Wednesday, March 05, 2014

المرأة العربية إلى جزر القمر



المرأة العربية إلى جزر القمر
علي زبيدات – سخنين

يوم المرأة العالمي على الابواب. في هذه المناسبة انصح النساء العربيات خصوصا من الدول العربية الكبرى مثل مصر والسعودية والعراق والسودان واليمن وسوريا أن يقمن الرحال بزيارة لجزر القمر. هذه النصيحة ليست نكتة سمجة، حسب دراسة اجريت مؤخرا تبين أن مكانة المرأة هي الافضل في جزر القمر حيث تتمتع المرأة بقدر من الحرية الاجتماعية وبقدر من الحقوق والحماية الاجتماعية وأكثر وحتى قوانين تحمي المرأة من الانتهاكات الجنسية وتعاقب مرتكبيها. على عكس مصر، أم الدنيا، التي تبوأت المكان الاخير حيث تتعرض النساء بنسبة٩٩٪ للتحرش الجنسي من غير حساب أو عقاب. هذا بالاضافة الى ختان البنات وزواج القاصرات والعنف داخل العائلة وغيرها من الانتهاكات.
في يوم المرأة العالمي يصبح الجميع من أنصار المرأة، يحتلون كافة المنابر والمنصات لترويج بضاعتهم الكاسدة من شعارات مزيفة وتشويه للحقائق حتى تبدو المرأة العربية وكأنها قادمة من كوكب آخر تسوده الحرية والمساواة والتقدم والانجازات. ولكن في نهاية المطاف جميع هذه البهلوانيات لا تستطيع أن تطمس واقع المرأة العربية المأساوي.
أعلم أن الكتابة النقدية في هذا المجال أشد خطرا من السير في حقل من الالغام، لا تدري متى ينفجر تحت قدميك لغم بالرغم من حرصك الشديد على تجنبه. لقد أصبح الكلام عن حرية المرأة والدفاع عن حقوقها وعن رفع مكانتها صناعة تماما كالصناعة الدينية والوطنية والقومية تمتهنه كافة الاطراف من رجال الدين والسياسة وحتى الحركات النسوية الاشد رديكالية. بل الاصح انها اصبحت تجارة،على اعتبار أن الصناعة لا تخلو على الاقل من انتاج ومن ابداع. وبالفعل ترددت كثيرا قبل الكتابة في هذا الموضوع فلا احد يحب النقد مع اننا نتفق جميعا، نظريا على الاقل، على ضرورته. ولكن في بعض الظروف، كالظروف التي نمر بها هذه الايام، لا بد من اجتياح أعتى حقول الالغام.
لا يمكن تحييد الدين والعادات والتقاليد عما آلت اليه أوضاع المرأة العربية. ذكرت هذه العناصر الثلاث مجتمعة ليس من باب الصدفة فهي مممتزجة مع بعضها البعض منذ قرون حتى اصبح الفصل بينها مستحيلا. لا يهم هنا اذا كان الحجاب او النقاب دينيا صرفا ام ان هناك تأثير للعادات والتقاليد، ،كذلك الامر بالنسبة لختان البنات وزواج القاصرات وتعدد الزوجات ومكانة المرأة في المجتمع بشكل عام. جميعنا يعلم أن هذا الثالوث مجتمعا أو مفككا إلى عناصره الاولية هو من الاسباب الاساسية لوضع المرأة العربية المزري. من السهل الدعوة للتحرر من العادات والتقاليد البالية والرجعية، ولكن لا احد يجرؤ على الدعوة للتحرر من النصوص الدينية. لقد وقفت مذهولا وانا اشاهد شريطا لاحد شيوخ الدين يقول فيه: "لقد كرم الاسلام المرأة بالضرب" ويشرح نظريته هذه بالاعتماد على نصوص قرآنية. لكني لم اذهل أن يقوم احد المعاهد المعادية للعرب والاسلام بترويج هذا الشريط. قد يقول البعض: هذا رأي احد المشايخ وهناك بالتأكيد من يعارض هذا الرأي. ولكن هذا لا ينفي ان التفكير الديني ينطلق من مبدأ أن المرأة تحتاج الى تأديب، يبقى النقاش حول شكل هذا التأديب. السؤال الغائب هنا هو: من يؤدب المؤدبين؟. مبدأ آخر نابع من صلب التفكير الديني هوالفصل بين الجنسين منذ الولادة وحتى الممات والذي تعاني منه المرأة العربية وبالتالي المجتمع العربي بأسره. يبقى النقاش محصورا في شكل ودرجة هذا الفصل. الدعوة الى اعادة النظر في هذا النمط من التفكير هي ليست بحد ذاتها دعوة الى الكفر أو الانحلال أو إلى تقليد الاجانب بل هي ضرورية لتحرير المرأة العربية من سطوة الثقافة الذكروية.
الحركات النسوية المنتشرة كالفقع في طول البلاد وعرضها هي الاخرى تتحمل مسؤولية تردي أوضاع المرأة العربية وحبذا لو قامت هذه الحركات في هذه المناسبة بمراجعة تفكيرها واساليب عملها بدلا من كيل المدائح على نفسها لانجازاتها الوهمية. فمقياس تقدم المرأة مثلا هو قيامها بالتنافس على مكان مضمون في الكنيست أو للمجلس البلدي او للجنة المتابعة. هذا المقياس حسب رأيي يعكس خلل في الوعي اللازم من أجل نيل المرأة الحرية الفعلية لأن هذه المؤسسات فاسدة ومفسدة. هل تقدم المرأة يقاس بمنافسة الرجل على السلطة والفساد؟ أنا أصلا لا اؤمن بأن جوهر تحرر المرأة هو المساواة مع الرجل. فالنساء اللاتي وصلن الى هذا النوع من المساواة لم يكن افضل من الرجال، يكفي هنا أن نذكر هناعلى سبيل المثال لا الحصر تاتشر وغولدا مئير وانديرا غاندي وهيلاري كلينتون. المساواة مع شيء سيء هي مساواة سيئة.
حرية المرأة لن تتحقق من خلال مشاركتها لعالم الرجل بل من خلال العمل- مع الرجل -لتغيير هذا العالم القائم على الثقافة الذكروية وتخليد دونية المرأة. الطريق الى هذه الحرية يستوجب تعليم المرأة واقتحامها كافة مجالات العمل والنضال ضد الاستغلال والتمييز ضد النساء على اساس جنسي. حتى ذلك الحين اتمنى للمرأة العربية رحلة ممتعة الى جزر القمر.

No comments: