أسطورة
التغيير من الداخل
علي
زبيدات - سخنين
كتبت
في مقال سابق أن الكنيست الصهيونية أخطر
بما لا يقاس من الحكومة مهما بلغت شراستها
وعنصريتها مثل الحكومة الراهنة بزعامة
الثنائي نتنياهو – ليبرمان.
اعود واكرر هذه
الحقيقة اليوم ايضا.
الحكومة ليست سوى
واجهة، ليست سوى مقاول ثانوي تنفذ سياسة
وقرارات وتعليمات صاحب العمل الحقيقي،
ألا وهي الكنيست . الاعتداءات
الاخيرة على غزة هي جزء من هذه السياسة
ومن يظن انه لا علاقة بين هذه الاعتداءات
والانتخابات القادمة فهو يعاني من مشكلة
فهم المقروء. ولو
رجعنا قليلا الى الوراء لوجدنا أن كافة
الحروب التي شنتها الحكومات المختلفة
جاءت اولا وقبل كل شيء كدعاية انتخابية.
هل ما زال احد يذكر
رجل السلام شمعون بيرس ومجزرة قانا عام
١٩٩٦؟ وبالرغم من ذلك نودي من على مآذن
بعض المساجد للتصويت له ودماء اطفال قانا
لم تجف بعد. وفي
عام ٢٠٠١ إجتاحت جيوش براك الضفة الغربية
وواصل شارون الاجتياج مرتكبا مجزرة جنين
وغيرها الم تكن هذه أيضا جزءا من الدعاية
الانتخابية للحزبين الكبيرين؟ وفي عام
٢٠٠٩ عندما شن رجل السلام الآخر ايهود
اولمرت الحرب على غزة، ألم يكن ذلك من أجل
انتخابات الكنيست محاولا وقف تدهور حزبه
نتيجة الهزيمة التي مني بها في حرب لبنان
٢٠٠٦؟.
تريد
الاحزاب العربية أن تقنعنا أن الهدف من
دخولها للكنيست هو مواجهة المد العنصري
والسياسات العدوانية انطلاقا من نظرية
"التغيير
من الداخل" من
خلال الخطابات وتقديم الاستجوابات
والتصويت ضد القرارات الحكومية.
لو لم يكن هذا الامر
مأساويا لكان مثيرا للضحك.
في بيان الجبهة
الديموقراطية الاخير مثلا جاء:
أن أهم شيء هو منع
نتنياهو – ليبرمان من تشكيل الحكومة
القادمة. لنفرض
أن الجبهة قد حققت هذا المطلب السامي فمن
يا ترى سيشكل الحكومة القادمة؟ أولمرت؟
ام ليفني؟ أم براك؟ ام يحموفيتش؟ أم لبيد؟
لكي نبدأ بسرد حكاية ابريق الزيت من جديد.
كالعادة،
بالنسبة للاحزاب العربية، الانتخابات
القادمة هي انتخابات استثنائية تأتي في
ظروف خطيرة جدا لذلك يجب حشد كافة القوى
ورفع نسبة التصويت عند الجماهير العربية.
أما الذين ينادون
بمقاطعة انتخابات الكنيست فما هم إلا
مجموعة من اللامبالين الذين يريدون اقصاء
الجماهير العربية عن السياسة او من
المترددين وذوي المصالح الخاصة والنزاعات
الشخصية. والبعض
يروج للفرية التي ما زالت تجد من يصدقها
والتي تقول أن كل صوت مقاطع يذهب مباشرة
للاحزاب الصهيونية. مثل
هذا الكلام هو اهانة واستخفاف بنصف
الجماهير العربية التي تقاطع انتخابات
الكنيست والتي تزيد عن عدد المصوتين
للاحزاب العربية والصهيونية مجتمعة.
حتى عندما نشطب
عدد اللامبالين والزعلانين والمترددين
من مجموع المقاطعين تبقى الاغلبية الساحقة
للذين يقولون: لن
نمنح الشرعية لهذه المؤسسة العنصرية التي
تستطيع أن تعيش الا من خلال سفك دماء
شعبنا.
يزعم
البعض أن موقف المقاطعة يلتقي مع مواقف
الاحزاب اليمينية المتطرفة والتي تحاول
بشتى الطرق منع الاحزاب العربية من
المشاركة في انتخابات الكنيست.
مثل هذه المزاعم
التي تتغاضى عن المنطلقات المبدئية
والايديولوجية لن يكون غريب عليها أن
تتوصل الى مثل هذه النتائج العبثية.
التيار المركزي
في الحركة الصهيونية من يسارة مرورا بوسطه
وحتى يمينه سعيد جدا بالتواجد العربي في
الكنيست. تواجد
هامشي حدا على الصعيد الداخلي ولكنه على
غاية الاهمية على صعيد الدعاية الصهيونية
الخارجية. عندما
يتم الحديث في العالم الغربي عن الديموقراطية
الاسرائيلية الوحيدة في الشرق الاوسط
فإن الركيزة الاساسية لمثل هذا الحديث
هو: انتخابات
الكنيست والمشاركة العربية فيها.
وأقول أكثر من ذلك:
ليس فقط أن التيار
الصهيوني المركزي سعيد بالتواجد العربي
في الكنيست بل يشجع على زيادته ايضا،
فكلما زاد عدد النواب العرب كلما كان ذلك
دليلا دامغا على ديموقراطية الكيان ككل.
لنفرض
جدلا أن الاحزاب العربية قد ضاعفت من
قوتها في الانتخابات القادمة وأصبح لديها
٢٢ نائبا فهل يشكل ذلك ضمانا لتغيير
السياسة الاسرائيلية؟ حسب رأيي ستبقى
الاحزاب اعربية على الهامش كما عهدناها.
فها هو حزب كديما
الصهيوني مع ٢٨ نائبا وهو الحزب الاكبر
قد أمضى السنوات الاربع الاخيرة هو الاخر
على الهامش.
ولكن
بالمقابل لنفرض جدلا أيضا أن الكنيست
القادمة ستكون وللمرة الاولى منذ عام
١٩٤٩ خالية تماما من النواب العرب جراء
حملة مقاطعة تحت شعار: هذا
البرلمان لا يمثلنا. اترك
لكل واحد منكم تصور نتائج وتداعيات مثل
هذا الموقف.