حول
مناهضة الخدمة المدنية مرة اخرى
علي
زبيدات – سخنين
خرجت
من "المؤتمر
الوطني لمناهضة الخدمة المدنية والعسكرية
وكافة اشكال التجنيد"
الذي عقد مؤخرا
بدعوة من لجنة مناهضة الخدمة المدنية
المنبثقة عن لجنة المتابعة وبالتعاون مع
الحملة الاهلية لمناهضة الخدمة المدنية
أكثر تشاؤما وأكثر قناعة بأن هذه الحملة
بشكلها ومضمرنها الحاليين مصيرها الفشل.
ولا ادري كيف تذكرت
حال خروجي قصيدة نزار قباني:
هوامش على دفتر
النكسة وخصوصا المقطع الذي يقول فيه :
"
إذا خسرنا الحرب
لا غرابة
لاننا
ندخلها
بكل
ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات
التي ما قتلت ذبابة
لاننا
ندخلها
بمنطق
الطبلة والربابة"
هذا
ما كان بالضبط: خطابات
تطبيل وتزمير
لقد
استمعنا في هذه المؤتمر، وهو على فكرة
ابعد ما يكون عن كونه موتمرا من حيث الحضور
والتحضير والمشاركة، إلى خطابات من اربعة
اعضاء كنيست كرر كل واحد منهم الكلام
نفسه بعبارات مختلفة بلغة خطابية عقيمة،
غير مقنعة وبكلمات جافة وجامدة بلا روح
فيها أو رؤيا ينطبق عليها الوصف الذي
اطلقه نزار قباني في القصيدة نفسها عن
اللغة القديمة التي نعاها الشاعر ، ولكنها
ما زالت حية هنا، عن كلامنا المثقوب
كالاحذية القديم … والفكر الذي قاد إلى
الهزيمة.
اتفق
الخطباء على أن هدف الحكومة من فرض الخدمة
المدنية على شبابنا هو تعميق الولاء
للدولة، وكأن الخدمة في الكنيست الاسرائيلي
وتأدية يمين الولاء لا علاقة لها بالولاء
للدولة. أين
المصداقية في مثل هذه الخطابات؟ من يقبض
بضع شواقل قد تعينه في حياته خلال خدمته
في احدى المؤسسات الرسمية الثانوية يعمق
الولاء للدولة، أما من يقبض آلاف الشواقل
من خلال خدمته في المؤسسة الاسرائيلية
الاولى فإنه يعمق الانتماء الوطني
الفلسطيني!! أي
منطق غريب هذا؟ لماذا إذن كلما علا صراخنا
أكثر وكلما اصبحت خطاباتنا نارية أكثر
كلما ازداد عدد شبابنا المنضمين للخدمة
المدنية؟ وعندما يطالب احد اعضاء الكنيست
بفرض الحرمان على الفتيات اللاتي يقمن
بالخدمة المدنية فلا خطوبة أو زواج منهن
فهل كلف خاطره واستمع الى فتاة اضطرت
للجوء للخدمة المدنية وحاول ان يجد لها
بديلا آخرا؟
وعندما
يقول عضو كنيست آخر: "اذا
لم نستطع اسقاط قانون المساواة في تحمل
العبء فسوف نطالب بأن تكون الخدمة المدنية
تطوعية". الا
يوحي ذلك بوجود صفقة في الافق للموافقة
على هذا القانون؟ وعندها يستطيع أن يقول
أن قضية التطوع هي مشكلة داخلية في مجتمعنا
ويمكن معالجتها بوسائل اخرى.
مما
لا شك فيه أن الخدمة المدنية المطروحة
تشوهة الهوية الوطنية الفلسطينية لشبابنا
ولمجتمعنا ككل وان هدفها هو بالطبع تعميق
الولاء للدولة الصهيونية.
وهذا الامر يفهمه
ويستوعبه معظم شبابنا.
ولكننا نحن هنا
نواجه سياسة حكومية مبرمجة ومحكمة التخطيط،
ولا يمكن اسقاطها عن طريق الخطابات والتخبط
وردود الفعل العفوية وعدم وضوح الرؤيا
وغياب البديل. وكفى
سذاجة وكأن تنظيف مقبرة أو دوار في أية
مدينة او قرية عربية أو الحنين الى معسكرات
العمل الحزبية التي اندثرت منذ عقود كافية
لأن تكون ردا مناسبا للسياسة الحكومية.
حسب
رأيي كانت هناك في المؤتمر المذكور كلمتان
صادقتين: الاولى:
للناشط عمر سعد
الرافض للخدمة العسكرية والذي عبر بأحاسيس
صادقة عن الازمة الوجودية والصراع الداخلي
التي تفرضه عليه هذه الخدمة بين ولائه
لشعبه ولإنتمائه الوطني من جهة وبين ولائه
لدولة اقتحمت عليه حياته عنوة.
والكلمة الثانية
للناشطة هند سلمان التي حاولت أن تشرح
لماذا معظم المجندات من الفتيات ، وكيف
وصلنا الى وضع أن ترى الفتاة العادية
بالخدمة المدنية فرصتها الوحيدة لتخفيف
القيود الاجتماعية المفروضة عليها وفرصتها
الوحيدة لكي تشعر بنوع من الاستقلالية.
حسب رأيي مرت هاتان
الكلمتان مرور الكرام أمام آذان صانعي
القرار وتم نسيانها حتى قبل انفضاض
المؤتمر.
قلت
في الماضي وأكرر ذلك مرة اخرى:
يجب حل "لجنة
مناهضة الخدمة المدنية"
فورا واعادة رئيسها
والناشطين بها الى منازلهم.
والعمل على اقامة
لجنة لتنظيم "الخدمة
المدنية الفلسطينية"
ولكن ليس بلغة
الشعارات المحنطة التي ذكرها رجا اغبارية
في المؤتمر. على
هذه اللجنة أن تقوم على أساس ثوابت وطنية
راسخة وتتبع استراتيجية واضحة وتمتلك
ادوات ووسائل مادية ومعنوية تمكنها من
طرح البديل الملائم. لجنة
تستطيع أن تقدم للفتاة العربية دعما ماديا
ومعنويا للخروج من حبسها الاجتماعي
والحصول على درجة من الاستقلالية من غير
أن تضطر للجوء للخدمة المدنية الاسرائيلية.
مما
لا شك فيه أن هذا الموضوع بحاجة الى دراسات
عميقة وبحوث شاملة ونقاش هذا الامر
المعدوم في اللجنة الحالية.
وانصح الشباب
المناهضين للخدمة المدنية الا يضيعوا
وقتهم وطاقاتهم في اللهث وراء اوهام لجنة
المتابعة واللجان المنبثقة عنها ويتوجهوا
نحو ابتكار وسائل خلاقة لتحقيق طموحاتهم.
No comments:
Post a Comment