نبش
صفحات منسية
على
زبيدات – سخنين
أنستنا
انتخابات الكنيست القادمة كل المواضيع
الاخرى. بتنا
نفطر، نتغدى نتعشى على اخبار كنيست.
نصلي الصلوات الخمس
ورؤوسنا محشية باخبار الكنيست، نسهر
وننام ونستيقظ على ذكر الانتخابات.
لا حديث لنا سوى
الانتخابات: القائمة
المشتركة تدشن وتبشر بمرحلة جديدة ليس
عندنا فحسب بل على مستوى العالم العربي.
لاول مرة يتحالف
الشيوعي، القومي والاسلامي.
الوحدة التي فشل
في صنعها عبدالناصر ومعمر القذافي حققتها
لجنة الوفاق الوطني بجمعها عمالقة الاحزاب
الاربعة في قائمة واحدة سوف تخوض انتخابات
الكنيست وتكتسح الساحة وتصبح القوة
الثالثة وتصبح قوة موثرة الى درجة تمنع
عودة اليمين الصهيوني الى الحكم، ترسل
نتنياهو الى الصفوف المعارضة الخلفية في
الكنيست وتأتي بالبديل اليساري الممثل
بالمعسكر الصهيوني. وكل
من لا يتقبل هذه القائمة ويحتضنها ويمنحها
صوته فإما ان يكون حارقا للاصوات واما ان
يكون خادما لليمين الصهيوني المتطرف.
لقد أصاب حمى
الانتخابات مجتمعنا الفلسطيني بأسره بما
في ذلك الذين يقاطعون هذه الانتخابات،
وأنا من ضمنهم، كاتب هذه السطور.
ولا يسعني الا ان
اعترف: منذ
الاعلان عن حل الكنيست وتعيين موعد
لانتخابات جديدة وأنا اكتب اسبوعيا وحصريا
عن ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست.
التيار جرفنا جميعا
لم يعد هناك ثمة فرق جوهري بين من ينادي
برفع نسبة التصويت بين من ينادي بخفض نسبة
التصويت. جميعنا
طوينا كافة الصفحات الاخرى ودفناها عميقا
في درج النسيان.
هذا
الاسبوع صحوت قليلا بعد أن تلقيت بهدلة
عنيفة من زوجتى(هولندية
الاصل) بعدما
صرخت في وجهي: كفى
كلاما عن الانتخابات وعن المقاطعة، هل
تذكرون شيئا اسمه غزة؟ كان ذلك بعد أن
تكبدت عناء السفر ليوم كامل إلى معبر
ايريز لدخول غزة حيث حصلت على تصريح من
السلطات الاإسرائيلية طلبته لها السفارة
الهولندية بصفتها تحمل الجنسية الهولندية
وتعمل مع بعض الجمعيات الغزية التي تتلقى
الدعم من مؤسسات هولندية.
وقد تزامنت هذه
الزيارة مع وفد هولندي يضم نائب وزير
الخارجية. عندما
وصلت المعبر تم تأخيرها لبضع ساعات بعدما
اكتشفوا انها تحمل، بالاضافة لجواز السفر
الهولندي، الهوية الاسرائيلية والقانون
يمنع حاملها من دخول قطاع غزة.
لم يحترموا التصريح
الذي اصدروه هم (عن
طريق الخطأ) واعادوها
على اعقابها ولم يجديها نفعا تدخل السفارة
الهولندية. في
الساعات القليلة التي تم احتجازها في
المعبر شاهدت المعاملة المهينة التي
يتعرض لها النفر القليل من الفلسطينيين
"المحظوظين"
الذين حصلوا على
تصريح للخروج او الدخول إلى اكبر سجن
مفتوح في العالم بينما دخل بعض الاجانب
الذين يعملون لصالح منظمات دولية باحترام.
ماذا
فعلتم انتم المصوتون والمقاطعون لاهل
غزة منذ أن توقف العدوان الاسرائيلي
الاخير عليها؟ تابعت زوجتي صراخها في
وجهي. حتى
في ايام الحرب التي طالت لاكثر من شهر
ونصف لم تفعلوا شيئا يذكر سوى الوقوف مرة
أو مرتين على هذا الدوار او على ذلك المفرق.
اذهبوا الى معبر
ايريز واعتصموا هناك ولا تغادروا حتى
يفتح هذا المعبر اللعين ابوابه.
الله
يسامحك يا زوجتي على نبش هذه الصفحات
المنسية.
لم
اشارك اهل غزة حينذاك فرحتهم واحتفالهم
بالنصر. وكتبت
حينها: كيف
يمكن الاحتفال ودماء الشهداء لم تجف بعد؟
وقلت ايضا: نصر
آخر كهذا وعلى غزة ومن عليها السلام.
صحيح، اسرائيل قد
فشلت في تحقيق اهدافها من العدوان بعد أن
اصطدمت بمقاومة وصمود اسطوريين، ولكن من
هنا وحتى النصر ما زالت المسافة طويلة
جدا. على
عكس كل ما قيل، لم يرفع الحصار عن غزة بل
اشتد واكتمل بعد ان قامت الحكومة المصرية
بهدم 800 منزلا
في رفح المصرية وجعلتها منطقة عازلة هذا
بالاضافة للقتل وللدمار العظيم.
ولم تستطع كذبة
اعادة اعمار غزة والدول المانحة وملايين
الدولارات على الورق أن تغير شيئا في هذا
الواقع التعيس. كما
جاءت حكومة الوفاق المزيفة لتزيد الطين
بلة.
هل
ستغير "القوة
الثالثة" في
الكنيست هذا الواقع؟ وكيف؟ في ابعاد
نتنياهو وجلب هرتسوغ؟ هل سمعت هذه القوة
الثالثة هرتسوغ وهو يتهم نتنياهو بانه
انتظر طويلا وتردد في ضرب حماس ضربة قاضية
وبدل القضاء عليها قام بتقويتها؟ حقا،
ماذا فعلنا من أجل غزة؟ وكيف سوف نستعمل
الكنيست لانقاذ غزة؟ مجنون يحكي وألف
عاقل يسمع. وماذا
لو نبشنا صفحة تهويد القدس وهدم البيوت
هناك؟ وصفحة توسيع الاستيطان في كافة
ارجاء الضفة الغربية؟ ماذا بالنسبة لصفحة
هدم البيوت في النقب واللد وام الفحم
وقلنسوة وغيرها؟ قد يقول البعض الدخول
للكنيست لا يتعارض مع النضال من أجل هذه
الامور، بل يعززه. حقا؟
هل هذا صحيح؟ ماذا تنتظرون إذن؟
No comments:
Post a Comment