هوغو
تشافيز - رب
رئيس لم تلده بلدك
علي
زبيدات – سخنين
ابتليت
أمتنا العربية على مر السنين بالعديد من
الرؤساء والملوك والامراء.
وما زال هذا الابتلاء
مستمرا من المحيط الى الخليج بالرغم من
التغيير الطبيعي وغير الطبيعي لهؤلاء
الرؤساء والملوك والامراء.
وكأن كل واحد منهم
يعد قبل رحيله نسخة طبق الاصل منه تواصل
طريقه اما عن طريق التوريث او الانقلاب
او كليهما معا. فكم
ابتلينا بملك "عربي"
كان ضابط اجنبي
يدير له مملكته؟ وكم ابتلينا برئيس لبس
قناع الوطنية وتلفع بعباءة الكرامة
القومية امام شعبه وفي الوقت نفسه كان
يزحف على بطنه امام المستعمرين.
وكم من رئيس أقسم
بانه سوف يكون نصير المظلومين والفقراء
وعندما استلم الحكم أدار البلاد وكأنها
مزرعة خاصة له ولعائلته؟
لم
يكن الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز
رئيسا عربيا بالمفهوم الجغرافي أو بمفهوم
الانتماء القومي الاثني للكلمة.
لم يولد في بلد
عربي ولم تكن أمه عربية ولكنه بمعنى آخر
يستطيع أن يكون رئيسا عربيا آكثر من أي
رئيس أو ملك يتكلم اللغة العربية بطلاقها
ويعتز بشجرة نسبه المزيف التي تصل في معظم
الاحيان الى النبي العربي واصحابه
المقربين. وعلى
غرار المثل العربي الذي يقول:
رب أخ لك لم تلده
امك، كذلك يمكن القول: رب
رئيس لك لم تلده بلدك.
فبينما كان الرئيس
الامريكي جورج بوش الابن يدمر العراق تحت
سمع وبصر، لا بل بمباركة ومساهمة الملوك
والرؤساء العرب، بحجة الحرب على الارهاب
وقف تشافيز وقال:" حرب
بوش على الارهاب هي الارهاب".
وبينما كان الحكام
العرب يعدون الصواريخ والقنابل الساقطة
على غزة يفركون ايديهم ويقولون في احسن
الاحوال: لا
حول ولا قوة الا بالله.
كان تشافيز الوحيد
الذي قام بطرد السفير الاسرائيلي من بلاده
وسحب سفيره. وبينما
كانت البلاد العربية تغلق حدودها امام
الفلسطينيين وامام ابناء الشعوب العربية
الاخرين ولم يسمح لهم بالتنقل الا بشق
الانفس كانت فينزويلا الدولة الوحيدة في
العالم التي يستطيع الفلسطيني دخولها من
غير تأشيرة دخول.
مواقف
تشافيز ضد الهيمنة الامريكية -الاسرائيلية
هي مفخرة ليس للشعب الفنزويلي وشعوب
امريكا اللاتينية فحسب، بل للشعوب العربية
ولكافة الشعوب التي ترفض الهيمنة
الامبريالية بكافة اشكالها أيضا.
لم
أكن في يوم من الايام ولن اكون في المستقبل
مؤيدا ونصيرا لأي حاكم بصورة عمياء.
مسيرة تشافيز لم
تخل من اخفاقات وتخبطات وتشويهات على
الصعيد الداخلي كما على الصعيد الخارجي.
ولكني هنا لست بصدد
تقييم هذه المسيرة فهذا الأمر يترك للتاريخ
وللمؤرخين الشرفاء. ولكن
بمناسبة رحيله ارى لزاما أن أذكر بعض
الصفات والمواقف لهذا الرئيس الفذ والتي
كنا نتمنى أن يتحلى ولو ببعضها الرؤساء
العرب.
لقد
اكتسب تشافيز شعبيته التي قادته إلى رئاسة
البلاد من خلال محاربته للفساد المستشري
في كافة اجهزة الدولة.
فكما هو معروف
فينزويلا ليست بلادا فقيرة ومع ذلك يعصف
الفقر بمعظم طبقات الشعب.ذلك
لأن فئة فاسدة من الاوليغارخيين كانت
تستأثر بثروة البلاد النفطية والزراعية.
وخلال فترة رئاسته
القصيرة نسبيا (اذا
ما قسناها بفترة الرؤساء العرب)
تراجع الفقر لاكثر
من النصف،وتراجعت البطالة وزال الفساد.
اما في بلادنا
العربية فإن الفساد ينمو ويترعرع تحت كنف
الرئيس وحاشيته. والفقر
يزداد وينتشر كلما ازداد الرئيس وحاشيته
ثراءا. احدى
ركائز سياسته الداخلية كانت تأمين الخدمات
الصحية والتعليم للجميع وقد نجح بذلك الى
حد بعيد بينما لا يتوفر ذلك في بلادنا
حتى في بلدان النفط فاحشة الثراء.
على
صعيد السياسة الخارجية حارب تشافيز
النظرة السائدة التي تقول:
إن امريكا اللاتينية
ما هي الا الساحة الخلفية للولايات المتحدة
وانتصر عليها الى حد كبير من خلال الدعوة
الى الاكتفاء الذاتي ورفض هيمنة صندوق
النقد والبنك الدوليين، ومن خلال دعم
مشاريع التنمية المشتركة وخصوصا في
البلدان التي تتعرض للحصار الامريكي مثل
كوبا ونيكارغوا. على
عكس الملوك والرؤساء العرب ذوي الصدور
الرحبة في تقبل شروط صندوق النقد الدولي
المذلة والارتماء في احضان الهيمنة
الغربية مقابل حفنة من الدولارات تستأثر
بها العصابات الحاكمة.
بالرغم
من ان الرئيس الفنزويلي الراحل قد صرح في
عدة مناسابات عن دعمه لرئيىس السلطة
الفلسطينية محمود عباس خصوصا إزاء التعنت
الاسرائيلي والانحياز الامريكي.
الا ان الرئيس
الفلسطيني يكاد أن يكون النقيض لكل ما
يمثله تشافيز وخصوصا رضوخه لسياسة الدول
المانحة ولهثة وراء سراب المفاوضات
والوعود الاسرائيلية. لا
ابالغ اذا قلت ان غالبية الشعب الفلسطيني
كانت تحبذ ان ترى تشافيز أو من يشبهه رئيسا
لفلسطين.
No comments:
Post a Comment