عندما
تصبح إهانة المرأة العربية رمزا لنهوضها
علي
زبيدات – سخنين
نتفق
جميعا على أن وضع المرأة العربية في هذه
البلاد (وفي
كافة البلدان العربية) في
غاية السوء. بل
في كثير من الاحيان وضعها مزري جدا ويثير
الشفقة إلى درجة الاحباط.
تكاد المرأة العربية
أن تكون مغيبة بصورة شبه كاملة ليس عن
الساحة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية
فحسب ولكنها في الوقت نفسه تعاني من
الاجحاف والقمع والكبت والاستغلال في
كافة مجالات الحياة. هذا
الوضع المأساوي لا يمكن أن يتغير من خلال
دعوات نفاق صادرة عن رجال تحركهم الشوفينية
الذكروية في إطار الانتخابات المحلية
ولا من خلال دعوات صادرة عن نسويات يلهثن
وراء الشوفينية الذكروية (بعد
شن الهجوم الكلامي الكاسح عليها طبعا).
منذ
فترة وانا اتابع الحملة الاعلامية لتشجيع
ودعم مشاركة المرأة العربية في الانتخابات
المحلية كما تابعت في السابق الحملة
لترشيح نساء عربيات في اماكن مضموتة في
انتخابات الكنيست، وكأن اندماج المرأة
العربية في اجهزة السلطة الاسرائيلية
أصبح هو المقياس بل هو المقياس الوحيد
لرفع مكانة المرأة والنهوض بها مع انه
حسب رأيي هو إهانة وإذلال للمرأة العربية
الفلسطينية.
للتذكير
فقط، لمن يعاني من قصر الذاكرة، بعض
الاحزاب الصهيونية كانت السباقة في هذه
المجال فقد اختار حزب العمل وحزب ميرتس
نساء عربيات لكي تمثلهما في الكنيست
الصهيوني بسنوات قبل ان تفكر الاحزاب
العربية بذلك. وعندما
اختار التجمع الوطني الديمقراطي النائبة
حنين الزعبي لتمثله في الكنيست لم يكن
ذلك من منطلق رفع مكانة المرأة بقدر ما
كان وسيلة للفوز ببعض الاصوات الاضافية
بما لم يمس طبيعة هذا الحزب الذكروية
بشيء. وقد
اتقنت حنين الزعبي لعب دورها في الكنيست
حسب قوانين اللعبة الذكورية.
الحالة في الاحزاب
العربية الاخرى لا تختلف من حيث المبدأ.
فهل حقا كان سيتغير
شيء على الجبهة الديموقراطية للسلام
والمساواة لو وضعت نبيلة اسبانيولي في
المكان الاول بدلا من الخامس؟ وهل كان
سيطرأ أي تغيير حقيقي على مكانة المرأة
العربية؟ اما القائمة العربية الموحدة،
وهي اكبر قائمة عربية تخوض الانتخابات
للكنيست، فقد زينت قائمتها باسم انثوي
في المكان الثالث عشر ولكن لنفرض جدلا أن
هذا التزيين كان في مكان اكثر تقدما فهل
ستتغير الصورة؟. باختصار،
وصول المرأة العربية للكنيست الاسرائيلي
أو زج اسمها كمرشحة في إحدى القوائم هو
ليس مفخرة وليس تكريما لها بل إهانة مزدوجة
من قبل السلطة الاسرائيلية من جهة ومن
قبل الزعامة الذكروية التي رشحتها من جهة
أخرى.
الوضع
نفسه نواجهه اليوم قبيل الانتخابات
للسلطات المحلية. ولكن
المشكلة هنا أن هذه الانتخابات بعكس
انتخابات الكنيست تجرف الغالبية العظمى
من جماهيرنا وتنمي الوهم في صفوفنا بأننا
نحكم انفسنا بأنفسنا.
للمقارنة فقط:
يوجد في الوسط
اليهودي ٤٠ مرشحة لرئاسة بلدية او سلطة
محلية. في
مدينة هرتسليا يوجد هناك ثلاث مرشحات وفي
حيفا يوجد مرشحتان اما في الوسط العربي
فيوجد هناك مرشحة واحدة فقط وهي حنين
الزعبي في الناصرة وكما هو معروف دوافعها
للترشيح لا تمت بصلة بمكانة المرأة.
أما نسبة المرشحات
العربيات للعضوية فلا تصل إلى نصف بالمائة
(في
الوسط اليهودي حوالي ١٢٪).
المؤسسات
التي تقود حملة تشجيع مشاركة المرأة
العربية في الانتخابات المحلية إما
تطبيعية (مركز
مساواة) وإما
نسوية مزيفة (الزهراء
وما شابهها) والعديد
من المرشحين الرجال الذين يقمعون زوجاتهم
في البيت ويلبسون قناع مناصرة المرأة
خارجه. وقد
تابعت اخبار بعض الاجتماعات التي نظمها
الائتلاف المذكور والذي جمع عددا من
المرشحين الرجال للرئاسة وعددا من المرشحات
للعضوية في سخنين وشفاعمرو وطمرة وغيرها
من القرى العربية. وقد
اجمع كافة المرشحين على مناصرتهم منقطعة
النظير للمرأة. قال
احدهم وهو رئيس سابق ومرشح جديد انه على
استعداد للتنازل عن ترشيحه لو كانت هناك
مرشحة متفق عليها. وقال
آخر هو ايضا رئيس بلدية يترشح من جديد
بأنه على استعداد لأن تقود قائمته للعضوية
إمرأة ولكنه للأسف لم يجد إمرأة تبادر
لذلك. خصوصا
وأن قائمة منافسه على المنصب تقودها إمرأة
فرض عليها هذا المنصب المشبوه.
وتسابق باقي
المرشحين كل على طريقته للتعبير عن مدى
مناصرته للمرأة.
مجتمعنا
العربي في هذه البلاد مهمش برجاله أصلا،
وهذه الحملة في أحسن الحالات لن تؤدي إلى
آكثر من ان تشارك بعض النساء في حالة
التهميش هذه. المرأة
المرشحة للانتخابات المحلية سوف تجد
نفسها في أحضان قوائم عائلية وطائفية
(بالرغم
من الضريبة الكلامية ضد العائلية والطائفية)
وسوف تحاصرها
المصالح الشخصية وأشكال الفساد من كل حدب
وصوب.
على
المرأة العربية أن تبحث عن رفع مكانتها
في مكان آخر بعيدا عن الكنيست وعن البلديات.
وهذا المكان موجود
وهو يستصرخ المرأة العربية لكي تطرق
أبوابه وهو العمل الوطني الملتزم والهادف.
لقد حققت المرأة
العربية تقدما ملحوظا على الصعيد الشخصي
من حيث التحصيل العلمي والعمل وما أجمل
وأروع أن تستثمر ذلك في خدمة مجتمعها في
نضاله من اجل الحرية والكرامة.
لقد اكتسبت المرأة
الفلسطينية مكانتها الرفيعة من خلال
نضالها ضد المؤسسة الاسرائيلية العنصرية
وليس من خلال الاندماج بها.
نريد أن نرى نساء
عربيات يكملن المشوار ويقدن النضال من
أجل العودة، من أجل اطلاق سراح الاسرى،
ومن أجل حياة حرة كريمة.
No comments:
Post a Comment