العنف
من أجل القضاء على العنف
علي
زبيدات – سخنين
بمناسبة
"اليوم
العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة"
امتلأت وسائل
الاعلام المحلية والعالمية باشكالها
المكتوبة، المرئية ، المسموعة والالكترونية
بالاخبار والتقارير والنشاطات من اجل
مناهضة، محاربة، مكافحة، القضاء على
العنف ضد النساء في العالم.
في هذه المناسبة
اتفقت كافة التنظيمات والمؤسسات، الحكومية
وغير الحكومية، النسوية وغير النسوية
على ضرورة محاربة هذا العنف االمستشري
في كافة انحاء العالم متخطيا الحدود
الجغراقية والاجتماعية والسياسية.
بالرغم من كل ذلك
وحسب كافة التقارير الصادرة عن الجهات
المختصة ابتداء بمؤسسات الامم المتحدة
وحتى الحركات النسوية المحلية تؤكد
تفاقم هذه الظاهرة الحظيرة.
لست
هنا بصدد الخوض في سرد تفاصيل هذه التقارير
وتكرار ما تحتوية من احصائيات ومعلومات
وحقائق حول العنف الموجه ضد النساء في
العالم، يكفي أن اذكر هنا ان إمرأة واحدة
من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف
في حياتها وهذا يعني أن ملايين النساء
تتعرضن يوميا للاغتصاب، للاعتداء، للضرب،
للاهانة في البيت والمدرسة والشارع واماكن
العمل، في أيام السلم وفي ايام الحرب، في
البلدان المتطورة وفي البلدان المتخلفة،
من كافة الشعوب والطوائف والاديان.
زد على ذلك، في
عالمني العربي ومن ضمنه الفلسطيني، تتعرض
النساء لاشكال خاصة من العنف مثل القتل
على خلفية شرف العالئلة، ختان البنات،
الارغام على الزواج وزواج القاصرات،
التحرش الجنسي الذي يصل في بعض البلدان
الى نسبة عالية تكاد لا تنجو منها إمرأة
واحدة.
السؤال
الذي يطرح نفسه هنا: اذا
كان الجميع حقا ضد هذا العنف ويدعون الى
محاربته فلماذا إذن يزداد تغولا وانتشارا؟
هناك اسباب عديدة لهذه الحالة المزرية
والتي لا يمكن حصرها ومعالحتها في مقالة
صحفية واحدة. لذلك
سوف اقتصر على ما اظنه الاساس في هذا
المجال:
أولا،
حسب رأيي، الجهة التي تولد العنف ضد النساء
هي نفسها الجهة التي تولد العنف ضد الطبقات
والفئات والشرائح المضطهدة والمستغلة
ومهضومة الحقوق. وهي
الدولة بكافة اجهزتها القمعية من جيش
وشرطة وسجون وبيرقراطية وبنوك ومؤسسات
سياسية واجتماعية وثقافية والتي تشكل
جزءا من النظام الرأسمالي العالمي.
هذا النظام الذي
يدعي الدفاع عن حقوق المسضتعفين ويسن
القوانين على الصعيد العالمي والمحلي
ويدعي الدفاع غن حقوق الانسان هو في
الحقيقة المسؤول الاول عن العنف ضد المرأة
وضد باقي المستضعفين في الارض.
لذلك ينبغي التعامل
معه كعدو وليس كصديق. هذا
النظام الرأسمالي العالمي هو المسؤول
الاول عن الحروب والمجاعات والامراض في
العالم، وهذه الامور بدورها هي المنتج
الاول للعنف. لا
يعقل مثلا أن تصدر الامم المتحدة قرارا
للقضاء على العنف ضد النساء وفي الوقت
نفسه تقوم مؤسساتها الاخرى باصدار قرارت
لتصدير الحروب للبلدان الفقيرة حتى تتيح
للدول المتطورة اقتصاديا تصدير الاسلحة
التي تعود عليها بالارباح الفاحشة.
وتقوم مؤسساتها
الاخرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد
الدولي بدفع ملايين الفقراء الى حافة
المجاعة. لا
يمكن أن ينحقق القضاء على العنف ضد النساء
بدون القضاء على هذا النظام العالمي
المتوحش. سفراء
النوايا الحسنة من نجوم سينما وتلفزيون
وعارضات ازياء، بالرغم من كل نواياهم
الحسنة على الصعيد الفردي، لا تهدف سوى
ذر الرماد في العيون.
النقظة
الثانية والتي قد تثير غضب بعض الحركات
النسوية يدور حول تصورهن لدور الضحية
يالذات وفي موضوعنا هذا النساء اللاتي
يتعرضن للعنف: هل
الاكتفاء بتنظيم النشاطات السلمية
لتسكين الاوجاع؟ اصدار المنشورات، وادانة
تهاون السلطات وشجب تهرب الزعامات من
تحمل المسؤولية؟ أم اخذ زمام المبادرة
وشن عنف ثوري مضاد ضد العنف الرجعي الموحد
من قبل السلطة وعكاكيزها؟.
ولكي اتجنب الانزلاق
في العموميات ساقتصر الكلام عن وضع المرأة
الفلسطينية بشكل عام وفي المناطق المحتلة
عام ١٩٤٨ بشكل خاص: اكتفت
معظم الحركات النسوية في هذه المناسبة
بتعميم تقارير ونشرات سبق نشرها، خالية
من أي جديد أو تجديد. بعضها
يعتبر حل مشكلة العنف في يد السلطة عموما
والشرطة بشكل خاص، وشاركت في جلسة "لجنة
مكانة المرأة في الكنيست".
وقي حالة ارتكاب
جريمة قتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة
تتوجه لاعضاء الكنيست العرب والاحزاب
العربية والوجهاء الدينيين لبتحملوا
المسؤولية متناسية طبيعتهم الشوفينية
الذكروية التي هي احد اسباب هذا العنف.
مع
الاحترام لكل الرموز السلمية واللاعنفية
من غاندي إلى مارتن لوثر كينغ إلى نلسون
مانديلا وغيرهم فإن التاريخ يثبت بانه
لا يمكن القضاء على العنف الرجعي الا
بالعنف الثوري المضاد.
المرأة الفلسطينية
المنخرطة في العمل الوطني هي أقوى النساء
على مواجهة العنف المجتمهي ضدها، وهي
قادرة اكثر من غيرها على مواجهة عنف الرجل
مهما كان مقربا لها. العنف
الثوري في مواجهة ضد العنف الرجعي مهما
كان مصدره هو عنف تحرري يعيد الشعور
الانساني للشخص الذي يمارسه ويفجر بداخله
شعور الخلق والابداع والانطلاق.
الدعوة الى رفض
جارف للعنف هي دعوة مشبوهة ومن يقف ضد
عنف المظلوم في دفاعه عن حريته وعن انسانيته
يقف في الحقيقة مع العنف الرجعي مهما لبس
من اقنعة واستعمل من تبريرات.
نعم، أنا ادعو
النساء المعنفات للجوء إلى العنف الثوري
دفاعا عن انسانيتهن.