حرب
الشعب جيش الشعب
علي
زبيدات – سخنين
"الدرس
الاكبر الذي تعلمناه من تجاربنا في معركة
ديان بيان فو هو أن أمة ضعيفة، صغيرة وجيش
شعبي، قررت أن تنهض، توحد صفوفها وتحارب
من أجل الاستقلال والسلام، سوف تمتلك
القوة الكاملة من أجل دحر القوى المعتدية
حتى ولو كانت قوة إمبريالية مثل الامبريالية
الفرنسية المدعومة من الولايات المتحدة
الامريكية".
الجنرال فو
نغوين جياب.
توفي
هذا الجنرال الاسطورة، بطل استقلال فيتنام
وبلدان الهند الصينية عن عمر يناهز ١٠٢
عاما. لقد
مرمغ الجنرال جياب، الذي كان الساعد
الايمن للزعيم هوشي منه، أنف أكبر قوتين
امبرياليتين عرفهما التاريخ المعاصر في
اوحال مستنقعات فيتنام ضاربا درسا قي
كيفية انتزاع الحرية والاستقلال قدمه
إلى كافة الشعوب المضطهدة في آسيا وافريقيا
وامريكا اللاتينية.
لقد كان الجنرال
جياب واحدا من أعظم ثلاثة ثوار في دول
العالم الثالث إلى جانب ماو تسي تونغ وتشي
جيفارا، الذين رسموا وشقوا الطريق على
صعيد النظرية والممارسة أمام الشعوب
المضطهدة لكي تقف شامخة الهامة وتطرد
الامبرياليين من اوطانها.
بعد
الحرب العالمية الثانية، لم تكن هناك
حركة ثورية واحدة في آسيا وافريقيا وامريكا
اللاتينية بل في اوروبا وامريكا الشمالية
ايضا لم تتأثر ولم تتعلم من هذا الثالوث
الثائر.
فلسطين لم تكن
استثناء، ما زلت اذكر كيف كنا نحن الاسرى
السياسيين في منتصف سنوات السبعين في سجن
الرملة المركزي، وبغض النظر عن انتماءاتنا
التنظيمية، نجلس في حلقة واسعة نقرأ
ونناقش ونتعلم مما تيسر لنا من مواد شحيحة
كتبها هؤلاء العظماء وتسربت داخل السجن.
ما زلت اذكر
كم كنت محظوظا عندما قمت بترجمة بعض
الفصول من كتاب للجنرال جياب بعنوان:"حرب
الشعب جيش الشعب"
وبعض كتابات
ماو تسي تونغ من الانجليزية الى العربية.
كنا في ذلك
الوقت نحلم بأن نحقق دعوة تشي جيفارا الذي
قال:"لا
حياة خارج الثورة ولتوجد فيتنام ثانية
وثالثة وأكثر".
كنا نتكلم عن
حرب التحرير الشعبية طويلة الامد، عن حرب
العصابات والحرب المتحركة والحرب الخاطفة
وحرب الابادة.
كنا نتكلم عن
الدفاع الايجابي والدفاع السلبي وعن
التراجع الاستراتيجي والهجوم المضاد
الاستراتيجي.
كنا نتكلم عن
دور الحزب الثوري في قيادة الجماهير،
تعبئتها، تثقيفها وتسليحها.
هذه المصطلحات
سرعان ما تلاشت من الساحة الفلسطينية
حتى انقرضت تماما وحلت مكانها مصطلحات
"السلطة
الوطنية"،
"الدولة
المستقلة"،
المفاوضات، المؤتمرات وقرارات الامم
المتحدة والمجتمع الدولي وغيرها من
المصطلحات التي وأدت الثورة الفلسطينية
وهي في مهدها.
وقد بدأت هذه
المصطلحات تكتسح الساحة الفلسطينية منذ
أن تبنت القيادة الفلسطينية ما سمي في
حينه (عام
١٩٧٤)بالبرنامج
المرحلي.
وكلما تفاقمت
واستفحلت كانت توصف بالانتصارات هكذا
كانت دعوة ياسر عرفات الى الامم المتحدة
في جنيف لكي يعترف بقرار ٢٤٢ ويدين
"الارهاب"
انتصارا.
وخطاب غصن
الزيتون والبندقية في نيويورك انتصارا،
وجلوس المنظمة مع امريكا مباشرة انتصارا
واعلان الاستقلال الوهمي في الجزائر
انتصارا، واجهاض الانتفاضة لصالح اتفاقيات
أوسلوا انتصارا.
وهكذا توالت
الانتصارات حتى كدنا في ظل القيادة
"الحكيمة"
لمحمود عباس
أن عراة أمام التاريخ والقضية ونفقد حتى
ورقة التين التي تغطي عوراتنا.
نعود
إلى الثائر الحقيقي الجنرال جياب:
وهو على فكرة
لم يصبح جنرالا لأنه تخرج من احدى الكليات
العسكرية كما هو حال معظم جنرالات العرب
الذين تخرجوا من الكليات العسكرية الغربية
ولم يتعلموا سوى لغة الخنوع، بل اصبح
جنرالا لأنه آمن بأن عنجهية وغطرسة
المعتدين لا يتم سحقها الا بواسطة عنفوان
وتضحيات الجماهير الكادحة وطبق ذلك على
أرض الواقع.
تسع سنوات من
حرب الشعب بقيادة جيش الشعب تتوجت في عام
١٩٥٤ في معركة ديان بيان فو بالانتصار
العظيم الذي لم يبق امام المستعمر الفرنسي
الا أن يعض على ذيله ويغادر فيتنام ذليلا
مهزوما.
الا ان الحرب
لم تنته عند هذا الحد فقد ابتليت فيتنام
بعدو اشد عنجهية وغطرسة وشراسة وهي
الامبريالية الامريكية الصاعدة، التي
لم تكتف بأخذ مكان الامبريالية الفرنسية
بل عملت على تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب
وهذا الامر لا يقبله ثائر حقيقي كالجنرال
جياب. لقد
ظنت امريكا أن سياسة البطش والارض المحروقة
وابادة قرى بكاملها سوف تؤمن لها النصر.
ولكن بعد عشر
سنوات من النضال الاسطوري كان مصير امريكا
اسوأ بما لا يقاس من مصير الفرنسيين.
فقد افاق عمال
فيتنام وعمال العالم اجمع في الاول من
ايار عام ١٩٧٥ ولم يجدوا جنديا أجنبيا
واحدا على ارض فيتنام بعد ان جرت فلولهم
ذيول الهزيمة والذل وهم يهرولون للحاق
بآخر طائرة .
وهكذا بعد ما
يقارب نصف قرن ما زالت امريكا تعاني من
عقدة فيتنام ولا يبدو انها ستتحرر منها
لسنوات طويلة قادمة.
في
هذه الايام الحالكة من تاريخ شعبنا
الفلسطيني وامتنا العربية ما احوجنا الى
نبراس ثوري كالجنرال جياب.
1 comment:
اخ علي ... رائع واكثر . بحثت في الكثير من المواقع واستغرقت كثيرا من الوقت حتى وصلت الى هذه الصفحه القيمه . كل الاحترام والتقدير على هذا المجهود الرائع .
طلب الى الاخ علي :- لم لا نجد هذه الصفحات في الاماكن سهله المتناول , لم لا تنشرها الى العلن بشكل اكبر . اظن ان كل مواطن قي سخنين سيحب ويقدر هذا المجهود , لكن المشكله هذه الصفحات صعبه المتناول . لم ل يتم النشر في يسبو مثلا ,,,
وشكرا
كل الاحترام
Post a Comment