انتهى
الصراع على فقاقيع الهواء
علي
زبيدات – سخنين
لم
اشارك في احتفالات المرشح الفائز بكرسي
رئيس البلدية التي اقضت مضاجع البلد منذ
معرفة النتائج وحتى شروق الشمس وذلك لأني
لم أكن شريكا في هذا الفوز.
ولن اشارك في
الاحتفالات القادمة التي مما لا شك فيه
سوف تشمل على كل ما لذ وطاب.
ولكني اذا ما صادفت
الرئيس المنتخب صدفة فلن ابخل عليه بكلمة
مبروك بعد تذكيره بواجبه.
بالمقابل لن اشارك
المرشح الخاسر في اتراحه، ليس من باب
الشماتة لا سمح الله بل لأني هنا أيضا لم
أكن شريكا في خسارته. وقد
ابادر بتعزيته اذا ما قابلته صدفة.
تقاعست عن النضال،
على عكس ٩٠٪ من ابناء بلدي الذين خاضوا
"معركة"
الانتخابات البلدية
ببطولة فائقة، ودفنت نفسي في زاوية مظلمة
مقاطعا الانتخابات، وهذه بحد ذاتها تعد
خيانة عظمى في قاموس الثورة.
ولكني لست نادما
على هذا الموقف. واكثر
من ذلك فقد قررت أن احبس نفسي في المنزل
يوميين اضافيين على الاقل وألا اخرج
للشارع حتى تعود البلد التي اعرفها الى
طبيعتها بعد أن تتنظف جدرانها من صور
المرشحين التى نافس صور نجوم هوليوود من
حيث الفخامة والالوان الزاهية وسيارتها
من الاعلام وشوارعها من الاوراق، وحتى
تزول التجمعات "الشبابية"
من الساحات العامة
ومن امام بيوت المرشحين.
يقص
علينا جبران خليل جبران في احدى قصصه
القصيرة قصة الثعلب الذي خرج من مأواه
عند شروق الشمس فتطلع الى ظله منذهلا
فقال: "سأتغذا
اليوم جملا" ثم
مضى في سبيله باحثا عن جمل يلتهمه الصباح
كله، وعند الظهيرة تفرس في ظله ثانية
وقال: "بلى،
ان فأرة واحدة تكفيني".
بعد أن تبخرت
الدعاية الانتخابية، وانتهت المهرجانات،
وتوقف التلويح بالكوفية، وغابت الشمس
التي كتبوا عليها اسم البلد وفترت الهمة
القوية من كثرة الشد، عاد المرشحون
الفائزون منهم والخاسرون الى حجمهم
الطبيعي. النسيج
الاجتماعي والقيم الاخلاقية التي تم
انتقائها حجرا حجرا وبنيت مدماكا مدماكا
خلال خمس سنوات تم هدمها خلال شهر واحد.
على غرار المثل
الذي يقول: يحتاح
الجسر الكبير إلى سنوات لبنائه وإلى دقائق
معدودة لتفجيره. كل
ذلك باسم الديمقراطية التي تعني في قاموسنا
الديماغوغية والرشوات وشراء الذمم وغياب
الوعي. لا
بأس فأمامنا خمس سنوات لاعادة بنائها او
ترميمها لكي نهدمها من جديد في الانتخابات
القادمة بعد خمس سنوات.
السياسة
التي خططت لها الدولة وفصلتهاعلى مقاسنا
قمنا بتطبيقها على انفسنا بحذافيرها.
كمن يقع بالفخ
بارادته ويغلق على نفسة كافة الابواب
مقابل بعض الفتات التي تقدمه لنا مؤسسات
هذه الدولة التي ندمغها صباحا مساء
بالعنصرية والتمييز. ولا
مانع بأن نعلل انفسنا بالكذب والاوهام
ونقول: جئنا
لنقدم الخدمات (والكرامة)
لابناء بلدنا.
هل يوجد هناك رئيس
بلدية أو مجلس محلي واحد انتخب على اساس
تحدي هذه المؤسسات وسياستها العنصرية؟
لا أظن. ولكن
بالمقابل هناك العديد من الرؤساء الذين
انتخبوا حصرا لتنفيذ سياسة الدولة في
مدننا وقرانا من وراء قناع الوطنية وتقديم
الخدمة للمواطنين.
لقد
قيل الكثير وكتب الكثير عن غريزة حب السلطة
عند الانسان، حب الهيمنة والسيطرة، حب
الظهور، حب الذات والتشبث بالرأي، حب
الجلوس والالتصاق بالكرسي.
ولكن الغريب أن
هذه الغريزة تنمو وتترعرع عندنا في ظل
خضوع تام للمؤسسة الاسرائيلية التي تدوس
على كرامتنا يوميا. فإذا
اردتم ان تمارسوا حب الجاه والسلطان
فعليكم أن تتحرروا ولو قليلا أولا.
لا يوجد ابشع من
خادم وضيع يمارس السيادة والهيمنة على
غيره.
انتهت
الانتخابات المحلية بما انتهت عليه.
كل الاخبار بالتفصيل
الممل موجودة في الجرائد والمواقع
الاخبارية وباقي وسائل الاعلام المرئي
والمسموع. وجيد
انها انتهت مع اني كنت افضل ألا تبدأ.
لا حاجة للتحليل
والتقييم: لماذا
فاز هذا وخسر ذاك ولماذا ما زلنا نسير
كالقطيع وراء راع يحترف حبه لذاته ولماذا
نتهافت على الصناديق ضعف جيراننا أصحاب
السلطة الحقيقية في هذه البلاد.
كل شيء واضح واذا
لم يكن واضحا للجميع فأمامنا خمس سنوات
لتتضح لنا الصورة بكافة ملامحها وسماتها.
عندما تتفجر فقاقيع
الهواء بين اصابعنا ونشعر بأقدامنا مرة
اخرى ترتطم بأرض الواقع سوف نتوصل جميعنا
للنتيجة نفسها وهي أن هذه الدولة لا تمت
لنا ولا نمت لها بصلة.
من
يريد أن يحتفل ب"انتصاره"
فليحتفل ومن يريد
أن يترك وشأنه لمواجهة خسارته فليفعل.
أما أنا فسوف الجأ
لبعض الوقت الى الحزن والتفكير.
No comments:
Post a Comment