كذبة
مستمرة تبحث عن مصدقين
علي
زبيدات – سخنين
ما
زالت صور نتنياهو تملأ الشبكة العنكبوتية
وهو يزاحم قادة اوروبا وغيرهم لكي يصل
إلى الصف الامامي في مسيرة باريس بعد
الهجوم على جريدة شارلي ابدو والمتجر
اليهودي. هذه
الصور التي اثارت خحل وسخرية حتى الكثيرين
من مؤيدي رئيس الحكومة الاسرائيلي.
لم تكن مشاركة
نتنياهو بهذا الشكل بدافع حرصه على حرية
التعبير عن الرأي أو قلقه على حقوق الانسان
أو حتى محاربته للإرهاب.
فالعالم، ومن بينهم
من سار إلى جانبه من الزعماء الدوليين
يعرف باعه الطويل في كبت حرية التعبير
وخرق حقوق الانسان وممارسة الارهاب على
شعب كامل هذا بالاضافة الى كونه مطلوبا
في عدة اماكن بتهمة ارتكابه جرائم حرب
وجرائم ضد الانسانية.
في
هذه المسيرة تفوق نتنياهو على نفسه عندما
وجه دعوة إلى يهود فرنسا بترك كل شيء فورا
والهجرة إلى إسرائيل التي تشكل "المكان
الوحيد الآمن لليهود في العالم”.
رئيس الحكومة
الفرنسية رد بخجل على دعوة نتنياهو هذه
عندما قال: "أن
فرنسا لن تبقى فرنسا إذا رحل عنها اليهود
الفرنسيون”. ولكن
الرد الحاسم جاء من يهود فرنسا انفسهم،
فهم يعرفون تمام المعرفة ان هذا المكان
"الآمن"
هو في الحقيقة اخطر
مكان على وجه الارض ليس فقط لليهود بل
لشعوب المنطقة وللسلم العالمي أيضا.
لم
تكن دعوة نتنياهو هذه في باريس الدعوة
الاولى ولن تكون الاخيرة.
ففي الاسبوع الماضي
عاد ودعا يهود الدنمارك بل يهود اوروبا
جميعهم بالاسراع للهجرة إلى اسرائيل قبل
أن تمد اليهم يد اللاسامية المتنامية
والارهاب الاسلامي. مرة
اخرى جاء الرد حاسما من قبل اليهود انفسهم
الذين قالوا بشكل لا يقبل التأويل:
لا شكرا، لن تخدعنا
مثل هذه الدعوات الكاذبة.
الواقع
يقول أن الذين يهربون من دولة اسرائيل
"الآمنة)
أضعاف من يلجؤون
اليها بحثا عن الامن. ومن
لا يرحل بسبب الاوضاع الامنية يرحل بسبب
الاوضاع الاقتصادية. لقد
كان الاحرى بالدول الاوروبية، والدول
العربية ايضا، أن تتوجه هي إلى يهودها
الذين هاجروا إلى اسرائيل في الماضي
وتدعوهم للعودة الى اوطانهم الاصلية.
ليس فقط لان هذه
البلاد اكثر امنا لليهود، بل ايضا لان
جذورهم الحياتية التي قطعتها الصهيونية
بأكاذيبها ووعودها الزائفة ما زالت حية
هناك.
يحاول
نتنياهو بكل ما يملك من حنكة ودهاء أن
يكرر الكذبة الكبرى التي اخترعتها الحركة
الصهيونية في اعقاب الحرب العالمية
الثانية وانطلت على العديد من الشعوب
الاوربية وغيرها والتي تقول:
ان الضمان الوحيد
لعدم تكرار ما حدث في اوروبا في تلك الفترة
يحتم اقامة دولة يهودية قي فلسطين تحمي
يهود العالم الذين يتعرضون للابادة.
مما لا شك في ان
هذه الكذبة قد ساهمت الى حد كبير في اقامة
دولة اسرائيل وقد تحولت مع الوقت الى
ابتزاز سافر ما زالت تستعمله الدولة في
كل مناسبة وبدون مناسبة.
في اماكن اخرى مثل
العراق، مصر، المغرب، اليمن مارست الحركة
الصهيونية شتى اشكال الارهاب ضد اليهود
لاقناعهم بالهجرة الى المكان "الآمن
الوحيد في العالم" لهم.
ومن صدق هذه الكذبة
وجد نفسه يسكن مكشوفا في المناطق الحدودية
لكي يكون خط الدفاع الامامي للمستعمرين
الجدد الاوروبيين، ومن ثم تم تجنيدهم في
جيش زج في حروب لها اول وما لها آخر.
فقد خاضت هذه الدولة
منذ قيامها عشرات الحروب، منها الاقليمية
والمحلية، الكبيرة والصغيرة وعدد لا يحصى
من العمليات العدائية.
هذا بالاضافة الى
ان تشريد الشعب الفلسطيني ونهب ارضة
ووقوعه تحت نير الاحتلال قد أوجد مقاومة
مستمرة من ضمن من يدفع ثمنها هم اليهود
الذين خدعوا للمجيئ الى هذا المكان
"الآمن”.
كذبة
المكان الآمن ليست حصرا على نتنياهو وعلى
حزبه او على باقي الاحزاب الصهيونية
بيمينها ووسطها ويسارها فحسب بل تشمل
جميع الاحزاب التي تستظل بالكنيست بما
فيها الاحزاب العربية التي تتخيل نفسها
خارج اللعبة الصهيونية، لأن الكنيست هي
التي تحمل كافة الاكاذيب والاساطير
الصهيونية وتوزعها على اعضائها.
صحيح، ليس بالتساوي
ولكن في نهاية المطاف كل عضو يأخذ نصيبه
منها. عندما
زار النائب محمد بركة ضمن وفد من الكنيست
قبل خمسة اعوام، معسكر أوشفيتز هل كان
يمثل ضحايا النازية أو اللاجئين الفلسطينيين
أم كان يمثل الكنيست الصهيوني؟ أنا طبعا
لست ضد زيارة معسكرات التركيز النازية،
بالعكس، يجب على كل فلسطيني قادر ان يقوم
بذلك ليس فقط لكي يكشف العلاقة الوثيقة
بين مقترفي الجرائم النازية ومقترفي
الجرائم الصهيونية بل ايضا لكي يكشف
العلاقة بين ضحايا النازية وضحايا
الصهيونية.
لا
يمكن أن تكون مناهضا للعنصرية وفي الوقت
نفسه تكون عضوا في أعتى منظمة عنصرية.
لا يمكن ان تقسم
يمين الولاء لنظام ابرتهايد امام ارفع
مؤسسة له وتدعي في الوقت نفسه مناهضة
الابرتهايد.
السؤال
الذي يطرح نفسه هنا وبحاجة الى اجابة
صريحة وجريئة هو: هل
الاحزاب العربية الكنيستية تمثل الجماهير
الفلسطينية في الكنيست أم انها تمثل
الكنيست عند الجماهير الفلسطينية؟
No comments:
Post a Comment