الدول
العربية تدخل المعركة
علي
زبيدات – سخنين
عندما
قال السادات قبل سنوات عديدة بإن حرب
اكتوبر ١٩٧٣ هي الحرب الاخيرة فقد قصد
انها الحرب الاخيرة للدول العربية ضد
اسرائيل ولكنه بالطبع لم يقصد انها الحرب
الاخيرة على الاطلاق. ها
هي خمس دول عربية على الاقل تشن حربا لا
هوادة بها ضد الارهاب في سوريا والعراق
وهي ليست وحدها بل هي جزء من تحالف عالمي
تقوده امريكا وإسرائيل يضم اكثر من ٥٠
دولة. الحرب
الاخيرة التي شنها الاردن كانت عام ١٩٦٧
حيث سلم الملك حسين الضفة الغربية لاسرائيل
بدون قتال يذكر، ومن قبله شن جده الملك
عبدالله حربا لتحرير فلسطين بتسليمها
لاسرائيل بدون قتال يذكر ايضا.
اليوم تشارك
الطائرات الاردنية بكل فخر واعتزاز في
الحرب الدولية على الارهاب الاسلامي وتشن
الغارات على شمال سوريا لكي تؤمن الحدود
الجنوبية بينها وبين سوريا وتمنع الارهابيين
من اجتياز الحدود. وها
هي السعودية التي كدست الاسلحة على مدار
عشرات السنين وانفقت في سبيل ذلك الالاف
المؤلفة من المليارات ولم تستعمل حتى
الان سوى النزر القليل للحفاظ على نظامها
ودعم حلفائها في الجنوب والشمال، ترسل
طائراتها من طراز تورنيدو وتايفون وتلقي
بقذائقها على الارهابيين في سوريا والعراق.
حتى الامارت
والبحرين شاركتا في الغارات الجوية بشكل
عملي وفعال. اما
قطر التي تخوض منافسة شرسة مع السعودية
فقذ اكتفت بتقديم المساعدات اللوجستية
للمعركة وخصوصا استخدام القواعد العسكرية
الامريكية على ارضها لشن الغارات الجوية.
لقد
صرح اوباما، وهل هناك من يشكك في نواياه
السلمية؟، أن هذه الحرب ليست حرب امريكا
وحدها بل هي حرب جميع الدول الديمقراطية
في العالم وجميع من يدافع عن حقوق الانسان،
ومن هذا المنطلق سارعت السعودية والاردن
والامارات والبحرين وقطر إلى دخول هذه
المعركة. فقد
صرح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل
ان الارهاب في سوريا والعراق واليمن
وليبيا ولبنان قد شوه صورة الاسلام
والمسلمين، بينما يمثل هو وملكه المتخلف
وباقي الملوك والامراء العرب الوجه
الجميل، المشرق والحضاري للاسلام
والمسلمين. صرح
مسؤول امريكي رفيع المستوى بان الحرب على
تنظيم الدولة الاسلامية سوف تستغرق سنوات.
وما المشكلة في
ذلك؟ فهذه الدول ليست مستعجلة، لديها كل
الوقت المطلوب بالاضافة إلى انها ستستريح
من الدعوات التي تطالبها بمواجهة اسرائيل
خصوصا بعد أن اصبحت الحليفة الاستراتيجية
في العديد من الجبهات.
مرة
اخرى تختلط الاوراق، تحالفات قديمة تتلاشى
وتحالفات جديدة تطفو على السطح.
تغير المواقع
والتنقلات فيما بينها تتسارع حتى اصبح
من العسير بل من المستحيل متابعتها
وادراكها. التناقضات
البارزة والمخفية تخدع زبصارنا وتتلاعب
في عقولنا. فبينما
يؤكد اوباما بان الارهاب الاسلامي يهدد
الامن الوطني الامريكي ، تصرح وزارة الامن
القومي الامريكية بانه لا توجد مؤشرات
على خطر هجمات محتملة للقاعدة او تنظيم
الدولة الاسلامية في الولايات المتحدة.
من جهة اخرى، ايران
وهي احدى اركان التخالف المضاد تصرح بانها
تؤيد شن الغارات الغربية في العراق ولكنها
تعارضها في سوريا، واذا رغب الغرب بأن
تغير موقفها فهذا ممكن إذا ما تم الاتفاق
حول البرنامج النووي الايراني.
روسيا التي تدار
من قبل المافيا وتواجه ازمة كبرى في
اوكرانيا تكتفي بالتصريحات المنددة
بالحرب من جهة والسكوت والقبول بها من
جهة اخرى. النظام
السوري يرحب بهذه الحرب التي يأمل ان
تخرجه من ازمته ويكلف وزارة الخارجية
وبالتحديد السفير في الامم المتحدة
للتعبير عن هذا الترحاب بينما يقوم رأس
النظام بتأمين خط رجعة لنفسه بالسكوت او
بالتصريحات الخجلة حول ضرورة التنسيق
مع الدولة السورية واحترام سيادتها.
حزب الله وهو الحليف
المركزي للنظام السوري وكما صرح امينه
العام فهو يعارض مبدئيا التدخل الامريكي
لانه يخدم المصلحة الامريكية فقط ولكنه
لا يقوم بأية خطوة عملية ضد هذا التدخل.
بالعكس، من خلال
السكوت على الموقف الايراني الروسي
المتذبذب وقبول النظام وتحالفه مع الجيش
اللبناني المسلح امريكيا فانه اقرب إلى
التورط في هذا التحالف.
اما اسرائيل فانها
تكتفي في المرحلة الراهنة بأن تكون مرجعية
التحالف الاخلاقية بتصديرها المفاهيم
التي طورتها من خلال حروبها ضد غزة:
الغارات الجوية
تستهدف الارهابيين الذين يختبئون بين
المدنيين ويستعملونهم كدروع بشرية.
لنصدق
امريكا للحظة، بأن هذه الحرب ليست حرب
امريكا وحدها بل هي حرب الدول العربية
ايضا وان هذه الحرب بالفعل ستستغرق سنوات
طويلة. فماذا
يعني كل هذا؟ هذا يعني أمرا واحدا:
اتركوا اسرائيل
وشأنها بسلام، دعوها تبني المستوطنات
على راحتها وتستمر في حصار غزة كما يحلو
لها ولا تتكلموا عن حق العودة او حتى عن
دولة مستقلة مهما كانت ناقصة السيادة.
اكتفوا بالمفاوضات
التي لا تنتهي.