التطبيع
الثقافي في السينما الاسرائيلية -الفلسطينية
علي
زبيدات – سخنين
لست
ناقدا سينمائيا ولا علاقة لي بأي مجال
يتعلق بالسينما من اخراج أو تمثيل أو
كتابة سيناريو او أي شيء آخر اللهم سوي
اني من عشاق مشاهدة الافلام.
من هذا المنطلق،
وبعد أن شاهدت الحملة الاسرائيلية المحمومة
لاختراق الوعي الفلسطيني بواسطة ما يسمى
بالسينما المشتركة الاسرائيلية الفلسطينية،
قررت أن اكتب هذه السطور على أمل أن يقوم
بعض المحترفين في النقد السينمائي بدراسة
هذه الظاهرة وفضح مخاطرها وجوهرها
التطبيعي.
عندما
كنت يافعا بالسن كنت مغرما بمشاهدة افلام
رعاة البقر الامريكية وكم صفقت للبطل جون
وين وهو يطلق النار على الهنود الحمر
ويرديهم قتلى بالعشرات .
فهو ورجاله من حملة
المسدسات يمثلون الخير بينما يمثل الهنود
بسكاكينهم ورماحهم الشر المطلق وبالتالي
لا بد من ابادتهم عن بكرة أبيهم.
وكنت اشاهد افلام
العنف الامريكية واتماثل مع البطل الامريكي
(رامبو
وغيره) وهو
يقتل الفيتناميين بالجملة وكأنهم حشرات
ضارة.
فيما
بعد اكتشفت كم كنت سخيفا وانا اشاهد مثل
هذه الافلام واتماثل مع ابطالها.
تغيرت نظرتي وبدأت
انتقي الافلام بما يتلاءم مع تطور وعيي
السياسي. ولكن
بالمقابل السينما الامريكية هي الاخرى
تطورت فلم تعد تصنع افلاما تصور قتل الهنود
بالجملة بل على العكس أنتجت افلاما تتعاطف
مع الهنود وتصور قسوة المستوطنين الامريكيين
تجاههم. وبدأت
تصنع افلاما ضد الحرب وتصف الجرائم
الامريكية في فيتنام وغيرها من البلدان.
ولكنها استمرت في
دس السم في الدسم وهذه المرة بصورة ذكية
قد تنطلي على اشد المشاهدين وعيا وكان
هدفها النهائي التركيز على تفوق الحضارة
الغربية والقيم الغربية.
هذا ما تحاول
السينما الاسرائيلية صنعه اليوم من خلال
موجة التطبيع السينمائي وآخر هذه المحاولات
وليس اولها هو فيلم "بيت
لحم" للمخرج
الاسرائيلي يوفال ادلر وكاتب السيناريو
العربي علي واكد والذي حاز على جائزة اقضل
فلم اسرائيلي (أوفير)
وبذلك تم اختياره
ليمثل اسرائيل في مهرجان الاوسكار المعروف.
يؤكد المخرج
الاسرائيلي وكاتب السيناريو العربي أن
الفيلم ليس سياسيا أصلا ولا يفضل طرفا
على طرف آخر فلا يوجد هناك اسود وابيض في
الفيلم بل يصف المنطقة الرمادية التي
تظهر الطابع الانساني للاحتلال.أالا
تدعي دولة اسرائيل منذ سنوات طويلة بانها
تمارس احتلالا متنورا وحضاريا في الاراضي
الفلسطينية؟ والا تدعي بأن جيشها هو
الاكثر اخلاقية من جيوش العالم وان سلاحه
من أطهر الاسلحة؟ طبعا الاحتلال مهما كان
متنورا والجيش مهما كان اخلاقيا والسلاح
مهما كان طاهرا فهي غير معصومة عن الخطأ.
وهذه الاخطاء يمكن
نقدها وهذا ما يفعله هذا الفيلم وباقي
افلام التطبيع. وهذا
بدورة يعتبر برهان قاطع على ديمقراطية
الدولة. من
اجل ذلك تكون الدولة على اتم استعداد
لتمويل جزئي او كامل للفيلم عن طريق "
الصندوق لتشجيع
افلام نوعية أصلية" أو
أية مؤسسة اسرائيلية اخرى.
السينما
بصفتها وسيلة اعلامية فنية راقية تتمتع
بقوة سحرية تجعلها قادرة على تشوية الحقائق
والتلاعب بالعواطف وتجعلك بدون أن تشعر
تتماثل مع الشرير الذي يقوم بدور البطولة
بعد أن تحوله الى رمز للخير وتحاول أن تجد
له الاعذار والتبريرات وتجد نفسك تتفهمه
وتغفر له اخطاءه. هذا
الشعور انتابني ايضا وأنا أشاهد فيلم "
خمس كاميرات مكسورة"
للمخرج الاسرائيلي
جي دافيدي بالتعاون مع عماد برناط.
وبالرغم من أن
الطرفين قد اتفقا على وصف الفيلم بأنه
فيلم فلسطيني بشكل كامل يصف نضال قرية
بلعين ضد جدار الفصل العنصري على مدار
سبع سنوات الا أن السفير الاسرائيلي في
امريكا في سياق تمنياته للفيلم بالفوز
أصر على أن الفيلم اسرائيلي حاز علي تمويل
اسرائيلي رسمي وبصفته هذه خاض المنافسة
للحصول على جائزة الاوسكار كأحسن فلم
احنبي.
محاولات
اسرائيل التطبيعية في السينما والتي تشهد
في السنوات الاخيرة مدا خطيرا بدأت في
ثمانينات القرن الماضي ولم تنقطع حتى
اليوم واذكر على سبيل المثال لا الحصر
الافلام التالية: خربة
خزعة، خمسين، وراء القضبان، جسر ضيق جدا،
عجمي وغيرها.
دولة
اسرائيل بحاجة لهذا التطبيع السينمائي
لفك عزلتها السياسية المتنامية على الصعيد
الدولي، لتجميل وجهها الذي بشعته جرائم
الحرب التي اقترفتها، للترويج لديمقراطيتها
المزيفة ولتبرئتها من العنصرية والفاشية
وكونها مصدرا لتأجيج الفتن والحروب ومصدرا
لتهديد السلام العالمي.
يجب
الحذر من هذا التطبيع الثقافي للسينم
بحجة المشاركة، وفضحه في كافة وسائل
الاعلام ومناهضته على جميع الاصعدة،
ودعوة المهنيين في هذا المجال لكي يقوموا
بدورهم كما ينبغي.
No comments:
Post a Comment