ليس
كل ما يلمع ذهبا
علي
زبيدات – سخنين
يوجد
في السياسة الاسرائيلية مصطلح على غاية
من الاهمية يسمى "הסברה"
(هسبراه).
لا يتطابق هذا
المصطلح تماما مع المعنى الحرفي للكلمة
"تفسير"
فهو لا يقتصر على
مجرد تفسير، تبرير، وشرح السياسة
الاسرائيلية وبثها في وسائل الاعلام
المحلية والدولية وايصالها الى كل من
ينبغي أن يعرفها، بل يتجاوزه حتى اصبح
يجسد مجمل الاستراتيجية الاسرائيلية
للدفاع عن سياسة الدولة في كافة المجالات.
فهو يشمل من المنطلق
الاسرائيلي محاربة الدعاية المعادية
للدولة والتي ترى فيها مسا بحقها في
الوجود ومحاولة لنزع شرعيتها، وتسويغ
الاحتلال وتعاملها الفظ اتجاه الشعب
الفلسطيني ومواجهة الانتقادات الدولية
المتزايدة وخصوصا من قبل منظمات حقوق
الانسان والرأي العام بالاضافة للترويج
لديمقراطيتها ونزاهة جيشها واجهزتها
الامنية. من
أجل القيام بهذه المهمة على احسن وجه فإن
كافة الوسائل مشروعة من كذب وتزييفوتشويه
حقائق ومبالغة وغيرها.
بالرغم من عدم وجود
وزارة خاصة تركز هذا النشاط (كما
هو متبع في بلدان عديدة من خلال وزارات
الاعلام) الا
ان كافة الوزارات والمؤسسات الاسرائيلية
بقيادة وزارة الخارجية ومكتب رئيس الحكومة
تضع نصب أعينها هذه المهمة.
لست
هنا بصدد الغوص في اعماق هذا المصطلح
الاسرائيلي فهو مجال واسع، مترامي الاطراف
ومتعدد الجوانب بحاجة الى مراكز دراسات
وابحاث من اجل ذلك. اكتفي
هنا بالاشارة الى بعض الخطوط العامة
لمساهمتنا نحن الفلسطينيين وخصوصا في
المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ في هذا المجهود
الاعلامي الاسرائيلي من حيث ندري او لا
ندري.
قبل
أيام صرح رئيس الكنيست يولي ادلشطاين في
مقابلة معه بأن اسرائيل تستفيد من وجود
النواب العرب في برلمانها وتستخدمهم
للعلاقات العامة وتزيين صورتها في العالم.
وهذا يذكرني بخطاب
رئيس الحكومة نتنياهو امام الكونغرس
الامريكي قبل حوالي عامين حيث استقبل
بتصفيق عارم لم يناله حتى الرؤساء
الامريكيين انفسهم عندما تبجح بالقول:
"٣٠٠ مليون عربي
يعيشون في الشرق الاوسط منهم فقط مواطني
دولة اسرائيل العرب يتمتعون بحقوق
ديمقراطية حقيقية".
فالعرب يشاركون
في انتخابات الكنيست ويرسلون اليها
ممثليهم الذين يتمتعون بحرية التعبير عن
آرائهم فيصرخون وينتقدون، فهل يوجد هناك
برهان اكثر من ذلك على ديمقراطية الدولة؟.
في
السنوات الاخيرة تزداد الانتقادات الدولية
على الممارسات الاسرائيلية وتتعالى
الاصوات التي تنادي بمقاطعة هذه الدولة
بصفتها دولة فصل عنصري وقد تبرع رئيس
السلطة الفلسطينية بنفسه لكي يقنع العالم
بعدم مقاطعة دولة اسرائيل خلال زيارته
لموطن نظام الابرتهايد البائد في جنوب
افريقيا. و
في هذا الخصوص لنتذكر الفتاة العربية
التي تسكن في القدس واصلها من احدى قرى
الجليل التي انتدبت مع مجموعة اسرائيلية
لمواجهة "اسبوع
الابرتهايد الاسرائيلي"
في جنوب افريقيا
نفسها حيث صرحت بانها كفتاة عربية تتمتع
بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطن
اليهودي. وفي
الوقت نفسه كان يجول في أوروبا وامريكا
شخص عربي آخر من قرية بدوية غير معترف بها
في شمال البلاد، ونحن نعرف ماذا تعني
القرى غير المعترف بها"
يمتدح الديمقراطية
الاسرائيلية ويمجد المساواة والوئام بين
المواطنين العرب واليهود في هذه الدولة.
ولعل المثال الطازج
الذي يحمل خبرا طازجا كان تجنيد البروفسور
نعيم عرايدي الشاعر والكاتب والمربي الخ.
الخ.
من قبل وزير
الترانسفير ليبرمان وتعيينه سفيرا لاسرئيل
في أوسلو لمواجهة التحول في الرزي العام
النرويجي نحو التضامن مع فلسطين، وها هو
يعود الى البلاد بفضيحة جنسية من الطراز
الثقيل. هؤلاء
ليسوا سوى غيض من فيض ممن رضوا أن يكونوا
براغي صغيرة في آلة الدعاية الاسرائيلية
الضخمة.
لا
أقصد هنا المقارنة بين هذه النماذج وبين
أعضاء الكنيست العرب وبالتأكيد ليس على
الصعيد الشخصي. لكنهم
في نهاية المطاف يدورون جميعهم في فلك
ماكنة ال"هسبراه"
الاسرائيلية كل
حسب المسار المرسوم له أو الذي رسموه
لانفسهم. بعض
المراكز والوظائف قد تبهر الذين يشغلونها
وتضع على أعينهم غشاوة تمنعهم من رؤية
الامور على حقيقتها. مثل
هذه المراكز والوظائف ذات البريق المزيف
يجب ركلها إلى مزبلة التاريخ.