لماذا
نحن متخلفون؟
علي
زبيدات – سخنين
يظن
البعض. وغالبيتهم
ينتمون إلى الطبقة التي تعتبر نفسها مثقفة
وواعية، أن الأنظمة العربية السياسية هي
وحدها الفاسدة وهي وحدهاالتي تقف حجر
عثرة في سبيل تطور وتقدم الشعوب العربية
وتقف سدا منيعا أمام لحاقها بركب الحضارة.
وبناء عليه يجب أن
ترحل. حتى
أصبح شعار المرحلة هو رحيل هذه الانظمة.
ولكن على ضوء ما
يجري في وطننا العربي بشكل عام وما يجري
في القطر السوري بشكل خاص يؤكد أن الانظمة
متخلفة ذلك لأن الشعوب العربية متخلفة.
لم يعد هناك مجال
لتملق الشعوب. الحقيقة
المرة بكل بساطة، وقد آن الأوان لهذه
الحقيقة أن تقال علي الملأ علانية:
الشعوب العربية
المتخلفة تنتج قيادة متخلفة.
وبدورها القيادة
المتخلفة تحافظ على شعوبها متخلفة.
هناك علاقة جدلية
لا تنفصم بين القيادة والجماهير، بين
الانظمة والشعوب. لم
يعد بالإمكان الهروب أو التهرب من هذه
البديهية.
لطالما
أوسعنا الانظمة العربية سبا وشتما،
نعتناها بابشع الصفات ودمغناها باقبح
السلبيات وبينا بالتفصيل الممل لماذا
يجب عليها أن ترحل لكي تريحنا وتستريح.
ولكننا ملأنا
أفواهنا ماءا عندما وصلنا الى الشعوب،
لأنه من الجريمة التي لا تغتفر أن توجه
نقدك الى شعب بأكمله أو إلى شعوب بأكملها.
ولكن حسب رأيي أصبح
السكوت على هذا الوضع جريمة أبشع بما لا
يقاس.
هل
تعلمون أنه في القرن الواحد والعشرين ما
زالت الأمية تضرب أطنابها في الوطن العربي
من المحيط الى الخليج؟ وحسب المنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم
(الأليسكو)
تبلغ نسبة الامية
من ٧٠ – ١٠٠ مليون عربي؟ وهذا حسب التعريف
القديم للأمية أي عدم معرفة القراءة
والكتابة ولكن هذه النسبة تتضاعف إذا
اعتمدنا التعريف الحديث للأمية أي جهل
لغة الحاسوب والتخنولوجيا.
وهذه النسبة هي من
اعلى النسب في العالم، أعلى حتى من البلدان
الافريقية التي رزحت لقرون طويلة تحت نير
الاستعمار الاجنبي. الأمية
هي العدو رقم واحد للشعوب العربية.
لا حرية مع الأمية.
وكل نضال تحرري
يتحول عاجلا أم آجلا الى أعمال قتل جماعي
متبادل كما يحدث الان في سوريا.
المصيبة
العظمى عندما يرافق الأمية تعطيل كامل
للعقل، عندما تقمع أبسط أشكال حرية الفكر
والنقد، عندما يتم اغتيال الابداع عند
العالم والكاتب والفنان والمفكر كما يحدث
في عالمنا العربي. لن
يجدينا فتيلا الوقوف والبكاء على أطلال
القرن التاسع عندما كانت أوربا تتلفع
بظلمات القرون الوسطى ونرفل نحن بأنوار
الحضارة. نحن
الان في القرن الواحد والعشرين ونكاد لا
نرى أصابعنا من شدة الظلمات التي تحيط
بنا.
كيف
خرجت أوروبا من ظلماتها؟ كان هناك عصر
سموه عصر النهضة نادى بالتطور والتحديث
وترك التقاليد القديمة وكسر القيود التي
كبلت العقل واستعماله.
كانت هناك حركة
عنيدة تحدت سلطة الكنيسة ورجال الدين.
ومن ثم جاء عصر
التنوير الذي شهد ثورة علمية في الكيمياء
والفيزياء والرياضيات والفلك، تلتها
الاختراعات في كافة المجالات.
كانت هناك ثورة
ثقافية أبطالها عمانوئيل كانت وفولتير
وروسو وجون لوك وغيرهم الكثيرون.
كانت هناك ثورة
صناعية سرعان ما القت بالنظام الاقطاعي
الى مزبلة التاريخ. وفي
النهاية جاءت الثورات السياسية مستلهمة
كل ما سبقها من ثورات.
ولكن
عالمنا العربي وصل الى الثورات السياسية
من غير أن تسبقها ثورات فكرية، ثقافية،
علمية أو صناعية. كان
العالم العربي في حالة ركود لم يعرف
التاريخ مثيلا لها استمرت أكثر من عشرة
قرون. فهل
من الغريب أن تكون النتيجة عمليات قتل
همجية تسمى مجازا ثورات؟.
متى
سوف نبدأ في استخدام العقل؟ استخدام العقل
ليس بالضرورة نقيضا للإيمان وللإعتقاد
الديني. ولكن
من يستطيع أن يطمئن أحزاب الاسلام السياسي؟
لقد حاول بعض المفكرين المسلمين ذلك أمثال
الطهطاوي ومحمد عبدو والافغاني ولطفي
السيد وغيرهم كثيرون ومن ثم تلاهم جيل
آخر أمثال نصر حامد ابو زيد والجابري ومحد
اركون وغيرهم. ولكن
جميع هؤلاء قد فشلوا في ايقاظ العقل العربي
من سباته، ربما لأنه ليس في حالة سبات
عادية بل في حالة شلل كامل أو موت سريري.
وهو بحاجة الى علاج
عن طريق الصدمة. وأظن
أنه يجب في هذه المرحلة التاريخية التركيز
على الشعوب العربية وليس على انظمتها.
ولنبدأ بشن حرب لا
هوادة فيها على الأمية بكافة مسمياتها
وكافة أشكالها و مستوياتها وبجميع أماكن
تواجدها.