظاره في المنطقة.
عادة ما تكون مثل
هذه المبادرات جديدة بالاسم فقط وربما
ببعض المساحيق والاقنعة التي تكاد لا
تخفي شيئا أيضا. فبعد
حلول الدولتين لشعبين باشكالها المختلفة،
بكل وجوهها المتشابهة والمتباينة
والمتقاطعة والمشتركة والتي اتفق انصارها
مؤخرا على انها اصبحت مستحيلة التطبيق،
وبعد موجة حلول الدولة الواحدة التي اتفق
انصارها ومعارضوها، كل من منطلقه على
انها مستحيلة التطبيق على الاقل في
المستقبل المنظور، تطل علينا المبادرة
الجديدة بفستانها القشيب تحت عنوان:
"دولتان وطن
واحد".
ما
زلنا نلتقط انفاسنا ونجفف عرقنا من جراء
مطاردتنا للمبادرة السابقة أو من جراء
مطاردتها لنا، تلك المبادرة التي عرفت
باسم "مبادرة
جنيف" والتي
اكد مطلقوها من الطرفين في حينه بانها
سوف تدخل كل بيت اسرائيلي وكل بيت فلسطيني
وتشق طريقها نحو تحقيق الهدف المنشود وهو
تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
في السنوات الاخيرة
خفت صوت المبادرين لهذه المبادرة ربما
لان الاموال التي خصصت لها قد نضبت بعد
أن تم تقاسمها فيما بينهم.
يبدو
انه يوجد هناك ممول أو ممولون جدد (ليس
من العسير اقتفاء اثرهم، ولكن لا رغبة
لدي الان للقيام بهذه المهمة)
ويبدو انهم وجدوا
خيولا جديدة لتخوض السباق مما شجعهم
للاعلان عن عقد مؤتمر تأسيسي لانطلاقة
هذه المبادرة التي سوف توحد اليمين
الاسرائيلي مع اليسار الاسرائيلي وتوحد
اليمين الفلسطيني مع اليسار الفلسطيني.
فمن الذي يجرؤ على
رفض" الوطن
الواحد"؟
هذه
المبادرة كما سبق وقلت ليست جديدة كل
الجدة. فقد
مرت في عدة مراحل حتى اتخذت شكلها النهائي
حتى على صعيد الشعار. كانت
في البداية: ارض
إسرائيل/ فلسطين
ودولتان، يبدو ان هذا الاسم حساس وفي
الوقت نفسه منفر لكلا الطرفين، فتمت
الاستعاضة عنه ب"دولتين
في حيز واحد". ولكن
المصطلح "حيز"
غير متداول عند
الفلسطينيين وغير جذاب، اما مصطلح وطن،
ووطن واحد فسوف ينتشر بالتأكيد مثل النار
بالهشيم، خصوصا بين الاوساط اليسارية
المولعة في حب الوطن.
للمعلومات
فقط، (يستطيع
كل شخص التوصل لهذه المعلومات واكثر منها
بواسطة بحث بسيط يجريه في الشبكة العنكبوتبة)
المركز الاسرائيلي
– الفلسطيني للابحاث والمعلومات (ايبكري)
الذي يتبنى هذه
المبادرة هو مركز مشبوه بعلاقاته المتشعبة
مع المخابرات الاسرائيلية.
وما زال دور مديره
السابق غرشون باسكن بالتوسط في صفقة شاليط
يحفه الغموض. اما
شريكه في الجانب الفلسطيني حنا سنيورة
فمواقفه "الوطنية"
معروفة لجماهير
شعبنا في القدس وفي الضفة الغربية.
يدعي هذا المركز
بانه عمل طوال ربع قرن على دفع عملية
السلام الاسرائيلي الفلسطيني وله تجربة
في هذا المجال وانجازات ايضا.
على حد علمي، عملية
السلام في ربع القرن الاخير تمخضت عن
ثلاثة حروب ضد غزة وحربين ضد لبنان وعمليا
حرب مستمرة في الضقة الغربية وضد الشعب
الفلسطيني في جميع اماكن تواجده.
المهم
في الموضوع، النقاط الاساسية في حل
الدولتين ووطن واحد:
اولا:
التأكيد على الرواية
الصهيونية (اليسارية)
بأن الحركة الصهيونية
حركة تحرر قومي اصطدمت بحركة تحرر اخرى
على نفس الارض. فالصراع
لم يكن ابدا بين حركة كولونيالية غزت
البلاد شردت شعبها ونهبت ارضه، بل هو صراع
بين حقين.
ثانيا:
عودة رمزية للاجئين
الفلسطينيين. وهذ
العودة لن تكون اكثر من اقامة دائمة للم
شمل بعض العائلات لدوافع "انسانية"
بالمقابل يحق لدولة
اسرائيل أن تجلب من تريده من يهود العالم.
اما المستوطنين
في الضفة الغربية فسيبقون في مستوطناتهم
وسيتمتعون بالجنسية الاسرائيلية حتى وان
كانوا في الدولة الفلسطينية.
بعد
هاتين النقطتين المركزيتين يمكن الكلام
عن الديمقراطية. حقوق
الانسان، وسيادة القانون ويمكن الكلام
عن المؤسسات المشتركة والتعويضات والتنسيق
الامني وفتح المعابر وغيرها من المواضيع.
من
يتقبل هذه المبادرة ويساهم في نشرها
والترويج لها يمنح من قبل مركز ايبكري
شهادة تسمى "التفكير
خارج القفص" واذا
كان أكثر ذكاء قد يمنح شهادات اخرى وربما
جوائز مادية ايضا.
انا
شخصيا باق للتفكير في قفص الوطن، وانت؟