يوم
الارض من الجليل إلى النقب
علي
زبيدات – سخنين
مما
لا شك فيه أن يوم الارض قد اصبح يوما وطنيا
لكافة ابناء الشعب الفلسطيني في كافة
اماكن تواجدهم: في
الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨
حيث تفجر قبل ٣٧ عاما، في الاراضي المحتلة
عام ١٩٦٧، في دول اللجوء العربية وفي
الدول التي تسكنها جاليات فلسطينية في
اوروبا، امريكا، افريقيا، آسيا واستراليا.
فهذا اليوم يلخص
في طياته جوهر القضية الفلسطينية:
الصراع على ارض
الوطن بين الشعب الاصلي وبين حركة استيطانية
وافدة من الخارج. لذلك
ليس من الغريب أن يصبح هذا اليوم رمزا
لتشبث الفلسطيني بأرضه.
ولكن ككل رمز وعلى
مر السنين تعلق به الكثير من الشوائب
السلبية مثل الروتينية وتراجع الروح
النضالية ومحاولات تفريغه من مضمونه
الوطني التقدمي هذا بالاضافة الى تزايد
ظواهر التسلق من قبل جهات وشخصيات تعمل
على حرفه عن اتجاهه الصحيح وهدفه.
لذلك من الضروري
جدا ان يقوم ابناء الشعب الفلسطيني حيث
وجدوا بنفض الغبار المتراكم على هذا اليوم
والحفاظ عليه لامعا متألقا ينير الطريق
في مسيرة االنضال لطويلة والشاقة حتى
العودة والتحرير.
من
الضروري احياء يوم الارض في كل مكان وبكافة
الاشكال المتاحة انطلاقا من الصعيد الشخصي
من خلال التفكير والتمعن وتجديد الارتباط
الجسدي والعاطفي بالارض ومن خلال الحديث
في البيت والمدرسة والشارع واماكن العمل
والمقاهي وباقي المرافق العامة وحتى
المشاركة في الندوات والمهرجانات
والاعتصامات والمسيرات بغض النظر (وحتى
في بعض الاحيان بالرغم)
عن الجهات المنظمة
لهذه النشاطات. فقط
بهذه الطريقة نستطيع أن نبقي يوم الارض
حيا في صدور ابناء شعبنا.
طبعا،
بالنسبة لنا، نحن ابناء الشعب الفلسطيني
في الاراضي المحتلة عام ١٩٤٨، يوجد ليوم
الارض بعدا خاصا ونكهة خاصة، وذلك بحكم
علاقتنا المباشرة والمستمرة يوميا مع
الارض الفلسطينية التي صودرت والتي لم
تصادر بعد. لذلك
من الطبيعي أن يكون احياؤنا لهذا اليوم
مميزا وذو نكهة خاصة. وهنا
يدخل العامل الذاتي في الموضوع، أي دور
القيادات السياسية التي تحدد نشاطات يوم
الارض على الصعيد القطري.
حسب رأيي هذه
القيادات قذ أثبتت ليس فقط انها لا ترتقي
الى المستوى المطلوب في احياء هذه الذكرى
بل أيضا هي مسؤولة الى درجة عالية، بحكم
موقعها القيادي، عن الشوائب السلبية التي
تكلمت عنها سابقا.
مثلا:
العمل المركزي في
هذا اليوم ليس ملكا لاحد او لبلد او لمنطقة
بل هو مرهون بالظروف الراهنة والمتغيرة.
فاذا كانت قضية
الارض في سنوات السبعين من القرن الماضي
ملتهبة في الجليل وعلى وجه التحديد في
منطقة مثلث يوم الارض فمن الطبيعي أن يكون
النشاط المركزي في هذه المنطقة.
واذا انتقل لهيب
القضية الى منطقة اخرى فمن الطبيعي ان
ينتقل العمل المركزي اليها ايضا.
اليوم قضية الارض
في منطقة سخنين حيث اختارتها لجنة المتابعة،
لاعتبارات غير موضوعية، لكي تحتضن المسيرة
المركزية خامدة. والمصيبة
أن الذين كانوا السبب في هذا الخمود هم
الذين سيقودون هذه المسيرة.
هذا لا يعني ان
قضايا الارض والمسكن في هذه المنطقة قد
انحلت لصالح السكان، العكس هو الصحيح،
فقضايا الارض والمسكن قد تفاقمت في هذه
المنطقة منذ يوم الارض الاول وحتى اليوم
بما لا يقاس. الاسباب
لهذا الخم كثيرة ومتعددة ولا مجال لمعالجتها
هنا واكتفي بالتأكيد على ان السبب الرئيسي
هو تخاذل القيادات السياسية وعجزها.
على
كل حال، قضية الارض الآن ملتهبة في منطقة
اخرى من فلسطين وهي منطقة النقب.
ولا ابالغ اذا قلت:
أن ما يجري في النقب
اليوم بحاجة الى يوم أرض جديد يفوق من حيث
اتساعه وعمقه يوم الارض الاول.
ماذا كان موقف
القيادات السياسية من ذلك؟ الدعوة الى
"نشاط
مركزي قطري" في
النقب. وكلنا
يعلم ان هذا النشاط لن يكون مركزيا ولا
قطريا، بل سيكون نشاطا ثانويا ومحليا
يقتصر على السكان المحليين وبعض المتضامنين
معظمهم من النخبة التي تتوفر لديها وسائل
التنقل والسفر. في
الحقيقة ان هذا الواقع يقودنا الى قضية
بالغة الاهمية وهي حالة الانقطاع شبه
التامة بين النقب وباقي المناطق الفلسطينية.
والشعارات الرنانة
حول الشعب الواحد والوطن الواحد لا تغير
في هذا الواقع شيئا. بلادنا
صغيرة من حيث المساحة فما الذي يمنع تسيير
عشرات الحافلات من الجليل والمثلث والساحل
للدفاع عن أرض النقب في هذا اليوم؟ ماذا
يعرف اهل الشمال أصلا عن النقب وما هي
العلاقات التي تربطهم بأهله؟ لماذا يسافر
الاف الاهالي والطلاب من الشمال الى ايلات
للاستجمام وحتى لا يتوقفون في النقب؟
واذا توقفوا فقط في الاستراحات الصهيونية؟.
لا
يمكن التصدي لسياسة التطهير العرقي التي
تمارسها الدولة في حق اهلنا في النقب الا
من خلال هبة شعبية وطنية تحمل روح يوم
الارض الاول.