الحرب
على الحرب
علي
زبيدات – سخنين
سألني
صديق: ما
رأيك هل ستندلع الحرب في سوريا؟ فأجبته
على الفور: ولو؟
هل كل ما يحدث في سوريا منذ سنتين ونيف لا
يستحق أن تسميه حربا؟ عشرات الآلاف من
القتلى والجرحى وملايين المهجرين وكل
ذلك الدمار الرهيب ألا تسميه حربا؟ فعاد
صديقي وسأل: طبعا،
طبعا ولكني أقصد هل سوف تتدخل أمريكا؟
فأجبته: وهل
حتى الان امريكا لم تتدخل؟ لقد تدخلت
امريكا منذ اليوم الاول، بل وقبل اليوم
الاول، ولم تكن هناك حرب في الشرق الاوسط
الا وتدخلت امريكا فيها بشكل مباشر او
غير مباشر، عسكريا احيانا وسياسيا
واقتصاديا دوما. فصرخ
صديقي في وجهي قائلا:
وبعدين معك؟ لماذا
تتفلسف وتتهرب؟ أقصد هل ستوجه امريكا
ضربة الى سوريا كما يتوقع العالم أجمغ
وكما آكدته امريكا نفسها وما زال العالم
حتى هذه اللحظة يحبس انفاسه منتظرا حصول
هذه الضربة، وما هو موقفك من هذه الضربة؟.
فقلت لصديقي:
طبعا افهم قصدك
منذ البداية وما تعده تفلسف إنما هو مجرد
مقدمة لما سوف اقوله وليس تهربا وما سوف
تسمعه مني في هذا الموضوع للوهلة الاولى
سوف يصدمك وسوف يصدم العديد من القراء.
أنا، وبكل صراحة
مع هذه الضربة وسوف أشرح لماذا:
اذا
كانت الضربة الامريكية كما يؤكد النظام
السوري من رئيس الجمهورية مرورا بوزير
الخارجية وحتى وزير الاعلام وباقي الموظفين
سوف تشعل النار في المنطقة بإسرها، وإذا
كان حلفاء النظام المحليين والدوليين
يؤكدون ذلك، فها هو قائد الحرس الثوري
الايراني يصرح بأن أي هجوم عسكري على
سوريا سيؤدي "إلى
زوال إسرائيل قريبا، وستكون سوريا فيتنام
أخرى للأمريكيين". واذا
كانت روسيا، الحليف الاول للنظام السوري
تهدد بضرب السعودية وقطر.
إذا كان كل ذلك
صحيحا فما علين إلاا أن نخرج إلى الشوراع
متظاهرين تأييدا للضربة الامريكية
والمطالبة بتعجيلها وليس من أجل التظاهر
ضدها ومن أجل منعها. لماذا
على الشعب السوري وحده أن يتحمل كل هذه
الضحايا بينما في اسرائيل ينعمون بالاستقرار
والامان؟ ولماذا تسقط الصواريخ على دمشق
وحلب وحمص وحماة ولا تسقط على القدس وتل
ابيب وحيفا؟ ولماذا لا تسقط الصواريخ على
عمان التي كانت وما زالت منذ قيام المملكة
مركزا للتآمر على الأمة العربية؟ ولماذا
لا تسقط الصواريخ على الدوحة والرياض
وابوظبي وغيرها من العواصم التي يحكمها
عملاء امريكا واسرائيل؟ إذا كانت الضربة
الامريكية سوف تجعل من سوريا فيتناما
جديدة فنحن متأخرون بنصف قرن ولكن كما
يقول المثل: متأخرا
أفضل من أبدا.
لاحظوا
اني استعملت كلمة "إذا"
وإذا هذه هي ظرف
للمستقبل تتضمن معنى الشرط.
فإذا كان فعل الشرط
كاذبا فجواب الشرط هو الآخر كاذب.
وفي حالتنا هذه
فإن فعل الشرط كاذب صادر عن اشخاص كاذبين.
بصراحة انا لا اصدق
اصحاب نظرية "الرد
في الوقت المناسب" أن
يحولوا الضربة أمريكية إلى "
كتلة من النار
واللهيب ستحرق الشرق الاوسط كله"
على حد قول وزير
الاعلام السوري. وانا
لا اصدق قائد الحرس الثوري بان هذه الضربة
سوف تؤدي الى زوال اسرائيل.
وانصحه أن يكف عن
العزف على هذا الوتر الحساس ويتلاعب
بأعصابنا. فإذا
كان زوال إسرائيل ممكنا حاليا فلماذا
انتظار الضربة الامريكية.
وأنا لا اصدق بأن
روسيا سوف توجه ضربة للدوحة أو للرياض
وأرجح أن تتوصل إلى صفقة مع امريكا وما
كل تصريحاتها ومناوراتها الا لرفع سعر
الصفقة.
والحالة
هذه وبعد الاستفاقة من التخيلات والتعلل
بالاوهام كان لا بد من الوقوف بحزم ضد
مجمل التدخلات الامريكية في المنطقة ومن
ضمنها الضربة المرتقبة والتي لو حصلت لن
تكون أكثر من ضربة موضعية تكنيكية تضعف
النظام ولكن لا تسقطة، تقوي عصابات
المعارضة العميلة ولكن ليس الى درجة
الحسم. أي
أن هدفها هو الحفاظ على الوضع الراهن
(ستاتوس
كوو) وليستمر
الطرفان باستنزاف بعضهما البعض حتى آخر
رمق. فهذه
افضل طريقة لكي تنعم اسرائيل بمزيد من
الامن والاستقرار وافضل طريقة لكي تبقي
السعودية والاردن ودول الخليج بمنأى عن
التغيرات الثورية.
الطريقة
الوحيدة للقضاء على هذه الحرب الامبريالية
الرجعية هي بشن الحرب عليها وذلك بتحويلها
الى حرب تحرير شعبية.
الثورات هي الوحيدة
القادرة على اخماد الحروب الامبريالية
والرجعية. في
الحرب الراهنة، الشعوب العربية تمزق
وتقطع إربا إربا ويتم استعمالها وقودا
للدفاع عن مصالح الطبقات الحاكمة محليا
ودوليا. الثورة
في المنظور التاريخي سوف توحد الشعوب
العربية من المحيط الى الخليج وسوف تقوده
الى الحرية والاستقلال الحقيقي والتقدم
والازدهار.
No comments:
Post a Comment